هشام سليمان
هشام سليمان
صاحب فكرة الفرنج
ميسون أسدي
البداية كانت من وراء الباب!!
**أريد شيء خاص للناصرة وهو محطة مهمة في حياتي على الأقل للعشر سنوات القادمة**الجمهور النصراوي متعطش ويلاحق الحركة الفنية**خلال دراستي عملت في البناء صباحا، ونادلا في المساء ووزعت جريدة معاريف وطردت منها لأن سيارتي تتعطل باستمرار**
قابلته: ميسون أسدي- "تفانين"
*الفنان هشام فضل سليمان (أبو رضا)، وقف مؤخرا، وراء تأسيس مشروع مسرح "إنسمبل فرينج- الناصرة" (مسرح الهامش) وهو مصطلح عالمي وله خصوصياته وينتمي للمسرح التجريبي، حيث يجتمع به الممثل والمخرج ويعملون بميزانيات محدودة جدا، وهو إطار صغير ولكنه يكتشف ويخلق مواهب وطاقات.. عن هذا المسرح وعن أمور فنية عديدة، نفذها هشام سليمان، كان لنا معه هذا اللقاء:
**البداية كانت من وراء الباب!!
يقول هشام: البداية كانت مع مجموعة ممثلين محترفين في مسرحية "من وراء الباب"، حيث شاركنا في المهرجان الأول للمسرحية المحلية التي أسسها المخرج فواد عوض في مسرح "الميدان" وقدمنا هذا الإنتاج بميزانيات شحيحة وكان عملا مميزا وما زلنا نعرضه حتى اليوم، وتكون الطاقم من: رحيق حاج يحيا/ سليمان، علاء سريس، نغم بصول، محمد دبدوب، رنين شاعر، حسام زهر على الموسيقى، علا قدح توجيه حركة، وأنا كمعد ومخرج.. من هناك انطلقت الشعلة..
ويضيف هشام: نعمل على هذا المشروع منذ ثلاثة أعوام، في البداية توجهت إلى دائرة المراكز الجماهيرية قسم الثقافة، لمساعدتنا كمجموعة ممثلين وأبدوا موافقتهم واستعدادهم لأي دعم مادي ومعنوي وبعدها بدأنا نطور المجموعة بهدف تحويلها إلى فرقة ثابتة.. توجهنا للوزارة بمساعدة بلدية الناصرة بهدف تأسيس الفرينج في الناصرة، ومن هناك بدأنا نقدم طلبات رسمية. وبعدها توجهنا لمشروع مشترك بين الوزارة وبين "مفعال هابيس" لدعم مشاريع ثقافية في الضواحي وتم قبول (500) متقدم وبعد المرحلة الأولى، كان شرط "مفعال هابيس" المحافظة على مختبر ثقافي يساعده على إعطاء إستراتيجية، ومن شروطه، المشاركة في ورشات تعليمية على إدارة مؤسسات ثقافية وتأهيل مدير فني ومدير إداري.. وفي هذه المرحلة، انضم إلينا عنان بركات، حتى يشارك في الورشة ويكون هو المدير الإداري للمسرح، وأن نقدم خطة خماسية اقتصادية وبعدها يقرر "مفعال هبايس" إذا كنا منتدى ثقافي جديد أم لا.. بعد شهر، وصلتنا الموافقة على مشروع ثقافي جديد للناصرة وللجماهير العربية ونوهت اللجنة الفنية، أننا تركنا انطباع بأن خطتنا الاقتصادية مهنية من الدرجة الأولى وسنأخذ اكبر مبلغ مليون وسبع مئة وخمسون ألف شاقل لمدة (3) سنوات.
ورافقتنا مستشارة اقتصادية لبناء الرؤية والأهداف، كما أن بلدية الناصرة أبدت استعدادها لدعم مشروع ثقافي جديد في الناصرة بقدر المستطاع، فمنذ سنوات عديدة لم يقام مسرح للكبار في الناصرة.
**إدارة أنسمبل فرينج:
تاسس المسرح في شهر 11/2007 وكنا بدأنا العمل عليه منذ شهر حزيران، عندنا طاقم عاملين صغير: أنا مدير المسرح، علا حلاق/ غالي- مساعدة إدارية، مصعب دخان- محاسب، سامر ابو احمد- مستشار قضائي، محمود مسلمي- تقني، عامر ابو الهيجا- تسويق، ضرار كلش- تصميمات.
