ولاة على طريق الجنَّة
{{ ولاة على طريق الجنَّة }}
تمثيلية شعرية في خمسة مشاهد
شريف قاسم
( المشهد الأول )
( في مجلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حيث يتذاكر الخليفة مع خاصته شؤون المسلمين ، ويعمل ما بوسعه على إسعادهم ، ودفع الأذى عنهم ، ويخاطب أحدهم ) :
* الخليفة :
ألا نادِ لي الجمحيَّ الفتى |
|
سعيدًا يؤازرُنا في المحـنْ |
· الرجل :
لكَ السَّمعُ منَّـا أميرَ الهداة |
|
سأذهبُ حالا لذاكَ الفتى |
* رسول الخليفة عند سعيد بن عامر الجمحيِّ رضي الله عنه :
أجبْ يا سعيدُ الأميرَ فقد |
|
دعاكَ لخيرِ شؤونِ العباد |
* سعيد :
وها أنذا عندَ ظنِّ الأمير |
|
فلستُ بناءٍ ولا ذي ضجرْ |
* ( سعيد عند الخليفة في مجلسه مع المسلمين ) :
أتيتُ أُلبِّي نِداكَ الكريمْ |
|
لأسمعَ منكَ الذي قد ألمّ |
* الخليفة :
هُديتَ و طبتَ لها مؤمنًا |
|
أخا فطنةٍ في دروبِ النَّجـاةْ |
* ( سعيد يرتعد و يتغير لونُه ، ويقول بوجل ) :
نشدْتُكَ ربي فلا ترمني |
|
لفتنةِ دنيا جفاها الفؤادْ |
* ( الخليفة لم يدع سعيدا يتمُّ كلامَه ، ويقول مقاطعا له ) :
.............. كفاكَ كفى |
|
كفى يابنَ عامر ما ترتؤونْ |
· ( تبدو علامات التأثر على سعيد ، ويرتعد ، ويقول ) :
نشدْتُك ربي .......
*( يقاطعه الخليفة مرة أخرى ، ويقول ) :
........... تريدُ الفرارَ !! |
|
تريدُ التَّخلِّيَ عني سعيد !! |
* ( سعيد وقد تغيَّر وجهُه ، وشعر بثقل المسؤولية ، وقال ) :
رضيتُ بما ترتضي إنها |
|
لأمرٌ خطيرٌ ، وهمٌّ ثقيلْ |
· الخليفة :
رعاك الإلهُ فقمْ راشدًا |
|
إلى حمصَ بالعدلِ والرحمةِ |
* ( يردُّ سعيد ما أعطاه الخليفة من مال ، ويقول ) :
قنعتُ بما ليَ من راتبٍ |
|
فما ليَ من مطمعٍ بالمزيدْ |
( المشهد الثاني )
( بعد فترة من ولاية سعيد على حمص يأتي وفدٌ من أهلها إلى الخليفة ... )
رئيس الوفد :
تركنا البلادَ بأحسن حال |
|
وحالُ العبادِ على ما يُرامْ |
الخليفة :
لك الحمدُ ربي على شرعةٍ |
|
بها خيرُنا كلُّه والهناءْ |
رئيس الوفد :
لنا الأمنُ في فيءِ حكمٍ كريم |
|
يردُّ الأذى عن جميعِ البشر |
الخليفة :
ألا من فقيرٍ بحمص شكا |
|
وعانى ! وهل من شكاوى أُخرْ |
رئيس الوفد :
سنكتبُ أسماءَهم كلَّهم |
|
ففيهم مُعَنَّى وفيهم فقير |
* ( يقوم رئيس الوفد ومَن معه بكتابة أسماء الفقراء من أهل حمص ، ثم قدَّمها إلى الخليفة . الذي أخذ بقراءة الأسماء ) :
نعيمٌ وأحمد وابن جميل |
|
وصالحُ ، حاتمُ ، ثم سعيد |
· ( ينظر الخليفة إلى رئيس الوفد بدهشة ، ويقول ) :
سعيد !! ومَنْ ذا يكــــــون ســــــــعيد !!
