لبيك يا سورية.. لبيك يا سورية

في السادس عشر من حزيران 2013 دوت كلمة الرئيس المصري الشرعي محمد مرسي بحضور آلاف من المصريين الذين تجمعوا في مؤتمر "لنصرة سورية" بالصالة المغطاة بملعب القاهرة، دوت كلمة مرسي "لبيك يا سورية"، وهو يحمل علم الثورة السورية بيد، وباليد الأخرى علم مصر العربية، برمزية تشير إلى وحدة البلدين التي إن قامت ستحقق المعجزات كما كان حالها على مر التاريخ، مهاجماً في كلمته، النظام السوري ومعلناً قطع العلاقات معه، بما في ذلك إغلاق السفارة السورية في القاهرة وسحب القائم بالأعمال المصري من دمشق.

ووصف مرسي ما يجري في سورية بالإبادة الجماعية، وتعهد بالتواصل مع الدول العربية والإسلامية من أجل تنظيم مؤتمر لنصرة سورية، مشيرا إلى أن بلاده تطالب المجتمع الدولي بفرض منطقة حظر طيران فوق سورية من أجل وقف نزيف الدم.

وطالب حزب الله اللبناني بمغادرة الأراضي السورية، وأكد أن بلاده تقف ضد الحزب في "عدوانه" على الشعب السوري.

واعتبر الرئيس مرسي أنه "لا مجال ولا مكان" للنظام السوري الحالي في سورية مستقبلًا، معتبرًا أنه ارتكب "جرائم ضد الإنسانية".

ودعا الشعب المصري إلى "معاملة المواطنين السوريين" الوافدين إلى مصر "مثل المواطنين المصريين تماما".

ووجه مرسي رسالة إلى الشعب السوري، وطالبه بالتمسك بالحرية لأنه لا بديل عنها سوى "المذلة والإهانة"، ودعا لتوحيد الصف و"الارتفاع على الخلافات" والاستعداد بشكل موحد وممثل لكل أطياف الشعب السوري "لعمل شاق وأدوار صعبة وأيام تتطلب جهد الجميع لبناء سورية الجديدة".

وبهذه القرارات الجريئة والشجاعة للرئيس مرسي استعادت مصر دورها الذي غاب لسنين طويلة، واستعاد السوريون بقرارات الرئيس المصري دعماً كان مفقودا.

وقد جاء عقد مؤتمر "نصرة سورية" بعد يومين من استضافة القاهرة مؤتمراً لعلماء ودعاة بارزين حملوا على النظام السوري، وأكدوا ضرورة الجهاد ضده، خصوصاً أن الصراع بين الثورة والنظام أخذ منحى طائفيا بالمساندة التي يلقاها النظام من إيران الصفوية وحزب الله اللبناني الشيعيين.

ولعل هذا الموقف للرئيس محمد مرسي تجاه الثورة السورية كان أحد الدوافع لإبرام أمر في ليل بهيم، كانت ساحته تل أبيب وواشنطن وطهران، وبتمويل ودعم من الرياض وأبو ظبي، والتعجيل بالانقلاب عليه، لإبعاده عن الساحة التي أراد لها تفعيل الدور المصري الذي غُيب لعقود طويلة بعيداً عن قضايا الأمة وتحقيق أهدافها وأمانيها.

إسقاط النظام السوري أمر جلل بالنسبة للدولة العبرية، وهو الحامي لحدودها الشمالية لنحو نصف قرن، وكذلك أمر مقلق لدولة عمائم قم، وقد بدأ مرسي كلمته في أول زيارة لطهران لحضور مؤتمر "قمة عدم الانحياز" الذي عقد في طهران: “باسم الله والصلاة والسلام على رسوله والترضية على الخلفاء الراشدين الأربعة ذاكراً إياهم بالاسم أبي بكر وعمر وعثمان وعلي”، الرسالة هنا هي عودة الروح الإسلامية لمصر بعد “ثورة 25 يناير”، وتعبيرها عن الإسلام المعتدل السمح، الذي لا يفرق بين رسل الله، ولا بين صحابة الرسول وخلفائه الراشدين. فكلهم من ذوي الفضل، من الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل نشر الإسلام وإعلاء كلمته.

كما عبر في كلمته عن المفهوم الإسلامي المعروف بتعبير “الظلم” حيث وصف النظام السوري بأنه نظام ظالم. فالظلم كما في الأثر “ظلمات”، وفي قول مأثور إن “المُلك يدوم مع العدل ولو كان الحاكم كافراً، ولا يدوم مع الظلم ولو كان الحاكم مسلماً”. هل هناك رسالة أكثر وضوحاً من ذلك لمن يرغب في الفهم والإدراك.

مؤكداً في كلمته على حق الشعب السوري في حريته ضد النظام القمعي الظالم، وأكد انتماءه كرئيس لثورة شعب مصر، الذي حصل على حقوقه بتغيير نظامه، وفي مقدمته رأس النظام، ورفضه لمفهوم توريث السلطة في نظام جمهوري، وكذلك رفضه لأساليب القمع للشعب السوري، في حين أن النظام السوري منذ نصف قرن لم يطلق طلقة واحدة عبر الحدود على الدولة العبرية التي تحتل أراضيه في الجولان، رغم ادعائه مع أعوانه وأنصاره بأنهم يعبرون عن معسكر الرفض والممانعة والصمود، وغير ذلك من الألقاب والمسميات التي أصبحت فارغة من المعاني الصحيحة.

إيران حليفة النظام السادي في دمشق، كانت قلقة أيضاً من سقوط النظام السوري، وقد دفعت المليارات من قوت شعبها وعرقه من أجل تحقيق حلمها في إقامة الهلال الشيعي الممتد من طهران حتى بيروت مروراً ببغداد ودمشق، وإحياء امبراطورية فارس المجوسية، وقد تحقق بعض هذا الحلم من خلال حليفها مجرم الحرب بوتين، والميليشيات التي جندتها من كل بقاع الأرض، ودفعت بها إلى سورية، لتفعل فيها ما فعله نيرون في روما وما فعله هولاكو في بغداد من حرق وذبح وتدمير وتهجير.

رحم الله الرئيس محمد مرسي الذي لم يبخل بحياته نصرة لشعب سورية ونصرة للمظلومين في كل البلاد العربية والإسلامية والمظلومة والمقهورة في العالم.

وسوم: العدد 829