تحديات الحركة الحقوقية بعد الربيع العربي
الكيل بمكيالين: مواقف منظمات حقوق الإنسان العربية من الكارثة الإنسانية في سوريا
لقدأصبح من الواضح أن ما مرت به سوريا، ولاتزال، يُعد أسوأ كارثة إنسانية في تاريخ القرن الحادي والعشرين وفقًا لأرقام الأمم المتحدة. فمنذ بداية الثورة في سوريا، كمظاهرات سلمية تطالب بإصلاحات سياسية جذرية في مارس 2011، شهدت سوريا خرابًا وتشريدًا غير مسبوقين. حيث وقع أكثر من 400 ألف قتيل[1]وتشرد ما يقارب 7 مليون سوري كلاجئين خارج الأراضي السورية، ونزح داخليًا 6 مليون شخص، فضلاً عن أكثر من13 مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدة الإنسانية، بينهم ما يقرب من 6 مليون طفل.[2] وفي نهاية عام2017، كان أكثر من نصف المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية في البلد قد تعرضت لأضرارٍ لا يمكن تداركها، وتعمل فقط بشكل جزئي.[3]
ناقش مجلس الأمن الدولي الموضوع السوري عام 2017 أكثر من 33 مرة –فهو الموضوع الأكثر تكرارًا– في المشاورات غير الرسمية. ومنذ عام 2012، اعتمد المجلس 23 قرارًا أمميًا بشأن سوريا، أو ذو صله بالوضع السوري، إلا أن استخدام روسيا لحق النقض (الفيتو) 13 مرة؛ منع مجلس الأمن من تمرير قرارات تتعلق بسوريا، يدين فيها النظام السوري أو يسمح لمحكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا.[4]
في السياق ذاته أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة –حيث لا وجود لحق النقض (الفيتو)– 7 قرارات بشأن حقوق الإنسان في سوريا، وهو ما يعد حدثًا نادرًا للغاية؛ حيث تتحفظ دول العالم على إدانة بعضها البعض سياسيًا في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن فظاعة انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا منذ 2011 دفعت دول العالم للتحدث بصوت واحد ضد هذه الانتهاكات.[5] وهو ما ينعكس في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة –بشكل دوري كل عام تقريبًا– على قرار يدين بشدة “استخدام السلطات السورية المتزايد للأسلحة الثقيلة، بما في ذلك القصف العشوائي من الدبابات وطائرات الهليكوبتر.”[6]
بدأ نظام الأسد في يوليو 2012 استخدام سلاح الجو وطائرات الهيلوكوبتر في إسقاط البراميل المتفجرة[7] على المدنيين،[8] في أوسع استخدام لسلاح الجو ضد المدنيين في تاريخ الحروب الأهلية على الإطلاق.
وبداية من عام 2013، أصبحت القرارات تتضمن فقرات تدين الجماعات المسلحة لاستخدامها العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، وخاصة تنظيم الدولة الإسلامية.[9] ونتيجة لفشل مجلس الأمن الدولي في إحالة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية إلى محكمة الجنايات الدولية، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ديسمبر 2016، تأسيس الآلية الدولية المحايدة المستقلة IIIM للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسئولين عن الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي، المرتكبة في الجمهورية العربية السورية منذ مارس 2011،[10]والتي تهدف إلى “بحث وتجميع وحفظ وتحليل الأدلة على انتهاكات القانون الدولي الإنساني وانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان وإعداد ملفات لتيسير وتسريع السير في إجراءات جنائية نزيهة ومستقلة، وفقًا لمعايير القانون الدولي، في المحاكم الوطنية أو الإقليمية أو الدولية التي لها، أو قد ينعقد لها مستقبلًا، الاختصاص بهذه الجرائم وفقًا للقانون الدولي.”[11]
كان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد أصدر 25 قرارًا[12]يتعلق بالوضع في الجمهورية السورية، بدءً من أول قرار صدر عن المجلس في أبريل2011.[13] وبناءً على تقرير لجنة التحقيق الذي أقر “بارتكاب السلطات السورية وأفراد القوات العسكرية والأمنية انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان في أماكن مختلفة من الجمهورية العربية السورية منذ مارس 2011 يمكن أن تشكل جرائم ضد الإنسانية”[14]قرر مجلس حقوق الإنسان تشكيل لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي مازال يترأسها البرازيلي بنييرو، والتي أصدرت إلى اليوم ما يزيد عن 12 تقريرًا يوثق لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا.[15]
من ثورة سلمية إلى ثورة مسلحة: اضطراب الموقف الحقوقي العربي:
مرّت الثورة السورية بخمس مراحل رئيسيّة. المرحلة الأولى سلميّة، وشهدت خروج المظاهرات مطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد وإدخال تغييرات جذرية على شكل النظام السياسي، بما فيها انتخابات رئاسية وبرلمانية وتعديلات دستورية تسمح بالتعددية السياسية والحزبية، إلّا انّ هذه المظاهرات تمّ التعامل معها منذ الأسبوع الثاني من أبريل 2011 من قبل النّظام وفقًا لسياسة “Shoot to kill policy” والتي تعني إطلاق النار بهدف قتل المحتجين وليس تفريقهم،[16]والذي سعى من خلال هذه السياسة إلى قتل أكبر عدد من المتظاهرين بهدف إرهابهم. فجاءت كل الإصابات في القلب والرأس بحسب تقرير توثيقي لمنظمة هيومن رايتس واتش،[17]وسقط أكثر من 6300 ناشط سلمي قتيل، خلال الفترة بين مارس وسبتمبر 2011؛ في محاولة لإخماد الثورة السّوريّة نهائيًا.[18]
دفع ذلك الوضع جامعة الدول العربية إلى إرسال المراقبين، في محاولة لإقناع النّظام بالتخلّي عن قتل المتظاهرين بالرصاص الحي، والسماح بالمظاهرات السلمية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.[19] في الوقت نفسه كانت المنظمات الحقوقية العربية قد وضعت انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة بحق السوريين على أجندتها،[20] كما تشكلت جبهة حقوقية عربية بهدف وضع حقوق الإنسان في قلب عملية الانتقال السياسي التي شهدت صراعًا كبيرًا في كل دول الربيع العربي تقريبًا، بدء من تونس وحتى مصر وليبيا واليمن وسوريا.
