أرضُ السلامِ الذهبية

بتول مصطفى

أكثر ما أثار حماستي في  اختياري لدراسة العلوم السياحية والأثرية هو أنني أنتمي لبلدٍ يمتلكُ تاريخً قديم وعريق ، حافل بالإنجازات والإبداعات التي أبدعتها الممالك القديمة التي تتابعت منذ الألف الثالث قبل الميلاد والتي من أهمها : مملكة ماري (تل الحريري ) التي قامت على ضفاف الفرات ، ومملكة أوغاريت ( رأس شمرة ) على الساحل والتي قدمت للإنسانية ابتكارها المعجز المتمثل بالأبجدية الأولى في العالم . ومملكة إيبلا (تل مرديخ ) اكتشف في قصرها الملكي مكتبة وثائقية تنظم أمور التجارة والدبلوماسية والصناعة وعلاقات الحرب والسلم مع الأقطار الأخرى، والتي تدل على مدى التقدم والتطور الذي وصلت إليه الحضارات القديمة في وطني .

عيني إلى الشهباءِ ناظرةُ                      وقلبي في هواها مفتونُ

وسحرها قد فاض في روحي                  وجرحها قد أدمى العيونُ

نعم إنها حلب ، مدينةُ السحرِ والعجب ، حلب التي تعلم منها الروم والعرب ، حلب مدرسةُ الحُبِ و الجمالِ والذوقُ والأدب . حلب هي العاصمة الثانية والمدينة الصناعية الأولى في وطني وهي مدينة قديمة تعودُ إلى ماقبل التاريخ ويُقال : إن سيدنا إبراهيم عليه السلام قد مربها ، وحطَ رحاله على تلتها العالية حيثُ توجد القلعة الآن ، وحَلَبَ بقرتهُ الشهباءَ فيها ومن هنا سُميت ( حَلَبَ الشهباء ) ، ويقال أيضاً: سُميت هذا الاسم لأن حجارتها بيض . لعبت حلب دوراً هاماً في تاريخ المنطقة بشكل عام حيثُ تعاقبت عليها حضارات عدة ، وكانت نقطة وصل هامة على طرق التجارة العالمية القديمة ، وكونها كذلك فهي أقدم المدن المأهولة في العالم حتى الآن ، وتوالت الأحداث والحضارات والثقافات على المدينة حتى عصرنا هذا ، وعلى مدار كل القرون كانت حلب تتمتع بالأهمية الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية نفسها ، ومن هنا فإن محافظة حلب هي واحدة من أغنى المحافظات في وطني وفي العالم  أجمع بمواقعها الأثرية وأوابدها التاريخية التي تحكي قصة وتاريخ وطني كلهُ بشكلٍ عام . ففي حلب المدينة وريفها تنتشر الخانات الأثرية والحمامات والمساجد والكنائس والأسواق والمدارس الدينية التاريخية ، ويُتوج هذا كله بأسوارالمدينة وأبراجها الحصينة وأبوابها الضخمة ، التي ماتزال محافظة على الكثير من ملامحها الأصلية.

ويأتي في مقدمة كل هذه الأوابد والمواقع ، (قلعة حلب ) التاريخية التي يمكن لها أن تشكل سجلاً تاريخياً لحلب ، نتيجة للأهمية التي لعبتها  في تاريخ مدينة حلب خصوصاً ، فهي واحدة من أقدم وأجمل القلاع ليس في وطني وحسب ، وإنما في العالم كله ، إذ تذكر المصادر التاريخية أن تاريخ بناء القلعة يعود إلى الملك " سلوقس نيكاتور" مؤسس الدولة السلوقية في القرن الرابع قبل الميلاد . ولكن بعض المكتشفات والقرائن الأثرية المكتشفة في القلعة تشير إلى أنها شُيدت قبل ذلك التاريخ ، إذ يصعب تحديد الزمن التي شُيدت فيه تماماً ، ولعل أهم الحقب التاريخية التي عرفتها قلعة حلب ، وأهم أشكال تحصيناتها الهندسية العسكرية المعمارية ، تعود إلى عهد الدولة الحمدانية والأيوبية والمملوكية ويعود معظم ماتحتفظ بهِ من معالم إلى تلك الفترة التاريخية ، وهذهِ المعالم تشهد كلها على أهمية دورها في حياة مدينة حلب . تتربع القلعة في وسط مدينة حلب القديمة على تل يزيد ارتفاعه عن (40) متراً  فوق مستوى سطح المدينة ،وهي تشرف عليها من الجهات الأربعة ، وقد وصف كثير من الباحثين قلعة حلب في أنها مدينة في قلب مدينة ، ولم تكن القلعة فقط حصناً عسكرياً ، وإنما كانت وبسبب مساحتها الكبيرة تحتوي على بيوت سكنية كثيرة ماتزال بقاياها ماثلة للعيان حتى يومنا هذا ، حيثُ كان يسكنها موظفو الدولة ووجهائها إضافة إلى التجاء سكان المدينة إليها في حالات اجتياح المدينة . يحيط بالقلعة خندق عميق يصل عمقهُ إلى عشرين متراً وعرضهُ إلى ثلاثين متراً، وأشهر أقسامها قاعة العرش المهيبة