الشاعر والناقد هاتف بشبوش: ليس بالضّرورة أن تكون ناقدًا وشاعرًا في نفس الوقت
ينصح هاتف بشبوش كلّ من لا يستطيع التخلّص من قصيدة العمود أن يكتب العمودية الجاهلية
وُلد المهندس الشاعر والناقد الأدبي والسينمائي هاتف بشبوش في محافظة المثنى (السماوة) ـ العراق.
هو شاعر شيوعي منذ السبعينيات من القرن الماضي، ولازالت الشيوعية تجري في دمائه حتّى بات هذا الفكر واضحاً في أعماله الشعرية والنقدية أيضاً، ومن أجلها (الشيوعية) تعرّض للاعتقال والاستجواب والتعذيب سنة 1977 في سجن السليمانية المركزي بكردستان العراق في بداية الضّربة الموجّهة للجبهة الوطنية من قبل حزب البعث العراقي وكان حينها طالباً في جامعة السليمانية، وفي الجيش، وأثناء الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات واجه العديد من المضايقات وكاد أن يعدم من جرائها لولا الحظ الذي حالفه ومساعدة صديقه الجندي الشريف أبو معتز من أهالي العمارة .
عاصر الحصار الاقتصادي والفكري في العراق في التسعينيات من القرن الماضي فاضطرّ أن يحزم أمتعته ويغادر إلى خارج الوطن. وها هو اليوم في منفاه الأخير وموطنه الثاني مملكة الدنمارك التي منحته الحرية والكرامة والعيش الرّغيد.
هاتف بشبوش عضو في اتّحاد الأدباء العراقيين، شارك في العديد من الندوات والمهرجانات الأدبية المحلية والدولية وأهمها: المشاركة في مهرجان الشعر الأول بـ إستكهولم في 2016 ـ المشاركة في مهرجان مؤسسة النور الثامن (دورة الشاعر يحيى السماوي) 2017.
يكتب الشّعر ومنه الشعر الأيروتيكي والنقد الثقافي الأدبي والسينمائي، وحصيلة جهده في الأدب والنقد هي ثمانية عشر كتاباً.
إلى نص الحوار ....
في بداية حوارنا معه، حدثنا عن عالمه الخاص (عالم الطفولة والصبا): سأسحب اعترافي بعالمٍ يسيء إلى الطفل ...بورخيس.
طفولته: طفولتي كانت بائسة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الاجتماعية والترفيهية والاقتصادية. طفولة بدأت بتعليمنا الأكاذيب والأساطير والتي زرعت في قلوبنا الخوف من الربّ بشكل دائمي وهذا ما أفقدنا الجرأة والشّجاعة والإبداع في شتّى مجالات الحياة. طفولة ظلّت تشكو من حسرتها حينما كبرت وتفرجت على الطفولة الكونيّة في بلدان التحضّر والمدنيّة فوجدت البون الشّاسع.
صباه: أما الصّبا فكان فيه من النّزق الجميل لكنّه مشوبٌ بالكثير من الحزن والألم الذي ظلّ قابعاً في قرارة نفوسنا حتّى هذا اليوم نتيجة الفوارق الطبقية والحياة ومطحنتها التي تدور بنا فتهرسنا بكامل ما بها من قوّة ومن ثمّ ترمينا نفوساً محطّمة خالية من أي بهجة وحياة تُذكر.
ويضيف: المراهقة والصّبا في بلداننا ميتة في كلّ شيء عدا الله ، هي أعظم معركة نفسية بين الشّخص نفسه وبين ما يتوجّب عليه كتمانه من حبّه لامرأة ، جارته أو ابنة زقاقه لكنّه لا يستطيع أن يمسك حتّى بأذيال عباءتها نتيجة ما تفرضه التقاليد العرفية والدينية التي تحرّم لقاء الرجل بالمرأة فخلقت لنا رجالاً ونساءً مشوهين حتّى اليوم وفي جميع بلدان الشّرق عدا بعض بلدان المغرب العربي التي تختلف نوعاً ما لأنّها أدخلت التّعليم المختلط في المدارس حيث نرى في المغرب على مرّ ذلك أكثر من سبعين عاماً وكذلك الحال في الجزائر وتونس، وهذا يخلق علاقة أكثر تحضّراً بين الرّجل والمرأة في كافّة ميادين الحياة ومتطلّباتها. ولذلك مهما كبرنا في جاهنا ومالنا وقلوبنا نبقى نتحسّس تلك الطّفولة كلّما دسسنا كفوفنا في جيوبنا، وكلّما استمعنا لوجيب القلب تحت الضلوع المكتسية أو العارية. ومهما يكن من أمر أنا أتشدّق بما قاله الروائي الشيوعي الشهير مكسيم غوركي (لا تبك...أنك لا تستطيع اختيار حياتك).