مع بداية ثورات الربيع العربي، نشأ نوع من التضامن مع الحركات الاحتجاجية التي نشأت في هذه الثورات، وانعكس هذا بشكل كبير في تضامن المنظمات الحقوقية العربية من خلال بياناتها الرافضة لانتهاكات حقوق الإنسان في دول ثورات الربيع العربي. إذ أصدرت تلك المنظمات بيانات تراقب الأوضاع الحقوقية العربية عن كثب، وتعلن عن احتجاج حقوقي أو تضامن معنوي، لعب دورًا في بلورة ما يمكن أن نسميه جبهة حقوقية عربية. فجميع الثورات العربية بدأت بشكل متشابه تقريبًا بوصفها ثورات شعبية ليس لها قيادة سياسية أو أيديولوجية، كما أن مواقفها المبدئية تجاه احترام قيم حقوق الإنسان بدت أنها مركزية وغير قابلة للتفاوض، وهذا الإجماع النادر على الأقل ما بين أعوام 2011 وحتى 2013 ربما كان ثمرة نجاح الحركة الحقوقية العربية في نضالها منذ الثمانينات من أجل وضع احترام حقوق الإنسان في بؤرة السياسات العربية الداخلية والإقليمية والدولية.
لقد ساهمت المنظمات الحقوقية الرائدة كمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان[21]والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، فضلًا عن المنظمات السورية المحلية –التي تزايد عددها بشكل كبير– في محاولة توثيق كل أنواع الانتهاكات، كما ساعدت التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر وإبراز دور هذه المنظمات في فضح هذه الانتهاكات بشكل كبير. كما ركز الإعلام على ترتيب الأولويات السياسية العربية فأصبحت قضية احترام حقوق المواطن وكرامته وفضح التعذيب أشبه بالأجندة الوطنية الحقيقة بعد أن كانت محط اهتمام المنظمات الحقوقية النخبوية فقط.
لكن، للآسف لم تستطع المنظمات الحقوقية العربية أو السورية تشكيل تجمع حقوقي متناسق يستفيد من هذا الاهتمام الكبير الذي خلقته الثورات العربية، لقد بدأت الخلافات داخل المنظمات الحقوقية في هذه الفترة تظهر بشكل علني سواء بسبب خلافات فردية أو بسبب اختلاف الانتماءات الأيديولوجية للعاملين فيها، لكن حجم الانتهاكات العلنية في الحقيقة جعل هذه الاختلافات ثانوية وغير ذات اهتمام بشكل كبير.
المرحلة الثانية هي مرحلة تحول الثورة السورية للعنف، أو ما أطلق عليه البعض “الثورة المسلحة.”[22] وثمة عوامل عدة ساعدت في تحول الثورة السلمية إلى ثورة العنف. أوّلًا، اندلاع الثورة الليبيّة وانتشار السلاح وتدخل الناتو الذي تفاءل به السوريون ليساعدهم على الإطاحة بنظام بشار الأسد. ثانيًا، ارتفاع عدد القتلى من المتظاهرين السلميين وعدد المعتقلين وكل من لهم علاقة بالنشاط السلمي، وحرمان النظام الجرحى من العلاج، وأبرز هذ الحالات كان قتل الناشط غياث مطر صاحب فكرة تقديم الورود خلال المظاهرات إلى الأجهزة الأمنيّة كرسالة سلام للنظام، وواقعة تعذيب الطفل حمزة الخطيب وتامر الشرعي وغيرهم. ثالثًا حجم التعذيب الممارس ضد النشطاء السلميين داخل السجون السورية، والذي أسفر عن مقتل الكثير منهم تحت التعذيب.[23]هذه العوامل دفعت السوريين للتسلّح أواخر 2011.