ذاك المعلم المعماري والفني الذي يُعد الأجمل في قلعة حلب والتي تُشرف على المدخل الرئيسي للقلعة بطول (26) متراً وعرض (23) متراًويعود تاريخ بنائها إلى آواخر القرن الرابع عشر ميلادي،  والحمامات التي تعود إلى عهد حكم "نور الدين زنكي " والجامع الصغير وغيرها . أما أسواق حلب القديمة فهي مسقوفة ، وتمتد أكثر من عشرة كيلو مترات ، وتُعد في طليعة أسواق المدن العربية من حيثُ جمالها واتساعها . ويختص كل سوق بنوعٍ من البضائع والمصنوعات التي جاءت منها أسماء الأسواق ، مثل : (سوق الصاغة والصابون والحِبال وغيرها ) . وأبوابها كثيرةٌ منها : ( باب انطاكية ،باب الفرج ،باب الحديد ، باب قنسرين وباب المقام ).  والخانات التي يقع معظمها في منطقة الأسواق ، وتشتهر هذه  الخانات بواجهاتها المزينة بالزخارف ومداخلها ذات الأقواس العالية وأبوابها الخشبية المصفحة بالحديد والنحاس ، ومن أهم هذه الخانات ( خان الجمرك وخان الوزير ، خان قبتاي ، خان الصابون ، خان البنادقة ، وأشهرها خان الشونة ) . ولاننسى في حلب أيضاً أشهر معالمها الدينية والتاريخية ، ألا وهو (الجامع الأموي ) أو كما يسميه البعض ( الجامع الكبير ) ، هذا الجامع وهو مما لاشك فيه أنهُ يعود إلى فترات سحيقة في القِدم  وإذ تم حرقهُ أكثر من مرة من قبل الغزاة ، بُني في عهد الخليفة الأموي" سليمان بن عبد الملك " وفيه المنارة المشيدة عام /1090 م /240 ه ، وهي تُمثل قصة فن العمارة العربية الإسلامية ، والمنبر الخشبي يعود إلى القرن الرابع عشر وقد هُدِم الجامع وأعيد بناؤه عدة مرات .وأخيراً وليس آخراً لا ننسى (قلعة سمعان) التي تقع على بعد ستين كيلو متراً شمال غرب حلب ، وقد سُميت هذه الآبدة باسم القديس "سمعان العمودي " الذي عاش معظم حياتهِ في التعبد .

وليس بعيداً  كثيراً عن حلب نتجه إلى غربها لنرى مدينة " أبي العلاء المعري " مدينة (إدلب ) تلك المدينة التي تتميز بموقعها الجغرافي المميز ، ومناخها اللطيف وتربتها الخصبة وطبيعتها الجميلة الغنية بأماكن الاصطياف والاستجمام . ( كجبل الأربعين وأريحا ودركوش وينابيع عين الزرقاء التي ترفد نهر العاصي ، وحمام الشيخ عيسى المشهور بتدفق مياهه الكبريتية الحارة ) . إضافة إلى غناها بالمنتجات الزراعية المختلفة ، وفي مقدمتها زراعة الزيتون التي اشتهرت بها المدينة قديماً وحديثاً . هذا الموقع الجغرافي المميز ، أمن أيضاً شروط الاستقرار والنشاط البشري منذ أقدم العصور التاريخية ، لذا فليس من الغريب القول إن محافظة إدلب واحدة من المحافظات المزدحمة بالمواقع الأثرية التي تعد بالعشرات ، إن لم تكن بالمئات .فمن مدينة "إيبلا الأثرية " ( تل مرديخ ) التي تعد من أهم المواقع المكتشفة ليس في وطني وحسب ، إنما في العالم كله حيث اكتشفت فيها أقدم مكتبة في العالم  تضم (17) ألف رقيم طيني ، إلى القلاع المنتشرة على أراضي المحافظة ( باكاس ، حارم ، أبي سفيان وجسر الشغور ) ، إلى ضريح شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء "أبي العلاءالمعري "، وضريح الخليفة الأموي "عمر بن عبد العزيز" وصولاً إلى متحف معرة النعمان الذي  يُعد أهم متاحف الفسيفساء في العالم ، وانتهاءً بمايزيد عن /200/  مدينة وقرية مندثرة تنتشر في أرجاء المحافظة ، ماتزال بقاياها تحدثنا عن أمجادها والعصور الذهبية التي عاشتها وعن المستوى الرفيع من الرخاء والرفاهية الذي كان ينعم به سكان تلك المدن ، وهذا ماتبوح به مدن الشمال الميتة أو ما اصطلح المنقبون وعلماء الاثار على تسميتها ب ( المدن المنسية أو البائدة ) وهي مجموعة كبيرة تكاد لا تحصى من المدن والقرى والمندثرة ، التي كانت فيما مضى عبارة عن تجمعات وأماكن استقرار بشري ، عرفت كل أشكال الازدهار والرقي في بدايات نشوئها ، ولعدة مئات من السنين ، وظاهرة المدن والقرى الميتة الأثرية . ربما تكون هي الظاهرة التي تميز محافظة إدلب عن باقي المحافظات في وطني . هنا في قلب هذه المدن