زرع الشاعر هاتف بشبوش بذور الكتابة في حدائق الإبداع منذ الصغر بمساعدة خاله، لذلك يعتبر البذرة الأساسية للإبداع تكمن في الطفولة: في الصّغر كلّ منّا كان بمستطاعه أن يمارس الإبداع الطفولي في التّعليم المنهجي لأنّ الطفل هو الأكثر انبهاراً في الإبداع، على سبيل المثال قسمٌ منّا يمارس الغناء في حصّة النشيد أو يمارس الرّسم والبعض الآخر يمارس الشّعر وقراءته بطريقة مرتلة. ونتيجة ذلك تنشأ البدايات التي مُمكن لها أن تنمو مع الإصرار وحبّ التوجّه في الجانب الإبداعي الذي يسلكه المبتدأ، أضف إلى ذلك هناك بعض العوامل المساعدة التي تعطي الدّفق والشّجاعة في المضيّ مع الجانب الإبداعي، فأنا شخصيّا لديّ خالي كان شاعراً رحمه الله وهذا ما ساهم في سقي حدائقي وشتلات بوحي الأولى في الشّعر حتّى استطعتُ أن أجعلها أصيصًا من الورد الشّعري لكيْ يشتمّ عبيره الآخرون فيثنون على أريجه. ولذلك أنا أعتبر البذرة الأساسية للإبداع تكمن في الطفولة التي عشناها على اختلاف مشاربها ثمّ تنمو في الصّبا وتكبر حتّى تصبح كما الشّجرة الوارفة التي تعطي ثمارها للمتلقّي.
علاوة على ذلك، فقد نشأ بين الشيوعيين وأصبح الفكر الشيوعي جزءاً منه: أنا نشأتُ في زقاق صغير يدعى زقاق موسكو إشارة إلى الشيوعية التي دخلت أفكار جميع من في الزقاق حتّى نشأت وكبرت فوجدتُ نفسي يسارياً لا يمكنه أن ينسى القيم الجميلة لهذا الفكر الذي أصبح واضحاً جليّا في جميع أعمالي النقدية والشعرية.
القصيدة العمودية الأصلية هي القصيدة الجاهلية وقصيدة المعلقات، وهي بلا وزن وبلا بحور، ويقول في هذا الصدد: أن أكثر شعراء قصيدة العمود حين ينثر تراه ضعيفًا هزيلاً في اللّغة والتّعبير والمعنى. كما وأنّ قصيدة العمود أسهل بكثير من قصيدة النّثر. ومن قال لكم: من أنّك إذا أردت أن تكتب العمود يشترط أن يكون موزوناً فراهيديًا.
ويؤكد: القصيدة العمودية الأصلية هي القصيدة الجاهلية وقصيدة المعلقات. فكلّها كانت بلا وزن وبلا بحور ولذلك هي أجمل من قصيدة الفراهيدي التي اكتشفت في العصر العباسي وأجمل من جميع ما كتبه شعراء العمود على مرّ التاريخ ولغاية اليوم ولذلك ظلّت خالدة نحفظها عن ظهر قلب لأنّها كانت تمتلك المساحة الأفضل دون قيد الوزن وقوالبه كما يقول محمود درويش (أجمل الأشعار ما يحفظه عن ظهر قلب كلّ قارئ فإذا لم يشرب النّاسُ أناشيدكَ شرب.... فقلْ... أنا وحديَ خاطئ).
ولذلك ينصح كل مَن لا يستطيع التخلص من قصيدة العمود أن يكتب العمودية الجاهلية، لأنّها أجمل وأبسط وأكثر بلاغة من قصيدة الفراهيدي وتعطي الشّاعر الأريحية الهائلة والتي من خلالها لا يجد أيّ عقبة غير الكلمات المقفاة وهذه بحدّ ذاتها تخلق أيضاً البوح الكاذب لدى الشّاعر في كلا القصيدتين الجاهلية والفراهيدية، لأنّه ملزم أن يأتي بكلمات ذات رويّ واحد كما يفعلها الكثيرون بتسطير الكلمات المقفاة أوّلاً ثمّ كتابة النصّ لاحقًا، فتصوّرْ أيّ قصيدة هذه التي تبدأ ببوحٍ كلمات كاذبة لمجرد أن تأتي بكلمات مقفّاة في آخر العجز وينتهي كلّ شيء.
