المؤامرة الدولية ومنهجية المقاومة

عبد المنعم إسماعيل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وبعد:

 من ثوابت سنّة التدافع بين الحق والباطل، أو بين الإسلام والكفر، أو بين القرآن والشيطان، أو بين دعاة الشريعة الربانية ودعاة العلمانية، أو دعاة الربانية ورموز فكرة المادية في التصورات والمفاهيم مما أصّل لوجود فكرة الإلحاد المعادي للدين والحياة. وتوارث للأسلوب الجاهلي في قضية العداء للإسلام والسنة والشريعة والعلماء والأمة والتاريخ الإسلامي بشكل عام.

 جاء القرآن الكريم ببيان التأريخ لقضية المؤامرة على الإسلام والسنة والشريعة واللغة والأمة حتى يحرر عقول المسلمين من قضية التراخي في المقاومة أو الاستسلام في توظيف الواقع توظيفاً مغايرا لحقيقة المدافعة بين باطل لا يدّخر وسعاً أو جهداً، وحقٍ لا يغرق في مفردات حسن النية ثم الوقوع في عقيدة أو عقدة المؤامرة الدولية تجاه هذا الدين. قال تعالى: ((وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)).

 فاستمرار الكيد للأمة أمر كونيّ لا يتغير ولا يتبدل إلى قيام الساعة، ولا سبيل للتلاعب بعقول الجماهير بالحديث عن تجدّد فكرة المؤامرة الدولية العالمية على الأمة الإسلامية عامة، والأمة السنية ولغتها اللاعربية وعلمائها ونواتها الصلبة كأمة أو كدولة قائمة راعية لمكونات جامعة حتى لا تسقط الأمة في تيه التنازع والفشل وذهاب الريح، ومن ثم يتم تمهيد الواقع إلى سيطرة الشركات العابرة للقارات على مقدرات الأمة وكياناتها الجامعة.

مظاهر الكيد الدولي للأمة عبر التاريخ

 التأسيس لمنهجية التشكيك والعداء للدين بداية من دار الندوة في مكة مروراً بحركة النفاق التابع لمدرسة بن سلول وفكرة مسجد ضرار برعاية أبو عامر الراهب الذي أسس لمنظومة الكيد الداخلي للأمة عن طريق هدم الكيان من الداخل بتعدّد الرؤوس والرموز ثم مروراً بالحروب الفارسية والرومية والصليبية في شكلها المعاصر ثم العلمانية والمادية المعاصرة ثم مروراً بمؤتمرات زويمر وبروتوكولات مجرمي صهيون ومؤتمر أوسلو ومدريد 1992 مروراً بقرارات المنظمة الدولية الداعمة لترسيخ التلاعب بعقول ومنهجيات أبناء الأمة من خلال مفردات التذويب العقدي أو اللغوي أو الاجتماعي والاقتصادي بالتأسيس لمنظومة الاستلاب لظاهرة الوعي من العقول العربية بخاصة، والمسلمة بعامة أو تطبيق منظومة المكر في الاستفزاز للعقول ومن ثم الاستهلاك الذي يعمل على تضييع جهود وترسيخ باطل بتتابع ظاهرة الفشل في مفردات الإصلاح بأنواعه المنشودة.

هل ينتهي الكيد الدولي للأمة؟

 كل رهان على التوافق مع الخصوم لتحقيق نوع من الأمن العالمي توافق مرحلي تستفيد منه المنظمات العالمية لترسيخ باطلها في عالم الواقع ودنيا الحقيقة. وكل رهان على توقف الكيد الأمريكي والروسي والبريطاني والفرنسي والإيراني الصفوي أو الصيني البوذي والهندي البوذي والإسرائيلي ومقدماته الفكرية من عولمة العقل العربي أو تغريب الفكر العربي أو صناعة الجهالة وتضييع معالم طريق صناعة المعرفة عند أبناء الأمة العربية من خلال ضرب مواطن القوة في الأمة وبخاصة مواطن القوة المباشرة في المقاومة للمشروع الغربي بدأت بالخلاص من رأس النظام العراقي ثم تفكيك الدولة العراقية لاستدراج العرب إلى مائدة التفاوض، وهم فاقدون لموازين القوة الموازية لبطش النظام الدولي بالمستضعفين يعتبر هذا الرهان رهان عاجز ومجافٍ للحقيقة الكونية في عالم الواقع.

مهمتنا على الصعيد الدولي:

 نحن أمة الشهادة على الناس وأمة السبق العلمي والمعرفي والأمة التي بوجودها تلاقت السماء مع الأرض حال القيام بمفردات الخيرية ودلائلها.

 ونقول بوضوح تام إن كان يليق بالمنظومة الشيطانية الدولية المؤامرة فيليق بنا أهل الإسلام إبطالها والسعي لمدافعتها تدافعاً شرعياً يحقّق التوازي مع الهدف الرباني للأمة أو حجم الخطر الداهم على الأمة حال استمرار المؤامرة واستمرار العشوائية في التعامل معها أو استمرار الأحادية في العمل بعيداً عن بث الوعي الجمعي للمقاومة وتكوين النواة الصلبة للأمة التي تكون قادرة على دفع عجلة السعي للأمام بعيد عن جاذبية المكر العالمي نحو قبول الاستسلام لمشاريع الظلام العلماني أو التكفيري الإرهابي الذي يسعى للانحراف ببوصلة الإسلام عن الوسطية والشمولية وقيادة البشرية إلى بوصلة الهدم لقيمة الإنسان بمفاهيم مبتورة خادمة في عمومها لمدرسة الشيطان الغربي أو الصفوي الخميني أو العلماني التغريبي القاضي بمعاداة الرشيد في زمن النبوة المعصوم نصا ومضمونا.

 فالرهان الناجح هو تحقيق الفاعلية في عموم البنية المجتمعية للأمة المسلمة بامتلاك الوعي المعرفي والصناعة المعرفية الرائدة التي تساهم في فك التبعية للمشاريع الاقتصادية الحارسة للسياسة والصانعة لها.

 والرهان الناجح يكمن في غرس مفاهيم العقيدة الصحيحة والاعتصام على الحق الذي تتنوع العقول في فهمه بين أبناء الأمة بصفة عامة من خلال رعاية التنوع واستثماره في عالم الواقع.

وسوم: العدد 790