حري بنا كمسلمين أن نغتنم فرصة حلول ذكرى هجرة الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام

حري بنا كمسلمين أن نغتنم فرصة حلول ذكرى هجرة الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام لنختار الهجرة التي تناسب وضعنا في عالم اليوم 

أغلبية المسلمين في العالم يتبادلون  سنويا التهنئة بحلول العام الهجري الجديد الذي يؤرخ لهجرة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم من مكة وهي يومئذ دار كفر وشرك إلى يثرب وهي يومئذ دار إسلام  وتوحيد ، ولا يقف عند هذا الحدث الفاصل في تاريخ الإسلام إلا القلة القليلة لتدبره واتخاذه منطلقا للانتقال من أسوأ الأحوال إلى أحسنها .

وحري بنا كمسلمين وقد أهلّ علينا العام الهجري الجديد أن نغير من طريقة استقبالنا له التي لا تزيد عن تبادل التهنئة بمناسبة حلوله تماما كما تفعل غيرنا من الأمم بحلول السنة الميلادية .

 ومن المؤسف أن كثيرا من المحسوبين  على الإسلام في زماننا  لا يبالون بحلول العام الهجري ، ويمرون بذكره مرور الكرام ثم يطويه النسيان طيّا حتى أن الكثير منهم إذا سئل عن التقويم الهجري لا يعرف ترتيب شهوره ، بل قد لا يعرف أسماءها ، ولا يعرف في أي شهر هو، ولا في أي يوم منه دون أن يشعر يخجل وهو ينتمي إلى أمة الهجرة التي اتخذت حدثها تأريخا تؤرخ به ، وهي من مقومات هويتها الإسلامية . ولقد جرت العادة ألا يهتم إلا بحلول شهري الصيام  والحج لارتباطهما بعبادة الصيام  والحج ، وبحلول شهر محرم باعتباره بداية العام الهجري أما باقي الشهور، فلا يهتم بها إلا القليل من أبناء الأمة المسلمة التي سلخ جلدها الإسلامي أعداء الإسلام بشتى الطرق والأساليب الخبيثة والماكرة وألبسوها جلدا غير جلدها .

وحري بنا كمسلمين أن ننتقل من جو الاحتفال  بحلول ذكرى مناسبة الهجرة على تواضعه إلى جو الاقتداء بهجرة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم من خلال اختيارنا نوع الهجرة التي تناسب وضعنا في عالم اليوم .

إن هجرة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم  باختصار شديد كانت عبارة عن ترك محيط تسود فيه عقيدة الكفر والشرك إلى محيط آخر تسود فيه عقيدة الإيمان والتوحيد. ويتعين على المسلمين في كل مصر وعصر إلى قيام الساعة أن تلازمهم الهجرة من محيط الكفر والشرك إلى محيط الإيمان والتوحيد أو من محيط المعصية إلى محيط الطاعة . وليس من المفروض أن تكون هجرتهم في أسلوبها كهجرة النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال : " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية "  الشيء الذي يعني أن أسلوب هجرته عليه السلام لن يتكرر بعد فتح مكة ولكن ستستمر الهجرة إلى يوم القيامة بأساليب متعددة تلتقي كلها عند ترك وهجران ما نهى الله عز وجل عنه ، وهو ما يؤكده حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المهاجر من هجر ما نهى الله عنه ".

ولا شك أن كل مسلم في عالم اليوم يحيط به الكثير مما نهى الله عز وجل عنه وهو يخوض غمار الحياة  ، لهذا هو مطالب بهجر ما نهي عنه بل حياته اليوم عبارة عن هجرات متعددة لينتقل من محيط المعصية إلى محيط الطاعة .

وإذا أردنا أن نضرب مثالا لممارسة  مسلم اليوم للهجرة بهذا المفهوم أي هجر ما نهى الله عز وجل عنه قلنا  على سبيل المثال لا الحصر إن المسلم الذي يتقلد مسؤولية ما يساومه فيها الناس بالرشوة للحصول على ما ليس لهم بحق يتعين عليه أن تكون هجرته من محيط التطبيع مع الرشوة إلى محيط الاستقامة والنزاهة  . وتقاس على هذا المثال أمثلة أخرى، ذلك أن كل مسلم يمارس وظيفة أو حرفة أو يتقلد مسؤولية لا يكون بمنجاة من المنهي عنه شرعا ، وهو مطالب بممارسة الهجرة التي تناسب موقعه في المجتمع . وبهذا لا يوجد مسلم يمكنه الاستغناء عن الهجرة  في لحظة من لحظات عمره ، وهو بذلك مهاجر على الدوام .

فهل استحضرنا هذه الدلالة لحدث الهجرة أم أننا نقف عند حد تهنئة بعضنا البعض بمناسبة حلول ذكراها  بالعبارات الرنانة والصور والفيديوهات ونحن نخوض كل خوض في ما نهى الله عز وجل عنه خلال ممارستنا اليومية  ؟  

وسوم: العدد 789