الفرحة التي لم تتم
منذ ربع قرن تقريبا فرحنا بانطلاقة قنوات الإعلام العربي شبه المهني ؛ المتحرر نسبيا من قيود الإعلام الايديولوجي الرسمي .
أغلقنا أدرنا الظهر لإعلام الآخرين وظننا أننا نفعل ذلك للأبد ؛ فحظ أدنى من المصداقية المهنية بتنا نستشعره في أداء هذه القنوات .
لم تكن تغب عنا أبدا السياسات الخفية التي تسير هذه القنوات على المستويات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية .
مثلا التظليل على النظام السوري والتعتيم على جرائمه كان نهجا متبعا ومتوافقا عليه بين الجميع قبل الثورة السورية وعلى مدى أكثر من عقد من عمر تلك القنوات .
أذكر على سبيل المثال أن برنامجا على أشهر هذه القنوات كان يبث يوم الاثنين قدم برنامجا عن حكم الأقليات في العالم العربي فما ذكر نظام الأسد لا من قريب ولا من بعيد ..!!
أذكر يوم قتل الشهيد "جلال الكبيسي" في دمشق في نفس الفترة التي قتل فيها خالد سعيد المصري .
جلال الكبيسي العامل السوري البسيط " الوشيش " في سوق الحميدية لأنه كان يسعى على لقمة عياله بشرف فقتل في قسم الشرطة وتناساه الإعلام العربي الواعد، بينما تحولت قضية خالد سعيد إلى مثل قضية الطالب الايطالي جيليني..
لا علينا ظللنا ننظر إلى الإعلام العربي الوليد والواعد على انه محطة على الطريق .
باضت قنوات الإعلام العربي وفرخت وما زلنا نأمل ونرجو أن تقوم هذه القنوات بالدفاع عن جرثومة الدين والإسلام والحسب ، كما قال أبو تمام ..
لنفجأ منذ أكثر من عام أن هذه القنوات في جملتها تتناسى عدوها الأولي ومشروعها الأساسي وتعيدنا إلى عصر عبس وذبيان وقيس بن زهير وحذيفة بن بدر
يلعن الرجل جده ، وينحت في أثيلته ليل نهار ، ونهارا وليلا
أتذكر الأعشى..
ألسـت منتهيـا عن نحت أثلتنا
ولسـت بضائرها ماأطت الإبل
كناطح صخرة يومـا ليوهنهـا
فلم يضـرها وأوهى قرنه الوعل
يسألون عن معتصم عربي وأسأل عن محتسب عربي يقدم لهذه الأمة قناة إخبارية ذات مصداقية أولويتها الخبر الصادق. فقط الخبر الصادق.
وسوم: العدد 787