وبين حجارتها وأعمدتها وبقايا أبنيتها المتناثرة فوق تربتها البنية الداكنة ، يسود صمتُ مطبق وسكون ذو سحرٍ خاص يملا قلب الزائر بالخشوع والهيبة أمام هذا المشهد وهذهِ الأطلال التي تبعث إحساساً للوهلة الأولى في أن الزمن قد توقف هنا ونام بين ركام الحجارة . هذه المدن تنتشر في كل أنحاء أرجاء المحافظة وتكاد تكون متشابهة جميعاً في نظام بنائها وهندستها وأشكال منشآتها المدنية و الدينية وهنا يكمن سر سحره في غموض تاريخها ، إذا ماقورن بمدن أثرية أخرى في وطني ، هي أقدم المدن البائدة ، لكن تاريخها أكثر وضوحاً . وأهم مدنها ( البارة ، تل مرديخ "إيبلا " ) . ولا شك أن تلك المدن المنسية البائدة ، إنما هي نموذج لهذه المدن التي تنتشر كلها في محافظة إدلب مثل : (سرجيلا ، ديرسيتا ، قلب لوزة ، أوريكا ، خربة هاس ، دلوزا ، ريبيا ، كفاروما ، قصر البنات ، باريشا ، سرمدا ، مغارة ، أندرين ، قرقميش ، تورين ، باب الهوا ، فركيا ) وغيرها الكثير من المدن والقرى الأخرى البائدة .

ومن إدلب إلى مدينة " أبي الفداء" إلى (حماه ) حماه العزَ والإباء ، التي اشتهرت بنواعيرها وبساتينها الخضراء المحيطة بها ، حيث يخترقها نهر العاصي من الجنوب والشمال ، وتضم المدينة الكثير من المباني والمواقع التاريخية مثل : (الجامع الكبير ، وجامع أبي الفداء ، وقصر العظم والقلعة ) . إضافة إلى نواعيرها التاريخية القديمة المتنوعة على ضفاف نهر العاصي داخل المدينة وخارجها ، والتي تعد رمز مدينة حماه وعلامتها المميزة ، وفكرة النواعير وتطبيقها تعود إلى الألف الأولى قبل الميلاد في العهد الآرامي ، وقد تطورت صناعتها في العهود اللاحقة ، وفي حماه اليوم /16 / ناعورة أشهرها العثمانية الكبرى والصغرى والمؤيدية والمحمدية والصابونية . والتي أمست أهم الرموز السياحية في حماه . ولاشك  أن محافظة حماه غنية بالمعالم الأثرية والتاريخية نتيجة لموقعها الجغرافي في الوسط الذي جعل منها عبر التاريخ ملتقى للثقافات والتجارة والجيوش ، فضلاً عن أن الاستيطان والنشاط البشري فيها قديم قدم التاريخ ، بسبب وجود نهر العاصي وهذه كله أدى إلى توزع الأوابد التاريخية في المحافظة وانتشارها في كل مكان مثل القلاع ( شيزر ، مصياف ، المضيق ، حماه ، شميميس ) والحمامات الأثرية ( السلطان ، الدرويشية ، الأسعدية ، العبيسي ) . إضافة إلى خاناتها وأسواقها وقصورها وتلالها الأثرية ومدنها المندثرة التي ماتزال تخبئ تحت ترابها وحجارتها الكثير من الأسوار ، ولاننسى أهم معالمها الأثرية فيها "مدينة أفاميا " التي دلت الحفريات فيها على أن النشاط البشري فيها يعود إلى العصور الحجرية القديمة ، لكن المدينة الأثرية الحالية شيدها الإمبراطور " سلوقس نيكاتور" مؤسس الإمبراطورية السلوقية ، وقد سماها باسم زوجته "أبامي " التي أحبها كثيراً وذلك لكي يخلد التاريخ اسمها ويسجله بحروف من ذهب ، وهاهو التاريخ يفعلها . فعلى هضبة تشرف على سهل الغاب الخصيب المرتفع تتربع" مدينة أفاميا " بشوارعها وأعمدتها وأبنيتها ومسرحها وقلعتها ( المضيق ) وخانها الأثري متحف الفسيفساء ،وهي تحكي اليوم قصة مدينة عرفت بتاريخها الماضي عزة وازدهار ومكانة رفيعة وفخامة لا تضاهيها فيها إلا القلة القليلة من مدن الشرق الأدني القديم . إذ أن النظر إلى شارعها الرئيسي المستقيم الذي أدهش ومايزال كل الباحثين والزوار ، وهو مايمكن أن يوصف اليوم في مجال هندسة وتخطيط المدن الحديثة العصرية ، كيف لا ؟ خصوصاً إذا عرفنا  أن هذا الشارع كانت تصطف على يمينه ويساره أعمدة بلغ عددها /1200 / عموداً ويزيد ارتفاع الواحد منها /10 / أمتار وتتصل ببعضها البعض بتيجان حجرية كورنثية زينت بأجمل الزخارف النباتية والنقوش الهندسية ،وألأفاريزوالفتحات المحفورة بحجارتها ، والمخصصة لوضع التماثيل والنصب التذكارية . فضلاً عن البنية والمنشآت الأخرى التي كانت موجودة في أوج عز مدينة أفاميا التي ماتزال بقاياها تحدثنا عنها .

