حوار مع طالب طب من الإخوان
أ.د. حلمي محمد القاعود
تحدثت طويلا مع طالب طب ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين ، وهو طالب عادي في مظهره وغير ملتح ، ولا يلبس جلبابا ، ويتكلم الإنجليزية بطلاقة . وكان الطالب نفسه قد تحدث من قبل إلى أستاذ في كلية الطب ، يساري الهوي ؛ ممن يعتنقون فكرة إقصاء الإسلام وإلغائه واستئصاله لإحلال فكر آخر مكانه . وقد أجاب الطالب في حديثه معي على الأسئلة ذاتها التي وجهها إليه الأستاذ اليساري .
- متى وكيف التحقت بالإخوان ؟
في العام الثاني لدراسة الطب . دعاني الزملاء وعرفوني بالإسلام الصحيح ، فعرفت الطريق إلى المسجد والعبادة ، والالتزام في المذاكرة والسلوك .
- هل تخليت عن عاداتك القديمة ؟
نعم . توقفت عن ممارسة السلوك المنافي للإسلام ، واستمتعت بكل ما هو جميل وراق وطيب من الفنون والآداب والرياضة ومطالعة الكتب التي تتناول القضايا العامة ، فضلا عن الكتب الإسلامية .
- كيف ترى حل مشكلات مصر ؟
الحل هو بناء الإنسان المصري بناء إسلاميا يقدس العبادة والعلم والعمل ، ويحقق مقاصد الشريعة في إعمار الكون ، وتحقيق الحرية والعدل والمساواة والكرامة لكل المواطنين .
- هل تعتقد أن طالب الطب الباكستاني أقرب إليك من الطالب غير المسلم ؟
الطالب الباكستاني أخي في الإيمان "إنما المؤمنون إخوة .. "( الحجرات : 10 ) ، والآخر أخي في الوطن .
- كيف تشعر بالطالب غير المسلم الذي تربى معك في الشارع نفسه ، ويتكلم اللغة نفسها ، ويعيش مشكلاتك ذاتها ؟
له ما لي ، وعليه ما علي . ولكنه يتمرد على وحدة الوطن ، وينحاز إلى جيتو الكنيسة ، ويرى أن المسلمين غزاة ، واللغة العربية لغة محتلين ، وأنه صاحب البلد الأصلى ، ثم إنه ينعزل مع زملائه من دينه في أروقة الكلية بعيدا عني !
- هل الباكستاني متطابق معك ؟
الباكستاني مسلم مثلى ، وأخي في الله ، والرسول صلى الله عليه عليه وسلم يقول : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره .... "
- هل الوطن بالنسبة لك مصر أم الأمة الإسلامية ؟
مصر وطني الذي أموت دونه شهيدا ، والأمة الإسلامية هي الدائرة الكبرى " إن هذه أمتكم أمة واحدة ، وأنا ربكم فاعبدون " ( الأنبياء : 92 ).
- هل تريد أن تختفي مصر بتاريخها كله وتذوب في الدولة الإسلامية ؟
مصر هي عقل الإسلام ، وهي قائدة الأمة الإسلامية ورمز عزتها وعظمتها وتفوقها . وتاريخها القديم الذي شارك في صنع الحضارة هو جزء من حضارة الأمة الإسلامية الإنسانية . والآثار الفرعونية عطاء حضارة مصر القديمة ، فيه دلالات إنسانية وروحية تشير إلى قدرات الأجداد وتاريخهم الفكري بإيجابياته وسلبياته .
- هل تريد أن تحطم الآثار الفرعونية ؟
لقد نجي الله فرعون موسى ببدنه ليكون آية أوعبرة لمن خلفه، والآثار الفرعونة آية بصورة ما .