بداية من هذا التوقيت، بدأت الخلافات بين المنظمات الحقوقية العربية، ومواقفها من انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا تظهر للعلن. فعلى الرغم من أن النظام السوري صّعد من انتهاكاته بشكل غير مسبوق، مستخدمًا الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين بشكل عشوائي، بالإضافة إلى استخدام سلاح الجو والبراميل المتفجرة ضد المدنيين، فإن المنظمات الحقوقية العربية بدأت تتحفظ أو تصمت على هذه الانتهاكات. ومع تزايد دعوات المعارضة السورية لمجلس الأمن بالتدخل من أجل حماية المدنيين تحت مبدأ “مسئولية الحماية،”[24] على غرار قراره حول ليبيا في 1973،[25] والذي سمح للناتو بالتدخل عسكريًا لحماية المدنيين في ليبيا بعد تهديد القذافي باستخدام سلاح الجو ضدهم.
وقفت الكثير من المنظمات الحقوقية العربية موقف المتحفظ من هذه الدعوات وحتى المنظمات الدولية مثل منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش بقيت مقاربتها حقوقية بحتة قائمة على رصد انتهاكات الماضي ولم تطور “استراتيجية وقائية” لمنع تكرار هذه الانتهاكات أو الجرائم في المستقبل، وهو أساس مبدأ مسئولية الحماية، أو ما أصبح يطلق عليه Never Again أي أن هذه الجرائم يجب أن لا تتكرر مرة أخرى أمام أعيننا،[26] كما رفضت هذه المنظمات كل الدعوات من أجل بلورة استراتيجية دولية لمنع تكرار الجرائم ضد الإنسانية التي بات النظام يرتكبها يوميًا، بما في ذلك القتل الجماعي خارج نطاق القانون والتعذيب واستخدام القذائف العشوائية ضد المدنيين والاختفاء القسري، وغير ذلك مما يصنف كجرائم ضد الإنسانية وفق ميثاق روما الأساسي المنشأ لمحكمة الجنايات الدولية.[27] ولذلك بدى أن دور المنظمات الدولية ينحصر في توثيق الانتهاكات بينما بدأت المنظمات العربية بالصمت أو رفض الدعوات للتدخل الدولي من أجل حماية المدنيين، كما وجدنا في مواقف المنظمات الحقوقية في تونس والمغرب والأردن.[28]
بحسب اللجنة السورية لحقوق الإنسان، فإنه في الوقت الذي امتنعت المنظمات العربية فيه عن اتخاذ موقف واضح من انتهاكات النظام السوري، والتي أدّت إلى مقتل100 ألف شخص على الأقل، وشردت حوالي 3 ملايين آخرين، فإنّ المنظمات ذاتها قد أظهرت مواقف واضحة تجاه الانتهاكات التي يُعتقد أن المعارضة تقف خلفها، أو تلك التي تتعلق بالإجراءات التي يمكن أن تستهدف النظام السوري. ففي 9 مايو 2013 أصدرت 88 منظمة وشبكة حقوقية بيانًا مشتركًا من أجل إيقاف نزيف الدم في الشوارع السورية، واستخدم البيان، لغة المبني للمجهول، من أجل تفادي الحديث عن المتسبب في الضحايا والانتهاكات الهائلة.[29]
المرحلة الثالثة هي مرحلة العسكرة الكاملة للثورة السورية، بعد تزايد الانشقاقات الفرديّة والأفقيّة عن الجيش السوري، وتدخل كل من روسيا والصين في كل المنابر الدولية بما فيها مجلس الأمن الدولي من أجل حماية نظام الأسد. فمن جانبها استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) 13 مرة داخل مجلس الأمن لمنع صدور أي قرار بإدانة النظام السوري.[30] وهو ما كان بمثابة الضوء الأخضر للنظام السوري، بما يوحي بتمتعه بشكل من أشكال الحماية الدولية، ما شجعه على استخدام سلاح الجو. ومنذ يوليو 2012، وحتى اليوم استخدم النظام السوري سلاح الجو وخاصة البراميل المتفجرة –عبارة عن صندوق حديدي يوضع داخله قطعًا من الحديد وكمية كبيرة من مادة متفجرة لتكون شديدة الانفجار وتبلغ تكلفته من 8 لـ 10 دولار– وإلقائها بشكل عشوائي، وهو ما يعتبر في القانون الدولي الإنساني جريمة حرب.