ومن حماه إلى سحر مدينة ( ابن الوليد ) إلى (حِمص ) حمص الكرامة ، حمص الشرف ، حمص الرجولة و الكبرياء . تحتل محافظة حمص المرتبة الأولى بين المحافظات في وطني من حيث المساحة وامتداد أراضيها وكذلك تشكل هذه المحافظة ومركزها مدينة حمص أهم عقدة مواصلات ، وملتقى للطرق ، كونها تقع في الوسط وهي صلة وصل بين المناطق الشمالية والجنوبية والجزيرة والساحل . وتاريخها موغل قي القدم إذ أنها تشترك في تاريخها مع شقيقتها حماه ، إذ عرفت الاستقرار البشري منذ العصور الحجرية أيضاً ، ومن ثم تعاقبت عليها الحضارات ابتداء من الحثية والعمورية والكنعانية وصولاً إلى الرومانية والسلوقية والبيزنطية ، انتهاءً بالفتح الإسلامي في عام /636/ ميلادية على يد " خالد بن الوليد " . محافظة حمص غنية بكل أشكال السياحة ، سواء على صعيد سياحة الاصطياف والاستجمام ، أم على صعيد السياحة الأثرية التاريخية ، فإلى  الغرب من مدينة حمص تنتشر مجموعة من البلدات والقرى في واحدة من أجمل المناطق الريفية في وطني ، تعرف إداريا وسياحياً ، باسم "وادي النصارة " وتتصف هذه المنطقة بهوائها النقي ومياهها وينابيعها وطبيعتها الجبلية الجميلة والساحرة . أما الجانب السياحي الآخر في المحافظة فهو مرتبط بشكل أساسي بتاريخها الموغل في القدم ، وبمعالمها الأثرية المتنوعة المنتشرة في كافة أرجائها ويأتي في مقدمتها ، في وسط البادية ، " مدينة تدمر الأثرية " ذات الشهرة العالمية بمعابدها وشوارعها وأعمدتها ومدافنها ومتحفها ومسرحها وقلعتها وينابيع مياهها الكبريتية ، كذلك تحتوي المحافظة على عدد من الأديرة والكنائس مثل : ( دير القديس جاورجيوس ) بجوار قلعة الحصن والذي تقوم فيه كنيسة تعود إلى كنيسة أم الزنار في قلب مدينة حمص وهي واحدة من أقدم كنائس العالم . كذلك هناك الكثير من المعالم الدينية التي تعود إلى العهد العربي الإسلامي ويأتي في مقدمتها " جامع خالد بن الوليد " الذي تمتزج فيه الأشكال المعمارية والبيزنطية والعثمانية والعربية ، وهو يحتوي على ضريح الصحابي الجليل "سيف الله المسلول " ( خالد بن الوليد ) الذي توفي عام /642/ م ، وهناك أيضاً الجامع الكبير النوري وهو يكتسب أهميته التاريخية والأثرية باعتبار أن الدراسات الأثرية أثبتت أنه أنشئ على أنقاض كنيسة القديس يوحنا ، وهذه بدورها كانت قد أنشئت أيضاً على أنقاض معبد وثني لإله الشمس . " تدمر الموقع والعصر الذهبي " مهما حاولت في أن أختصر سحر وجمال هذه المدينة لن أقدر باختزال الوصف الرائع والمدهش الذي لن تستطيع الكلمات أن تصف مدى  سحرها وروعتها . ورد اسم "تدمر" في رُقم طينية تعود إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد ، وكانت منذ القرن الرابع قبل الميلاد زاهرة ولكنها أصبحت إمارة عربية في القرن الثاني قبل الميلاد . وكانت عاصمة التجارة الدولية بين الشرق والغرب ، حكمتها أسرة عربية من أشهر ملوكها أذينة الأول وحيران ، وأذينة الثاني وزوج زنوبيا ووالد وهب اللات ،و يساعدهم مجلس الشيوخ والشعب . ويذكر المؤرخون أن