لاميّةُ الصّفدي
لاميّةُ الصّفدي
الجَدُّ في الجدِّ والحِرمانُ في الكَسَلِ فانصبْ تُصِبْ عنْ قريبٍ غايةَ الأملِ
واصبرْ على كلِّ ما يأتي الزَّمانُ بهِ صـبرَ الحُسامِ بـكفِّ الدّراعِ البَطَلِ
وجانبِ الحرصَ والأطماعَ تحظَ بما تـرجو مـن العزِّ والتأييدِ في عَجَلِ
ولا تـكونَنْ على ما فاتَ ذا حَزَنٍ ولا تـظـلَّ بـما أُوتـيتَ ذا جَـذَلِ
واستشعرِ الحِلمَ في كلِّ الأمورِ ولا تُـسرع بـبادرةٍ يـوماً إلـى رجلِ
وإنْ بُـليتَ بـشخصٍ لا خَلاقَ لهُ فـكُنْ كـأنَّكَ لـمْ تـسمعْ ولـمْ يَقُلِ
ولا تُـمـارِ سفـيهاً فـي مُحاورَةٍ ولا حـليماً لـكيْ تـنجو منَ الزَّلَلِ
ولا يـغرَّنكَ مـنْ يُـبدي بشاشَتَهُ إلـيكَ خِـدعاً فـإنَّ السُّمَ في العَسَلِ
وإنْ أردتَ نَـجاحاً أو بلوغَ مُـنىً فـاكتُمْ أمـورَكَ عـن حافٍ ومُنتعلِ
إنَّ الفتى من بماضي الحَزْمِ مُتَّصفٌ ومـا تـعوّدَ نقـصَ الـقولِ والعملِ
ولا يـقـيمُ بـأرضٍ طابَ مسكنُها حـتى يـقدَّ أديـمَ السَّهـلِ والجَبَلِ
ولا يـضيعُ سـاعاتِ الزَّمانِ فلنْ يـعودَ مـا فـاتَ مـن أيامهِ الأولِ
ولا يُـراقِـبُ إلا مَـنْ يُـراقِبُـهُ ولا يُـصاحـبُ إلا كـلَّ ذي نُـبُلِ
ولا يـعدُّ عُـيوباً فـي الوَرَى أبداً بـل يـعتني بالـذي فـيهِ من الخَلَلِ
ولا يـظُنُّ بـهمْ سُوءاً ولا حَـسَناً بـل التـجاربُ تَـهديـهِ على مَهَلِ
ولا يُـؤَمِّـلُ آمـالاً بـصبحِ غدٍ إلا عـلى وَجَـلٍ مـن وثـبةِ الأجلِ
ولا يَـصدُّ عن التـقوى بصيرتَهُ لأنـها للـمـعالـي أوضـحُ السُّبُلِ
فـمنْ تـكنْ حُللُ الـتقوى ملابسَهُ لـمْ يخـشَ في دهرهِ يوماً من العَطَلِ
مَـنْ لـمْ يصنْ عِرضَهُ مما يُدَنِّسهُ عـارٍ وإن كـانَ مغـموراً منَ الحُلَلِ
مَنْ لم تُفدهُ صُروفُ الدهر تجربةً فيـما يـحاولُ فـليرعـى مع الهَمَلِ
مَـنْ سـالَمتهُ الليالي فليثِقْ عَجِلاً منـها بـحَرْبِ عـدوٍّ جـاءَ بالحِيَلِ
مـنْ ضيَّعَ الحَزْمَ لم يظفرْ بحاجتِهِ ومـنْ رمـى بـسهامِ العُجْبِ لمْ ينَلِ
مـنْ جـادَ سادَ وأحيا العالمونَ لهُ بـديعَ حـمدٍ بـمدحِ الفِـعلِ مُتَّصِلِ
مـنْ رامَ نيلَ العُلى بالمالِ يجمعُهُ مـن غـيرِ جُودٍ بُلي منْ جهلهِ وَبُلي
مـنْ لمْ يصُنْ نفسَهُ ساءَتْ خليقتُهُ بـكلِّ طَـبْعٍ لـئيـم غـيرِ مُـنتَقلِ
منْ جالسَ الغاغَة النُّوكَى جَنَى نَدَماً لنـفسهِ ورُمـي بالـحادثِ الجَـلَلِ
فـخُذْ مـقالَ خبيرٍ قد حَوى حِكَماً إذ صغتُها بعدَ طولِ الخُبر في عَمَلي