**الا يوجد مسرح للكبار في الناصرة؟
- نعم يوجد مسارح في الناصرة، وهناك حركة مسرحية ملحوظة، عندنا مسرح "الخيال" ومسرح "الحنين" للصغار والفتيان وأحيانا يقدم عروض للكبار ولكن جل جهده للصغار.. بشكل رسمي لم يتأسس مسرح للكبار، وحسب تعبير المخرج فؤاد عوض عن مسرح الفرينج فهو "فضاء مسرحي جديد".
**لماذا لم تنخرط في المسارح الموجودة العربية أو اليهودية؟
-هناك عدة مسارح للكبار بعيدة عني وهذه المسارح لا تعطي فرص لكل الفنانين وكان عندي فرص عديدة، ولكنها لا تكفي، أردت أن أطور ذاتي كفنان، وهناك حاجة لإيجاد اطر خلاقة مبدعة تحوى طاقات جديدة وأفكار شبابية.. وقد بدأت الفكرة عندي: كيف يمكنني كشاب أن أطور نفسي كمخرج ومعد نصوص وكفنان، وللأسف الفرص قليلة جدا.
**لماذا مسرج الفرينج بالذات وليس مسرح بلدي؟
-الفرنج هو مسرح الهامش وهو مصطلح عالمي وله خصوصياته وينتمي للمسرح التجريبي يجتمع به الممثل والمخرج يعملون بميزانيات محدودة جدا، وهذا تعريف عالمي نهتم بالمضامين، لا يمكن أن ندفع أجرة عالية لأي فنان.. سنعمل خلال السنوات القادمة أن نصل إلى نقطة نحافظ بها على مستوى رفيع فنيا وعلاقة وطيدة مع جمهورنا ولنا صبغة محلية، وأن يبقى هذا المسرح مسرح فرينج.
ويضيف هشام: اليوم مصيري مرتبط مع مسرح الفرينج، تنازلت عن أكبر مسارح في البلاد.. أريد شيء خاص للناصرة وهذه محطة مهمة في حياتي، سأعمل على تطويرها على الأقل للعشر سنوات القادمة.. وأمر طبيعي في المستقبل توجيه روح جديدة للمسرح فأنا لا الغي دخول احد آخر ليكمل المسيرة، وسأرافقه حتى آخر يوم في حياتي وممكن أن اترك هذا الوليد ينمو بطاقات أخرى.
**كيف نمت وتطورت روح المبادرة لقيادة مشروع كالفرينج؟
-بدأت كطفل هاوي من جيل (8) سنوات، كنت أقدم مقاطع في المدارس وبعدها بقيت هاوي ولم أتوقف عن التمثيل، كنت دائما اخلق اطر لأقدم مسرح في النوادي والمراكز الثقافية، إلا أن فكرت باحتراف الفن المسرحي بعد لقائي مع محمد عودة الله، في مسرحية "لوين شباب".. محمد صقل موهبتي، وضح لي الفرق بين الهاوي والمحترف، فكانت الخطوة الأولى للاحتراف أنني قررت دراسة الفنون المسرحية في جيل (18).. ذهبت إلى تل أبيب وتحملت المصاريف وكان هناك تحدي وشعرت أن مصيري سيتقرر هنا، في مدرسة "يوارم ليفنشتاين" لفنون المسرح والتمثيل عام 1997، درست لمدة (3) سنوات وتخرجت عام 2000، والمميز عند يورام، أنه لا يعمل على الممثل كممثل، يعطيه أدوات متعارف عليها عالميا، ويعمل على الممثل المبدع بأن يكتب ويعد ويخرج ويحضر عمل وينتج للمسرح، يؤمن بالممثل متعدد المذاهب، تعلمت عدة مدارس مسرحية وتلقيت اهتمام بالحركة والجسم.
**التحدى والعراك من اجل الوصول!
خلال فترة دراستي، عملت في المطاعم والكيوسيكات، وفي عطلة الشهرين عملت ليل نهار.. في الصباح في البناء وفي المساء نادل في قاعات الأعراس، قمت بتوزيع جريدة "معاريف" وكانت سيارتي تتعطل دائما، إلا أن طردوني بسببها.. سكنت مع عدة زملاء.. لكنني لم أحظى بجو الطالب.. كانت مهمتي أن استمر وأتحدى الوضع المادي الصعب.. كانت فترة قاسية جدا، لكنها تركت فيّ الأثر الكبير وصقلت شخصيتي.. عشت في تل أبيب (5) أعوام، شاهدت الصراع اليومي والتعددية في الطبقات وتنافس الشركات الكبيرة والفنانين الكبار، أجواء مدينة لا تنام، مدينة الأخطاء التي تشدك إليها، صبايا وسموم ومقاهي ليلية. التقيت مع النجوم والكتاب وشاهدت الصراع على خشبة المسرح مع اكبر الموسيقيين واكبر المخرجين.
