حوار مع: الدكتور محمد أبو بكر حميد
الدكتور محمد أبو بكر حميد
أجراه: أبو أحمد عباد
باكثير من التمجيد إلى الدراسة والأدب والإعلام الإسلامي بين فكي العولمة والعلمانية يعارض الدكتور محمد أبو بكر حميد الباحث المعروف في أدب باكثير ومتعهد إخراج تراثه ومدير تحرير مجلة المستقبل الإسلامي فكرة العزف على مقطوعة ظلم باكثير والبكاء على أطلال المعارك التي عزلته عن عرشه المسرحي ومنعت عرض مسرحياته ونشر أعماله بسبب تمسكه بدينه ويقول:
"نحن لا نريد العزف على مقطوعة ظلم باكثير لأنه يعيش اليوم منتصراً بينما يلف العزلة كل من حاربوه ولم يعد أحد يذكرهم وبقي باكثير متربعاً على عرشه المسرحي والشعري والروائي.
وهي نفس العبارة التي كان باكثير يرددها في آخر أيامه وكأنه على يقين من أن أعماله وإبداعه سيصل إلى الجميع رغم هذا العداء:
((إنهم يحسبون أنهم سيقتلونني عندما يمنعون الأخبار عني أو يحاربون كتبي ويحجبون مسرحياتي عن الناس، أنا على يقين أن كتبي وأعمالي ستظهر في يوم من الأيام وتأخذ مكانها اللائق بين الناس في حين تطمس أعمالهم وأسماؤهم في بحر النسيان ولهذا فأنا لن أتوقف عن الكتابة ولا يهمني أن ينشر ما أكتب في حياتي،وإني أرى جيلاً مسلماً قادماً يستلم أعمالي ويرحب بها))
كما يضيف الدكتور حميد في ذلك الكثير في الحوار الذي أجري معه أثناء زيارته لليمن للحضور والمشاركة في ((أعمال ندوة باكثير وتحدي النسيان)) التي أقامتها مجموعة أصدقاء باكثير بكلية الإعلام.
انتهاء مرحلة التمجيد:
يؤكد متعهد إخراج تراث باكثير على أننا يجب أن نخرج من مرحلة تمجيد باكثير إلى مرحلة قراءة ودراسة وبحث هذا الأديب وخصوصاً في اليمن ـ لأنه أصبح الآن موضع دراسة في كل الوطن العربي وقال:
"تصلني رسائل من الباحثين، والدارسين من المغرب وتونس وموريتانيا ومصر تسأل وتستفسر عنه وهذا يدل على عروبة باكثير، وإسلامه الذي دفع به إلى كل مكان وجملته التي حلقت به في سماوات عليا.. وهذا نفس الكلام الذي قلناه في ندوة باكثير وتحدي النسيان في كلية الإعلام، لنحث طلابنا على ذلك.
إلا أن الدكتور حميد يرى أن رصد حقائق التاريخ وتوثيقها من الضرورة بمكان ليرى ويكشف جيل اليوم المرارة التي كان يعيشها المتمسكون بعدالة الإسلام في علاج كل آفات المجتمعات العربية المتأثرة بالأفكار الغربية ويقول:
إننا يجب أن نؤرخ لمعارك باكثير الفنية والأدبية لأن هذا ملك التاريخ الأدبي، وأنا أعد حالياً كتاباً في هذا الصدد بعنوان (علي أحمد باكثير بين خذلان اليمين وحرب اليسار) وسيكون قريباً تحت النشر فيه كل الوثائق التي تدين اليسار المصري الذي بدأ يظهر باكثير منذ سنة 1956م بعد تولي أحمد حمروش إدارة المسرح القومي بمصر إلى أن مات.
ويشير الدكتور حميد أن التهمة الوحيدة التي كان يحملها باكثير هو تمسكه بدينه و يقول :
إن الذين يريدون فصل باكثير عن الإسلام يريدون فصل الروح عن الجسد وإذا فصلت الروح عن الجسد مات باكثير فهم بذلك سيقتلونه مرة ثانية، لهذا نريد أن يكون باكثير راية وطنية عربية إسلامية يفتخر بها كل العرب والمسلمين فلا نفصله عن فكره أو عن جهاده الذي مات دونه.