مَن يكتبون القصيدة الفراهيدية لا يعرفون الوزن، والقصيدة العمودية أصبحت متحفية: أغلب من يكتبون القصيدة الفراهيدية كذّابون ولا يعرفون الوزن عدا بعض الشّعراء الكبار الذين قِسمًا منهم أصدقائي اليوم وأنا كتبت عنهم العديد من المقالات النقدية وأثنيت عليهم كثيراً. فهل تستطيع أن تقول لي من يدقّق أوزان هذا الكمّ الهائل من شعراء القصيدة الفراهيدية؟
ويستشهد بحادثة جرت مع الشاعر محمود درويش: محمود درويش اتّهموه ذات يوم من أنّ شعره العمودي يفتقر إلى الوزن، وظهر على التّلفزيون وتحدّاهم، فتصوّر محمود بعظمته اتُّهِمَ بفقدان قصائده للوزن فما بالك اليوم كلّ من هبّ ودبّ ادعّى أنّه شاعر فراهيدي. لكنّ محمود درويش لم يستمرّ بها فركلها بعيدًا وكتب التفعيلة والحرّة والنّثر وكذلك الحال مع أدونيس وسعدي يوسف ومظفر النواب والرّاحل محمد الماغوط الذين هم أعمدة الشّعر العربي ، كلّهم قبل أكثر من خمسين عام تركوا القصيدة العمودية واعتبروها جامدة تافهة لا تأتي بالجديد وإذا أردتَ أن تتأكد تستطيع أن تسأل سعدي يوسف أو أدونيس أو النّاقد والشّاعر والعالم الكيميائي العراقي عدنان الظاهر عن القصيدة العمودية وسترى ما يؤكّد قولي هذا ، لأنّ القصيدة العمودية أصبحتْ متحفية ومن أطلال الماضي فكلّ من ينظر إلى الماضي يبقى متخلّفًا وهذه نظرية تنطبق على مجريات الحياة كافّة وليس الأدب والشّعر فقط . وأنا لي مقال طويل بهذا الخصوص ستقرأه بعد أيّام على صفحات التّواصل والصّحف الإلكترونية.
تعريف وأهمية أدب الجسد (الإيروتيكي) من عدمه لدى الشاعر هاتف بشبوش:
التعريف: الإيروس Eros في الميثولوجيا اليونانية هو إله الحبّ ويعتبر أصل الخلق أحيانًا ولدى سيغموند فرويد هو غريزة الحياة مقابل غريزة الموت. وهي كلمة تتضمّن الحنان والرّغبة العارفة. وهناك ثمّة تشابه لم يأتِ اعتباطًاً فتأتي كلمة أيروس مع كلمة (أير) بالعربية أو قضيب الرّجل وكما جاء في لسان العرب (الأيرُ معروف) وجمعه أُيرٌ أو آيار. كما نادى سيبويه الجرير وقال (يا أضبُعا أكلتْ آيارَ أحمرةٍ). أو كما وصف هادي العلوي الكاتب اليساري الشّهير الأيروس بالعروس أو العرسية.
الأهمية: الأيروس أجمل من كتبه هو ريتسوس اليوناني 1909 -1990 وقد تُرجمت أشعاره من قبل الشاعر الكبير سعدي يوسف بكتاب جميل. ومنذ ذلك الوقت ونحن نعرف ما أهميّة أن نتعرّف على الحياة الجنسانية ولو بجزء بسيط منها كما وصفها بشكل مثير الفرنسي ميشيل فوكو. كما وأنّني مقيمٌ في الدنمارك وهناك فيها أعظم ممّا يقوله الشعراء عن الأيروس، هناك تمثالين شاهقين في منتصف مدينة أودنسا يمثلان عضوي الرّجل والمرأة. ويمرّ من خلالهما كلّ من الجالية المسلمة والأوربية. فهل هناك أكثر من أهمية هذا العمل الذي يجسد الأيروس؟.
تناول شعر الأيروس لا تجلب الشهرة: وأمّا من يقول من أنّ الشّهرة تأتي من خلال تناول شعر الأيروس والجنس فهذه لدى العرب فقط ونفوس البعض الضّعيفة في تفكيرها الضّئيل والمنحطّ الذي يُعبّر عن سوء مداركها وانحسارها في أسفل الجسم حيث توجد أعضاء خلقنا العظيم والإتيان بنا للحياة التي نعيشها. ولكنّ الفرد العربي مزدوج الشخصية لا تستطيع أن تأخذ منه الصّحيح من الخطأ.
وحول الازدواجية، يستشهد بشخصيتين أدبيتين: قبل أشهر ظهرت من على الشّاشة التلفزيونية الصحفية والروائية المعروفة سلوى جراح وقالت أنا لا أطلب الشّهرة عن طريق كتابة الجنس بينما هي تعيش في بلدان الغرب الذي أصبح الجنس فيه كما الشّراب والطّعام، كما وأنّها كتبت مقالاً نقديًا تمدح فيه أكثر روائي عربي تناول موضوع الجنس والآيروتيك بشكله الفاضح وغير الوقور وهو برهان شاوي فكيف لنا أن نجد صحيحها من خطئها في هذا المجال؟ وأنا لا ألومها لأنّها امرأة قادمة من الشّرق مهما اعتلت الرّقيّ وادّعت التمدّن ترضى لنفسها أن تكون هكذا. ومثلها الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي التي ضجّت الأسواق بكتبها عن الجسد والعاطفة والحبّ والجنس لكنّها في نهاية المطاف رأيناها بوجهها الآخر الدّيني حيث حجّت مكة وأصبحت الحاجة أحلام. فأيّ زيفٍ هذا وأيّ ازدواجية مقيتة هذه؟
أهمّ الشعراء أثّروا فيه: أنا كشيوعي أوّل ما وقعت سريرتي على شعراء هذا اللّون ممّن ناضلوا بحياتهم ووضعوها على كفوف الرّاحة وألقوا بها في مهاوي الرّدى دون خوف من البوليس السرّي ولا السّجون ولا الموت. ومن شعراء هذا الدّرب الخطير مظفر النواب وبلند الحيدري والشّاعر الشعبي عريان السيد خلف ومن ثمّ شعراء المقاومة الفلسطينية محمود درويش والراحل محمود عبد الرحيم وسميح القاسم. ومن الشّعراء العالميين ... لوركا، بابلو نيرودا، لويس أراغون، ناظم حكمت، إضافة إلى السّكير الشّهير أدغار ألن بو... واليوم يعجبني ما يكتبه المفكر والشاعر أدونيس من أشعار واضحة بعد إن مللنا من أشعاره الغامضة التي لم تنفع بلده وقرّاءه حسب ما يقوله هو من أن سوريا لم تستشهد بأيٍّ من أشعاره في إحدى كتب التّعليم المنهجي في سوريا. أحببتُ من الشعراء الكورد عبد الله كوران وشيركو بيركس وأحببتُ الأغاني الكُردية الخفيفة لحسن زيرك ومنها (ماما جياني ماما).