- ما هو تصورك لوضع غير المسلمين في الدولة الإسلامية ؟
لهم مالنا ، وعليهم ما علينا . وقد أعطت الدولة الإسلامية لغير المسلمين منذ صدر الإسلام حقوقا متساوية لحقوق المسلمين تماما ، وهو مالم تعرفه الدول الأخري في ذلك الحين . وقد احتضنت الحضارة الإسلامية اليهود بعد أن طاردهم الصليبيون عقب سقوط الأندلس فعاشوا في المغرب ، ورعتهم الدولة العثمانية وأتاحت لهم حرية العيش والعمل والتجارة حتى صاروا من كبار الأغنياء . وفي مصر يحظى النصارى الآن بامتيازات لا يحظي بها المسلمون أنفسهم ، فكنائسهم مفتوحة طوال اليوم والليلة على العكس من المساجد ، ولا يقتحم زوار الفجر بيووتهم ، ولا يعتقلون تحت ذريعة قانون الطوارئ، ورئيس الكنيسة يقهر السلطة لتحقيق رغباته ،وإذا أعلن الاعتكاف أو المقاطعة تهرع إليه القيادات لاسترضائه ، وكلامه لاتعقيب عليه – أعلن ذك مسئوال كبير ! – ثم إن الأنبا يرفض أحكام المحاكم المصرية التي يري أنها تخالف الإنجيل !
- هل يمكن أن تصاحب غير مسلم ؟
نعم . ولكن الكنيسة تأمره أن ألا يصاحب مسلما لأن المسلم من الغزاة الذين يحتلون الوطن !
- ما هو تصورك لتطبيق الشريعة ؟
الشريعة حياة كاملة تعني حركة المجتمع التي تقوم على الإيمان والعمل والإنتاج والإبداع وبناء القوة في شتى المجالات ، وإقامة العدل الشامل بين جميع الطبقات ، والمساواة بين المواطنين جميعا على اختلاف مستوياتهم وعقائدهم ، وتطبيق الشريعة ليس قطع الأيدي والأرجل وقتل القتلة ورجم الزناة ، فهذا لايمثل إلا أقل من 5% من عناصر الشريعة ويخص المجرمين والمنحرفين والمعتدين على المجتمع وحدهم.
- ما رأيك في تعليم المرأة ؟
التعليم حق لكل الناس ، والعلم في أعلى مراتب الشريعة ، والمرأة في الإسلام كيان عاقل مثل الرجل تماما ، يتعلم ويبدع ويتفوق ، وبنات الشيخ القرضاوي حققن درجات عالية في أدق تخصصات العلم والمعرفة ، وهن زوجات صالحات بإذن الله ، والمرأة المسلمة لا تضحي بالأمومة المقدسة !
- ما رأيك في زي المرأة ؟
ستر العورة واجب إسلامي ، ومطلب فطري يميز الإنسان ةعن الحيوان ، وحق من حقوق الإنسان .. ومثلما يتسامح الناس مع النساء شبه العاريات ، فواجب عليهم أن يتسامحوا مع المنتقبات .
- هل تعتقد أن تطبيق الشريعة يجب أن يتم بالقوة ؟
لا بد من التعليم والتربية ، وترسيخ الإيمان في القوب والنفوس " قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ، وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا ، إن الله غفور رحيم " ( الحجرات :14 ). وتحقيق العدل يحتاج إلى حزم الحاكم لحفظ حقوق الناس .
- ما رأيك في ختان البنات ؟
ختان البنات مكرمة ، وهو من المباح الذي لا إثم في تركه ، ولكن تعيين وزيرة من أجل منع الختان يمثل لغزا مريبا حيث تعاني البنات من الفقر والجوع والبؤس ولا يسأل فيهن أحد !
- ما رأيك في تحديد النسل ؟
- حجة البليد مسح السبورة . النسل نعمة تجب صيانتها واستثمارها ، والسلطة الفاشلة هي التي تلجأ إلى الوسائل السلبية في وطن يتمتع بإمكانات هائلة .
- ماذا عن عائلتك ؟
أبي مدير بنك في المهندسين ، وأمي طبيبة في وزارة الصحة ، وأختي طالبة في كلية الآداب .
- هل والدتك وأختك محجبتان ؟
أمي غير محجبة ولكن أختي محجبة .
والسؤال الآن : ما رأي الشعب المصري في إجابات الطالب القادم من أسرة ميسورة ؟ هل هل هناك ضرورة للإسلام ، أم لا بد من إقصائه وإلغائه واستئصاله كي تتحقق آمال الوطن وفقا لتصور الأقليات الثقافية ؟