قصصُ العُروج(60)
*صحائفُ المسؤولية*
*مسؤولية الطاعة:*
في مطلع سورة الأحزاب وجّه الله تعالى أمراً مباشرا إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فقال: *{يا أيها النبي اتَّقِ اللهَ ولا تُطعِ الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيماً. واتَّبِعْ ما يوحَى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا}* [الأحزاب: 1-2]، وهل يُعقل أن يطيع حبيب الله الكافرين والمنافقين؟!
إنه أمر لأتباع محمد صلى الله عليه وسلم جميعاً، بدلالة خاتمة الآية الثانية: *{إن الله كان بما تعملون خبيراً}*، حيث قال: {بما تعملون} ولم يقل: {بما تعمل}، وبوصفه الأسوة والقدوة ولخطورة موالاة أعداء الله فقد توجّه إليه بالأمر المباشر، فهو مسؤول عن من يقودهم، ثم إن الله أودع في فطر الناس استعداداً للسير خلف القائد، ومن ثم فإن صلاحه يساعد في صلاحهم !
*الرّجولة مسؤولية:*
ليست الرجولة جنساً ولا شرفاً يفتخر به الذكور على الإناث، بل هي مسؤولية عظيمة وتكليف ثقيل، وإلى هذا المعنى أشار تعالى بقوله: *{فلا يُخْرجَنَّكما من الجَنّة فتَشْقَى}،* ذلك أن آدم وحواء كانا يأكلان ويشربان في الجنة بدون شقاء وتعب، فإذا خرجا منها - كما حصل - فإن آدم هو من سيتحمل العبئ الأكبر في طلب الرزق وتوفير الأمن، وفي تدبير شؤون المعيشة وجَلْب الراحة، ولا شكّ أن حَمْل همّ ذلك كله يُشقيه !
وتشهد أرقام الواقع بأن الرجال أقصر عمراً من النساء، وأكثر عرضةً للأمراض النفسية والجنون!
*المسؤولية تضامنية:*
لا يُحمِّل القرآن فاعلَ الجريمة المباشر وحده المسؤولية، بل يُشرك معه كل من خطَّط وساعد أو رضي وسكت.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: *{فعَقَروا الناقة}*، والعاقر كما تقول كتب التاريخ إنما هو شخص واحد يُدعى *قُدار بن سالف*، لكن الآخرين اشتركوا في الجريمة بالرأي والتخطيط أو بالمعاونة والمساعدة، وفي الحد الأدنى بالسكوت والرضى؛ فساهم كل واحد منهم بنصيب نسبي في هذه الجريمة البشعة.
*مسؤوليةُ الزعماء:*
إن مسؤولية الزعماء كبيرة جداً، حيث أن كل ما يأمرون به من منكرات أو يَسكتون عنه من جرائم، إنما هو محسوب عليهم كأنهم فعلوه بأيديهم، ألا ترى أن الله قال عن صنيع فرعون ببني إسرائيل: *{يُذبِّح أبناءَهم}*، مع أنه لم يباشر الفعل بنفسه، لكن أمره بذلك الفعل جعله كالفاعل في الجُرم !
وسوم: العدد 773