أما الروائيين: كثيراً ما يشدّني الروائي ماريو بارغاس يوسا الذي أبدع في روايته (حفلة التيس) التي تناول فيها جمهورية الدومنيكان ورئيسها الأرعن وأمريكا وما فعلته هناك من جرائم، ومن ثمّ الرواية الرّائعة للغاية (شيطنات الطفلة الخبيثة). إنّه الروائي الذي تناول الضّمير وعقاب الضّمير بأسلوب مغاير لم يأت به أحدٌ قبله.
يؤكّد أن جمال النصّ هو الذي يلفت نظر النّاقد لإقامة مشروع الدراسة النقدية: أكيد النصّ أولاً وقبل كلّ شيء وإلاّ فيتحوّل النّقد إلى المحاباة والمعرفة والصّداقات التي تجعل النّقد في مراتب الملق الرّخيص. أستطيع القول من أنّ النقد هو العلاقة المجهولة والحميمة في نفس الوقت بين الكاتب والناقد ومن خلالهما يتعرّف القارئ على المعرفة النقدية والبعد النصّي وبنيته والميتا سرد من خلال هذه الآصرة التي تجمع الإثنين والتي تصل إلى القارئ جاهزة خالية من أيّ غموض عدا ما يتطلّبه النّقد من نواحي فنية أو النواحي المراد منها الاقتراب من الثورية والرمزية لغايةٍ في بوح الناقد في ظلّ ظروف قاهرة سياسيّاً أو اجتماعيّاً.
يشرح الفرق بين النقدين الثقافي والتنظيري بإسهاب: أنا شخصيًاً لو خيّر لي أن أختار النقد التنظيري، تراني أكتب مئات المقالات، بل كلّ يوم أستطيع أن أكتب مقالاً. لكنّني أرى النقد التنظيري ضحكًا على ذقون الأدب وقلّة المعرفة لدى الناقد وضحالة ثقافته فتراه يلجأ إلى النقد التنظيري المشبّع بمصطلحات ما أنزل بها الأدب من حاكمية. النقد التنظيري يعقد المعقد، أعني من أنّ القارئ يريد أن يعرف ما يكتبه الشّاعر فيأتي الناقد التنظيري ليعطي القارئ شفرات ومصطلحات تجعله يلعن الشّاعر أو الروائي ومن ثمّ الناقد نفسه. بينما الناقد الثقافي والذي لديه مجال موسوعي ثقافي يستطيع أن يجعل القارئ وكأنّه يدخل صالة سينما فيرى ويفهم على وجه السّرعة ما يدور من أحداث للقصيدة أو للرّواية ولن يحتاج إلى فكّ شفرة كاتب القصيدة لأنّه دخلها مرتاحًاً ومنشرحًاً عن طريق الناقد الذي حلحل رموز كاتب القصيدة أو الرواية. لو أعطيك مثالاً على ما قاله أحد النقاد التنظيريين حول أحد الأدباء والذي يُصنف كناقد له وزن كبير، وأدرج أدناه جزءًا ممّا قاله:
(أنّ جوهر توصيف الميتاسرد يتحدّد بقصدية القراءة المنهجية لهذه التقنية، إذ أنّه المستوى المنهجي المسؤول عن تأشير معطى تأصيل هذا المفهوم، وعن تحديد طبيعة اشتغالاته في المستويات البنائية في القصّة والرواية وغيرها أو على مستوى توظيفه المنهجي في مقاربة مستويات القراءة وإجراءاتها في التحليل والمعالجة، وفي الكشف التناصي لعلائقها الداخلية وكسر بنية السرد التقليدي في سياق تركيب هذه العلائق.... انتهى).
