مع كارين أبو زيد
كارين أبو زيد
المفوضة لمنظمة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين
(أونروا UNRWA):
حماس لا تمارس الفساد .. وشعبيتها زادت ومعدلات الجريمة تراجعت
أنهم يمتازون بحسن التنظيم والانضباط .
ولم يعد موظفو منظمات الإغاثة الأجانب يخشون التعرض للخطف.
هذه الحركة تحظي عند الناس في القطاع بأنها منظمة قريبة من الشعب ليس في مؤسساتها من يمارس الفساد.
مركز البيان للإعلام
تعيش كارين كونيج أبو زيد في مدينة غزة بحكم عملها كمفوضة لمنظمة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وقد مكنها ذلك من التعرف عن كثب علي معاناة الفلسطينيين تحت رزح الاحتلال. كما يمنعها منصبها من التحيز إلي طرف ما، وفيما يلي نص الحوار معها حول معايشتها للأحداث في قطاع غزة وتأثير العزلة الدولية بعد سيطرة حماس على القطاع
السيدة أبو زيد، أنت تعيشين وتعملين في قطاع غزة، كيف تصفين حياة الناس في هذه المنطقة في الوقت الحاضر؟
- حياتهم عبارة عن صراع يومي من أجل العيش. في الأسبوعين الماضيين نفدت كميات البنزين وتعين علي الجميع المشي علي الأقدام بصرف النظر عن المسافة، حتى سيارات الإسعاف لم يعد بالمقدور تسييرها عند الضرورة كما ينبغي. الجامعات مغلقة وكذلك المدارس الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة لعدم وجود إمكانية لنقل الطلبة من بيوتهم إلي المدرسة. غالبية الناس يعتاشون علي مؤن الغذاء القليلة التي لديهم وفي طريقها إلي النفاد. وهذا الوضع بدأ يزداد سوءا منذ نهاية شهر أكتوبر عام 2000 أي منذ بداية الانتفاضة. وزاد سوءا بعد أن فازت حركة (حماس) بانتخابات عام 2006.. في الوقت الحاضر نعاني من مشكلات في إمدادات الكهرباء والمياه وصعوبات في الصرف الصحي لها.
ما هو أهم شيء يحتاجه الناس في غزة؟
- أهم شيء أن ترفع إسرائيل الحصار الذي فرضته علي قطاع غزة وبينما تتحجج الآن بأنها تستمر به خشية التعرض لعمليات فدائية وهي تحتفل بمرور ستة عقود علي تأسيسها ففي الحقيقة هذا الحصار فرضته وتعمل به منذ يونيو عام 2007.
بعد وقت قصير علي استلامك منصبك قامت إسرائيل بسحب مستوطنيها والجيش من قطاع غزة، كيف كانت أوضاع الناس في ذلك الوقت وكيف هي اليوم؟
- لا يمكن المقارنة بين المرحلتين. بعد الانسحاب عقد الفلسطينيون آمالاً كبيرة بل كانوا واثقين أن أوضاعهم المعيشية والاقتصادية سوف تتحسن. ثم جرت الانتخابات في مطلع عام 2006 ومنذ ذلك الوقت فرض علي قطاع غزة حصار جديد ما زال إلي اليوم. الناس في قطاع غزة يحتاجون قبل كل شيء إلي الحرية، أي أن يتنقلوا بحرية وأن يتم فتح المعابر الحدودية. أدي هذا الحصار إلي انهيار القطاع الخاص برمته وذلك بسبب قطع إمدادات الوقود إلي قطاع غزة ومنع تصدير البضائع من القطاع إلي الخارج. نتيجة لذلك أصبح أكثر من 75 ألف عامل عاطلين عن العمل منذ يونيو الماضي.
كيف تصفين دور حماس في قطاع غزة؟
- منذ أن حسموا الصراع العسكري مع فتح لصالحهم في القطاع يقومون بتوسيع سيطرتهم تدريجيا، ويعينون كوادر في المؤسسات والمنشآت. أنهم يمتازون بحسن التنظيم والانضباط. لقد تراجعت معدلات الجريمة بصورة واضحة ولم يعد موظفو منظمات الإغاثة الأجانب يخشون التعرض للخطف. كما نلاحظ ظاهرة انتشار التطرف الديني رغم الحذر الذي تبديه حماس، خاصة في المدارس. وقد استطاعت حماس تعزيز سيطرتها في قطاع غزة بسبب العزلة الدولية والتي أدت إلي خسارة القوي المعتدلة النفوذ العسكري والسياسي.
