وقفات عند أبيات من شعر طرفة بن العبد فيها حكم
الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد طارف الشعر بحكمه ، وهو شاعر أصيل لا ينهل من منهل غيره كما عبر عن ذلك بقوله :
وكأنه ينأى بنفسه عما وصف به الله عز وجل في محكم التنزيل شعراء لا يصدقون ويقولون ما لا يفعلون .
وسنقف عند بعض ما قاله من حكم لا يسع من يسمعها إلا تصديقها وهي كالآتي :
يقول طرفة :
وفي هذا إشارة إلى استخفاف واستهانة الناس بصغائر الأمور التي تكون سببا في وقوع عظائمها.
ويقول :
ففي البيت الأول يشبه الشاعر الإثم بداء لا يرجى شفاؤه بينما يشبه البر بعافية لا ضرر معها .
أما في البيت الثاني، ففيه إشادة بالصدق وهو خلق الكريم، وذم للكذب وهو خلق اللئيم .
ويقول :
وفي هذا إشارة إلى ما يعانيه الإنسان إذا وقع عليه ظلم الأقارب الذين لا يتوقع منهم ذلك فيكون أشد عليه من ظلم الأباعد الذين لا يستبعد منهم ذلك . وغير المنتظر يكون وقعه أشد على النفس من المتوقع .
ويقول :
وهذا قريب من معنى البر لا يبلى والذنب لا ينسى .
ويقول :
وفي هذا إشارة إلى إعجاب الناس بشخص جاهل بالأمور وغفلتهم عن شخص عالم خبير بأصولها .
ويقول :
وفي هذا إشارة إلى أن الأماني لا تدرك كلها ، وما يحتاجه الإنسان في حياته كثير لا يدركه كله وإن تمنى ذلك .
ويقول :
وفي هذا إشارة إلى من يغفل عن عار أو ذل أو ذم يلحق به إذا ما لحق بمن له به صلة قرابة أو نسب أو صداقة .
ويقول :
وفي هذا إشارة إلى من لا يزن الكلام ولا يلجم لسانه ، فإنه يفضح عوراته .
ويقول :
وفي هذا إشارة إلى أن الناس يتعارفون حين تجمع بينهم الظروف ، وينتهي تعارفهم إما بعداوة تتقى أو بخلة ترجى وتحمد.
ولقد اتخذ الشاعر أخلاء سوء ،فخذلوه فقال فيهم:
ففي البيت الأول دعاء على من ظنهم أخلاء، فخاب ظنه فيهم بأن يفض الله أفواههم وقد راغوا منه كما يروغ الثعلب .
ويقول :
وهذا شبيه بقولهم قل لي من تصاحب أقول لك من أنت ، ولا حاجة إلى السؤال عن شخص غير معروف إذا عرف قرينه .
ويقول :
وفي هذا إشارة إلى أن الشرور تتفاوت في قسوتها ،فيهون على النفس أقلها قسوة وشدة ، بينما يشق عليها أكثرها قسوة وشدة .
ومما اشتهر به الشاعر طرفة بيتان من معلقته هما :
وفي هذا إشارة إلى ما يخفيه مستقبل الأيام للإنسان من مفاجآت لم يكن يتوقعها .
هذه بعض حكم الشاعر طرفة ما أحوج الناس إليها في زماننا هذا الذي أتانا بأخباره من لم نضرب له وقت موعد ، ولم نبع له بتاتا ،فعسى أن يكون فيها تنبيه لغافل أو جاهل .
وسوم: العدد 829