فهل تستطيع يا خالد أنت الشاعر والكاتب أن تشرح لي ما الذي فهمته من هذا الذي يدعي النقد بل أتحدّى أي ناقد أو ضليع في الأدب بدءًا من الناقد الكبير فاضل ثامر أن يقول لي ما أدركه عقله من هذا الناقد التنظيري وما أكثرهم أمثاله الذين أفسدوا الذائقة العراقية والعربية في مستوى انحطاط كتاباتهم النقدية.
ليس بالضرورة أن تكون ناقداً وشاعرًا في نفس الوقت، هذا ما قاله الأستاذ هاتف بشبوش: الناقد يُعتبر بالدرجة الأساس كما الحَكم الذي يترصّد أخطاء اللاعبين في كرة القدم على سبيل المثال أو لعبة الملاكمة، فهو هنا المعيار الأساسي في إبراز أفضل لاعب أمام الجمهور الغفير فيرفع يدي الملاكم معلنًاً انتصاره على خصمه ومنافسيه.
إذن، مهمّة الناقد إبراز الأديب وتقديمه للقارئ بما يليق، كما وأنّ مقولة نزار قباني " الناقد شاعر فاشل" مقبولة نوعًاً ما مثلما نقبل حقيقة سيبويه اللغوي الأوّل لكنّه لا يفهم في الشّعر شيء. ليس بالضّرورة أن تكون شاعرًا ولغويّا رصينًا في نفس الوقت فالشّعر لا يُقاس باللّغة بل بالمخيال الشّعري ورسم صور البوح ، كما ليس بالضّرورة أن تكون ناقدًا وشاعرًا في نفس الوقت ، ولكن إذا كنت في الحالتين حتمًا هناك أرجحية في التّفضيل بين كونك ناقدًا وشاعرًا. هذه هي قراءتي لما قاله الكبير نزار قباني وأنا أحبّه كثيرًا فهو شاعر المرأة بالدرجة الأساس والذي استطاع أن يظهر مفاتن النساء على طبقٍ من الجمال ، أضفْ إلى ذلك من أنّ نزار أطلق هذه الكلمات لأنّه كان غير محبوبٍ آنذاك من قبل النقاد باعتباره شاعر الجنس والإثارة بينما الوطن العربي كان يعجّ بالثورية والنّضال ضدّ الطّغاة والمتجبّرين وإسرائيل. ومهما يكن من أمر لابدّ من وجود النقاد في كلّ فترة زمنيّة وإلاّ أصبح الأدب فيه نوع من الفلتان لغياب الحساب والمتابعة والمديح والثناء والهجاء التي هي من مهامّ الناقد. ويختم شرحه هذا بمقولة "أكتافيو باث" شاعر وأديب وسياسي مكسيكي: النقد إبداع والإبداع نقد.
لا يكتفي بالنقد الأدبي المختلف عن بعض من أقرانه، بل بالنقد السينمائي مختلف أيضاً، لنقرأ أسلوب وإضافات الناقد السينمائي هاتف بشبوش في هذا المجال: أنا أكتب النقد السينمائي على غرار ممن احترفوا هذا النّوع من النّقد في السبعينيات والذي ظهر لنا في الكتابين المصريين (سينما الزمن الصعب) وكتاب (سينما الحب) لكنّني أضفت له أبعادًا فنية كثيرة لم تتوفّر في هذين الكتابين أنا ابتعدتُ عن التهجين الذي يتناوله النقاد السينمائيين وأضفت العمق في المعاني المرتجية من الفيلم وما يريده الروائي و السيناريست والمخرج. واستطعت أن أشرح للقارئ أمزجة الممثل العديدة منها المزاج الصفراوي واللمفاوي والعصبي والدموي ، فالصفراوي يتمثل بالقسوة والغيرة والغضب وحبّ السيطرة أمّا اللمفاوي يتّسم بالخمول والكسل والقابلية للتأثّر بآراء الغير أمّا العصبي يتمثل بقوّة الخيال وهكذا لبقية الأمزجة فيستطيع القارئ من خلالها معرفة طبيعة الدور المناط لكلّ ممثل .كما وأنّني من خلال هذا النقد أقدّم للقارئ ما هو الجميل والأفضل ممّا أنتجته السينما العربية والعالمية من آلاف الأفلام الهابطة والتي لا تستحقّ النظر والجلوس إليها يعتبر مضيعة للوقت وما أكثرها اليوم في هوليود التي اختلفت كثيراً عن ذلك الزمن الجنائني الخلاّب وما كُنّا نراه على سبيل المثال لمارلون بران دوا وفيلم (زباتا) أو العدالة المفقودة في السينما الإيطالية للممثل القدير (فرانكو نيرو) أو السينما الفرنسية وفيلم الغجري (ألان ديلون) أو جميع أفلام فريدريكو فلليني المخرج الإيطالي الشهير.
