دِكْتَاتُورٌ عادلٌ ..؟؟؟!!!
في مطلع السبعينات من القرن العشرين شاركتُ في ندوة عقدتها رابطةُ العالمِ الإسلامي في بريطانيا - لندن .. وكان موضوعُ محاضرتي (معوقاتُ الاستئناف الحضاري للأمةِ العربيةِ والإسلاميةِ)..وذكرتُ أن من أبرز المعوقات (ارتهانُ إرادةِ الأمةِ)..وعللتُ الارتهان بافتراق كلمةِ الأمةِ وتمزقِها شيعاً وأحزاباً .. وقلتُ: أنَّ الأحزابَ اليومَ تُمارسُ عَصبيةَ قَبَليَّة جاهليَّة ما قَبْلَ الإسْلامِ ..وأن الجاهليَّةَ الحزبيَّةَ أخطرُ وأفتكُ بالأمةِ من الجاهليَّةِ القبليَّةِ ..عِلْماً أنَّ القبليَّةَ لها أصلٌ شرعيٌّ لقوله تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" بينما الحزبيَّة لا أصلَ لها في الإسلام بل هي مصدرُ ضعفٍ وتمَّزقٍ وتَدابرٍ لقوله تعالى :"وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ*مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ" فقام شابٌ ملتحي ذو صحةٍ وعافيةٍ فقال: "إنَّ المُعوّقَ الأساسَ لاستئنافِ حضارةِ أمتنا هو غيابُ الدكتاتورِ العادلِ .. فلم تنتعش حضارتُنا ولم تزدهر على مر الدهور إلا مع الدكتاتوريات العادلةِ !!! وذكر أسماءً وعهوداً تُؤيدُ وجهةَ نظرهِ.. فقلتُ له :يا أخي أقدّرُ لك حُسنَ نيتِك ونُبلَ مَقْصَدِك.. ولكن دعنا نستخدمُ عبارةَ (حازمٌ عادل ) أما الحزمُ والعدلُ فهما من أبرز مقاصد رسالة الإسلام وشرعته العادلة .. فصفق الجميعُ وأقبل الشابُ إليَّ يقبّلُ رأسي صارخاً :" نعم نُريدُ إماماً حازماً عادلاً.. أؤيدُ ما قلت أؤيدُك.. أؤيدُك بارك الله فيك". أجل نحن بحاجة إلى إمام عادل حازم .. فالخليفة الإمام الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول:( إنَّ اللهَ لَيَزَعُ بالسُّلطانِ مَا لا يَزَعُ بالقُرْآنِ)..أجل نرفض عبارة ديكتاتور لتناقضها مع تعاليم الإسلام .. فالدكتَاتُور هو الطاغوت بالتعبير القرآني.
وسوم: العدد 790