مواهب الأطفال بين القتل و الأحياء

علي فاهم

تعتبر المدرسة البيئة الخصبة  لأستكشاف المواهب لدى الاطفال فلم تصل أسرنا و عوائلنا الى ثقافة أستكشاف و تنمية مواهب أبنائهم فهم يتكلون على المدرسة في انجاز هذه المهمة و أغلبهم لا يهتم إن كان لطفله موهبة من عدمها , و رغم أن الكثير من الدراسات تشير الى أن أكثر من 95% من البشر هم ملدعون ويمتلكون مواهب أما تكون مستكشفة أو مكنونة الا اننا في مجتمعنا لا نجد الا قلة قليلة ممن لديهم موهبة أو تميز أو أبداع في مجال معين و طبعاً يقع على المدارس مسؤولية كبيرة في أيجاد المساحة الابداعية التي يخرج الطفل مواهبه و نحن نفتقر الى هذا النشاط الذي يعتبر نشاط لاصفي لاننا حولنا المدارس الى علب مهمتها أن تلقي المعلومات في رؤوس الطلبة فيخرج الطالب و دماغه معبأ بمعلومات اغلبها ينساها أو لا تنفعه في حياته في شيء و ربما تحولت بعض المدارس الى أجواء موبوءة يكتسب فيها الطالب سلوكيات منحرفة من أقرانه و خاصة في مرحلة المراهقة في محاولته لأثبات الذات و التميز و لأنه لم يجد المساحة الصحية المناسبة التي يستكشف فيها ما يمتلك من مواهب فيلجأ الى أفراغ طاقاته و يحاول التميز في الطرق الميسرة و السهلة كالتميز في الشكل من خلال قصة الشعر أو الملابس الغريبة أو تقليد الفنانين و الرياضيين في حركاتهم و أزيائهم و لكلا الجنسين حتى لجأ بعضهم الى التخنث و التميع و الشذوذ من أجل ألفات الانتباه اليهم ، و لو أننا أوجدنا لهم الارض الصالحة و البيئة المناسبة ليتميز هؤلاء في مواهب و أبداعات فنية أو أدبية أو رياضية أو علمية لما لجأ أبنائنا و أطفالنا الى أهمال أنفسهم و ربما الخمول و الكسل و اللامبالاة لأنه لا يعرف أنه يمتلك موهبة ما أو يبدع في مجال معين سأذكر حادثتين متناقضتين الاولى مع أبنتي زينب و هي تلميذة في الصف الثاني الابتدائي أمتلكت زينب موهبة الخط الجميل و مع التشجيع أصبح لخطها جمال نحسدها نحن عليه ، في احد الايام لاحظت أن خط أبنتي مشوه و فجأة فقدت براعتها في جمال الخط و بعد سؤالها عن السبب في هذا التدهور المفاجأ تبين أن معلمتها اتهمتها أن أهلها هم من يكتبون لها و انه ليس خطها و وبختها أمام اقرانها فتعمدت زينب أن تشوه خطها لتتجنب تقريع معلمتها المتكرر و لم تفد كل المحاولات لإرجاع خطها الى سابق عهده و كأن تلك الموهبة أغتيلت ووأدت في مهدها ، و الصورة الثانية حصلت في مدرسة أخرى حيث قامت معلمة التربية الفنية في مدرسة أبتدائية للبنات بأستكشاف مواهب كثيرة و جميلة في كتابة القصص القصيرة من قبل تلميذات صغيرات بمجرد انها طلبت منهن أن يكتبن قصص قصيرة و اذا بها تستكشف أن هؤلاء التلميذات يمتلكن مواهب رائعة لم تتوقعها في مثل أعمارهن رغم أن المدرسة موجودة في بيئة ريفية قد لا تساعد على خلق مثل هكذا أفكار و لكن لم تحتاج المعلمة الا لأيجاد المساحة و الفضاء المناسب لنمو بذور الابداع عند هؤلاء التلميذات و شتان بين المعلمتين فاحداهما تقتل المواهب و أخرى تحييها ،

و لهذا فانا أدعو الى مراجعة المنهجية التي تتبعها وزارة التربية برمتها في عملية التعليم و اليات تخريج أبنائنا معبئين بكثير من التعليم و لا شيء من التربية رغم ان الوزارة أسمها التربية و التعليم .