هنا بدأت المنظمات الحقوقية العربية بانتقاد “العسكرة” وتزايد تسلح المدنيين، مع صمت تجاه الجرائم التي يرتكبها النظام السوري، لكن هذه المرحلة ترافقت على المستوى العربي بصعود ما أصبح يُعرف بالثورات المضادة وبداية الاستقطاب Polarization داخل الحياة السياسية العربية، وقد تصاعدت هذه الظاهرة بفعل عوامل عدة، أولها انقلاب السيسي العسكري في مصر، وما تبعه من انقسام للنخب المصرية ومعها الحقوقية بشأن الموقف من الانقلاب، لا سيما وأن رئيس مصر في تلك الفترة محمد مرسي كان ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وهي حركة سياسية إسلامية غالبًا ما كان عليها الكثير من التحفظات بشأن مواقفها الحقوقية ومواقفها من الديمقراطية كممارسة سياسية، وممارساتها خلال العقود الماضية في مصر، ومن خلال نماذجها الشبيهة لها في عدد من الدول العربية مثل سوريا وليبيا وتونس وغيرها.
الموقف من حركة 30 يونيو 2013 في مصر كان يتطلب موقفًا أيضًا من حركة الإخوان المسلمين، ولما كانت الحركة الحقوقية العربية ممثلة في نشطائها وخبرتها وتاريخ ناشطيها سواء كانوا ينتمون إلى القومية العربية أو الأيديولوجيا اليسارية أو الأيديولوجيا الإسلامية كل ذلك انعكس في مواقفهم الحقوقية من انقلاب السيسي بين داعم له وبين متحفظ ومنتظر للسياسات التي يمكن أن تنتج عن هذا الانقلاب.
ثاني هذه العوامل هو عدم تخلص النشطاء الحقوقيين العرب من تأثير خلفياتهم الأيديولوجية في حكمهم على المواقف أو الأحداث السياسية أو الانتهاكات الحقوقية، ولذلك فهم حمّلوا مواقف أيديولوجياتهم التي أصبحت ترتبط بشكل أو بآخر بالتعبير عن موقف داخلي بحكم صعود تأثير الأحزاب السياسية بعد أحداث الربيع العربي. فالمنظمة الحقوقية التي ستدعم السيسي في انقلابه العسكري تؤيد موقفًا مماثلًا، أو ربما بلهجة أقل انقلابًا مماثلًا في بلدها من أجل التخلص من وجود الحركة السياسية الإسلامية الشبيهة الموجودة في بلدها.[31]
لذلك ومع دخول الثورة السورية للمرحلة الثالثة، والتي شهدت أكثر الانتهاكات فظاعة في التاريخ السوري، لدرجة استخدام البراميل المتفجرة بشكل منهجي وواسع النطاق ضد المدنيين، بالإضافة إلى استخدام السلاح الكيماوي بكثافة ضد المدنيين. بدأ أيضًا صعود الفصائل ذات التوجه الإسلامي، فضلًا عن بروز تنظيمات إرهابية مثل القاعدة وداعش اللذان استغلا الفوضى المطلقة في سوريا لتأسيس نفوذهما وإجبار المدنيين السوريين على الخضوع لأيديولوجياتهم المتطرفة، وهو ما دفع بعض المنظمات الحقوقية العربية للتغاضي عن أولوية إدانة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي كان يرتكبها نظام الأسد بحق المدنيين السوريين بشكل مستمر، والتركيز بدلًا منها على خطر وتهديد تصاعد تلك الفصائل الإرهابية.
تلى ذلك دخول الثورة السورية المرحلة الرابعة وهي مرحلة استخدام نظام بشار الأسد للأسلحة الكيميائيّة بشكل متكرر في الحرب. فقد واجه النظام السوري صمود المعارضة وتمكّنها من تحرير بعض المناطق في الشمال السوري وريف دمشق، باستخدام السلاح الكيميائي 31 مرّة.[32] فسقط في الغوطة الشرقية في أغسطس 2013 ما يزيد على 1400 شخص –بينهم 400 طفل– في أوسع عملية لاستخدام السلاح الكيماوي؛ بعدما أطلق النظام السوري 7 صواريخ محملة برؤوس كيميائية على منطقة يقطنها مدنيون بالكامل في الغوطة الشرقية، وبحدود الساعة الثانية صباحًا كان عدد القتلى قد تضاعف نتيجة استخدام هذا السلاح الكيماوي.
في تلك المرحلة نتج اختلافًا ضخمًا بين مواقف المنظمات الحقوقية السورية ونظيراتها العربية، فتراكم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية دفع المنظمات الحقوقية السورية إلى اتخاذ مواقف أكثر جذرية، بينما اتخذت المنظمات الحقوقية العربية مواقف أقل ما يقال عنها أنها سياسية محضة، فهي صمتت أو لم تصدر أية بيانات بشأن استخدام النظام السوري لهذا النوع من الأسلحة،[33] لكنها استنفرت في إصدار بيانات ترفض “التهديد” باستخدام القوة ضد نظام الأسد عقب تهديد الرئيس الأمريكي السابق أوباما باستخدام القوة ردًا على استخدام نظام الأسد للسلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية أغسطس 2013. ومثّل هذا قمة التناقض؛ فهي ترفض استخدام القوة لحماية المدنيين كأسلوب وقائي، لكنها تصدر البيانات العامة وبلهجة حادة ضد التهديد وليس الفعل، علمًا أن الرئيس أوباما تراجع ولم يستخدم القوة مقابل تسليم نظام الأسد لأسلحته الكيماوية ضمن صفقة برعاية روسية لتجنيب الأسد ضربة عسكرية محتملة.