في أدناه، مثال لكتاباته النقدية السينمائية: استطعتُ من خلال هذا النقد أن أدخل عامليْ الواقعية والميتافيزيقية في شرح ما ورائيات أحداث الفيلم بشكل تفصيلي غير محدّد وغير مملّ. يعني على سبيل المثال تناولت فيلم ( لعبة الجوع The Hunger Games) للكاتبة سوزان كولنز، فيلم خيال علمي من إنتاج عام 2012 وإخراج جاري روس، وبطولة جينيفر لورنس، هذا الفيلم يتناول فكرة السيطرة بالريموت كنترول على فريقين يتنازعان حتّى الموت كما في حلبة الرومان ، إمّا قاتل أو مقتول وما من خيار لك حتّى لو كنت تقتل أخاك أو حبيبتك وهذا ما حصل بالفعل حين التقى كلّ من الحبيب وحبيبته ويتوجّب النّزاع بينهما حتّى يموت أحدهما،إنّه لموقفٌ عصيب لأنّ الريموت كنترول يتحكّم بهما ويستطيع أن يقتلهما معًا فعليهما أن يختارا هذا المصير الأوحد وما من أثنين يبقيان في الحلبة، وهنا يأتي دوري في الميتافزيق والفنتازيا وما يتطلّبه الناقد في التعمّق في الأبعاد الأخرى التي يبتدعها هو وما يراه من خلال أبعاد الفيلم. فرُحتُ أصوّر هذين الفريقين المتنازعين في الفيلم عبارة عن الأطراف الإسلامية اليوم التي تتنازع بينها من خلال سياسة فرّق تسدْ التي زرعها فينا الغرب والأمريكان والريموت كنترول بيدهم وعلينا أن نقتل بعضنا بعضًا دون رحمة كما في الحرب الدائرة بين السنة والشيعة في اليمن أو الحرب التي تشنّها تركيا ضدّ الكورد خصوصاً في عفرين ـ سوريا، ومربط الفرس بيد الأمريكان وهكذا استطعتُ أن أتغلغل أكثر مع إضافة التشويق لكي يظهر الموضوع برّاقًا ومعنويًا أكثر في نفس الوقت.
إضافة إلى ذلك، فقد تناول الناقد هاتف بشبوش هذا النوع من النقد السينمائي في تحويل الفيلم الروائي إلى قصّة قصيرة صغيرة بصورة مبسطة غير معقّدة، والتي بإمكانها أن تخلق الإبداع، لأنّ الثّقافة التي تأتي عن القراءة تخلق وعيًا كبيرًا بينما الثقافة التي تأتي عن طريق السّمع والصّورة تخلق تقليدًا جامدًا وهنا فرق شاسع بين الإثنين.
أهمّ مؤلّفاته ومضامينها باختصار: لديّ خمسة دواوين شعرية مطبوعة تضمّنتْ البُعد السياسي للعراق ونضال الحركة اليسارية بالدّرجة الأساس لأنّني شيوعي منذ أربعين عامًا ولا زلتُ أنهلُ من هذا الفكر الذي علّمني معنى الحياة وكيف يكون الحبّ ولا معنى أن تتماهى في حبّ الأوطان. ولديّ ديوان مطبوع بعنوان نساء يتحدّث عن الأيروتيك لكنّني مازجته مع حبّ الوطن والمجتمعات وكيف ننظر إلى ميثولوجيا المجتمعات والشّعوب من خلال المرأة والأيروتيك الذي يربطها مع الرّجل وماذا تعني العلاقة بين رجل وامرأة، هل هي للتّناسل فقط والبقاء في الحياة أم لإرضاء الغريزة الجامحة بلا حدود أم هناك ترابط خفيّ بين الذكورة والأنوثة منذ الأزل وسوف تستمر إلى أجلٍ غير معروف؟ لديّ كتابان نقديان مطبوعان تجاوزا أكثر من ستمئة صفحة من القطع الكبير، تناولا العديد من الشّعراء والروائيين العراقيين وغير العراقيين، وأسفي من أنّني لم أتناول لحدّ الآن الشّعراء الكورد وأملي أن أجد غايتي المنشودة في هذا المجال لكي أحقّق حلمي السّابق أثناء نضالي في السبعينيات من القرن الماضي بين إخوتي الكُورد الذين أحبّوني وأحببتهم. لديّ أيضاً كتاب سينمائي قيد الطبع وكتاب مقالات اجتماعية متنوعة وأربعة دواوين شعرية أخرى تحت الطبع. يعني بالمُجمل لديّ ثمانية عشر كتابًا حصيلة جهد الأيّام وسهر اللّيالي وطلب العلا في هذا المجال. موجع الذي لا ينتمي إلى عالم الطرافة ونعومة الحياة.
أما عن مشاركاته في الندوات والمهرجانات، أجاب قائلاً: اشتركت منذ السبعينيات وأنا في جامعة السليمانية بكردستان العراق في أوّل مهرجان لي بحضور الشاعرة الكبيرة لميعة عباس عمارة بنصّ ما زلت أتذكّره جيداً (وقفة على رصيف العاطفة) والنصّ من عنوانه يدلّ على العمر المراهقي حيث كنت أنذاك في عمر الثامنة عشر فأهدتني لميعة كتابًا وقالت لي بعد مصافحتها من أنّ هذا الكتاب لأصغرِ شاعرٍ عرفَتْهُ.