**العصامية والطموح ورثتها من والدي
-أنا من مواليد عام 1978، عائلتنا كبيرة وتتكون من16 نفر، يعيشون في بيت عصامي وطموح، أمي من أصل لبناني، من مجدل شمس وأبي أصله من قرية البعينة النجيدات، انتقل أبي للناصرة قبل أن يتزوج، وكان عنده انجازات كثير بها تحدي ونجاح، فهو خياط وتاجر، وهذه الروح العصامية والطموح أخذتها من أبي، عندي (4) أخوات، هن نساء فعالات في المجتمع وأنا رقم (12) بين أخوتي، شعار أبي كان تعليم أولاده على مستوى عال، لكن المسؤلية كانت كبيرة عليه.
**"العيون التي تستطيع ان ترى"
-في عام 2003 التقيت مع رحيق الحاج يحيا، من الطيبة، في مسرحية "العيون التي تستطيع أن ترى" مع مخرج نرويجي وكنا ممثلين في العمل، فهي درست لغة عربية ومسرح في الجامعة العبرية في القدس وتحمل اللقب الثاني في سيكودراما من كلية هكيبوتسيم، ورأت عيوني وشعرت بوجود إلفة خاصة وتواصل وتماثل بيننا، فقررنا خوض تجربة الزواج معا، وهذه أول تجاربنا العاطفية وبعدها قررنا أن نرتاح معا وتكملة مشوار الحياة، ونحن متزوجين منذ عامين، وابني رضا عمره سنة وسبعة أشهر، وأقيم في الناصرة ولم اسكن خارج الناصرة إلا مرة واحدة، خلال تعليمي وهذا بقرار شخصي اتخذته على نفسي.
**الحركة الثقافية في الناصرة
-هناك أدباء وفنانين وموسيقيين ومهنيين، طاقات في الناصرة كبيرة ومتعددة، لولا المشكلة الديمغرافية لتحولت لمدينة كبيرة جدا وتستطيع ان تستقطب مدن في البرامج الثقافية الموجودة عندها.. أرافق الحركة الثقافية بشكل مكثف منذ فترة، وأفاجأ من الجمهور النصراوي، عندنا جمهور متعطش يلاحق الحركة الفنية، وهذا يطلب منا أن نقدم له شيء يليق به.. الحركة الأكاديمية نمت، المرأة تخرج من البيت، نحن بحاجة لأن تكون الناصرة رائدة في الحركة الثقافية، وإلى تأسيس مدينة بكل معنى الكلمة، عندنا فرصة تاريخية لا تعوض، إذا وضعنا طاقتنا معا، من سياسيين وأدباء وشعراء وفنانون ومهنيون وغيرهم، عندها سنحظى بمدينة حقيقية.
**المسارح العبرية تتعامل معنا كعرب ونقوم بأدوار العرب
-عملت في أغلب المسارح العبرية ومع الفنانين المحليين من الأسماء اللامعة، كان لي لقاء مع المخرجة نولا تشيلتون وهي مخرجة ومعدة وكاتبة يهودية وتعلم مسرح في جامعة تل أبيب، لقائي معها في مسرحية "سمير ويونتان على كوكب المريخ"، من خلاها استطعت ان أنصقل كممثل ومبدع ولها طريقة خاصة في طرق القضايا الآنية، تصميمها على قول الحقيقة حتى ولو خسرت على الصعيد الجماهيرية وهي يسارية جدا، بدون شك كان لي تجارب مع المسارح العبرية الكبيرة، مع مخرجين ومدراء المسارح العبرية، كان لي حظ أن ادخل إلى مسرح "هبيما" في عام 2004، ولكن مشكلتي أنهم يتعاملون معك كعربي، وهذا يحدث مع كل الفنانين العرب!!