وعادت المنظمات ذاتها ووقفت الموقف ذاته مع تهديد الرئيس ترامب بضرب الأسد ردًا على استخدامه السلاح الكيماوي في إدلب،[34] لكنها غضّت الطرف تجاه أثر استخدام هذا السلاح على المدنيين السوريين، وهو، برأيي، ما أنهى مصداقية هذه المنظمات بشكل مطلق على المستوى الحقوقي العربي.
ففي السادس من سبتمبر 2013 على سبيل المثال أصدرت 314 منظمة حقوقية بيانًا مشتركًا لمطالبة الكونغرس الأمريكي والبرلمان الفرنسي بــــــــــــــ “عدم إقرار العدوان على سوريا المخالف للقانون الدولي”، مشيدةً بــــــــــــــ “موقف مجلس العموم البريطاني، الذي فوت الفرصة على اشتراك بريطانيا في شن عدوان على سوريا، على غرار مشاركتها في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وهو موقف يتسق مع القانون الدولي”، كما ثمّن البيان “موقف أعضاء مجلس النواب الأردني الذين طالبوا الحكومة الأردنية بعدم استخدام الأراضي الأردنية كمنطلق لأعمال عدوانية على سوريا، وكل التحركات العربية والغربية المشابهة.”[35]
وظهر مدى فشل هذه المنظمات في تطبيق المعايير والمواثيق الدولية فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وإنما بقي العامل الأيديولوجي وأحيانًا الطائفي هو ما يحركها بشكل كبير.
المرحلة الخامسة والأخيرة من الثورة السورية بدأت في سبتمبر 2015، مع بداية التدخل العسكري الروسي لصالح النظام السوري بهدف سحق المعارضة المسلحة بشكل نهائي، مهما كانت تكلفة ذلك على المدنيين، وهو ما ضهر جليًا في العملية العسكرية التي قادتها روسيا في حلب ديسمبر 2016،[36] ثم في الغوطة الشرقية في 2017،[37] وقد صرّح وزير الدفاع الروسي بتواجد 63 ألف جندي روسي على الأراضي السوريّة.[38]
كانت الحرب متوازنة تقريبًا فيما بين النظام والمعارضة، إلّا أنّ موازين القوى انقلبت عند التدخّل الروسي. فتمّت السيطرة على شرق حلب من قبل الميليشيات الإيرانيّة التي انتهجت السياسة الروسية في عدم التفريق بين المدنيين والعسكريين. فنزح ما يقارب 35 ألفًا من المدنيين السوريون حفاظًا على أرواحهم. لجأ معظمهم إلى تركيا التي يتواجد بها ما يفوق 4 مليون لاجئ سوري. وتكرّر السيناريو ذاته في عدة مناطق سورية مثل حمص ودرعا وإدلب. ونتيجة هذه الفوضى، تكوّنت داعش عام 2013 لتقاتل المعارضة السورية وتسيطر على المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة؛ من أجل الانتشار والسيطرة على أكبر مساحة من الأراضي في سوريا والعراق، مع تطبيق نظام حكم قروسطي في منتهى الانتهاك لحقوق المرأة والطفل بشكل خاص، ودون أي احترام للحقوق الأساسية والسياسية منها بشكل خاص.
ومع بدء داعش إعدام عدد من الصحفيين الغربيين وسيطرتها على الموصل في العراق، استنفر التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكيّة للقضاء على داعش دون اكتراث لما يجري على الأرض السورية التي استمر نظام الأسد باستهداف المدنيين فيها، وقتلهم بكل أنواع الأسلحة التقليدية.
وهنا صمتت المنظمات الحقوقية العربية عن الانتهاكات الروسية بشكل كامل، ولم نجد بيانًا حقوقيًا وحيدًا من هذه المنظمات يدين انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها القوات الروسية على الأراضي السورية، بينما بدأت البيانات تتصاعد ضد وجود “المنظمات الإرهابية” السورية، وغالبًا ما يجري تحميل المعارضة السورية المسلحة –التي ارتكبت بكل تأكيد انتهاكات حقوقية يجب إدانتها– نتيجة تلك الانتهاكات التي لا تقارن بحجم الانتهاكات التي قام بها النظام أو القوات الروسية، وهو ما ساهم في تمدد الشرخ السياسي الكبير داخل المنظمات الحقوقية العربية، التي أصبحت ترى انتهاكات حقوق الإنسان التي تتم فقط على يد من يخالفها سياسيًا؛ وهو الأمر الذي أفقدها مصداقيتها تمامًا.[39]
انتهت سوريا التي نعرفها، ونتيجة الحرب انخفض عدد سكانها من 23 مليون سنة 2011 إلى 15 ميلون فقط.[40] فالرؤية الوحيدة لما يسمى بالحل السياسي في سوريا هو اتّفاق جنيف الذي توصّل إليه الأمين العامّ السابق للأمم المتحدة كوفي عنان في أكتوبر2011، والذي يقوم على تشكيل حكومة انتقالية مشكّلة من قبل النظام والمعارضة ولهم حق الفيتو المتبادل، وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين والسّماح بالمظاهرات السلميّة والتخلي عن الأسلحة الثقيلة في المدن. غير أنّ ما حدث خلال السنوات السبع الأخيرة كان عكس ذلك تمامًا. فأصبحت سوريا ساحة لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بشكل يومي حسب تعبير لجنة التحقيق الدولية المستقلة.
