السباحة في البركة الملوّثة : مَن سَبح لم يَربح ، ومن لم يسبح ، لم يَنصح !
كانا غلامين ، بين الثانية عشرة ، والثالثة عشرة ، من العمر.. أحدهما أكبر من الثاني ، بسنة واحدة ، تقريباً !
ذهبا إلى بركة صناعية ، لضخّ الماء في الحقول ، كي يسبحا فيها !
الأكبر: نظر في الماء ، فلم يخلع ملابسه ، ولم يسبح ..!
الأصغر : أسرع في خلع ملابسه ، والنزول في البركة ، دون أن ينتبه ، إلى ما فيها !
كان الماء ملوّثاً بالكاز؛ فتلوّث جسم السابح .. والآخر، الذي انتبه إلى تلوّث الماء ، يَنظر إليه، ويضحك !
اللابس : لم ينصح صاحبه ، حين انتبه ، إلى أن الماء ملوّث ؛ لأسباب ، لم يُفصح عنها ، ولم يعرفها صاحبه :
هل منها: - على سبيل المثال - حبّ العبث والسخرية ؟
وهل منها: حبّ التشفّي ، الكامن في نفس الكبير، تجاه صاحبه الصغير؟
وهل منها : حبّ الظهور بمظهر العاقل ، الذي يتبصّر بالأمور، قبل الخوض فيها؟
وهل منها : عدم اكتراث الكبير، الذي يرى نفسه واعياً ، بما سيصيب الصغير، من التلوّث ، بالماء غير النظيف !
أم هذه الأسباب ، مجتمعة ، دفعت الكبير، إلى الامتناع ، عن نصح صاحبه الصغير؟
كانت النتيجة ، المتكرّرة ، في كثير من الحالات البشرية : السياسية ، والاجتماعية ، وغيرها..
أنّ السابح : لم يغنم من سباحته ، بل أصابه الأذى النفسي ، ممّا حلّ بجسمه ، من التلوّث!
وأن نفسه امتلأت ، باللوم والعتب ، وربّما ، بالحقد ، على صاحبه ، الذي رأى الأذى ، ولم يرشده ، إلى اجتنابه ، وهو الأكبر!
أمّا اللابس :
فلم يسلم ، من العتب واللوم ، وربّما، الحقد ، تجاهه ، من صاحبه الصغير! مع رسوخ الحالة ، في عقل الصغير، لتصبح ذكرى، لاتخلو من مرارة !
نماذج ، ممّا يجري ، في عالم السياسة (وحسبُنا ، هنا ، نموذج واحد ، حقيقيّ ومعبّر) :
أحدهم رأى خطراً عظيماً ، في سلوكٍ سياسيّ معيّن ، توشك أن ترتكبه ، إحدى الفئات السياسية، المشاركة معه، في معارضة أحد الأنظمة السياسية، في بلاده .. فلم ينصح هذه الفئة، بالتريّث، وحساب القرار المتسرّع ؛ بل شجّعها ، على الإسراع ، في السلوك المرتجل، وأغراها؛ بأنه سوف يساعدها ، في بعض الترتيبات ، التي تحقّق هدفها ، من القرار المرتجل ، والذي هو شريك ، في نتائجه الإيجابية ، لو حصلت .. وغير متأذٍّ ، بنتائجه السلبية ، التي كانت واضحة لديه!
وقد انتبهت تلك الفئة ، إلى المخاطر المترتّبة ، على سلوكها ، فصرفت النظر عنه ! وظلّت نصيحة الرجل المخادع ، المشحونة بالغشّ ، ذكرى ، من ناحية .. وكاشفة لخلقه الذميم ، من ناحية ثانية !
وسوم: العدد 823