ما بين ضرورة الترفيه الذي نحتاجه إنسانيا و قتل الوقت
ما بين ضرورة الترفيه الذي نحتاجه انسانيا و قتل الوقت
يوجد فرق:
قد نتفق جميعا أننا نحتاج اوقاتا للسمر والترفيه عن النفس.
ولكن ماذا عن هؤلاء الذين تكون التسلية منهجا لحياتهم بالمطلق،فلا عمل لهم سوى البحث عن أماكن التسلية وارتيادها،وهؤلاء أكثر بكثير مما نظن .
تمضي حياتهم بنمطية معينة،فهم لا يريدون ان يتعبوا أنفسهم بشيء ولا حتى بالتفكير.
ولا يشعرون طبعا بأي تأنيب للضمير طوال أنهم وحسب نموذج تفكيرهم لا يؤذون أحدا ،ويطبقون العبادات المطلوبة يصومون ويصلون ..هؤلاء بالضرورة لا يبق لهم إلا "الحديث عن الآخرين وانتقادهم" فلا حديث يجيدون غيره فلا يوجد شيء آخر وهذه هي النتيجة الطبيعية عندما لا يشغل الوقت.الأمر هنا لا يتعلق بالأخلاق بل يتعلق بوجود وقت لا بد ان يشغل بشيء ما.
هؤلاء حريصون على بناء أجمل البيوت والمزارع لهم ولكن مثلهم يعجز على بناء أوطان. فمثلهم لا يكترث بما يجري حوله ولا تهمهم اي مشاركة ولا يسألون أحدا لا علما ولا فهما،وتطوير أنفسهم يقتصر على الجانب المادي للحصول على المزيد من الرفاه والترفيه.
وهم أول المستفيدين من تكنولوجيا المحمول والسيارات ويمتعون أنفسهم بآخر ماتوصل اليه العلم بدون اي فهم او محاولة للفهم.
يتعلمون حياة الدعة والبلادة والثرثرة ويحتارون كيف يمكن لكل هذا الوقت ان يمضي.
لا يسعني ان اقول عن هؤلاء إلا بأنهم يخضعون لعبودية،عبودية من نوع سيء جدا.عبودية للأنا"..أنانية مفرطة لايرى فيها المتوحد مع ذاته إلا نفسه.ولا تستغرب ان يبحث لذاته عن لقب:فنان،شاعر،رومانسي.حدوده هي متعته وذاته.
وتمضي به الأيام دون اي شعور بتأنيب الضمير ويعيش عمرا بمعرفة لا تتجاوز معرفة طفل .
....هو لم ينس الله ويسأله حسن الخاتمة.ويطلب منه النجاة من النار.ولكنه لم يسأله علما ولا فهما ولا منفعة له او لأحد آخر.
وللإنصاف اقول ان هذا الكلام لا ينطبق فقط على محبي التسلية بل يشمل شريحة اخرى من المتدينين الذين سطحوا الدين وحصروه بين المسبحة والصلوات واوراد الذكر ونسوا الاعتناء بأسرهم ،ولم يتدخلوا لمنفعة وعمل اخر بحجة الدروشة الدينية.
هذين النموذجين هما نموذج لعملة واحدة وكثيرا مايتحول النوع الأول إلى النوع الثاني كردة فعل ساذجة من منتهى العبث إلى منتهى الورع"ويظنون ان هذا فقط هو الصلاح.
الحياة الاجتماعية جميلة ،والصحبة اجمل،ولكن البحث المستمر عن السعادة والأوقات الممتعة هو إدمان يتناسب طردا مع عدم مسؤولية الشخص وسطحيته.
ثم ان السعادة لا نتسولها من أحد هي تنبع من داخلنا أو لا توجد على الإطلاق.
فلنضع بصمتنا لنصبح معروفين من قبل الآخرين.
او لنكن معروفين من قبل أنفسنا على الأقل.
وسوم: العدد 827