مع المستشار عبد الله العقيل

المستشار عبد الله العقيل

حوار: عبد الله خضيري

التعريف:

عبد الله بن عقيل بن سليمان العقيل. (الأمين العام المساعد للمساجد برابطة العالم الإسلامي) من بلدة (حرمة) بمنطقة سدير في العراق . من مواليد سنة 1347 هـ.

حياتك العملية:

تخرجت من كلية الشريعة بالأزهر سنة 1374هـ.

عملت في حقل التدريس والإدارة والصحافة والاستشارات والشؤون الإسلامية والدعوة والوعظ والإرشاد. وآخر وظيفة كنت أشغلها مستشار الوزارة للشؤون الإسلامية.

الهوايات التي تمارسها:

الهوايات التي أمارسها مطارحة الشعر والرياضة السويدية وقراءة كتب التاريخ والأدب والشعر والدعوة والقصص والمسرحيات الهادفة لأمثال مصطفى صادق الرافعي وعلي أحمد باكثير ونجيب الكيلاني ومحمد الغزالي وعلي الطنطاوي وأحمد محرم ويوسف القرضاوي ومعروف الرصافي ووليد الأعظمي ويوسف العظم وأحمد حسن الزيات وسعيد العريان وأحمد عبد الغفور عطار وأحمد محمد جمال وحمد الجاسر وعبد الله بن خميس وعبد الله بن إدريس وعبد الرحمن العشماوي ومحمد الفهد العيسى وغيرهم كثير.

زملاء دراسة وعمل تتذكرهم وتعتز بهم:

كثير من زملاء الدراسة الذين أعتز بهم ولكن أذكر على سبيل المثال الدكتور يعقوب عبد الوهاب الباحسين بجامعة الإمام محمد بن سعود والدكتور أحمد العسال بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان والدكتور يوسف القرضاوي بجامعة قطر ومعالي الأخ عبد العزيز القريشي محافظ مؤسسة النقد سابقاً والأستاذ محمد أحمد السويلم بالرياض والأستاذ يوسف العظم عضو البرلمان الأردني ومدير مدارس الأقصى وغيرهم.

موقف حرج وكيف كان التصرف:

المواقف الحرجة في حياة الإنسان وأثناء عمله كثيرة كان الوالد –أطال الله عمره- قد أرسل مبلغ حوالة على بنك مصر فرع الأزهر، وكنت في أمس الحاجة لها فلما ذهبت لصرفها وكان أمر الصرف باسم (السيد عبد الله العقيل) فرفض الموظف المختص صرف المبلغ وقال إنه باسم (السيد) عبد الله العقيل وأنت اسمك حسب الجواز (عبد الله العقيل) فقط فحاولت أن أفهمه بأن هذا ليس من الاسم ولكن دون فائدة فاستعنت بأحد الزملاء الذي يعرف من له حساب بالبنك فكفلني وحل الإشكال

موقف محزن ولا زال عالقاً بالذاكرة:

حين كنت أعمل بالكويت مدير عام للشؤون الإسلامية فوجئت بهاتف من ضابط مخفر الجهراء يخبرني بأن ابني (أنس) وعمره 19 سنة حدث له حادث اصطدام حيث كان مع زميل وأنه في حالة خطرة وتحت العناية المركزة في مستشفى العظام فاصطحبت السكرتير وانطلقت تواً إلى المستشفى وحين دخلت وسألت الطبيب أكد الخبر وذهبت للاطلاع عليه فوجدت الاسم اسمه ولكن ليس هو فقلت للطبيب هذا ليس ابني وإن كان يحمل اسمه فقال إذن فاذهب إلى الثلاجة في الطب الشرعي فربما كان خطأ في الأسماء فتوجهت وأنا أدعو الله لي بالثبات والصبر والتجمل وحين وصلت واطلعت فوجدت جثة ابني وتحمل اسم زميله فاسترجعت وتجملت حتى لا أفجع والدته وأعانني الله على استلامه وحضور تغسيله وتكفينه والنزول بقبره لدفنه فلم تذرف دموعي حتى عدت من المقبرة حين دخلت والدتي (رحمها الله) تعزيني واحتضنتني مواسية فأجهشت في البكاء بين أحضانها فقد شعرت بدفء الحنان من الوالدة مع هول المصاب بالولد فاختلطت المشاعر، ولم أسترح حتى ذرفت الدمع الغزير وبكيت بحرقة وألم كنت أختزنه في داخلي وأغالبه متجلداً.