دور اليمن ووفاء مكتبة مصر:
وفي سؤال مباشر عن دور اليمن والقائمين على طباعة الكتاب.. وعن إمكانية إعادة باكثير إلى اليمن ليستقر أخيراً بعد غربة طالته وهو يعيش وطالت أدبه وفنه بعد موته قال حميد:
"أتمنى أن تصل أعمال باكثير إلى اليمن لتكون في متناول القراء أولاً والباحثين والدارسين لأنني تألمت كثيراً عندما علمت أن مسرحيات وروايات باكثير غير موجودة في المكتبات اليمنية.. كما أتمنى أن تقوم دور النشر المتمثلة في وزارة الثقافة بطبع أعمال باكثير الشعرية والمسرحية التي لم تنشر وقد وعدني الأخ خالد عبد الله الرويشان رئيس الهيئة العامة للكتاب وأبدى استعداد الهيئة لطبع أعمال باكثير وعرضت عليه طبع ديوان باكثير الأول وهو (أزهار الربى في شعر الصبا) الطبعة الثانية التي انتهيت من تحقيقها وتنقيحها وإضافة أكثر من ثلاثين قصيدة عثرنا عليها في مصر وهي من مرحلة حضرموت كما عرضت عليه طبع ديوان (أريج عدن وأنفاس الحجاز...) وهو الذي قاله في عدن والحجاز وأتمنى أن يطبعا قريباً عن الهيئة... كما أنني أرى أنه من واجب الجامعات اليمنية والعربية العمل على طباعة الدراسات والأبحاث العلمية التي كتبت عن باكثير كما أنني أدعو الإذاعات في اليمن أن تتبنى إخراج تمثيليات باكثير القصيرة لأنه كتبها أساساً للإذاعة وقد أذيع بعضها في مصر والكويت في حياته.."
ولو حدث هذا سنكون قادرين على إعادة باكثير إلى وطنه إلى الأبد لأننا سنظهر الوفاء الذي يستحقه باكثير والذي تقوم به مكتبة مصر التي تعهدت طباعة مسرحيات وروايات باكثير منذ عام 1943م ويقول في ذلك:
"إن مكتبة مصر تعتبر أول وأفضل من خدم باكثير في حياته وبعد وفاته وهذه حقيقة لابد من الاعتراف بها والإشادة بدورها لأنها بادرت بعد وفاة باكثير بعدة سنوات بطبع أعماله جميعها وأظنها طبعتها للمرة الثالثة في الثلاثين عاماً الأخيرة.. وقد التقيت بالشيخ سعيد جودة السحار مؤسس المكتبة وكذا الأستاذ أمير السحار وأكدا لي أنهما على استعداد لطباعة أعمال باكثير، وقالوا: إن طباعة أعماله بالنسبة لمكتبة مصر (رسالة) قبل أن تكون (تجارة) وقد تم الاتفاق مؤخراً معهما لإخراج أعمال باكثير المجهولة وهي الأعمال التي لم تطبع في حياته والتي وجدتها في بيته بعد وفاته، أقوم بإعداد بعضها للنشر وبعضها الآخر يقوم بإعداده بعض الأدباء الكبار.
وقد بدأت فعلاً بالخطوة الأولى وقمت بإعداد مسرحية (فاوست الجديد) لنشرها، وقد طبعت وهي الكتاب الأول ضمن سلسلة الأعمال المجهولة كما أننا اتفقنا على طباعة صور باكثير على الكتب بدلاً عن الرسوم."
الإطار الإسلام دافع أول:
في كثير من اللقاءات و الأحاديث التي أدلى بها باكثير لوسائل الإعلام في حياته أكد على أن دافعه الأول لكتابة الأدب هو القومية العربية من المنظور والإطار الإسلامي ويرى أغلب النقاد المنصفين أن العداء الذي لاقاه باكثير كان سببه فكره الإسلامي وطرحه الموضوعي .
يقول الباحث حميد:
"إن باكثير من الجيل الذي تتلمذ على أيدي الرواد والمفكرين الإسلاميين المستنيرين أمثال محمد رشيد رضا صاحب مجلة المنار التي كانت تصله إلى حضرموت وكذا محب الدين الخطيب والإمام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وعبد الرحمن الكواكبي هذا الجيل الذي قاد النهضة العربية الإسلامية وقاد حركة التنوير في العصر الحديث هذا الجيل الذي لا يميز بين العروبة والإسلام ويضيف: إن الذين يرون أن هناك تناقضاً بين العروبة والإسلام هم مخطئون بلا شك لأنهم لو أرادوا العروبة بدون الإسلام فلن يخلصوا من العروبة إلا بجزيرة العرب وحدها أما العروبة التي صنعها الإسلام فهي الوطن العربي الكبير الذي نعرفه.
