‏قتلوه فانتصر عليهم

clip_image002_8e5d4.jpg

السيسي الذي حنث بيمينه فغدر برئيسه وخان الأمانة، كان يحمل كمّا هائلًا من الحقد على الرئيس الشرعي المنتخب مرسي، فتمّت معاملته بطريقة قاسية وفظّة وخشنة مصحوبة بحملات إعلامية محمومة ومسمومة يشنها أبواق وأقزام لم يعرفوا للإنسان قدرا، ولا للخلق ميزانا وأمرا، ولا للموت مهابة وحرمة. قَتَل السيسي مرسي وأغتاله، وسواء كان اغتيالا بطيئا من خلال حرمانه من الدواء والمعالجة الطبية ووضعه في سجن انفرادي وهو ما يجمع عليه الجميع، أو بشكل مباشر من خلال إعطائه مادة تفضي لتوقف قلبه. شخصيا أرجح أن الاغتيال تم بشكل متعمد ومقصود، ولعل الطريقة التي تعامل معها النظام فيما بعد الموت من حيث منع التشييع والعزاء والإسراع بالدفن وإصدار النائب العام تقرير الوفاة بعد ثلاث ساعات فقط، علاوة على ترك الشهيد ممددًا في القفص أكثر من ثلث ساعة دون أن يتحرك الأمن والقضاة لإسعافه. مؤشرات على أنّ ما جرى هو اغتيال مباشر وموقت ومتعمّد. أضف إلى ذلك مواقف الأبواق الإعلامية والتي تُحركها أجهزة الأمن بالريموت تدعم هذا التحليل، فكمية الحقد على الرئيس الشرعي والشماتة به وبموته، كانت أكبر من أن يتحملها من يحمل ضميرًا إنسانيًا. كما أن عمرو أديب تحدث في برنامجه السياسي وقبل أيام من اغتيال مرسي وبشكل مفاجئ عن الموت المفاجئ، أما أحمد موسى فشكر الله على أن الموت حدث في القفص وليس في الزنزانة وهو ما يشير إلى اللعبة الأمنية لقتله أمام الناس لإبعاد الشبهة عن نظام السيسي.   أرادوا من خلال قتله أن يغيّبوه وأن يسدلوا الستار على مشهد ظنوه أخيرا وأن يتجاوزوا مسألة الشرعية والرئيس المنتخب، فخاب مسعاهم فإذا بالرئيس الشهيد أكثر حضورا وأشدّ تأثيرا وأقوى أثرا منه من الرئيس الأسير أو حتى الرئيس المنتخب. فقد أصبح مرسي أيقونة عالمية في الصدق والثبات والإخلاص والدفاع عن حقوق الشعوب في الحرية والمشاركة والحياة الكريمة، وأصبح كذلك رمزا للطهر والعفة ومواجهة الظلم والاستبداد واللصوص الذي يسرقون خيارات الشعب وقرارته ومستقبله وقوت أطفاله ومقدرات بلاده.   لقد أعلن مرسي من اللحظات الأولى للانقلاب أنّه مستعد لتقديم حياته ثمنا للشرعية ولحرية الشعب وقد كان، وعلى الرغم من المعاناة القاسية التي عاناها فقد كانت كلماته الأخيرة تفيض بحب بلاده وشعبه والحرص على مصالح الوطن وأمنه.     انتصر مرسي على الطغاة بثباته وصدقة وانتصر عليهم بحب الملايين في أرجاء العالم الذين بكوه ونعوه وصلوا عليه صلاة الغائب بعد أن سلب السفاح منه رئاسته وحقه في الحرية والحياة ثم اعتدى بحقد ولؤم على حقه ميتا في التشييع والعزاء.   الرئيس الشهيد فضح أعداءه وخصومه من المتهافتين على التطبيع، ومن المندفعين بهستيريا في حملات نزع الأخلاق والقيم عن شعوب الأمة والتشكيك بثوابت الدين، وكذلك عن الممولين لثورات مضادّة وإشعال الحروب لتبقى أمة العرب في ذيل الأمم تحيا كالقطيع، فتنهب ثرواتها ومقدراتها من القوى الخارجية عبر عملاء ووكلاء.   الصمت الغربي بل قل التواطؤ الدولي كان جليًا وواضحًا، فالغرب لا يريد من أصحاب مشاريع النهضة مثل أردوغان، ومرسي أن يحكموا بلادنا، بل يريدون لأمثال السيسي الضعيف والمتناقض والذي يقف في حضرة ترامب ونتيناهو ذليلًا منكسرًا، أن يتزعموا المشهد السياسي في بلادنا ودولنا.   الخارجية الأمريكية والتي كانت تعلّق وتصرخ وتشتكي من مجرد استدعاء النيابة العامة في عهد الشهيد مرسي لباسم يوسف، قالت: ليس لها تعليق على استشهاد أول رئيس منتخب في مصر في محكمة هزلية تثير السخرية والقرف. والغرب والذي يحتج على توقيف صحفي أو جاسوس في تركيا؛ وقف صامتًا أمام اغتيال الرئيس المنتخب، والحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية في مصر!!!   فالرئيس الشهيد سيساهم في إفشال مؤتمر البحرين والذي يروج لصفقة القرن، الرئيس الشهيد أفشل كلّ حملات الإعلام والتشويه على الإخوان المسلمين، فجماعة تخرج مثل هذا الرجل جديرة بكل الاحترام والتقدير.   فالرئيس الشهيد وكلماته ومواقفه ستلاحق السيسي وحلفائه، وتفضح مخططاتهم في إذلال الشعوب وتقديم التنازلات ومقدرات الأمة للقوى الدولية.   والرئيس الشهيد سيحاصرهم إذا تحركوا، ويفضحهم إذا نطقوا، ويلعنهم إذا خانوا.   على الذين انتقدوا الرئيس الشهيد في حكمه أو صرّحوا بأن الرجل ارتكب أخطاء، عليهم واجب الاعتذار فالرجل كان محاطا بحقول ألغام ومطوّقا ببشر هم أكثر شرًا من إبليس وكان مراقبا بالليل والنهار، ومع كل ذلك عجز أمن السيسي أن يمسك على الشهيد زلة أو هفوة أو كلمة مسيئة أو تصرفا مخلا في حين أن تلك الأجهزة لمجرد موقف اختلاف مع من دعموا السيسي وأيدوه تلجأ لتسريب فضائحهم الأخلاقية ومخالفاتهم المالية وتصرفاتهم المشينة.   رحم الله الرئيس محمد مرسي، فقد غادرنا بروحه وجسمه ولكنه سيكون معنا بأخلاقه وقيمه وثباته، وسنرى قريبا أثره ودوره في انتصار الربيع العربي وتحقيق خيارات شعوبنا في الحرية واستقلالية القرار السياسي والسيادة والكرامة، بإذن الله، وإن غدا لناظره قريب.

وسوم: العدد 830