تدمر وصلت أوج ازدهارها في عصر آل أذنية في القرن الثالث ميلادي . وكانت تدمر في عصر السلوقيين مدينة مستقلة ،وفي القرن الثاني ميلادي كانت تدمر إمارة عربية مثل البتراء وحمص وإمارة الايثوريين في لبنان . لم تكن تدمر مجهولة قبل العصور الرومانية فلقد كانت حاضرة آرامية هامة  بسبب موقعها الجغرافي الذي يسهل التجارة بين الشرق والغرب ، وكانت السيادة فيها قبل العصر الروماني للآراميين سكان بلاد الشام . مازالت تدمر عروس البادية ، ومازالت آثارها من أكثر المواقع الآثرية شهرة في العالم ، ولقد وصلت إلى أوج ازدهارها في عصر ، زنوبيا ،وكانت محطة أساسية لقوافل الشرق والغرب ، ونالت من روما مكانة رفيعة . هذا اختصار كبير لقصة العصر الذهبي الذي وصلت إليه تدمر في عصر الملكة "زنوبيا " تلك المرآة التدمرية القيادية الأسطورية  التي فاقت في شجاعتها وحنكتها أكبر القياصرة والملوك ، واستطاعت أن تقود قومها إلى نهضة شاملة وقوة عسكرية طامحة . ومن أهم الآثار التدمرية التي يمكن أن نراها شامخةً اليوم ( معبد بل ، معبد نبو ، معبد بعلشمين ، معبد اللات ، المسرح ، مجلس الشيوخ ، الفوروم ، المدافن التدمرية ، نبع أفقا ، قصر الحير الشرقي ، قصر الحير الغربي ) . وأخيراً متحف تدمر الأثري الذي يضم بناء حديث لآثار تدمر ويحوي منحوتات وفسيفساء ومصوغات ذهبية وأدوات فخارية وزجاجية وجصية .

وإلى الغرب من حمص نتجه إلى (اللاذقية ) تلك المدينة التي يلتقي فيها الجبل والسهل والساحل والشواطئ الرملية ، وتتعانق مع بعضها في لوحة طبيعية جميلة تأخذ الأبصار . فمن صلنفة إلى كسب مروراً بغابات القرنفل وطريقها الساحر الممتلئ بمروج الأزهار وأشجار التفاح والزيتون والبلوط والسنديان . كما أنها غنية بمصايفها وأماكن الاستجمام كما أنها غنية أيضاً بمواقعها الأثرية والتاريخية ، وعلى رأسها " مملكة أوغاريت " التي طافت سمعتها كل أرجاء العالم ، عندما منحت الحضارة الإنسانية واحدة من أهم العطايا والمتمثلة في أبجديتها التي شكلت الأم الحقيقية لكل اللغات الحية في العالم القديم ، إضافة إلى مدينة جبلة ومسرحها الأثري ، فضلاً عن انتشار القلاع والحصون وأبراج المراقبة على قمم جبالها ، والتي هي جزء من سلسلة قلاع وحصون مترابطة تنتشر على طول الجبال الساحلية في وطني ، ومن أهم هذه القلاع والحصون ( صلاح الدين ، بني قحطان ، برزية ، منيقا والمهالبة ) . ومن الجنوب من مدينة اللاذقية نتجه إلى (طرطوس ) ثاني أهم ميناء ونافذة بحرية لوطني على البحر الأبيض المتوسط ، سماها الفينيقيون (توروسا ) ، أما البيزنطيون فقد أطلقوا عليها اسم (انترادوس ) وتحفل محافظة طرطوس بمناطق السياحة والاصطياف ،وهي تشتهر ببلداتها ومدنها ذات المناخ اللطيف والطبيعة الجبلية الساحرة مثل : ( الكفرون ، دريكيش ، مشتى الحلو ، بانياس ، القدموس ، وصافيتا ) . يضاف إلى ذلك غنى المحافظة بالمواقع الأثرية والأوابد التاريخية ( كجزيرة أرواد وقلعتها الشهيرة ، قلاع المرقب والخوابي والقدموس ، العليقة ، يحمور ، العريمة ، حصن سليمان ) .

