الذوق حديث القلم

سالم الزائدي

[email protected]

إن الإنسان الراقي الذي يتمتع بحسن تصرف وذوق رفيع بغض النظر عن الدرجات العلمية التي يحملها أو المهنة التي يزاولها هو ذلك الشخص الذي تجتمع فيه الصفات التي تجعله مقبولاً ومحبوباً ومحترماً من قبل جميع من يتعامل معه على اختلافهم وتباينهم، هو ذلك الشخص الذي  يجذبنا بأفعاله التي تعكس تناغم وجمال تصرفاته ،  وحديثه الذي ينطوي على احترام وثقافة عالية وانفتاح على الآخرين.

من مشاهدتنا في الذوق الرفيع ما نراه لدى الشعوب الآسيوية في أخلاقهم وطريقة تعاملهم فيما بينهم ومع زوارهـم وفي كل ما يحيط بهم من عمران وطريقة حياة.

الذوق يعرف طريقه رغم الصعوبات، والطريق لذلك يكون من خلال المجتمع المدني والكفاءة الإعلامية ، يعرف طريقه في أدبيات الشعر والشاعر في نسيج متعدد الأوجه، يعرف طريقه في الارتقاء باللغة والتحديث في الرؤية ، يعرف طريقه في الوجوه والأرواح ، في مواكبة النهضة الثقافية الشاملة التي يعززها الذوق، وفن العمارة والديكور والنحت المعاصر .

لمـــــاذا اخترنــــــا حديث الذوق ؟

نتحدث عن الذوق لأننا في حاجة إليه داخل مجتمعنا، نراه خطوة في اتجاه تصحيح بعض التصرفات الغير مقبولة ، اتجاه يحمل في طياته التسامي للوصول إلى درجات عالية من الحب والود والإنسانية التي تبنى عليها الكثير من العلاقات المثمرة والناجحة في المجتمع ويؤسس لمستوى جديد من التقدم في العلاقات الإنسانية النابع من تقدير الآخر واحترام وجهات نظرهم  .

نتحدث عن الذوق لأنه يبعدنا عن الدونية والاستهزاء و السخرية ، وبالمقابل يكسبنا التواضع و الاحترام والعدل والصبر على أذى الآخرين لنا  .

ونتحدث عن الذوق لأنه يعد صورة من صور الجمال الروحي للإنسان و تبنيـه في ممارساتنا يغير من أنماط سلوكنا ويدفعنا لتطهير النفس مما علق بها من سلبية ويحفزها على العطاء.

ونتحدث عن الذوق لأنه يؤثر بشكل ايجابي كبير على بناء واستدامة الروابط الاجتماعية فيما بيننا ويؤسس لعلاقات فكرية مقاربة تقود إلى مستوى من الأداء الرفيع يكون ملاذاً لتوازن حضاري ينشأ في بيئتنـا، لأننا لسنا أفضل من أحد، ولسنا كأي أحد، ولسنا أقل من أحد.

إننا نعمل وكلنا يعمل في أي مجال من مجالات الحياة، و نلاحظ بأن الذوق يعتبر أحد العوامل المؤثرة في الإنتاج وأن المؤثرات المادية تتضاءل أهميتها أمام العوامل والمؤثرات الإنسانية ومن ذلك.. الصراع الذي ينشئ بين العاملين والإدارة نتيجة غياب الذوق في التعامل وطريقة التعاطي أثناء الخلافات مع بعضنا البعض .

واختم وختامه مسك .. بأن الذوق هو روح الضيافة، روح العمل، وحتى روح المرح والدعابة والفكاهة لا بد لها من ذوق ... وكما يقول الشاعر فرج أبو الجود في قصيدته كن بلسما ً:

أخي كن حنونا جميل اللسان           حييـــا نديـــــا رقيـــق الجنـــــــــان

وخذ من حياتك عمرا طويل             سيبقى مع الحب طول الزمان

خذ العفو دوما مع المخطئين           ودع عنك ما يقلق الحائــــرين

وقابل أخــــاك بوجه طليق               كما جاء عن سيد المرسـلين