رئيس الوفد :
سعيدُ بن عامر ياسيدي |
|
يغادرُ ليلٌ و يأتي نهار |
* ( يطرق الخليفة متأثرا ، وتسيل الدموع من عيتيه ... ) ويقول :
سعيد !! و والهفتي ياسعيد !! |
|
على سيرةِ الأصفياء الكرامْ |
*( الخليفة يمسح الدموع ولحيته من أثر الدموع ، ويأمر صاحب بيت المال ليأتيه بألف دينار . جعلها الخليفة في صرَّة ، وناولها لرئيس الوفد قائلا ) :
ألا أقرئوا لسعيد السلام |
|
وأعطوه هذا لحاجاتِه |
رئيس الوفد :
أجلْ ياوليَّ أُمورِ البلاد |
|
سنوصلُ ما قلتَه لسعيد |
( المشهد الثالث)
· ( في مجلس الوالي سعيد بن عامر في حمص ، يدخل الوفد ، وبعد إلقاء التحية ) :
رئيس الوفد :
أتيناك نحملُ أزكى السلام |
|
سلامِ الخليفةِ للمؤمنين |
* الوالي سعيد : ( يدفع الصُّرَّةَ بيده ، ويرتعد ويتغير لونه ويقول ) :
أعوذُ بربي إذا أقبلتْ |
|
على النفسِ فتنةُ جاهٍ و مال |
*( يكرر سعيد قولَه : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ويدخل دارَه ، وصوتُه يرتفعُ بتلك الكلمات ، في حين تأتيه زوجتُه مذعورة مرتجفة ، وهي تقول ) :
أخطبٌ عرا ؟ أم مُصابٌ جللْ ؟! |
|
أصابَ البلادَ وآذى العباد !! |
* سعيد :
ألا إنَّه لَمصابٌ جلل |
|
يحلُّ ببيتي بهذا الصباح |
* زوجة سعيد :
تخلَّصْ بوعيِك ممَّــا أصاب |
|
ولا ترضَ بالسببِ الطارئ |
* سعيد :
خبرتُكِ مؤمنةً ، والهدى |
|
قرينٌ لآرائكِ المشرقةْ |
* زوجة سعيد :
نعم . كيف لا أرتضي أن أكون |
|
لزوجي المعينةَ عندَ الخطرْ |
* ( سعيد يحدث نفسَه ... ) :
هي اليومَ لم تدرِ كنهَ المصاب |
|
ولم تدرِ ـ واللهِ ـ ما في الصُّررْ !! |
* زوجة سعيد :
تحدثُ نفسَك !! ماذا سعيد ؟؟ |
|
وما بك؟ قلْ لي ، أجبْ ، ما الخبرْ ؟! |
* سعيد :
تعينينني في المصابِ إذنْ !! |
|
|
* زوجة سعيد :
أجلْ ! قلتُها قبلُ فانهضْ لِـما |
|
سيبعدُ عنك الرزايا الأُخرْ |
* ( يفك سعيد الصُّرَّةَ ، ويخرج الدنانير ، وتنظر إليها زوجتُه وهي تعجب من صنع زوجها ، ويضعان الدنانير في صُرر ، كي تُوَزَّعَ على فقراء المسلمين ) :
سنعطي الفقيرَ ، ونعطي اليتيم |
|
ليحيا الجميعُ بخيرٍ سواء |
* زوجة سعيد :
رعاكَ الإلهُ حفيًّـا بهم |
|
وتللك لعمري سجايا الولاة |
* سعيد :
وطوبى لكِ اليومَ من زوجةٍ |
|
تفوَّقْتِ مجدًا على السيدات |
( المشهد الرابع )
( خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في زيارة لحمص ، ويجتمع بالناس ليعلم أحوالهم ، ويسألهم عن أميرهم سعيد بن عامر رضي الله عنه ) .
