حُبُ الخيرِ.. وَ حُبُ الغيرِ
خصلتان جليلتان عطرتان.. بهما وعلى اساسهما يُكوِّنُ مَنهجُ الإسلام جِبَلةَ الإنْسَانِ وفِطْرتَه.. حب الخير وحب الغير.. وتأسيس الإسلام لحب الخير يتجلَّى في قوله الله تعالى: "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" أمَّا حب الغير فيؤكده رسول الإسلام بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ". ويؤكد أهل العلم أن الأخوة في الحديث تشمل الأخوة الإنسانية بعامة.. هذا وبكل تأكيد فإنَّ المسلمين وأجيال المسيرة البشريَّة بعامة اليوم.. هم بأمس الحاجة إلى وشائج الحب والمودة.. فالنَّاس - للأسف- في الغالب يعانون حالة من حالات تِصحر النفوس.. وتحجر القلوب.. وتفلن الأرواح.. والإسلام يدعو إلى الاعتدال والرشد في التحكم بالمشاعر فيقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم:" أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا.. وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا". وبعد فإنَّ منهاجاً يؤسس كينونَة الإنسان على حب الخير وبذله.. ويؤكد كراهية الشر والامتناع عنه.. ويُنشِّئ الأجيال ويقيم أذهانهم ويصيغ وجدانهم على حب الغير من دون اعتبار لهويته وانتمائه.. ويدعو إلى الاعتدال وعدم الغلو والتطرف.. لهو جدير بحق - إنْ فُعلَّت قيمه وتعاليمه - أنْ يُسعِفَ البشريَّة وينقذهم النَّاس مما يعانون ويقاسون.. حقاً إن البشريَّة اليوم بعامة في غَمٍّ وكَبَدٍ وَ كَمَد ..الكراهية والبغضاء أنشودة أجيالها.. والذبح والقتل والدمار ترانيم عُبادها.. والبنادق والألغام والسواطير لُعب أطفالها.. والبارود والدماء والغازات السامة زينة نسائها.. وصناعة الموت والهلاك والرعب من إبداعات علمائها.. وتناثر الأشلاء والإبادات الجماعية وسحق البشر والشجر والحجر متعة ساستها وجنرالاتها.. وبعد لِمَ ذلك كله ..؟ أهو فقط لئنَّ الضحايا من ثقافة أو ديانة أخرى.. أومن توجه سياسيٍّ آخر.. وباختصار لكونهه الآخر..!!! وبعد: أليست أزمتنا الكبرى تكمن في غياب فهم حقيقة ديانَةِ حب الخير وحب الغير ..؟
وسوم: العدد 813