ولهذا نرى أن باكثير الذي يعد أحد قادة التنوير يؤكد على أنه لا قيام لأمة إسلامية إلا بوحدة الأمة العربية أولاً وهي الفكرة التي تبناها باكثير في أدبه وفنه..
يضيف حميد: أن الدعوة إلى القومية العربية في أدبه هي دعوة إسلامية لا دعوة علمانية.. ومن أمثال ذلك في أدب باكثير دعوته إلى الوحدة العربية في شعره ودعوته إلى تجمع العرب وتركيزه على أن أي تجمع عربي صغير يصب في النهاية في إطار التجمع الإسلامي الكبير".
أما في المسرح فهناك أعمال كتبها باكثير لنصرة الجهاد القومي في الأوطان الإسلامية ونقصد بالجهاد القومي جهاد الشعب ضد المستعمر، لكنه في نفس الوقت جهاد إسلامي ومثال ذلك مسرحية (عودة الفردوس) عن أندونيسيا فهي لا تدخل في إطار القومية العربية بل في إطار القومية الإسلامية وباكثير انطلق في هذه المسرحية من منطق إسلامي ولهذا فالمسرحية تصور جهاد الشباب الإسلامي في أندونيسيا ضد المستعمر الأجنبي.
وعلى هذا الأساس خذ بقية أعمال باكثير الأخرى فمثلاً قضية فلسطين فهي قضية قومية عربية إسلامية.
ويؤكد حميد أن هذه الأمور لا يمكن الفصل بينها فإذا أخذت من منطلقات قومية فهي في نفس الوقت منطلقات إسلامية..
يقول: ولا فرق بينهما لأني أرى أن هناك وطنياً قومياً وإسلامياً وهي مصطلحات كثيراً ما كان يخلط بينها ونعني بالوطن:الصيغة المحلية، والقومي ما هو على المستوى العربي فقط والإسلامي ما هو على مستوى العالم الإسلامي..
والتحرير من الاستعمار هدف وطني وقومي وإسلامي لأن انتصار مصر على سبيل المثال هو انتصار للأمة الإسلامية كلها..
أزمة النوعية والضحك على العقول:
يدير الدكتور محمد أبو بكر حميد تحرير مجلة المستقبل الإسلامي وله عدة إصدارات متعددة في مواضيع اجتماعية وأدبية عدة منها (لهذا نحن متخلفون) و (أصوات بلا صدى) وهي آراء في الأدب والنقد والثقافة..
وكان هذا السبب الذي جعل مجموعة من أسئلتنا تدور في مواضيع تتعلق بالأدب وأزمة النشر والصحافة الإسلامية وتحديات العولمة لنعرف منه ما إذا كانت الفضائيات العربية والعالمية قد استطاعت أن تغنينا عن القراءة وهل نحن نعيش أزمة كتاب ونشر..
يقول الدكتور حميد:
لا أعتقد أن هناك أزمة نشر أو كتاب بل أصبح اليوم من السهل نشر الكتاب ومن السهولة تأليفه وتوزيعه بل أصبح عندنا مؤلفات وكتب أكثر من القراء ولكن السؤال هو من يقرأ؟
فالحقيقة إن زيادة الكم كانت على حساب النوع والكيف، إذ أن الضعف لدى المؤلفين ومؤلفاتهم أدى إلى الضعف في القراء أنفسهم وهذا يؤدي إلى زهد القراء في شراء واقتناء الكتاب..
كما يشير حميد إلى ضرورة إعادة الاحترام للكاتب ويكون ذلك بالتغلب على ما يسمى بأزمة النوعية..
ويقول
: ((إن دخول الكتاب في التجارة يسيء إلى الكتاب ، لأن أسوأ أنواع التجارة هي التجارة في عقول الناس والضحك عليهم..))ويؤكد على أنه يجب أن تكون هناك ضوابط في وزارات الثقافة العربية..
ودور المثقف العربي في ذلك هو وضع ضوابط لمستوى الكتب التي يقرأها وليكون له دور التوعية للقراء لكي نصل إلى التوعية في الكيف وليس الكم فقط.
ويضيف حميد أننا نعيش في عصر العولمة الذي يواجه الكاتب فيه تحديات الفضائيات والإنترنت، ولهذا فالكاتب أمام تحد إما أن ينهزم وإما أن يثبت أنه الأصلح ولن يكون ذلك إلا بالكتب الجيدة.