ومن عبق الساحل إلى سحر الجزيرة وأبتدئها من مدينة (الرقَة ) التي تقع على ضفاف نهر الفرات ، لؤلؤةُ في حوضهِ الجميل ، طبيعتها خلابة وخيراتها وفيرة ،وهي معروفة بزراعتها ومواشيها . فالرقة مدينة تاريخية قديمة ، كانت فيما مضى مقر الخليفة العباسي "هارون الرشيد" شتاءً فقد أُعجب بها لمناخها اللطيف المنعش ، ولطبيعتها الخيَرة الرقيقة ، لذلك أُطلق عليها " مدينة الرشيد " تذكر المصادر بأن الاسكندر المقدوني هو الذي بنى مدينة الرقة وسماها باسم "نيكفوريوم " . فتح العرب المسلمون الرقة عام /18 /هجري وأعطوا عهداً وأماناً لأهلها على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم ، وأطلق عليها العرب اسم الرقة البيضاء منذ فتحهم لها اهتم الأمويون بالرقة  اهتماماً كبيراً وتركوا آثاراً كثيرة فيها منها ( حصن مسلمة ، والرصافة مدينة الخليفة هشام بن عبد الملك ) وعلى الضفة اليسرى لنهر الفرات تقع "قلعة جعبر" ولاننسى أسوار المدينة وأبوابها وقصر البنات  الذي ماتزال إطلالته الضخمة قائمة في الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة داخل السور ، والجامع العتيق (جامع المنصور ) الذي شُيد في عهد الخليفة العباسي " أبو جعفر المنصور " . وإلى الدير دير النخوة والشهامة ( دير الزور ) واحة خضراء وشريط أخضر على شاطئ نهر الفرات ، فيها أهم المواقع والتلال الأثرية أهمها ( حلبية وزلبية ، بقرص ، قلعة مالك من طوق قلعة الرهبة ، تل العشارة ترقا ، تل الصور ، البصيرة وتل الحريري "مملكة ماري " ) . مملكة ماري واحدة من أهم الممالك في الشرق القديم ، حيث أنها وكما تذكر الرقيمات المكتشفة فيها وفي غيرها من المدن الأثرية ، كانت تتمتع بثراء غير عادي نتيجة موقعها الجغرافي الهام . كما اكتشف فيها منحوتات فنية وأثرية تزهو بها أهم متاحف العالم  اليوم أهمها تمثال "ربة الينبوع " وتمثال الربة "عشتار" وتمثال المغنية الشهيرة " أورنينا " وإلى اليوم ، ماتزال مملكة ماري تقدم في كل عام مكتشفاً جديداً وكنزاً ثميناً لتضيف إلى عظمتها عظمة وإلى خلودها خلوداً ليصح فيها قول العالم الفرنسي الشهير "أندريه بارو " الذي عايشها طويلاً " إنها حقاً عاصمة انتزعت الرمال ... إنها عاصمة النصوص القديمة .. وهي في المحصلة جزء من تراث الإنسانية " . وإلى الجنوب إلى (درعا )  عروسِ حوران  التي تعاقبت عليها حضارات عدة : كالعموريون والآرامين والإغريق والرومان والغساسنة  والعرب . واسم "درعا " هو اسم كنعاني وقد ورد ذكرها بالكتابة الهيروغليفية على ألواح ورسائل تعود إلى عهد حكم الفرعون المصري "تحوتمس " الثالث باسم (آذراع ) ، كما اشتهرت عند العرب القدماء تحت اسم (أذرعات ) . تشتهر محافظة درعا بوجود عدد من المناطق الجميلة التي تستحق الزيارة كشلالات تل شهاب ، شلالات مزيريب ، إضافة إلى ينابيع المياه المعدنية في اليادودة . أما من الناحية الأثرية فالمحافظة تغص بالمواقع والأوابد التاريخية المنتشرة في بلدتها ومدنها ، كالكنائس الأثرية في مدينة "إزرع " والتي تعود إلى القرنين الرابع والخامس ميلادي ، والمعبد الروماني في مدينة " الصنمين " ، ولاشك في أن الموقع الأثري الأكثر أهمية في المحافظة يقع في مدينة بصرى ، وهي تضم عشرات الأوابد الأثرية التي تحكي قصة تعاقب الحضارات على هذه المدينة كالكنائس والكاتدرائيات والمساجد والحمامات والأبواب الأثرية ، ويأتي في مقدمة هذه الأوابد مسرح وقلعة بصرى ، لما له من أهمية من حيث ضخامته وحسن صنعته ودوره في حياة مدينة بصرى قديماً وحديثاً، وبرك المياه الأثرية الضخمة ، وكاتدرائية بصرى ، ودير الراهب بحيرى ، والمسجد العمري ومسجد مبرك الناقة ، والسوق الأرضي ، والحمامات إضافة إلى أبوابها الضخمة وبقايا سورها وشوارعها المرصوفة التي تحيط بها الأعمدة . وليس بعيداً عن درعا كثيراً ننتقل إلى شقيقتها ( السويداء ) التي تتربع فوق هضبة اصطلح على تسميتها باسم جبل العرب ، وهي بلدة ذات مناخ بارد شتاءً ومعتدل ولطيف صيفاً ، وقد شهدت المدينة أدوار تاريخية متعددة وحضارات متعاقبة . وكان من نتيجة ذلك تنوع وغنى المحافظة بالمواقع والأوابد الأثرية ، والتي تشهد على تعاقب تلك الحضارات كمدينة "شهبا الأثرية " ، ومعبد سليم ومعابد عتيل  وقنوات ومدينة صلخد الأثرية . وعند التحدث عن مدينة شهبا لابد من ذكر ابن مدينة شهبا "فيليب العربي " الذي اعتلى عرش الإمبراطورية الرومانية وهي في أوج عزتها وقوتها .

