الثمن المدفوع لبيع فلسطين
في إبريل 2017، ظهر مصطلح "صفقة القرن" لأول مرة خلال زيارة السيسي للولايات المتحدة ولقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقال عبد الفتاح السيسي لمضيفه: (((((“ستجدني أدعمك بقوة شديدة وجدية شديدة في إيجاد حل لمشكلة القرن”))))). وكانت هذه الكلمات المناصرة كافية للسيسي ليكون مفتاح أجندة ترامب بين الفلسطينيين وإسرائيل، أو “صفقة القرن” المذكورة أعلاه.
وبحسب مواقع ودوائر إخبارية سياسية غربية، فإن الخطة تهدف إلى (((((دفع الفلسطينيين إلى سيناء. ))))) وسيتم ذلك من خلال تمويل مشاريع البنية التحتية في شبه الجزيرة، مع اعتماد إسرائيل على الحكومة المصرية لتهدئة وإرضاء الفلسطينيين في قطاع غزة نيابة عنها.
وتقوم الخطة على تسهيل شؤون غزة لفترة محددة حتى يتمتع الفلسطينيون هناك بالحرية التي فقدوها قبل خمس سنوات عندما أغلق السيسي معبر رفح، إلى جانب وعود بحل الأزمة الإنسانية وإبقاء المعبر الحدودي مفتوحا وإنشاء ميناء ومطار. وقد أدى ذلك إلى رفع الآمال في غزة، لكنها تحطمت مرة أخرى مع فرض حظر خانق جديد على دخول الوقود وما تلا ذلك من تعطيل المرافق العامة. في هذه الأثناء، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي شن هجمات متفرقة لإرهاق المقاومة الفلسطينية والإضرار بشعبيتها التي استنزفت على مدى سنوات الحصار الطويلة.
ومع قيام النظام في القاهرة بدور السجان الجديد للفلسطينيين في غزة، فإن القطاع سيبقى تحت رحمة الاحتلال دون أن تتحمل إسرائيل أي مسؤولية عما يحدث هناك.
والمستشار الأمريكي المسؤول عن الملف الفلسطيني هو صهر ترامب جاريد كوشنر، وهو رجل له صلات وثيقة بالمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية. وأكد السيسي خلال زيارة للقاهرة، دعمه لكوشنر لما أسماها الجهود والمبادرات الدولية للتوصل إلى اتفاق عادل وشامل للقضية الفلسطينية. وبذلك، سلم مرة أخرى أوراقه للقيام بمهام تتجاوز مجرد إثبات أن الأراضي في شمال سيناء يمكن استخدامها لإخلاء قطاع غزة، على ما يبدو بموجب "صفقة القرن". ومن بين هذه المهام دور الأب الروحي للصفقة، وهو الضغط على الجميع والمتنوعين للقبول بالصفقة. كل هذا لأن السيسي سيكون أحد المستفيدين الرئيسيين من هذه الخطوة، حتى أكثر من الفلسطينيين أنفسهم.
سيضرب السيسي ثلاثة عصافير بحجر واحد. بداية، سيجد السيسي الشرعية التي كان يبحث عنها منذ خمس سنوات كرجل أمريكا في المنطقة، والأهم بالنسبة لنظامه ، أنه سيحصل على مليارات الدولارات من الصفقة، التي بدأ دفعها بالفعل.
وقد تم التأكيد على أن مصر لاعب رئيسي في الصفقة لأن سيادتها تتأثر وهناك فوائد هائلة لانقلاب السيسي والذي هو في حاجة ماسة إلى دعم مالي كبير واستثمارات أجنبية ضخمة في البلاد. هذا هو ما يعنيه حقًا قيام إدارة ترامب بتقديم 195 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر. وتم تجميد الأموال بسبب مخاوف بشأن سجل حقوق الإنسان في البلاد. لكن ترامب تغاضى عن ذلك من أجل الدفع بصفقة القرن التي يتم وضع اللمسات الأخيرة عليها من خلال الضغط على كافة الأطراف، وخاصة على المقاومة في غزة.
إن مبلغ الـ 195 مليون دولار هو ببساطة الدفعة الأولى من الثمن المدفوع لمصر مقابل بيع فلسطين كجزء من صفقة القرن. ومع ذلك، لا تزال هناك مليارات تنتظر حكومة السيسي، والتي تعلم الولايات المتحدة أنها ستذهب إلى الحسابات المصرفية لكبار الضباط في القوات المسلحة المصرية. وتتجاهل واشنطن هذا الفساد المستشري كجزء من اتفاق ضمني تم التوصل إليه منذ عملية السلام في عام 1979 يقضي بأن ينهب كبار ضباط الجيش المساعدات العسكرية مقابل حماية إسرائيل. إن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر هي، بكل المقاصد والأغراض، دفعة سنوية لحراس الأمن الخاصين في إسرائيل.
والآن أصبح هذا المبلغ وأكثر من ذلك بكثير في متناول الحكومة المصرية ثمناً لبيع واحدة من أقدس القضايا في العالم العربي والإسلامي. وستنضم أسماء هذا الجيل من ضباط الجيش المصري إلى أسماء أسلافهم الذين وقعوا اتفاق السلام مع إسرائيل في نداء العار التاريخي. سوف تنظر الأجيال القادمة إلى القائمة وتلعنهم.
وسوم: العدد 1061