وتطرق الدكتور حميد بالحديث للعولمة وتحدياتها فقال: من المؤسف أن الحديث عن العولمة وتحدياتها كثر هذه الأيام وإن الذين يتحدثون عنها قد لا يستوعبون معناها وأنا في رأيي أن العولمة لا تشكل تحدياً جديداً علينا فالعالم الإسلامي منذ سقوط دولة الخلافة الإسلامية وهو يواجه مجموعة تحديات بل نستطيع أن نقول أن المسلمين يواجهون التحديات منذ الغزو الصليبي حتى اليوم.
فواجهنا تحدي الرأسمالية والاستعمار ثم واجهنا تحدي الشيوعية فلا عجب أن يأتي اليوم تحدي العولمة وفي رأيي أن كل هذه المسميات تصب في النهاية في معنى واحد وهي الموضة الجديدة التي ظهرت لا لابتلاع العالم الإسلامي وحده بل لابتلاع العالم كله، وهي آخر وأحدث شكل من أشكال الرأسمالية جاءت لتحل محلها..
ويضيف:
إننا لا يمكن التحصن من العولمة بالهروب منها بل بمواجهتها لأن إفرازات العولمة ونتائجها موجودة في وسائل الإعلام وهي تهجم علينا هجمة شرسة وما يجب علينا هو التحصن بعقيدتنا وبديننا ولنأخذ منها ما يصلح لنا وندع ما لا يصلح..
الأدب الإسلامي فكر ومضمون:
يخلط الكثيرون بين مصطلحات في الأدب الإسلامي فهم قد يجهلون المفهوم الدقيق لفكر الأدب الإسلامي ويفسر الدكتور حميد ذلك بقوله:
إن الأدب الإسلامي ليس مخيفاً كما أنه لا يشكل خطراً على أحد لكن الكثير من أبناء المسلمين يخافون كل كلمة يدخل فيها مصطلح الإسلام و فكرة الأدب الإسلامي فكرة حديثة كمصطلح انبثقت مع ظهور رابطة الأدب الإسلامي العالمية التي أنشأها العلامة أبو الحسن الندوي في الهند وظهرت الرابطة لتروج هذه الفكرة.. ولكن السؤال: هل بدأ الأدب الإسلامي مع الرابطة ؟ أبداً هذا غير صحيح كما هو معروف.
ويضيف حميد:
إن الظاهرة تأتي أولاً وبعد ذلك يأتي المصطلح ولكن يجب ألا يظن الناس أن الأدب الإسلامي هو ذلك الأدب الذي يتكلم أو يتخذ فقط قضايا التاريخ الإسلامي موضوعات لأشكاله الفنية أو يظن البعض أن الأدب الإسلامي يجب أن ينحصر في موضوعات التاريخ الإسلامي بشكل مباشر إن الأدب الإسلامي يمكن أن يعبر عن فكرة إسلامية بشكل غير مباشر حتى دون أن نذكر كلمة (إسلام) ومن أمثلة ذلك كتاب (منهج الفن الإسلامي) للأستاذ محمد قطب وأنا أعتبره من أقدم الكتب للتنظير لفكرة الأدب الإسلامي والمؤلف أعطى مثالاً في هذا الكتاب حين ترجم مسرحية للشاعر الإيرلندي جون ميلنونج سي ـ وهي بعنوان (الراكبون إلى البحر)وتحدث فيها عن القيم الإنسانية وهي تتفق مع الإسلام أكثر من المسيحية التي يدين بها الشاعر.
وأنا في رأيي ومن باب التجاوز نستطيع أن نقول أن الأدب الإسلامي هو الأدب الإنساني ليس العربي والإسلامي فقط بل والإنساني عموماً الذي يتعامل مع القضايا الإنسانية بروح السماحة والمحبة والقيم التي دعا إليها الإسلام.
وأضاف أن الأدب الإسلامي ـ وإن كتبه أديب عربي مسلم ـ إذا خالف قيم الإسلام وتعاليمه فهو أدب غير إسلامي ويمكن أن ينسب إلى اللغة التي كتب بها.