كيف هو شكل التعاون بين حماس ووكالة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة؟
- لم نجتمع مع ممثلي حماس. التعاون مقتصر علي الجانب التقني كما هو قائم بيننا وبين المؤسسات الحكومية في دول العالم لتأمين المساعدة في مجال التعليم والقطاع الصحي.
كيف تبررين دعم سكان القطاع لحركة حماس؟
- أعتقد أن شعبية حماس زادت كثيرا عن السابق في قطاع غزة. هذه الحركة تحظي عند الناس في القطاع بأنها منظمة قريبة من الشعب ليس في مؤسساتها من يمارس الفساد.
هل تعتقدين أن إسرائيل لديها نوايا سياسية لرفع الحصار؟
- لا أعتقد ذلك. الإسرائيليون يفرضون شروطاً حيث يقولون أنه يجب وقف إطلاق الصواريخ. إنهم يفرضون شروطهم علي حركة حماس كي يحتفظوا بسبب لمواصلة فرض الحصار. لكن لا يمكن استثناء حماس بعد اليوم من المحادثات التي ترمي إلي وضع تسوية.
هل الوضع في الضفة الغربية أفضل مما هو عليه في قطاع غزة؟
- على الأقل بوسع الناس في الضفة الغربية التنقل والسفر رغم الصعوبات ولكن بتصاريح غير أن الوضع لا يخلو من الصعوبات وهو ما يتم تجاهله. ويوجد الكثير من المشكلات بسبب الجدار وبناء المستوطنات وتوسيعها ونقاط التفتيش والحواجز الكثيرة التي يزيد عددها علي خمسمائة تقسم الضفة الغربية إلي مناطق وجزر معزولة. وهذا يجعلنا نشك في قدرة الدولة الفلسطينية إذا قامت في المستقبل علي الحياة إذا ما قامت إسرائيل بعملية جراحية وقسمتها طولا وعرضا.
ماذا ينبغي علي المجتمع الدولي عمله ليتحسن الوضع المعيشي للفلسطينيين في غزة؟
- إذا قلنا إنه يجب الضغط علي حماس وإسرائيل فإنني أقول أن الفلسطينيين يعيشون تحت رزح ضغط كبير. هذا الضغط المتمثل في العزلة الدولية منذ أن فازت حماس بالانتخابات عام 2006 لم يؤد إلي نتائج وهو السبب ففي انتشار التطرف. يحتفل العالم في ديسمبر المقبل بمرور ستة عقود علي ظهور إعلان حقوق الإنسان. فيما يتعلق بالفلسطينيين كل بند ورد في هذا الإعلان تم انتهاكه. هل هذا واضح بالنسبة للمجتمع الدولي؟ أم يري أن الشعب الفلسطيني يستحق العقاب؟ لقد تعرض هذا الشعب لانتهاكات طيلة العقود الستة الماضية ونحتاج إلي مراقبين يوثقون كل هذه الانتهاكات ومحاكمة المسئولين عنها.
ماذا تقصدين بالضبط؟
- إنني أنادي بمنح الفلسطينيين الحق في العيش مثل شعوب العالم الأخري، وحصولهم علي حرية السفر. كثير منهم ليس لديهم كميات كافية من الطعام وهذا لا ينطبق علي غزة وحدها. منع الفلسطينيين من التنقل والسفر في غزة والضفة الغربية جعلهم يشعرون أنهم في سجن كبير. لا يمكن تجاهل هذا السجن مع وجود خمسمائة حاجز للجيش الإسرائيلي. ليس غريبا أن يأتي العامل متأخرا ثلاث ساعات بعد نهاية الدوام لأن الجيش الإسرائيلي أوقفه أمام حاجز للتحقيق معه. هذه مشكلة يعاني منها موظفو الأمم المتحدة أيضا.