شاركتُ في المهرجانات العديدة للحزب الشيوعي أنذاك وكنت أكتب في طريق الشعب الجريدة الرسمية للحزب الشيوعي العراقي. واليوم شاركت وسوف أشارك في الكثير من المهرجانات المحلية والدولية في بلدان المنافي. في السويد والدنمارك والعراق. كما وأنّني كناقد قدّمت الشاعر الكبير يحيى السماوي في مهرجان أقامته ممثلية التيار الديمقراطي في الدنمارك وسوف أقدّم في سبتمبر القادم الشاعر الكبير خلدون جاويد بعد اعتكافه فترة طويلة من الزّمن بسبب المرض.
يصف انطباعه عن الاغتراب كـ انفصال الخيط الرّفيع الممتدّ بين ذاكرة الطّفولة والكبر، ولذلك المنفى يعني ابتعاد المرء عن أرض الصّبا والمنشأ الذي تربّى وترعرع فيه والتصقت أقدامه وشربت من ترابه. فالاغتراب يضيف ألمًا آخرا مضاعفًا للشّخص المنفي وخصوصًا المنافي القسرية التي يلجأ لها الشّاعر أو الكاتب نتيجة الابتعاد عن الطّغاة والحكّام الجائرين. وهذا بحدّ ذاته يضيف تجربة أخرى للإبداع نراها تنفجر في كلّ لحظة يصطاد بها النّسيان سمكة الذاكرة فتظهر بشكل لواعج حزينة وثورية في نفس الوقت أو أحيانا تطغى الرومانسية في البوح الباكي على أطلال الوطن وما تركه هناك الشّاعر من مدن وأزقة وأمكنة و أحبّة ظلّت تضرب في الخيال السّارح للكاتب. ويضيف: أنا شخصيّا كتبت الكثير عن المستقبل الذي كنتُ أنشده قبل اغترابي وحين وصلت بلدان المنافي حيث وجع الاغتراب قلت: ضيعتُ حقيبة أيامي وراءَ هذا الذي يُكنى مستقبلا وإذا بهِ .... سراب.
ويأتي به بالمثل: الغربة والاغتراب كثيراً ما عانى منها اليوناني الشّهير كافافيس والذي أصبح مضربًا لأحزان الذين ابتعدوا عن أوطانهم وأمكنة صباهم فراح يقول: قلتُ: "سأذهب إلى بلاد أخرى، سأذهب إلى ضفّة أخرى، سأجد مدينة أفضل من هذه المدينة. كلّ جهودي محتومة بالفشل وقلبي متمدّد ومدفون كما لو كان ميتًا. لن تجد بلادًا جديدة، لن تجد ضفة ثانية، هذه المدينة ستطاردك. سوف تمشي في الشّوارع نفسها، ستشيخ في الأحياء نفسها.
أهمّ المخاطر والمضايقات التي تعرّض لها في حياته: منذ أن عرفتْ مداركي معنى الحرية والحبّ وهذه بدأت معي وأنا في عمر الخامسة عشر فأصبحت أشعر بالمضايقات من وطن كلّ شيء فيه يحطّم النّفس المريضة بالدّرجة الأساس في مجتمع لا يليق بالذي يمتلك أحاسيس الحبّ بشطريه للوطن والحبيبة أو العقيدة في السبعينيات، ولذلك أنا أحسد الرّجل الأمّي الذي لا يقرأ ولا يكتب لأنّه يعيش الحياة على سليقتها دون التّفكير في العمق القاتل منها. أمّا أهمّ المخاطر فهي بالتّأكيد تلك التي سُجنت بها في السليمانية في سجنها المركزي في السبعينيات حيث كنت طالبًا في الجامعة. ومن ثمّ في الجيش حيث اعتبرت سلطة البعث أنّ خطر الشيوعية هو الأكبر عليها فأعدمت الجندي لاعب كرة القدم الشهير (بشار رشيد). فهذه بحق كانت سنين الرعب والموت في جمهورية الرّعب البعثية التي عشتها ولم أصدّق أنّني نجوت منها وما زلت على قيد الكتابة والشّعر والإبداع وممارسة الحبّ.
مواقف الحزب الشيوعي العراقي من القضية الكُردية: في عام 1935 طرح الحزب الشيوعي العراقي في صحيفته «كفاح الشعب» شعار استقلال كردستان. وأكّد في وثائقه البرامجية على حق تقرير المصير للشعب الكُردي، وحق الأمة الكردية في كافة أجزاء كردستان في تأسيس دولتها الوطنية الموحدة. واستنكر حملات الإبادة والإعدامات التي اقترفتها الحكومة العراقية منذ الثلاثينات القرن الماضي ضد الشعب الكردي. ولم تقتصر مواقف الحزب على الشعارات السياسية فحسب وإنما في النضال الدؤوب ولذلك في 1943 استنكر الهجوم الذي شنته الحكومة العراقية على منطقة بارزان، وكان شعاره المرفوع في الستينات «الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان» شعاراً للحركة التحررية القومية الكردية. وفي السبعينات تحول إلى الحكم الذاتي الحقيقي. كما دعم الحزب الشيوعي أيضاً جمهورية مهاباد الكُردية التي أنشئت في كردستان إيران عام 1946.