وآخراً نختمها بمسك الختام نختمها بعاصمة الحب والياسمين دُرة قاسيون تاج ُبلاد الشام ولؤلؤها  إنها ( دمشق )  عروسُ المجد العاصمة الأولى في وطني دمشق أقدم مدينة مأهولة بالسكان في العالم ، فقد ولدت مع أقدم إنسان وجد على سطح الأرض ،وظلت عامرة على مر العصور. لقد كان لدمشق دور هام في التاريخ القديم ، وفي نشوء المدنيات الدينية ، وموقعها الجغرافي ساعد على أن تكون مركزاً هاماً وكبيراً في عالم الاقتصاد والسياسة ، فهي ملتقى الطرق التجارية إلى بلاد الرافدين ومصر وشبه الجزيرة العربية وسواحل البحر الأبيض المتوسط ، وقد جاء في ألواح إيبلا أن "دامسكي " أي دمشق كانت موجودة في الألف الثالث قبل الميلاد. ولكن الظهور القوي لدمشق في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد عندما أصبحت مركزاً لمملكة آرامية تحت اسم " دار دمشق " أي الدار المسقية ، وقد تعاقبت العهود المختلفة على دمشق فوقعت تحت السيطرة اليونانية والرومانية والبيزنطية وكلها تركت فيها آثاراً وشواهد كثيرة، وبلغت ذروة مجدها عندما  أصبحت عاصمة الدولة الأموية العربية الكبرى عام \661\ . وأطلق المؤرخون القدماء عليها اسم المدينة الجميلة المقدسة هذا الاسم الذي مازال ينطبق على دمشق حتى اليوم . ويرى القادم إليها قصوراً أقيمت على الطراز العربي القديم بالإضافة إلى الآثار الدينية المسيحية والمعالم الدينية الإسلامية المشهورة ، والأبواب الدمشقية الأثرية وأسواقها ذات الطابع الشرقي المشوق ، لذلك تعتبر دمشق متحفاً فنياً حياً يجد الزائر فيه كل ماتصبو إليه نفسه من روعة ومتعة . "الجامع الأموي الكبير " يعد الجامع الأموي في دمشق واحداً من أهم المنشآت المعمارية والدينية في العالمين العربي والإسلامي كونه الآبدة الإسلامية الوحيدة المتبقية في دمشق ، والتي تعود إلى فترة الخلافة الأموية من جهة أولى ، ولضخامة بنائهُ وتصميمه الهندسي البديع ، وفسيفسائه وزخارفه الرائعة من جهة ثانية . فضلاً عن أنه شكل اللبنة الأولى لفن العمارة الإسلامية حيث ظل المعماريون الإسلاميون وعلى مدى قرون طويلة ، يستهلون ويستوحون من عناصر عمارته وزخارفه ، تصاميمهم الهندسية والمعمارية ، لبناء الجوامع الكبرى في العالم الإسلامي لذلك وصفه العالم الفرنسي "سوفاجيه " قائلاً: إنه أول نجاح معماري في الإسلام . يقع الجامع في دمشق القديمة داخل سورها الأثري ، وهو يحتل بقعة من الأرض لها طابع مقدس لدى السكان في العالم منذ أقدم العصور . كانت دمشق القديمة قبل الإسلام محاطة بسور منيع ، وبعد السور كانت الغوطة ( لفظا من الغيط ) وهو الوادي المتسع أو البستان المزدهر ، والغوطة بساتين تحيط بدمشق من جميع جوانبها ، وعند ذكر المدينة القديمة لابد من ذكر أبواب دمشق وهي ( الباب الشرقي ، باب الجابية ، باب السلامة ، باب الفراديس أو العمارة ، بابا ا لصغير ، باب كيسان ، باب الفرج ، باب النصر ) ، أبواب أخرى وهي أبواب الحارات القديمة مثل باب السريجة ، باب زقاق البرغل ، باب مصلى ، باب الصالحية ،  باب توما الذي حمل اسم الباب الروماني القديم . "قلعة دمشق " التي أنشئت في عصر الملك العادل أبي بكر محمد بن أيوب شقيق السلطان الفاتح "صلاح الدين الأيوبي " وخليفته ، ولقد أقامها مكان قلعة سلوجقية ، وكانت قلعة هامة استفاد منها نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي في حماية دمشق من تهديد الصليبين وفي دعم منعة الحكم وسياسة البلاد ،ومن أهم  أقسامها البرج الشمالي الذي جدده صلاح الدين وفيه دُفن نور الدين زنكي أولا وصلاح الدين الأيوبي ثم نقل جثمانهما إلى قبريهما في دمشق القديمة الكلاسة . ومن أهم المنشآت المدنية التي مازالت