الإمام
الإمام
محمد علي البدوي
صفحة مشرقة من حياة الشيخ / محمد بن عبد الوهاب ( رحمه الله تعالى ) .
) بلدة
العيينة ، الوقت ليلاً ، يظـهر الـشيـخ مـحمد داخل حجرته
المتواضعة ، يقرأ بنهم ويدون في بعض الكتب أمامه ، يدخل
عليه ابن غنّام – أحد طلابه – )
ابن غنّام : السلام عليك أيها الشيخ الجليل.
الإمام : وعليكم السلام أبها
الطالب النبيل . هل أوصلت جميع رسائلي ؟!
ابن غنّام : لقد تحركت قافلة اليمن قبل
قليل .
الإمام : وبلاد الحجاز والشام ؟!
ابن غنّام : ستصلها رسائلك إن شاء
الله .
الإمام : أرجو ذلك .
ابن غنّام : ولكن ما كل هذه الرسائل يا سيدي
؟
الإمام : إنها مكاتبات للعلماء هناك
.
ابن غنّام : ولم ؟!
الإمام :
رجاء أن يقوموا معنا بنصرة دين الله ومجاهدة هذه الخرافات
.
ابن غنّام : وهل
يستجيبون يا ترى ؟
الإمام : إننا نأخذ بالأسباب .. يا ابن غنّام
!
ابن غنّام :
أنت ترهق نفسك كثيراً يا إمام .
الإمام : ( في امتعاض ) يبدو أننا وجدنا
ضالتنا في هذه البلدة المباركة .
ابن غنّام: نعم .. فقد أحسن إلينا أميرها بعد
أن كاد السفهاء في حريملاء يفتكوا بنا
.
الإمام : الحمد لله الذي نجّانا من
شرهم .
ابن غنّام : لقد تسوروا علينا الجدار لولا ستر الله
.
الإمام : إن
طريقنا طويلة وشاقة يا بني .
ابن غنّام : هل سنجد مصاعب أخرى .. يا إمام ؟
الإمام : ربما .. كن مستعداً .
ابن غنّام : أما في العيينة فلا .. فالأمير
عثمان بن محمد رجل صالح .
الإمام : نحسبه كذلك .
ابن غنّام : لقد خرج
برجاله معنا فهدم قبة زيد بن الخطاب وأقام معالم التوحيد.
الإمام : جزاه الله
خيراً .. وثبّته على ذلك .
الأمير عثمان : ( من الخارج ) يا شيخ محمد .. يا شيخ
محمد .. أأنت هنا ؟
ابن غنّام : هذا صوت الأمير عثمان
.
الإمام : قم إليه
نستقبله .
ابن غنّام : ترى ما الذي جاء به الساعة ؟
( يدخل الأمير عثمان فيسرع ابن غنّام بالخروج )
الأمير عثمان : السلام عليك .. أيها الشيخ
..
الإمام : وعليكم
السلام .. أهلاً ومرحباً بالأمير عثمان
..
الأمير عثمان : اعتذر إليك فقد جئت في
ساعة متأخرة .
الإمام : لا تثريب عليك فأنت صاحب الفضل والدار
.
الأمير :
وكم كنت – والله – أتمنى أن تطول إقامتك بيننا
!!
الإمام : تتمنى !! ماذا هناك
أيها الأمير ؟!
الأمير عثمان : قاتل الله الشيطان وأعوان الشيطان
.
الإمام :
هل جاءكم مني ما تكرهون؟
الأمير عثمان : معاذ الله .. بل رأينا الخير كل الخير
على يديك .
الإمام : قل بربك ما الذي حدث ؟
الأمير عثمان : أمير الأحساء
أرسل بطردك من البلدة .
الإمام : طردي أنا !!
الأمير عثمان : أو قتلك .
الإمام : هذا الرجل تعظم عليه إقامة الحدود
.
الأمير عثمان : ونحن لا يحسن
أن نقتلك ونخاف من هذا الأمير .. فانظر ماذا ترى ؟
الإمام : إن الذي أدعو إليه
هو دين الله؛ فإن صبرت واستقمت فسوف ينصرك الله عليه
.
الأمير عثمان : ولكن لا
طاقة لنا به .
الإمام : ثق بالله يا رجل .
الأمير عثمان : ( محتداً ) أيها
الشيخ .. ارحل من أرضنا قبل طلوع الشمس
.
الإمام : نعم .. ولكن ..
الأمير
عثمان : ( مقاطعاً ) لقد قضي الأمر ( يخرج
) .
الإمام : حسبنا الله ونعم الوكيل
.. حسبنا الله ونعم الوكيل ( يخرج
( .
( 2 )
ابن سويلم : أهلاً .. ومرحباً بك أيها الشيخ
.
الإمام : أحسن
الله إليك يا ابن سويلم .
ابن سويلم : أهلاً .. أهلاً بك في دارنا يا إمام
.
الإمام : أكرمك الله الذي أكرمتنا من أجله .. ولكنك تبدو
قلقاً يا ابن سويلم .
ابن سويلم : أبداً .. أبداً إنما خوفاً من عدم القيام
بواجبك علينا .
الإمام : أم تخشى من نقمة ابن سعود .. إذ استقبلتني دون
علمه ؟!
ابن سويلم :
بل والله أخشى عليك أنت أيها الإمام .
الإمام : لا تخشَ شيئاً إن الله معنا
.
ابن سويلم : يقال إن زوجته امرأة صالحة وسوف تحرضه على
قبول دعوتك.
الإمام :
يقضي الله أمراً كان مفعولاً .
(
يدخل ابن غنّام عليهما
مسرعاً فزعاً )
ابن غنّام : ابن سعود .. ابن سعود قادم إليكم في وفد من
رجاله .
ابن سويلم :
لعله جاء مبايعاً .
ابن غنّام : أو لعله جاء منتقماً
.
ابن سويلم :
منتقماً !! أرى أن تختبئ أيها الإمام .
الإمام : إنما ندعو إليه هو الحق فلماذا
الاختباء ؟!
( يدخل ابن سعود وسط كوكبة من رجاله وهم شاكوا السلاح (
ابن سعود : ( مشيراً للإمام ) هذا هو ضيفك يا ابن سويلم ؟
ابن
سويلم : هو ضيف الدرعية كلها أيها الأمير
.
ابن سعود : ( للإمام ) أأنت الشيخ
محمد بن عبد الوهاب ؟!
الإمام : أنا الفقير إلى الله تعالى محمد بن عبد الوهاب
بن سليمان التميمي .
ابن سعود : وما الذي تدعو إليه يا ابن عبد الوهاب ؟
الإمام : إن الذي أدعو إليه هو دين الله وتحقيق كلمة لا
إله إلا الله وأن
محمداً رسول الله .
ابن سعود : سأبايعك على دين الله ورسوله ولكن أخشى
..
الإمام : ومم يخشى الأمير ؟!
ابن سعود : أخشى إذا أيدناك وأظهرك الله على
أعدائه أن تبتغي أرضاً غير أرضنا
.
الإمام : أبايعك على أن الدم بالدم والهدم
الهدم ولا أخرج من بلادك
.
ابن سعود : إذاً أبشر .. أبشر يا إمام بالنصرة
والمساعدة .
الإمام : وأنت أبشر بالعزة والتمكين والعاقبة الحميدة
.
( يبسط
الإمام يده ويبايعه الأمير ورجاله وترتفع الأصوات
بالتهليل والتكبير )
إظلام تدريجي – ستارة