أما مواقفه وعلاقاته مع الكُرد على الصعيدين الأدبي والشخصي:
على الصعيد الأدبي: كتبتُ نصاً عن الكُرد بعنوان (نوروز يتكلّم) منذ سنين عديدة وكتبت نصاً عن فتاة كردية انتحرت في هولير (إربيل) عاصمة كُردستان العراق بسبب الضائقة المالية قبل سنتين، ومواضيع عديدة تناولتها في أطروحاتي النقدية المتعددة.
على الصعيد الشخصي : كانت تربطني مع الكُرد علاقة وطيدة جداً كطالب في جامعة السليمانية 1976-1980 ومن ثمّ هناك رابط مشترك كان يجمعنا هو كرهنا لحزب البعث العراقي المجرم وتصدّينا لرجاله المجرمين في كلّ نضالنا وحركتنا الوطنية أنذاك حتّى انتهت فترة الجامعة وبقيتْ علاقاتنا حتّى اليوم حيث هناك فرصة واسعة عن طريق التّواصل الاجتماعي في الفيسبوك والتلفون، وما أجمل صديقي الكوردي الذي بقي على العهد معي ( محمد أمين صابر) الذي أنجز لي عملاً قبل أيّام في كردستان و لي معه عهدًا من أنّني سأزور السليمانية في قادمات الأيام حيث هناك جميع أصدقائي الكرد وحتّى هذه اللحظة هناك علاقات ورسائل بيننا مستمرّة . هناك العلمانية في السليمانية التي طالما كنت أنشدها مع زملائي الكرد الشيوعيين وغير الشيوعيين.
الحبّ والنّساء في حياة الشّاعر والناقد هاتف بشبوش: ابتسامة المرأة الجميلة شعاع من أشعّة الشمس .... فولتير. الحبّ في توصيفه على العراقي معناه الخبل أو الجنون في تلك الأيام السبعينية التي عايشتها، أو الشّرود إلى قاع اللّجاجة حين تحبّ فتاة قريبة منك وفي زقاقك وتراها كلّ يوم تمرق من أمامك في شارعٍ ما أو أمام منزلها لثوانٍ و ما من راحة و شفاء غير وصالها، و هذا لن يحصل للعقبات التي تمنع الزواج في وقت مبكر فيدخل المحبّ في تلك الدوامة القاتلة (وأمرّ ما يلقى المحب من الهوى...قرب الحبيب وما إليه وصالُ كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ ...والماء فوق ظهورها محمولُ). أمّا الحبّ اليوم من طرف الرّجال فأنا وصفته في فلقةٍ بسيطة وقلت: الفرقُ بيني وبينكِ كبيرٌ يا لطيفتي فأنتِ تبحثينَ عن ذريعةٍ للحبّ وأنا أبحثُ عن غرفةٍ وسرير.
علاقاته الخاصة: أنا شخصيّا مررت بالعديد من محطّات الحبّ فكنت عاشقًا وأنا في عمر الرابعة عشر ولم أعرف وقتها ماذا يعني الحبّ والجنس ولكنّني كنتُ كلما لامستُ أناملَ جارتي التي كانت تجايلني بالسنّ أشعرُ وكأنّ خدرًا خفيّا يدخل أعماقي. وأمّا أوّل قبلةٍ في مراهقتي فكانت وقوفًا فضربتني صاعقة أجلستني على الفور، وإلى هذا اليوم مررت بالعديد من محطّات الحب، لكنّ القدر في كلّ لحظة لم يحالفني في المضي سوية لإكمال مشوار الحياة. وفي هذا اليوم الذي أكتب فيه حوارنا معك أيّها الصّديق أنا في حبٍّ عارمٍ مع إحداهنّ وأشعر أيضًا من أن الحظّ مرّة أخرى يقف أمامي حائلاً دون المضيّ قدمًا في إكمال الحبّ والحياة معًا نحو الأبديّة الهادرة كما البحار.
وينهي الشاعر والناقد هاتف بشبوش حوارنا معه بالقول: في النّهاية أقول ما من شيء يقلّل عزاءنا وآلامنا غير مملكة الشّعر والإبداع، ومن خلالهما لابدّ لنا أن نسعى لخلق عالمٍ بدون سيطرةٍ وإكراه، عالمٍ بدون حواجز أو حدود، لابدّ لنا أن نخلّف وراءنا شيئاً يُذكر حتّى وإن كنّا من أولئك الذين قُدّر لهم أن يموتوا بين الكتب. أطنان مودّة وهكتار حبّ لصديقي الشّاعر والكاتب المبدع خالد ديريك.
حوار أجراه: خالد ديريك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسوم: العدد 787