حتى الأن فهي جامع أبي الدرداء وهو قاعة واسعة تتصل بالبرج الشمالي المتوسط ، ويعلو القاعة قبة وفي الحرم ضريح ينسب للصحابي أبي الدرداء . أما الأسواق فهي تعود في معظمها إلى العهدين المملوكي والعثماني أهمها ( سوق الحميدية ، وأغنى الأقسام المتفرعة عنه البريد ، العصرونية ، المسكية ، السلمانية ) وسوق مدحت باشا وأغنى الأقسام المتفرعة عنه ( الجوخ ، الخياطين ، البزورية ، الحبالين ، الدقاقين ) وسوق باب السريجة وسوق ساروجا . "البيمارستان النوري " يعود بناؤه إلى العهد الزنكي وهو مشفى ومدرسة للطب العربي ، وهو حالياً متحف للطب والعلوم عند العرب ، ويضم عددا من الآثار الصيدلانية والطبية والعلمية والتاريخية . " التكية السليمانية " تتألف من عدة من المباني المستقلة يحيط بها جميعا سور مرتفع ، ولقد غطت الحدائق والأشجار جميع الفراغات بين الأبنية التي تتقدمها أكثر مسقوفة بقباب منخفضة وخلفها قاعات مسقوفة بقباب مماثلة ، ويبدو المشهد رائعاً عندما يتناغم شكل القباب المتكرر مع شكل الأقواس فوق أعمدة في جميع الأبنية التي كانت تستعمل لإيواء المصلين والمتعلمين لإيوائهم . "قصر أسعد باشا العظم " أنشئ هذا القصر سنة \1749\م ليكون مقراً لوالي دمشق أسعد باشا العظم ، ويقع في مكان كان فيه قصر الخضراء الذي بناهُ الخليفة " معاوية بن أبي سفيان " في الجهة الجنوبية من الجامع الكبير . ولقد أنفق أسعد باشا على بناء هذا القصر أموالاً كثيرة ، وعمارة بناء هذا القصر تقوم على تقاليد بناء البيت الشامي الذي يقتصر جماله على الداخل ، أما خارجه فهو بسيط متقشف إلا من باب أساسي جميل . "الكنائس في دمشق " ( الكاتدرائية المريمية ، كنيسة القديس يوحنا الرسول ، كاتدرائية الروم الكاثوليك ، كنيسة الرسول يوحنا ، كنيسة القديس يوحنا الدمشقي ، مقام القديس جاورجيوس ، كنيسة ماربولس ) . "أهم المدن الأثرية الرائعة في دمشق " (معلولا ) فقد هيأت الطبيعة نفسها في هذه البلدة الرائعة كما هيأتها الأحداث لتسير مع الزمن في مضمار واحد . إن الداخل إلى معلولا يحس بعالم  هو أشبه مايكون  بعالم السحر والأساطير ، يفوق عالم الواقع ، إلى حد أنه يصبح أكثر واقعية منه . (صيدنايا ) تتميز بدير صيدنايا المشهور بأيقوناته العجيبة وأحاديث الرحالة عنه عبر العصور ، وتغنى الشعراء بجمال عمارته وفيها كنيسة صوفيا ودير الشيروبيم . ولاننسى مدن الريف الساحرة والآثرة بطبيعتها الرائعة والخلابة  ( عين الفيجة ، بقين ، الزبداني ، بلودان  ) . 

وفي الختام هل عرفتم ماهو وطني ، وطني وطن السحر وطن الجمال وطن الحنان ، وطن المحبةِ والسلام ، وطن الإخاء وطن الصمود، مهد الأمم ومنبع الحضارات ، مهد حضارةٍ أولى ، هل عرفتم من هي إنها (سوريَة ) سورية كما قال فيها أكبر الشعراء والموسيقين أرض السلام الذهبية ،وطن الأحرارِ والحرية ، موطن الشرفاء  ومرقد الشهداء ، موطن الأنبياء أبجدية وغِناء ، سورية بلادي  نهر العِبر يروي مجدها الوقفُ والحجر  ،  سوريتي التي أحتاج عشرات السنين ، وآلاف الموسوعات كي أروي تاريخها و عراقةِ حضارتها و أصفُ جمالها ولن  أكتفي وأنتهي ،سورية  أرض السلام التي لا ترى اليوم سلاما ، سورية التي يقتلون فيها اليوم الزهر والأطفال والقمح وحبات الندى ، ويبيضون فيها عداواتٍ وحقداً وقبوراً ومُدى ، سورية التي مُدت فيها اليوم أيدي الإجرام لتقتل وتغتصب وتدمر الآثار وتطمس معالم تاريخٍ عريق ، متناسين أنها  تمتلكُ حضارةٍ خاصة بها لايقدر أحدٍ أيً كان في قوتهِ وجرأتهِ  وعلمهِ على  تقليدها أو تدميرها وسرقتها ، لأنها كانت ولم تزل وستبقى شامخة  شموخ النسر الجارح  عصيةَ وأبيَة، ستبقى "سورية أرضُ السلام الذهبية ".