لقد ذهبت المنظمات الحقوقية العربية ضحية الخلاف السياسي الأيديولوجي الذي تصاعد بعد عام 2013 بين التيارين الإسلامي والعلماني، الذين لم يستطيعا الاتفاق على الحد الأدنى من القيم الكونية العليا لحقوق الإنسان الواجب الدفاع عنها، بغض النظر عن الجاني وعن الضحية.
كل ذلك يؤكد أنه لايزال الطريق طويلًا حتى تتبوأ قيم حقوق الإنسان مكانتها الحقيقية في الخطاب السياسي العربي.
[1] وفقًا لتقديرات فريق تحليل بيانات حقوق الإنسان Human Rights Data Analysis Group HRDAG فإن عدد قتلى النزاع السوري بلغ 191 ألف و369 شخص حتى أبريل2014، ويعتمد هذا التقرير على بيانات سبع منظمات حقوقية سورية والبيانات التي يصدرها النظام السوري، انظر
HRDAG released its third report commissioned by the UN OHCHR on the reported killings in the Syrian conflict. HRDAG identified 191,369 deaths from the start of the conflict in March 2011 to April 2014 see: Updated Statistical Analysis of Documentation of Killings in the Syrian Arab Republic, August 2014
[2] UN news reports on Syria, Global perspective on Human stories
[3] World Health Organization, Syrian Arab Republic, Annual Report 2017, Cairo: WHO Regional Office for the Eastern Mediterranean; 2017
[4] استخدمت روسيا الاتحادية حق النقض الفيتو منذ عام 1990 أي بعد سقوط الاتحاد السوفيتي21 مرة، استخدمت فيها الفيتو مرتين بشأن مشاريع قرارات تتعلق بالبوسنة والهرسك، ومرتين بشأن مشاريع قرارات تتعلق بقبرص، ومرة بشأن جورجيا ومرة بشأن ميانمار ومرة بشأن أوكرانيا ومرة بشأن زمبابوي و13مرة بشأن سوريا بما يظهر حجم الانخراط الروسي في معارضة أي مشاريع قرارات تتعلق بسوريا ترتبط بالأزمة الإنسانية أو المحاسبة في سوريا. انظر
Security Council – Veto List, UN Documentation Guide, UN Library
[5] Resolution adopted by the General Assembly on 19 December 2011, Resolution N.66/176. Situation of human rights in the Syrian Arab Republic, 23 February 2012
[6] Resolution adopted by the General Assembly on 3 August 2012, Resolution N.66/253. Situation of human rights in the Syrian Arab Republic, 7 August 2012.
[7] Damien McElroy, Syrian regime deploys deadly new weapons on rebels, The Telegraph, 31 Aug 2012
[8] Human Rights Watch, Death from the Skies, Deliberate and Indiscriminate Air Strikes on Civilians, April 10, 2013
وقد دأبت المنظمة على توثيق استخدام البراميل المتفجرة بشكل دوري في عدة تقرير لاحقة، حيث تحول استخدامها من قبل النظام السوري خاصة في عام 2015 كشكل من اشكال العقاب الجماعي للسكان المدنيين بدون تحقيق أية أهداف عسكرية، فمع تضاؤل القدرة البشرية في الجيش النظامي بسبب الانشقاقات ورفض الخدمة الإلزامية من قبل الكثير من الشباب أصبحت قدرة النظام السوري على استعادة المناطق الخارجة عن سيطرته بالأمر المستحيل، وكتعويض لذلك جرى تكثيف استخدام البراميل المتفجرة كشكل من اشكال العقاب الجماعي لكل المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة، انظر:
Human Rights Watch, Syria: Unlawful Air Attacks Terrorize Aleppo: New Evidence of Government Barrel Bombs Despite UN Resolution, March 24, 2014, see also: Human Rights Watch, Syria: New Barrel Bombs Hit Aleppo: Attacks Defy UN, Hit Medical Facilities, April 28, 2014,
[9] Resolution adopted by the General Assembly on 18 December 2013, Resolution N.68/182. Situation of human rights in the Syrian Arab Republic, 30 January 2014.
