الحضور الفاعل لفضيلة العلامة الأستاذ مصطفى بنحمزة في الأنشطة العلمية والثقافية
الحضور الفاعل لفضيلة العلامة الأستاذ مصطفى بنحمزة في الأنشطة العلمية والثقافية بحاضرة زيري بن عطية عاصمة الثقافة العربية لهذه السنة
غني عن التذكير بمن كان غنيا عن التعريف ، وهذا وصف ينطبق على فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور مصطفى بنحمزة أستاذ علوم اللغة وعلوم الدين والمدرس الخبير بكل أسلاك التعليم في بلادنا ، والعالم المجتهد الفذ ، والداعية المفوه ، عضو المجلس العلمي الأعلى ، ورئيس المجلس العلمي المحلي بحاضرة زيري بن عطية ، ومدير معهد البعث الإسلامي ، والأستاذ المحاضر بالتعليم العالي.
والحديث عن أفضال هذه الشخصية الفذة يطول ويتشعب، لأنه ما من مكرمة إلا وهو حاضر وفاعل فيها . ونريد في هذا المقال حصر الحديث عن حضوره الفاعل في جميع الأنشطة العلمية والفكرية والثقافية في هذه المدينة التي شرفت هذه السنة بلقب عاصمة الثقافة العربية . وهذا الحضور الفاعل هو دأبه وديدنه منذ سنوات ، ذلك أنه لا تفوته مناسبة من المناسبات إلا حضرها ، وتحدث عما كان فيها من أحداث . ولا يوجد مكان يتعاطى فيه للفكر والمعرفة إلا ارتاده، فحضوره في بيوت الله عز وجل فاعل على الدوام ، ذلك أنه لا يدشن مسجد تكون له مساهمة في تشييده بشكل أو بآخر إلا وحضر مناسبة تدشينه ليتحدث عن دور المساجد في حياة الأمة ، وقد يغتنم الفرصة للحديث عن أحداث متزامنة مع المناسبة يكون لها تأثير على الأمة . ولا يدشن مرفق من المرافق الاجتماعي أو العلمية أو الثقافية في هذه المدينة إلا وكان حضوره فاعلا أيضا ،فيحدث الحاضرين عن مواقف الإسلام من بناء تلك المرافق التي يعود نفعها على الأمة. ولا يستدعى لتظاهرة فكرية أو علمية أو ثقافية إلا لبى الدعوة ، وخطب في الحاضرين ، وقدم بين يدي خطابه رصيدا علميا وفكريا وثقافيا مهما . وحضوره الفاعل في كل تلك التظاهرات يتجلى في كونه يصل أهل كل قطاع وجه إليه الدعوة أصحابه بماضيهم الثقافي الغني والمشرف . وغالبا ما تكون مفاجأة من يدعونه لحضور أنشطتهم كبيرة حين يسمعون لأول مرة من عالم نحرير في قمة الحذق والفطنة والخبرة ما لا علم لهم به من قبل مما يتصل بمجال اختصاصهم . فكم من قطاع أو اختصاص يظن أهله أنه لا صلة له بالدين أو أنه لا سهم فيه لسلف الأمة ، فيفاجئهم فضيلته بكم هائل مما خلفه السلف مما له صلة وثيقة بذلك القطاع أو الاختصاص . ويقدم فضيلته على الدوام بين يدي حديثه في كل تظاهرة يحضرها مجموعة من عناوين المؤلفات التراثية التي يجهلها الكثيرون ، فيعرفهم بها ، ويشوقهم إلى الحصول عليها والنظر فيها . ولو دوّن مجموع ما ورد في كل أحاديثه في مختلف المناسبات من تلك المؤلفات لكانت النتيجة عبارة عن فهرس طويل عريض لخزانة علمية وفكرية وثقافية غنية . ولو جمع مجموع ما حدّث به في كل التظاهرات الفكرية والعلمية والثقافية لكانت النتيجة عبارة عن مجلدات ولا نبالغ إن قلنا دائرة معارف . وكم يكون مفيدا وجميلا أن ينبري الباحثون إلى جمع ما حدّث به هذا العالم الجليل في مختلف المناسبات والتظاهرات الفكرية والعلمية والثقافية، فضلا عما قدمه من تفسير لكتاب الله عز وجل في درسه الأسبوعي الذي يتفضل به مدة تزيد عن ثلاثة عقود ، وهو درس وإن كان في علم التفسير ، فإن فيه من الدرر اللغوية والأخبار المتنوعة والروايات المختلفة ، والتراث ، والنصح والتوجيه والنقد ...، وحتى الدعابة الشيء الكثير . وفي اعتقادي أن من حضر كل حصصه في التفسير واستوعبها أو دوّنها بدقة وموضوعية حق له أن يحصل على شهادة علمية وفخرية في نفس الوقت . ويجدر بمثل هؤلاء أن يشتركوا في تدوين هذه الحصص لأنها جزء من الرصيد العلمي والفكري والثقافي لحاضرة زيري بن عطية ، وهي ترجمة فعلية للشرف الذي حظيت به لما تم اختيارها عاصمة للثقافة العربية لهذه السنة .