كيف تنظر للحياة:

الحياة ليست راحة بل مشقة وتعب وكدر فهي كما قال الشاعر:

طبعت على كدر وأنت تريدها            صفواً من الأقذار والأكدار

ومكلف الأيام  ضد  طباعها             متطلب في الماء جذوة  نار

والسعيد فيها هو الموفق لطاعة الله العامل بأحكامه الملتزم بشرعه المتوكل عليه في السراء والضراء الواثق بعدله وعفوه ومغفرته ورحمته (ورحمتي وسعت كل شيء).

أي سنوات العمر أجمل؟

عمر الإنسان سلسلة من الحلقات يفضي بعضها إلى بعض وكل مرحلة من هذه المراحل هي جميلة في وقتها لا ينغصها سوى البعد عن منهج الله فالطفولة فيها البراءة والصفاء والشباب فيه الحيوية والفتوة والكهولة فيها العقل والحكمة وكلها مطلوبة في وقتها.

قرار اتخذته في حياتك وندمت عليه؟

لا أذكر أن ثمة قراراً اتخذته في حياتي وندمت عليه وقد يكون ولكنني نسيته.

قرار سررت منه:

والقرار الذي سررت منه هو أنه بعد تخرجي عرض عليَ منصب القضاء الشرعي بإلحاح وكان الوالد والعم (رحمه الله) كلاهما يلح بالقبول وأنه أحسن من وظيفة التدريس والوظائف الإدارية الأخرى ولكن قلبي لم ينشرح لذلك وسألت الله العون حيث إنني لا أريد غضب الوالد واستخرت الله عز وجل وشرح الله صدري للخير وهو الاعتذار من منصب القضاء والعمل في حقل التدريس والحمد لله.

الماضي ماذا يمثل لك؟

الماضي بالنسبة لي يمثل أمجاداً رائعةً لسلفنا الصالح حيث سادوا الدنيا بإيمانهم وعملهم ولا زلنا نعيش على أمجادهم الزاهرة ونغترف من مناهل علومهم ونترسم خطى مسيرتهم المشرقة.
كيف تنظر للحاضر؟

أنظر إلى الحاضر على أنه امتداد للسير على خطى الرواد الأوائل مستفيدين من كل جديد مفيد في واقعنا المعاصر مسخرين طاقتنا وإمكاناتنا لخدمة ديننا وأمتنا وبلادنا والنهوض بشعوبنا لتأخذ مقعدها بين الأمم التي تبني الحضارات وتنشر راية التوحيد وتعيد للإنسان حريته وكرامته ليكون عبداً لله وحده.

ما رأيك في النهضة التي تشهدها بلادنا الحبيبة؟

إن النهضة الحالية التي تشهدها بل تعيشها بلادنا الحبيبة هي نهضة قد اتخذت العلم طريقاً والإسلام منهجاً وشارك فيها أبناء البلاد جميعاً وأسهموا في مجالاتها كل في مجال تخصصه فالجامعات والمدارس والمعاهد والمستشفيات والمصانع والمزارع والمواصلات قد اتخذت أحدث الوسائل وأرقى الأساليب في تطوير خدماتها فيسرت الأمور وسهلت الصعاب وقضت على الكثير من المشكلات.

ولا يمنع هذا من أن تكون في مجتمعنا كثير من السلبيات التي أفرزتها حضارة العصر وتأثرت بها بعض الشرائح الاجتماعية من أبناء أمتنا ولكن العزم والإرادة والإصرار على معالجة الداء كلها كفيلة في القضاء على هذه السلبيات إذا صدقت النوايا وصحت العزائم (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).