[10] Resolution adopted by the General Assembly on 21 December 2016, Resolution N.71/248. Situation of human rights in the Syrian Arab Republic, 11 January 2017.
[11] المصدر السابق
[12] يمكن مراجعة كل هذه القرارات على الرابط هنا
[13] Resolution adopted by the Human Rights Council, S-16/1 The current human rights situation in the Syrian Arab Republic in the context of recent events, Human Rights Council; Sixteenth special session; 29 April 2011
[14] Resolution adopted by the Human Rights Council; S-18/1 The human rights situation in the Syrian Arab Republic; Human Rights Council; Eighteenth special session; 2 December 2011.
[15] يمكن مراجعة تقارير لجنة التحقيق الدولية على الرابط هنا
[16] Syrian security forces adopt shoot-on-sight policy, The Telegraph, 17 Aug 2011, see the link at
[17] Human Rights Watch, Syria: Defectors Describe Orders to Shoot Unarmed Protesters, Shootings, Detentions, and a Disinformation Campaign; July 9, 2011; see the full report at
[18] ANTHONY SHADID, Syria’s Protesters, Long Mostly Peaceful, Starting to Resort to Violence, The New York Times, 16 September 2011.
[19] Liz Sly, Arab League announces peace plan for Syria, The Washington Post, 2 November 2011, and; Yasmine Saleh and Lin Noueihed, Arab League proposes new plan for Syrian transition, Reuters; 22 January 2012, see the link at
[20] في 18 ديسمبر2011 أصدرت 62 منظمة حقوقية في المنطقة العربية بيانًا مشتركًا دعت فيه مجلس الأمن “إلى ضرورة عقد جلسة طارئة لتبني قرار يضمن توفير الحماية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وضمان المسائلة عن الجرائم التي من المحتمل ارتكابها من قبل الحكومة السورية”، وضرورة “إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب الجرائم ضد الإنسانية التي من المحتمل ارتكابها في البلاد.”
[21] قدم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والشبكة الأورو متوسطية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع عدد من المنظمات السورية، يوم 17/9/2013 مداخلة شفهية أمام مجلس حقوق الإنسان حول الأعمال الوحشية الجارية في سوريا، ومنح المركز الوضع في سوريا أولوية عام 2012 في مداخلاته أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
[22] Radwan Ziadeh, How the Syrian Revolution turned into Violence, 2015.
[23] Report of the International commission of Inquire “Out of Sight, Out of Mind: Deaths in Detention in the Syrian Arab Republic”; Human Rights Council; Thirty-first session; 3 February 2016.
[24] مسئولية الحماية مبدأ من مبادئ القانون الدولي أقره مجلس الأمن، ويمثل تطورًا عميقًا في الوسائل التي يتخذها القانون الدولي لمعالجة الأزمات الإنسانية. وبموجب مبدأ مسئولية الحماية فإن الدولة لا تملك السيادة المطلقة. وتعتبر متخلية عن سيادتها عندما تفشل في حماية مواطنيها، ففي تقرير للأمم المتحدة نُشر عام 2009 قام الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون بتوصيف الأركان الثلاثة التي يقوم عليها هذا المبدأ، أولًا: تقع على عاتق كل دولة مسئولية دائمة لحماية السكان المقيمين على أرضها، بصرف النظر عما إذا كانوا يحملون جنسيتها أم لا، من الإبادات الجماعية، وجرائم الحرب، والتطهير العرقي، والجرائم ضد الإنسانية، وكل ما يحرض على تلك الجرائم السابقة. ثانيًا: تقع على عاتق المجتمع الدولي مسئولية تقديم المساعدة للدول على الامتثال لواجباتها الواردة في الركن الأول. ثالثًا: إذا ظهر بشكل واضح فشل دولة ما في حماية شعبها، على المجتمع الدولي أن يستجيب لذلك في شكل حاسم وفي الوقت المناسب، بالاستناد إلى الفصل السادس والسابع والثامن من ميثاق الأمم المتحدة، وباتخاذ التدابير المناسبة سلمية كانت أم غير ذلك. إضافة إلى ذلك، يمكن في حالات الطوارئ عقد تحالفات دولية مشروعة لوقف الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، حتى من دون موافقة مسبقة من مجلس الأمن.
See: Responsibility to protect: Definition and background
[25] Resolution 1973 (2011) Adopted by the Security Council at its 6498th meeting, on 17 March 2011.http://www.un.org/ga/search/view_doc.asp?symbol=S/RES/1973%20%282011%29
[26] Roy Gutman, In Syria, ‘Never Again’ Has Become ‘Never Mind’, 03.02.18,
لقد كان إنشاء المناطق الآمنة مطلبًا للمعارضة السورية منذ عام 2012 عندما ازداد القصف العشوائي ضد المدنيين السوريين من قبل نظام الأسد، وأثيرت قضية التدخل الإنساني في سوريا على مدى السنوات السبع الماضية بسبب ازدياد أعداد الضحايا المدنيين، وتضاعف أعداد اللاجئين، وترسخ مبدأ حماية المدنيين في ضوء مبادئ القانون الدولي المطبق في مسئولية الحماية والتي يطلق عليها اختصارًا (R2P).
