لهذا قد يفقد الأسد سوريا إذا لم يستعد السيطرة على حلب
لهذا قد يفقد الأسد سوريا
إذا لم يستعد السيطرة على حلب
أدريان بلامفيلد
دايلي تيليغراف
لعلمه أن عليه أن يكسر دوامة الانقلابات التي عصفت في سوريا قبل استيلائه على السلطة من خلال "الثورة التصحيحية" عام 1970 فقد قام السيد الأسد بتعلم درس سريع لم يتعلمه أسلافه التعساء وهو أنه و من أجل حكم سوريا, فإن عليك أن تسيطر على حلب.
تعد حلب واحدة من أعرق المدن في المشرق العربي, لكنها كانت من أكثر المدن إثارة للمشاكل. أول انقلابين شهدتهما سوريا الحديثة كانت أصول أصحابهما من حلب: العقيد حسني الزعيم في أبريل 1949 و العقيد سامي الحناوي بعد أربعة أشهر على ذلك. و كلا الرجلين شهدا نهاية عنيفة.
لقد فهم السيد الأسد أنه و من أجل البقاء فإنه يتوجب عليه أن يكسب دعم كل من طبقة تجار حلب – والعديد منهم مسيحيون- و السلطات الدينية السنية في المدينة. و قد أقام تحالفات مغرية مع هاتين الطبقتين, و نجح في الحفاظ على هدوء المدينة.
و على الرغم من أنها المدينة الثانية في سوريا رسميا, إلا أن حلب قد طغت بشكل كبير على دمشق بسبب تاريخها الحديث.
إن حلب تقع بالقرب من الحدود التركية و هي تأتي في نهاية طريق الحرير القادم من الصين, مما جعلها مركزا تجاريا ضخما و مهما لقرون طويلة و ترك هذا الأمر فيها تراثا معماريا مذهلا من الأسواق و الخانات.
و قد تم إدراك اهميتها عالميا: و ذلك عندما كانت شركة المشرق العربي الإنجليزية تبحث عن مقر لها في الشرق الأوسط في نهاية القرن السادس عشر, حيث وقع الاختيار على حلب.
لقد نجح الأسد في تحويل قدر كبير من التجارة إلى دمشق, ولكن حلب لا زالت أهم مدينة صناعية في سوريا حاليا.
و تحت حكم ابن السيد الأسد و خليفته بشار, بقيت حلب مستقرة, حتى عندما قامت الانتفاضة ضد حكمه العام الماضي, فقد كانت المدينة إحدى المدن التي ترددت طويلا في الانضمام إلى التمرد.
و قد سمعت صيحات في المدن الأقل من حلب تنادي بشكل مستمر "وينك يا حلب؟" و هو اعتراف من خيبة أمل المعارضة لعدم قدرتها على تحويل المدينة و هو التحول الذي سوف يشكل فارقا ما بين سقوط الأسد و بقائه.
و على الرغم من أن الكثير من سكان حلب لا زالوا على ولائهم للرئيس, إلا أن المتمردين أخيرا نجحوا في إيجاد موطئ قدم لهم في المدينة. و ما فعلوه يعود بجزء كبير منه إلى حقيقة أن السيد الأسد قد أجبر على سحب القوات من أجل حماية العاصمة, تاركا حلب في حالة دفاعية أقل.
و لكن حتى لو كان باستطاعة الرئيس استعادة السيطرة , فإن حلب أصبحت أكثر تمزقا مما كانت عليه في الماضي. إلى الشمال, حيث يدير الإسلاميون مدن رئيسة مثل عزاز و حريتان و عندان فإن هناك معاقل قوية للمعارضة و قد قيل أن قوات المعارضة قد أحكمت سيطرتها بالأمس على مدينة عزاز.
و حتى في مدينة حلب نفسها, فقد انقلب الكثير من الطبقة العاملة ضد النظام, وهو الأمر الذي تجلى في سلسلة من الهجمات التخريبية على العديد من المصانع في المدينة خلال الشهور الحالية.
لقد بدأ ملاك المصانع بإدراك أن دعم النظام لم يعد في مصلحتهم بعد الآن. لقد تحول موقف موظفيهيم, كما أن حركة التجارة قد شلت بسبب أنه أصبح من المستحيل تحريك البضائع إلى الحدود التركية القريبة كما أن الانتفاضة قد أدخلت البلاد في أزمة اقتصادية.
الطبقة التجارية التي استمالها والد السيد الأسد بنجاح قد يكون النظام قد فقدها. و بدون حلب, و هي المدينة لتي لطالما خشيتها عائلته, فإن فرص الرئيس في النجاة أصبحت أكثر قتامة من أي وقت مضى.