البيانوني: نظام دمشق مسؤول عن الاضطرابات في لبنان

المراقب العام لإخوان سوريا: علي صدر الدين البيانوني

صحيفة العرب القطرية - الثلاثاء 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007

إسطنبول - أواب المصري

اتهم علي صدر الدين البيانوني النظام السوري بالمسؤولية عن الاضطرابات التي تحصل في لبنان. واعتبر المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا، والمقيم حاليا في اوروبا وهو احد اركان "جبهة الخلاص الوطني "السورية المعارضة "أن النظام السوري يريد أن يثبت للعالم أنه لا يمكن أن يستقر الوضع في لبنان دون إرادته". ونفى البيانوني في لقاء أجرته معه "العرب" على هامش مشاركته في ملتقى القدس الدولي الذي انعقد في مدينة اسطنبول، نفى أن يكون للإخوان المسلمين في سوريا أي مكاتب على الأراضي اللبنانية حرصاً "على عدم إحراج أحد". واعتبر أن مطالبة النظام السوري بالإصلاح لم تعد مجدية لذلك بات مطلب المعارضة هو التغيير. وفيما يلي نص الحوار:

أثيرت قبل مدة في بعض وسائل الإعلام معلومات تشير إلى أن جماعة الإخوان المسلمين في سورية افتتحت مكاتب لها في لبنان، لاسيما في مدينة طرابلس، ما صحة هذه المعلومات؟

- ليس لنا أي مقرات في لبنان، رغم أن لنا الكثير من الأصدقاء فيه. لكننا نقدر أن الظرف اللبناني الآن لا يحتمل مثل هذه الأمور، حتى لا نعطي ذريعة للسوريين وعملائهم أن يستغلوا ذلك ضد البلد. نحن حريصون على أن تكون لنا علاقة جيدة مع كل اللبنانيين، وهذا يستلزم التواجد فيه، لكن المرحلة السياسية الحرجة التي يمر بها لبنان تحتم علينا عدم إحراج اللبنانيين.

أقمتم علاقات وثيقة بأطراف لبنانية محسوبة على قوى 14 آذار، في الوقت الذي تتجنبون فيه مد أي علاقة مع القوى السياسية المعارضة. لماذا تميزون في تعاملكم مع القوى اللبنانية بشكل يجعلكم تنحازون لطرف دون آخر؟

- نحن حريصون على العلاقة بكل القوى اللبنانية، أما القوى التي تتعامل معها سوريا وكأنها أدوات سورية، فهذه قد لا يكون لنا بها صلة حالياً، لكننا حريصون على توثيق علاقتنا بجميع القوى. إننا نعتبر أن المشكلة في لبنان هي جزء من المشكلة في سوريا، وسبب المشكلة واحد، وهو النظام المتسلط على الشعب السوري والذي سبق له أن تسلط على الشعب اللبناني.

وهو الآن يسعى لأن يستعيد نفوذه في لبنان ليعاود تسلطه واستبداده عليه. أنا أعتقد أننا أصحاب قضية واحدة.

ومن هذا الجانب يأتي حرصنا على العلاقة بالقوى اللبنانية، أي من باب التشاور والتواصل والتعاون، حتى نتكاتف سوياً لمنع تكرار الاستبداد الذي نعانيه من النظام السوري.

نحن نؤمن بعلاقات أخوية وندية بين الشعبين اللبناني والسوري، ونؤمن بأن على النظام السوري أن يحترم سيادة لبنان واستقلاله وحريته باتخاذ القرارات التي يجدها أبناؤه مناسبة دون أي تدخل منه.

هل تعتقدون أن النظام السوري يسعى لإعادة هيمنته على لبنان، وكيف يمكنه ذلك برأيكم؟

- إن مساعي النظام السوري لإعادة هيمنته على لبنان واضحة ولا تحتمل التشكيك. فهو يعمل على إثارة الفوضى في لبنان ونبش الخلافات المذهبية فيه والاضطرابات وافتعال اضطرابات أمنية. صحيح أننا لا نستطيع الجزم بمسؤولية النظام السوري عن جرائم الاغتيال، لكن مؤشرات كثيرة تؤكد أنه هو الذي يقف وراء هذه الأعمال الإجرامية. ومن الواضح أن النظام السوري يريد أن يثبت للعالم أن الاستقرار في لبنان لا يمكن أن يكون بدون رضاه أو مساعدته.