أمنية العمر ما هي وهل حققت أم لا؟

أمنيات الإنسان في الحياة وطموحاته كثيرة لا تحد ولكنها تتفاوت فيما بينها فكثير من الأماني والآمال تتحول بالجهد والصبر إلى حقائق والبعض الآخر منها يكون حلماً وخيالاً لا يأخذ طريقه إلى الواقع.

ولكن أمنيتي التي سألت الله تحقيقها وأنا في مقتبل العمر ووفقني الله إليها وله الحمد والمنة أن أدعو إلى الله وأن أنشر الخير وأسعى لإسعاد الناس... كل الناس قدر طاقتي وحسب إمكاناتي فليس ثمة سعادة أعظم من إدخال السرور على قلب مسلم وتفريج كربته والسعي في حاجته (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).

معلم حضاري يسر كل ما شاهدته أو سمعت عنه؟

المعلم الحضاري من معالم بلادنا التي أسر كلما شاهدته هو جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وشقيقاتها كالجامعة الإسلامية وجامعة أم القرى والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ورابطة العالم الإسلامي وغيرها من المعالم التي لا تحصى ولا تعد لكثرتها.

موقف تعتز به مر بك في حياتك؟

سنة 1393هـ وأثناء عملي بالكويت مديراً عاماً للشؤون الإسلامية دعاني الإخوة براك عبد المحسن بابطين وأحمد عبد الهادي الدوسري وعبد الله فرحان الفريح ومحمد الجاسر وكلهم مقيمون بالكويت للتباحث في أمر أهالي الزبير ذوي الأصول النجدية الذين يرغبون في استرداد جنسيتهم السعودية وتذليل الصعوبات التي يواجهونها وطلبوا مني رئاسة وفد يتوجه إلى الرياض لمقابلة خادم الحرمين الشريفين (وكان وقتها وزيراً للداخلية) وشرح الأمر له ليرفع إلى جلالة الملك فيصل (رحمه الله) وقد كان ذلك حيث نزلنا ضيوفاً على جلالته وحضرنا مائدة العشاء التي أقامها وشرحنا له المشكلة بكل أبعادها وقدمنا بذلك مذكرة مكتوبة مفصلة فما كان منه - أطال الله عمره - إلا أن قال: " إن هؤلاء أبناؤنا وهذه بلادهم يعودون متى شاءوا " ورفع مذكرة لجلالة الملك فيصل (رحمه الله) فصدر المرسوم الملكي بحقهم في استرداد الجنسية وعدنا إلى الكويت وكلنا ألسنة تلهج بالشكر والدعاء في أن يحفظ الله ولاة الأمر ويوفقهم لما فيه خير البلاد والعباد. فكان هذا الموقف الجليل العظيم من خادم الحرمين الشريفين من أكبر المواقف التي أعتز بها.

لو لم تكن في هذا العمل ماذا تختار؟

لو لم أكن في هذا العمل لما كنت إلا في عمل مماثل له فأنا والحمد لله عملت في حقل الدعوة الإسلامية منذ تخرجي ولا زلت وأشكر المولى على ذلك ففيه راحة النفس وطمأنينة البال وثواب الله ومنفعة الناس (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين).
أين تحب قضاء إجازاتك السنوية والأسبوعية؟

أحب قضاء إجازاتي السنوية في بلاد الشام وخاصة الأردن وإجازتي الأسبوعية في الرياض حيث الوالد (حفظه الله وبارك في عمره) وإخواني وأولادي.

دول زرتها وأيها أعجبتك؟

زرت معظم دول العالم في القارات الخمس ولأكثر من مرة ولكل بلد طبيعته وخصائصه وإن كان التشابه كثيراً بين كثير من البلدان والحقيقة أن البلاد ترتاح فيها إذا وجدت فيها من يؤنس وحشتك ويأسرك بخلقه وسلوكه واستطعت أن تستفيد منها وتفيد وكما قال الشاعر:

لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها                ولكن أخلاق الرجال تضيق

مدينة تحب الذهاب إليها؟

ليس بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة من مدينة سعودية أحن للذهاب إليها مثل الرياض ففيها من شغف القلب بحبه من الأهل والأولاد والأصحاب.

جريدة المدينة - نشرت يوم الاثنين 24 محرم 1409هـ.