[27] Rome Statute of the International Criminal Court, Text of the Rome Statute circulated as document A/CONF.183/9 of 17 July 1998 and corrected by process-verbaux of 10 November 1998, 12 July 1999, 30 November 1999, 8 May 2000, 17 January 2001 and 16 January 2002. The Statute entered into force on 1 July 2002.
[28] انظر: غازي حسين، القانون الدولي والتدخل الخارجي في سورية، قناة المنار (وهي قناة يمولها حزب الله اللبناني الذي دخلت مليشياته إلى سوريا بهدف حماية النظام السوري 14/11/2012)
[29] اللجنة السورية لحقوق الإنسان، المنظمات الحقوقية في المنطقة العربية والموقف تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، 25 سبتمبر 2013.
[30] Security Council – Veto List, UN Documentation Guide, UN Library.
[31] محمد الصحبي الخلفاوي، تونس: المنظمات الحقوقيّة والإسلام السياسي وتنظيماته، مبادرة الإصلاح العربي، 27 سبتمبر 2018.
[32] Report of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, Human Rights Council; Thirty-sixth session; 11-29 September 2017.
[33] من الصعب إن لم يكن من المستحيل الحصول على أي بيانات خاصة لمنظمات حقوقية عربية حول جريمة استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين في الغوطة، والتي وقعت في 21/8/2013، وأصبحت الحدث الرئيسي عالميًا منذ ذلك الحين. إلا أن البيان المشترك الذي صدر في 6/9/2013 أدان استخدام السلاح الكيماوي في سوريا “أيًا كانت الجهة التي استخدمته سواء في خان العسل مارس 2013 أو في الغوطة الشرقية أغسطس 2013 أو غيرها” حسبما جاء في البيان، ودعا فريق المحققين التابعين للأمم المتحدة إلى مواصلة التحقيق للكشف عمن استخدموه، أنظر اللجنة السورية لحقوق الإنسان، المنظمات الحقوقية في المنطقة العربية والموقف تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في سورية، 25 سبتمبر 2013.
[34] أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل بيانًا بتاريخ 6/4/2017 أعرب فيه عن “إدانته للعدوان الهمجي الأمريكي على سوريا بعد تعمد البارجات الأمريكية قصف مطار حربي في حلب بما يقارب 54 صاروخ “طوماهاوك” المدمّرة”، معتبرًا أنه يعدّ “اعتداءً سافرًا على حرمة بلد وعربدة دولية”. ودعا الاتحاد إلى “انسحاب كلّ الأطراف الخارجية من سوريا ووقف العدوان عليها واعتبار ما يجري فيها نزاعًا داخليًا لا يحلّ إلاّ بالأدوات السياسية التي يُستثنى منها الإرهابيون والمرتزقة الوافدون من أنحاء العالم”.
[35] اللجنة السورية لحقوق الإنسان، المنظمات الحقوقية في المنطقة العربية والموقف تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، 25سبتمبر 2013.
[36] Atlantic Council, Breaking Aleppo, Washington D.C: Atlantic Council, 2017.
[37] Atlantic Council, Breaking Ghouta, Washington D.C: Atlantic Council, 2018.
[38] Russia says over 63,000 troops have fought in Syria, The National, August 22, 2018.
[39] أصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بيانًا بتاريخ 24يوليو2017، أعربت فيه عن أسفها الشديد لإسقاط اللائحة البرلمانية الداعية إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية التونسية مع سوريا ورفع التمثيل الديبلوماسي معها من مستوى القنصلية إلى مستوى السفارة، واعتبرت أن “الأمر وعلى رمزيته يُعد علامة بارزة على أنّه مازال في البرلمان التونسي من يقدّم العقيدة على الوطن في تناقض مع منطوق الدستور”. وثمنت الرابطة في المقابل موقف العديد من المنظمات المدنية الداعية إلى إعادة العلاقات بين تونس وسوريا إلى مستواها الطبيعي المعهود وفي مقدّمة هذه المنظمات المنظمة الوطنية العتيدة “الاتحاد العام التونسي للشغل”. ودعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان السلطة التونسية العليا إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا من منطلق حقوقي بحت وهو حق الشعوب في تقرير المصير ووحدة الأوطان واستقلالها، معتبرةً أن الشعب السوري وحده صاحب القرار في إدارة شئونه العامة، أنظر:
وقد اعتبر سلام الكواكبي أن “الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان صمتت طوال سنوات المقاتلة السورية دهرًا، لتنطق كفرًا“، انظر: سلام الكواكبي، نوبل للسلام ونوبل للأخلاق، العربي الجديد، 24 تموز/يوليو 2017،
[40] انظر التقديرات الديموغرافية في موقع الأمم المتحدة
وسوم: العدد 806