هل للبنان مكان في مخططكم لإسقاط النظام السوري باعتباره الأقرب جغرافياً إليه؟

- نحن لسنا بحاجة لمثل هذه المحطات، نحن موجودون داخل سوريا، كما أننا موجودون في مختلف الأقطار، ولا نريد أن نحّمل أي بلد مجاور مسؤولية نشاطنا حتى لا نسبب له إحراجاً.

حفلت الأشهر الماضية بنشاط إعلامي كبير لجبهة الخلاص السورية المعارضة، في حين أنها غائبة منذ فترة عن الإعلام، الأمر الذي اعتبره البعض أن الجبهة تواجه معوقات أو تعاني من ضعف.. هل ما زالت الجبهة مستمرة في مساعيها لإسقاط النظام السوري؟

- نحن نعارض النظام السوري منذ سنوات طويلة. قد تكون الأحداث التي مرت خلال السنتين الأخيرتين أعطت مجالاً أوسع للنشاط السياسي والإعلامي.

لقد عقدت الجبهة مؤتمرها الأخير منذ شهرين، وفي الأول من الشهر القادم سيكون هناك لقاء للأمانة العامة. نشاطنا مستمر ولا يزال قائماً، ونحن ما زلنا نسير باتجاه توسيع دائرة التحالفات والتوافقات الوطنية.

هل تنسق الجبهة مع أطراف داخل سوريا؟

- انضم إلى صفوف الجبهة مؤخراً فئات وقوى من داخل سوريا لكن بأسماء مستعارة حمايةً لها، وحرصاً على عدم تعرضها لأي خطر. وهناك نشاط داخل سوريا لتوسيع قاعدة جبهة الخلاص الوطني بالتنسيق مع قوى أخرى في إعلان دمشق والأحزاب السورية الأخرى.

طوال السنوات الماضية جرى العديد من المبادرات للتوفيق بين الإخوان المسلمين والنظام السوري، إلا أن هذه المبادرات لم تصل إلى نتيجة، هل ما زلتم مستعدون للتوافق مع النظام السوري، والتوصل لتسوية معه؟

- لسنا وحدنا الذين وصلنا إلى قناعة كاملة بأن هذا النظام غير قابل للإصلاح وأن بشار الأسد ليس لديه أي مشروع للإصلاح. بقينا طوال السنوات الخمس الماضية نطالب من خلال خطاب تصالحي بإجراء إصلاحات متدرجة، لكن بشار الأسد أغلق كل الأبواب بوجهنا. لذلك وصل الجميع إلى قناعة بأنه لم يعد من المناسب الحديث عن مطالبة النظام بالإصلاح، فصرنا ننادي بالتغيير. وحين نقول التغيير فإننا لا نعني تغيير أشخاص بقدر ما نعني تغيير المناهج والسياسات. فلو قام بشار الأسد نفسه بالتغيير فنحن معه، المهم أن يتم تغيير هذه التركيبة وهذا النظام وهذا النهج الاستبدادي الفاسد الذي ينخر في البلاد.

ألا تخشون من تحويل سوريا إلى عراق آخر، تشتعل فيها حرب أهلية طائفية وعرقية وتكونون أنتم مساعدين في حصول ذلك؟

- ليس هناك أي سبب أو أي تماثل يدعو لهذا القلق، فالشعب السوري يختلف بتركيبته عن الشعب العراقي. سوريا ليس فيها مجتمع أقليات كبرى كما في العراق، الذي يتألف من ثلاث كتل كبرى (سنية وشيعية وأكراد). في سوريا مجتمع أكثرية عربية ومسلمة، وهناك تاريخ طويل من التآخي والتعايش مع مختلف الفئات والأقليات الأخرى.