لا تستغرب فأنت في عهد ترامب

أقدمت فتاة في ولاية لاس فيغاس الأمريكية على دفع رجل مسن من الحافلة مما أدى إلى مصرعه ؛ وكان الرجل المسن قد طلب من الفتاة أن تتحدث بتهذيب أكثر ؛ بينما كانت تسيء للركاب الآخرين ..

الفتاة لم تكترث كثيرا لرؤية المسن يتدحرج من باب الحافلة ويصاب إصابات بالغة أدت إلى وفاته .

وإذا صحت عبارة: الناس على دين ملوكها، فإن سلوك الفتاة اللامبالي والمستخف بالآخرين والمستفز لهم هو أنموذج واضح لسلوك أوباما اللامبالي ..

أولا والذي جعل من الولايات المتحدة مثل معدن الرصاص الذي استنفد طاقته الإشعاعية فخبا إشعاعه وبريقه .. ثم ترامب الذي جعل من هده الدولة مثل زعران الحارات والأسواق يتعيشون من فرض " الخوة " على الناس .

حادثة لاس فيغاس ليست حادثة فردية عابرة ؛ بل هي تلخيص انموذجي لما يتحول إليه العالم عبر سلوكيات ليبرالية لا قيمية تقدس النزق الفردي والنزوة الفردية .

دفع فتاة الحافلة للمسن من بابها مشتق مباشرة من إقدام رئيس مثل ترامب في دولة مثل الولايات المتحدة على إقالة كبار مستشاريه ومساعديه ووزرائه عبر تغريدة على تويتر ؛ فأي استخفاف بالإنسان والإنسانية هذا ؟!

وكما دفعت الفتاة الأمريكية في لاس فيغاس رجلا أمريكيا مسنا من حافلة أمريكية ووقفت تتفرج عليه ، سمح أوباما وترامب لبشار الاسد ولبوتين ولقاسم سليماني أن يدفعوا الشعب السوري عن خارطة الأحياء وخارطة الجغرافيا والديموغرافيا . وما زالوا منذ عشر سنين يتفرجون عليه كما تفرجت فتاة لاس فيغاس على الرجل المسن الذي دفعته إلى الموت ..

في عالم السينما أفلام كثيرة حدثتنا عن المخلوق الهجين الذي يتم تهجينه في المختبرات ثم يصعب السيطرة عليه ..

أو الربوت الذي يتمرد على صانعه فيقضي عليه .

إنسانيا يبدو أننا أمام حالة مماثلة ..

ما كان أقرب في بلد مثل الولايات المتحدة أن تترشح فتاة الحافلة فتنجح إلى رئاسة الدولة بعد تقديم بعض العروض المعجبة كما نجحت راقصة التعري في البرلمان الإيطالي منذ ربع قرن .

الإرهاب الحقيقي هو هذا الغول القابع في العقول والقلوب وفِي زوايا أخرى من النظم السائدة في الدول والمجتمعات....

أعلن نيتشة يوما موت الله ونحن نعلن اليوم إن كل القلوب التي مات فيها الله - تعالى الحي الذي لا يموت - كان الذي مات فيها بحق هو الإنسان....

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 825