ويؤكد حميد أن الفكرة في الأدب الإسلامي لا تعفي الكاتب من العيب أو النقص إذا ما كان فيه ذلك وبمعنى آخر إن الفكرة لا تشفع لضعف العمل الفني فإذا كانت المسرحية أو القصيدة ضعيفة فنياً ولكن فكرتها إسلامية فهذا لا يعد من الأدب الإسلامي في شيء.. لأنه لم يتوسل بالشكل الفني الناضج الصحيح الذي كان بإمكانه أن يعبر عنه في هذه الفكرة ، والأدب الإسلامي لا يتساهل في هذا..
العمل على تطوير نظريات الإعلام:
يحمل الإعلام العربي طابعاً غريباً،فهوغربي في الفكر والمضمون والطرح ويتهم بأنه أحد أهم ركائز الغزو الفكري.. ويختلف حميد معنا في هذه النقطة ويقول:
إن الإعلام العربي ليس دائماً ما يحمل الطابع الغربي في الفكر والمضمون والطرح وفي رأيي أن الإعلام بشكل خاص موجود في القرآن الكريم بكل أنواعه التي استوردناها من الغرب.
ويضيف: إذا ما درسنا القرآن ودرسنا وسائل الإعلام والإعلان والدعاية والعلاقات العامة وكذا حسن الخلق والتعامل بالحسنى وكل الصفات الحميدة نجد أن القرآن دعا إليها ولكن للأسف الشديد لا يوجد من ينظر لهذا النوع السامي من الإعلام..
ولهذا يجب علينا الاستفادة من النظريات الإعلامية الحديثة وتطويعها للواقع العربي، وهذا التطويع إذا ما تم سيلغي الانفصام بين الواقع والنظرية بين طلاب يدرسون نظريات الإعلام الحديثة كما يعمل بها الغرب الآن ثم ـ يخرجون إلى واقع لا يقبلها لتنحصر هذه النظريات في قاعات الدرس بعيداً عن الواقع.
ويشير حميد في تصوره للرؤية الإسلامية للإعلام إلى أنه يجب أن نستفيد من أخروجات الغرب ويجب أن نعمل على تطويعها لخدمة أمتنا في الواقع الذي نعيشه في هذه المرحلة التي نحتاج فيه إلى مثل هذه النظريات لأننا نعيش في أخطر مرحلة ولكننا لم ننتبه بعد لسلاح الإعلام الخطير ولم نستخدمه في معركتنا مع عدونا التاريخي..
وعليه تحدث حميد عن دور الصحافة الإسلامية وعرف مفهومها الذي يطبق على الواقع فقال:
يجب أن نتوقف كثيراً أمام عبارة الصحافة الإسلامية لأنه لا توجد صحافة إسلامية بالمعنى الصحيح فهناك مجلات عربية ذات توجهات إسلامية ولكنها ليست من القوة بحيث تقف في مواجهة الصحافة غير الإسلامية وهذا يدل على شيء مهم وهو عدم وجود الكوادر الإسلامية ذات الكفاءة التي تكتب لهذه الصحف أو المجلات الإسلامية التي تعتمد على شخص واحد في أكثر من موقع لندرة الرجال الذين يعملون في هذا المجال.
ويضيف : لهذا ترى أن واقع الصحافة الإسلامية مريض والعمل الإسلامي لم يرتفع بعد إلى مستوى الاهتمام بخطر الإعلام والصحافة وتعد أهم نقطة ضعف رئيسية في الإعلام الإسلامي هو عدم دعم الأنظمة الإسلامية للإعلام والصحافة لأن انتصار الغرب علينا وانتصار إسرائيل كان في حقيقة الأمر انتصاراً إعلامياً قبل أن يكون انتصاراً عسكرياً وحتى حين يتحرك الإعلام الإسلامي نجده في كثير من الأحوال ضعيفاً ومباشراً وغير مؤثر ولن يرتقي إلى مستوى التأثير حتى يتحقق الصدق والعطاء لهذه القنوات التي هي أداة مهمة لانتصارنا الكبير والشامل بإذن الله..
وفي الأخير تركنا المجال مفتوحاً للدكتور محمد أبو بكر حميد ليضيف فقال:
"إن أهم ما أسعدني خلال زيارتي لليمن ذلك المهرجان الكبير الذي أقامته كلية الإعلام بجامعة صنعاء ونظمته مجموعة أصدقاء باكثير للأديب العربي الإسلامي المرحوم علي أحمد باكثير هذا الأديب الذي جاد بحياته من أجل أمته ومن أجل قضاياها وأنا أعتبر هذا العمل رمزاً من رموز الوفاء الكبير وأتمنى أن يعم مثل هذا الاحتفال في كل الجامعات اليمنية والعربية"..