**انجازات فنية ومحطات
-كان عندي فيلمين، فيلم تلفزيوني درامي طويل "دقيقتين من الفرديس" وهو فيلم للكاتبة ميخال كوتلر، وضعني ونقلني نقلة قوية، فحتى الآن يطلبونني للعمل بسبب الفيلم، وتجربة مع المخرج العالمي ستيفن سبيلبيرغ، سافرت وصورت معه مرتين خلال شهر في هنغاريا وكانت التجربة غريبة، شعرت بأن سبيلبيرغ، يعمل بموهبة ولا يعتمد على تقنيات السينما فالمشاهد تصور بحرفية عالية جدا.. ومؤخرا عملت في مسرحية "الخليل"، في "هبيما"، مسرحية ضخمة جدا.
**ارشاد مسرحي
-تجربة لا انفصل عنها وهي أنني مرشد مسرحي، اعمل في أحياء فقيرة مع سلوكيات غير عادية واشعر بحب تجاههم، ولن اكف عن مد يد العون لهم، والمميز في هذه الورشات أننا نقدم مسرحيات محترفة وشاركنا في مهرجانات في تل أبيب ودائما حصلنا على جوائز.. وهذه التجربة ما زلت أخوضها ولن أوقفها.
**ما وراء الباب
-قمت بعمل الإخراج بشكل محترف لمسرح الكبار في مسرحية "ما وراء الباب"، كان هناك تشجيع من فؤاد عوض وهو من حثني على احتراف الإخراج وهذه التجربة أكدت لي أن عندي قدرة على خوض الإخراج وقيادة عمل وإنتاج. في الفترة الأخيرة أركز على الإخراج وإعداد النصوص.
**الذاتية والفردية واللا مؤسسية
-في الإدارة، يجب التخلي عن الفردية والمصالح الذاتية لتكون مؤسسة ناجحة، هناك مدراء "يتفندلون" مثل الطاووس ويعتبرون المسرح بيت الشلة أو بيته الخاص. وأنا أعتبر الإدارة مسؤولية كبيرة ولا ألوم احد، ليس بالصدفة عدم وجود مسارح جديدة وهناك مسؤولية على جميع الأصعدة ومن حق الناس أن لا تأخذ مسؤولية، نحن بحاجة لأشخاص لتحمل المسؤولية وأنا لست خائف من ذلك، ومهم جدا أن تشارك النساء في الإدارة وليس بشكل رمزي بل بشكل حقيقي فعال. فمهم جدا أن لا يكون مجتمعنا ذكوري، المرأة عندها طاقات ويجب استغلالها.
ويضيف: اعمل كثيرا، أحيانا (20) ساعة يومية، ابحث وأحاول أن لا اركن على ما هو موجود عندي، سأخوض كل سنة تجربة جديدة، ففي عام 2007 أنهيت دراستي كمدرب مهني "كاوتشينغ"، وأنهيت دراستي في توجيه مجموعات وإعداد نصوص، سافرت إلى الأردن وشاركت مع د. نائلة الأطرش من سوريا في ورشة في مجال الارتجال والكتابة وتوجيه الممثل في الارتجال وشاركت مع فلاديمير جرانوف، والذي سنستضيفه عندنا في الفرينج من خلال ورشة مسرحية ومن عمل مسرحي فهو بروفيسور في البيومخانيكا وهو من الرائدين في أوربا.
**علاقات اجتماعية ومهنية غزيرة
-اشعر بمسؤولية تجاه وطني، أحب قرانا العربية، رائحتها تنعشني، ازور المدارس والمراكز الجماهيرية بشكل متواص من خلال مسرح "الخيال" اعرض للأطفال منذ عام 2004 والتقى مع الروضات، علاقاتي لا تقتصر على علاقات محلية، لي علاقات اجتماعية كثيرة، على الصعيد المهني والشخصي.
العمل في المسرح يأخذ حيز كبير من حياتي، فأنا اشعر بأنني مقصر تجاه بيتي ويجب أن أعطي أكثر من نفسي.. ووعدت زوجتي بتنفيذ ذلك الأمر.. إلى جان الصفات الإيجابية التي أعتز بها، هناك صفة سلبية ترافقني، وهي ان ردة فعلي على المستوى المهني والعائلي بها نوع من التطرف، تعودت على المواقف المتطرفة، هذا إلى جانب شخصيتي الحساسة.. آخر مرة بكيت بها كانت عام 2003 بسبب المسرح، شعرت بأن شيء كبير نقوم به وهناك شخص مستهتر ولا استطيع إيقافه، شعرت بأنني لا حول لي ولا قوة.