خذ بيدها
كان فياض رجلاً ثرياً ، يقرض الناس ، ويمهلهم إذا تأخروا في أداء ما عليهم من قروض ، ويحسن استقبالهم إذا زاروه في بيته يستمهلونه سداد ديونهم .
وفوجئ هؤلاء الناس بهذا الثري وقد ألصق على باب داره يوماً ورقة كتب فيها : أيها الإخوة الزائرون ؛ مَنْ طرب الباب بيده أسقطت عنه ما عليه من دين لي ، ومَنْ ضغط زر الجرس الكهربائي بقي ما لي عليه من قرض .
هل تجدون أحداً يضغط زر الجرس الكهربائي بعد أن يقرأ ما كتبه الثري ؟! ألن تجدوا جميع زائريه من المقترضين يطرقون باب داره بأيديهم رغبةً في أن يترك لهم ما اقترضوه منه ويسامحهم فيه ؟
وكذلك هل تجدون مسلماً ، يخبره نبيه صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يغفر له ذنوبه كلها إذا صافح أخاه حين يلتقيه في طريق أو مجلس ؛ وقد أعرض عنه ، أو أشار إليه بالسلام دون أن يقترب منه ويصافحه ؟!!
ولله المثل الأعلى
عن البراء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أيما مسلمين التقيا ؛ فأخذ أحدهما بيد صاحبه فتصافحا ، وحمدا الله جميعاً ، تفرقا وليس بينهما خطيئة )) حديث صحيح رواه الإمام أحمد
وفي رواية أخرى عنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( ما من مسلمين يلتقيان فيسلم أحدهما على صاحبه ، يأخذ بيده ، لا يأخذ بيده إلا لله ، فلا يفترقان حتى يُغْفَر لهما ))
وفي رواية ثالثة أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفر لهما قبل أن يتفرقا )) صحيح رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه .
وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا تصافح المسلمان ؛ لم تُفَرَّق أكفهما حتى يغفر الله لهما )) الطبراني
بعد قراءة هذه الأحاديث النبوية الشريفة ؛ هل يزهد مسلم في مصافحة أخيه المسلم ؟! هل يكتفي بإلقاء السلام عليه دون أن يمد إليه يده مصافحاً ؟ أليست جائزة عظيمة منه سبحانه للمتصافحين بأن يغفر الله ذنوبهما جميعاً : (( إلا غُفر لهما )) ، (( حتى يُغفر لهما )) ، (( تفرقا وليس بينهما خطيئة )) ؟
ألا تدفع هذه الجائزة العظيمة – مغفرةُ الذنوب جميعها – كلَّ مسلم إلى حب المصافحة ، والسعي إليها ، والحرص عليها ؟ كما يدفع وعدُ الثري بإسقاط الدين كلَّ مقترض إلى قرع الباب بيده ؟
وإذا كان هذا العطاء الكبير من الرب الجليل لمسلمين تصافحا فكيف إذا تصافح الزوجان وبينهما ما بينهما من مودة ورحمة ؟ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( إن الرجل إذا نظر إلى امرأته ونظرت إليه نظر الله إليهما نظرة رحمة ، فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما )) . وإذا كان هناك من ضعّف هذا الحديث فإن الأحاديث الصحيحة السابقة تقوّي ما دعا إليه هذا الحديث من الأخذ بكف الزوجة وأنه سبب في تساقط ذنوب الزوجين معاً .
فاحرص ، أخي الزوج ، على أن تصافح زوجتك ، فتأخذ بكفها بين يديك ، في حنو وعطف ومودة ، وتمسح عليه وأنت تنظر إليها نظرات الحب والرضا .
كرر هذه المصافحة ، أخي الزوج ، وستجد لها آثاراً عجيبة طيبة في زوجتك التي سيهون عليها تعبها ، وتضاعف من أجلك جهدها ، وتدعو لك الله في سرها وجهرها .
هذا عدا مغفرة ذنوبك وذنوبها ، ورحمة الله سبحانه لك ولها ، فهل تتلكأ بعد اليوم في أخذك يدها ومصافحتها ؟
وسوم: العدد 794