وفضلا عما يحدث به فضيلته في مختلف المناسبات والتظاهرات ، فإن الجلسات الخاصة التي تحضرها مختلف النخب تزخر بالعلم والمعرفة والفكر والطرائف والغرائب التي تشهد لهذا العالم الفذ بقوة الحفظ وسعة الذاكرة ، وقوة الذكاء ، وقوة البديهة ، ولا يوجد فن أو علم أو فكر إلا ورمي فيه بسهم . ولا يجالسه جليس له اهتمام من الاهتمامات فكرا كانت أم احترافا إلا وشاركه فيها ، وزوده بما لم يكن له به علم من قبل ، وغالبا ما تأخذ الدهشة بمن يجالسه ،فيعلم منه في مجال تخصصه ما لم يخطر له على بال من قبل . إنها موسوعية رجل عصامي تحيط به الكتب والمؤلفات من كل جانب ، وله طريقته وأسلوبه ومنهجيته في التعاطي معها، وهو ينفرد بذلك حيث ينكشف له من تلك المؤلفات ما يند عنه غيره . ولفضيلته قدرة عجيبة وباع طويل في الربط المنطقي والعلمي بين ما يقرأ ، وهو خبير بالصلات بين أهل العلم والفكر قديمهم وحديثهم ، وبالتقاطعات فيما بينهم تكاملا كان ذلك أم اختلافا . وقد يبدو للكثيرين أنه لا صلة بين فكر وآخر في عصور مختلفة إلا أن فضيلته يثبت بقوة حجته الدامغة ما بينهما من أواصر.
وغاية فضيلته من كل نشاط فكري أو علمي أو ثقافي يحضره هي التذكير برهانه على العلم والمعرفة من أجل نهضة الأمة الإسلامية ، وعودتها إلى مجدها التليد من جديد ، وهو مجد لا يريده لها خصومها . وأمقت ما يمقته فضيلته الجهل بنوعيه البسيط والمركب ، ويعتبرهما عائقا يعوق نهضة الأمة ويؤخرها، وهي في أمس الحاجة إلى تسريع وتيرة نشر العلم والمعرفة بين أبنائها في زمن السرعة العلمية والمعرفية التي لم تكن من قبل . ويغلب على كثير من أحاديث فضيلته أن يجري مقارنات بين العلم والجهل في شتى الميادين ، فيجلي فضل العلم ، و يكشف ويفضح قبح الجهل فيها .
ومهما بلغ شأو المرء في الحديث عن حضور فضيلته الفاعل في الأنشطة العلمية والفكرية والثقافية في هذه المدينة ، وفي مختلف مدن هذا الوطن ، وحتى خارج الوطن ، فلن يوفيّه حقه ، ولن يكون مبالغا إن قال إنه فريد زمانه كما كان لكل زمان فريده . ونسأل الله عز وجل أن يمد في عمره، ويتفضل عليه بنعمة الصحة والعافية ، وأن يزيده شرفا على شرف ، وعلما على علم ، وأن ينفع بعلمه الأمة ، ويجازيه عنها خيرا في عاجله وآجله .
وأخيرا أقترح على عاصمة الثقافة العربية لهذه السنة أن تنتخبه أول شخصية فيبها ،وأن تتوجه قيدوما للثقافة فيها ، وتقلده أعلى وسام يمكن أن يقلد ، ولها في ذلك فخر وعزة وشرف.
وسوم: العدد 816