* الخليفة :
ألا أخبِروني كرامَ الرجال |
|
بأحوالِكم ، و بحالِ الأمير |
* أحد الرجال :
سعيد بن عامر ياسيدي |
|
له أربعٌ من قبيحِ الصِّفات |
* الخليفة :
إذا ما اجتمعتُم غدا هاهنا |
|
فقولوا الذي عندكم من هنات |
* ( ينصرف الناس ، ويبقى الخليفة يحدث نفسَه ... ) :
إلهي وأنتَ العليم الخبير |
|
رجوتُكَ ألا تخيبَ الظنون |
* ( في حضرة أمير الؤمنين يجتمع الوالي مع الناس ... فيقول عمر ) :
فما تشتكون ؟ وما عندكم ؟؟ |
|
فقولوه حالا بسمع الأمير |
* أحد الحاضرين :
أما إنَّ صاحبَنا لانراه |
|
يبكِّرُ يوما إلى جمعِنـــا |
* ( الخليفة يخاطب الوالي ) :
أجبْ ياسعيدُ ، وماذا تقول |
|
فذلك واللهِ أمرٌ خطير |
* ( يطرق سعيد قليلا ، ثم يقول ) :
وددْتُ ـ وربيَ ـ أن لاأقول |
|
وأخفي لربي الذي أعملُ |
* ( يشرق وجهُ الخليفة بالرضا ... ويقول ) :
وما تشتكون ؟ وهل عندكم |
|
مسائلُ من معضلات الأُمور ؟؟ |
* أحد الجالسين :
نعمْ ياخليفةُ : هذا الأمير |
|
إذا ما سجى الليلُ لسنا نراه |
* ( الخليفة تظهر عليه علامات التأثر ... ويقول لسعيد ) :
أحقًّـا صدودُك عنهم سعيد |
|
بليل ؟! وهذا علامَ يشير ؟! |
* الوالي :
أُحبُّ ـ وربيَ ــ أن لا أقول |
|
وأُخفي لربي الذي أُضمرُ |
* ( يشرق وجهُ الخليفة بالسرور ، ويخاطب القوم قائلا ) :
وهل عندكم غيرُ هذا ؟ فقولوا |
|
لنسمعَ ماذا يكون الجواب |
* أحد الحاضرين :
وفي كلِّ شهريغيبُ فلا |
|
نراه ، ولم ندرِ ما يصنعُ !! |
· ( يلتفت الخليفة إلى الوالي متعجبا ... ويقول ) :
أجبْ ياسعيدُ فهذا عجيب |
|
علامَ اختفاؤكَ هذا الغريب !! |
* الوالي :
لقد أجبروني ببوحِ الذي |
|
كتمتُ وربي عليمٌ بنـــا |
* ( يبتسم الخليفة ، ويتهلل وجهه بالسرور ... ويقول ) :
وهل بقيتْ من شكاوى لكم |
|
لننظرَ فيها بغينِ الصَّواب ؟؟ |
· أحد الحاضرين :
له غَشيةٌ عندها لايعي |
|
بمجلسِه أبدا مَنْ أتاه |
* ( الخليفة متعجبا قائلا للوالي ) :
وما ذاك ؟! قلْ لي سعيدُ ، وهل |
|
بجسمِك داءٌ له من علاج !! |
· ( يطرق الوالي وتأخذه غشيةٌ خفيفة ، وتسيل الموع من عينيه . ويقول ) :
رأيتُ خبيبا بأيدي الطغاة |
|
يعاني من البطشِ والشِّدةِ |
* الخليفة :
لكَ الحمدُ ربي فظني صحيح |
|
إذِ اخترتُه دونهم واليـــا |
*( يقوم الناس ، ويسلم الخليفة على الوالي ، ويضع في يده ألفَ دينار ، ليستعين بها على شظف العبش ، ويدخل الوالي دارَه ، ويضع النقود أمام زوجته )
( المشهد الخامس )
* زوجة الوالي :
وهذي الدنانيرُ جاءتْ لنا |
|
لندفعَ بالمالِ ما مسَّـــنا |
* سعيد :
وهل لكِ يازوجتي أنْ تَرَيْ |
|
بأفضلَ ممَّــا ذكرْتِ هنا !! |
* زوجة الوالي :
وما ذاك ؟ قلْ لي سعيدُ |
|
يكون لنا الأفضلَ الأحسنا ؟؟ |
* سعيد :
سندفعُها للذي عنده |
|
تُنَمَّــى ونلقى عليها المنى |
* زوجة الوالي : ( وهي في عجب وحيرة مما يقول زوجها ) :
لمَنْ ندفعُ المالَ حتى نراه |
|
يكون كما أنتَ أخبرتِنا ؟؟ |
* سعيد :
سنقرضُها للإله الكريم |
|
هنالك فالقرضُ ما فاتنا |
· ( يتهلل وجه الزوجة المؤمنة فرحا بما سمعت من وعد الله ... وتقول ) :
نعم ذاكَ عينُ الصوابِ فقمْ |
|
نوزِّعُ منها لأيتامنـــا |
* سعيد :
هُديتِ فهذا سبيلُ النجاة |
|
ونهجُ الهدى وطريقُ الهنا |
( يجلس الوالي وزوجته يضعان الدنانير في صُرر حتى تُوزَّع على المستحقين )
ــ ختام ــ