لا يوم للأم
د. بلال كمال رشيد
ليس للأم يوم لأن كل الأيام لها ، وليست موضوعاً للتذكر لأنها ليست قابلة للنسيان ، ولا توجد قيمة لأي هدية مهما غلت لأن عطاءها أكبر من أي عطاء ،الأم ألم وأمل..الأم روح لأرواح ... جسد تتجسد فيه كل معاني الخير من حب ووئام ، وعطف وحنان ، وبذل وعطاء ، وجد وجود ، لا تستريح إلا حين تُريح ، ولا تغمض عينها إلا على عيون هادئة مطمئنة ، يبقى صغارها صغاراً وإن كبروا ،
هي القلب واللقب: قلب الحياة الذي لا ينقلب وإن انقلبت كل القلوب وانقلبت الحياة ،هي القلب المقبل على الحياة بكل حب ، القلب القابل بالحياة بكل أحوالها وأهوالها ، هي القلب واللقب لكل خير وفضيلة ، هي الأم و البيت والمدرسة، والجامعة التي تجمع وتلم ، هي العِلم والعَلم ، تعلم أبناءها أن يعودوا – وإن صالوا وإن جالوا – إلى ذات الأصل والرحم ليتصلوا ويتواصلوا ويتراحموا ،
هي الأم الطيبة والطبيبة التي تذوي وهي تداوي ، هي التي تُفرِح حين تَفرَح ، وتسعد حين تعطي ، هي الأم هي هي ،هي أنا وأنت، وهو وهي ، هي أم الضمائر للمتكلم والمخاطب والغائب ، لا يغيب عن بالها غائب ، هي النائب الدائم ، بحضورها يحضر الكل ، هي الأمومة والأرومة ، هي الولود الودود ، هي الامتداد من الوليد إلى الحفيد ، هي الأنوثة في كل تجلياتها ،هي الطفولة والبراءة والطيبة ، هي الحُكم والحَكم والحكمة ، هي العرض والأرض ،الدين والدنيا ، السُنّة والفرض ،هي الحاجة الكبرى التي تهون كل الحوائج دونها ، هي الغنى التي لا غنى عنها ، هي الأكبر والأعلى والأغلى والأجمل ، هي النور التي تبدد كل ظلام ، هي الجنة حيثما سعيت لها سعى لك المجد والسعد ، هي الجهة والوجهة التي لا تضل إليها الخطى ، هي الجبهة التي لا تعلو جبهتها جباه ،هي مبتدأ الحياة وهي المنتهى ، لا نور في هذه الدنيا إلا من عينيها ، لا خير إلا من معينها ، قل لي : من أمك ؟ أقل لك : من أنت ، قل لي : كيف أنت مع أمك أقل لك : على أي حال أنت ، يا أنت ... يا أنا لا وجود لي ولك إلا بوجودها ، لا جنة على هذه الأرض ، لا جنة في أعالي السماء إلا حيثما سارت الأم وجالت وداست ، هي الأم لا رضى لله إلا برضاها ، هي الحياة ... هي الدنيا .... هي الآخرة ... هي السكن والسكينة والملاذ .......... هي الزمن والمكان والمكانة ، هي الروح التي تبقى ..كل الأيام لها ..... ونحن بها ولها !!