"داعش" النشأة - التوسع – الدور المرسوم لها ضد الثورة السورية
تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"
النشأة - التوسع – الدور المرسوم لها ضد الثورة السورية
مدخل :
عرفت الأمم السابقة الغلو والتشدد كأسلوب ومنهج في التعامل مع الأمور ، خاصة في الدين والعقيدة ، وقد تحدث القرآن الكريم عن هؤلاء الذين غلوا في دينهم في سياق الذم لهم والنهي عن مثل أفعالهم ، وحدد منهم اليهود والنصارى ، فقال تعالى : ( قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ، ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلّوا عن سواء السبيل ) . المائدة (77) . وجاء النهي للمسلمين عن الغلو والتشدد والتطرف في الأمور، لأن ذلك مخالف للفطرة وللفهم الصحيح الذي نزلت به مقاصد الشارع الحكيم سبحانه وتعالى، لهذا دعت نصوص القرآن والسنة النبوية إلى الالتزام بالإسلام منهجاً للحياة قائم على الوسطية والاعتدال ، باعتباره الدين الخاتم للديانات السماوية ، قال تعالى :( وكذلك جعلناكم أمة ً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً ) . وأنه المنهج الرباني المتكامل المنزل من عند الله للبشرية جمعاء في كل زمان ومكان منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وحتى قيام الساعة ، قال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) . المائدة (3) و قال تعالى : (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ).الإسراء (9) وقال تعالى: ( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا لسبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) . الأنعام ( 153 ) .
وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم حاول بعض الصحابة الغلو في تطبيق العبادات وأحكام الإسلام ، كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه جاء ثلاثة رهط (رجال ) إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالّوها ، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم ، قد غـُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر؟ قال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبداً ، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداًً ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني[1] . فتلك وسطية الإسلام التي عبر عنها عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث .
وفي أثناء خلافة علي ّ بن أبي طالب وفي خضم التنازع على الخلافة بينه وبين معاوية رضي الله عنهما ، رفض البعض من أتباع عليّ تحكيم كتاب الله ، وخرجوا عليه فسُمّوا الخوارج وقاتلهم عليّ حين رفضوا الانصياع للحق بعد حوارات ومناقشات طويلة[2] ، وكان ذلك بدء الغلو كمنهج في الفكر والعقيدة ، وكَسُـنّة سيئة سنّها هؤلاء في الأمة واستمرت حتى يومنا هذا .
في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين نشأت حركة التكفير والهجرة في مصر جراء التعسف في استعمال السلطة من قبل السلطات الحاكمة في مصر في عهد عبد الناصر ، وكرد فعل على القمع والاضطهاد الذي تعرض له بعض الشباب المتدينين في سجون عبد الناصر، وتحول هذا الفكر إلى منهج يسير عليه بعض المنتسبين للحركات الإسلامية في عصرنا الراهن ، تحت مسمى ما يعرف بالتيار السلفي ، وانتشر هذا التيار في العديد من البلدان العربية والإسلامية ، واتخذ شكلاً سياسياً سلمياً في بعض البلدان ، لكن هذا التيار السلفي يؤمن بالعمل الجهادي في بلدان أخرى ، وهو ما يعرف بالتيار السلفي الجهادي ، وكلا التيارين ما يزال له حضوره على الساحة الفكرية والسياسية والدعوية في الكثير من البلدان العربية والإسلامية حتى الوقت الحاضر .
المبحث الأول : أصل داعش ومنبتها :
أولاً : تنظيم القاعدة أساس دولة العراق والشام :
في مطلع التسعينيات من القرن العشرين ظهر تيار فكري إسلامي جديد عرف بتيار الجهاد أو قاعدة الجهاد ، أو ما يعرف اختصاراً بالقاعدة ، وكان ظهور هذا التيار على يد أسامة بن لادن ومجموعة من الشباب الإسلاميين من بعض الأقطار العربية والإسلامية ، وكان ذلك كرد فعل بعد حرب الكويت عام 1991 م على وضع أمريكا قواعد عسكرية لها في بعض دول العالم الإسلامي ، فنهض حينذاك أسامة بن لادن ومن معه للرد على ما اعتبروه امتهان الأمريكان لكرامة الأمة الإسلامية ، منطلقين من مبدأ مجاهدة الكفارلأنهم يعتدون على ديار المسلمين واستقلالها .
فكان هذا العمل ظهوراً لأول مجموعة جهادية أنشأها أسامة بن لادن ودرّبها في أفغانستان ، ثم بدأت هذه المجموعة تعمل علناً في العديد من بلدان العالم الإسلامي باسم تنظيم قاعدة الجهاد ، أو باسم تنظيم القاعدة اختصاراً ، وتعلن وقوفها بشكل علني ضد الوجود الأمريكي في المنطقة العربية والإٍسلامية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق مطلع نيسان 2003م ، والذي تم بمساعدة إيرانية كبيرة ، وبالتواطؤ مع العناصر الشيعية الموالية لها في بعض البلدان العربية كالعراق ولبنان .
إذاً تأسس تنظيم القاعدة كما أعلن قادته عبر وسائل الإعلام ، للتصدي للوجود الغربي في ديار المسلمين ، وإذا كان الأمر كذلك ، فقد نظر البعض إلى توجهاته على أنها توجهات جهادية محضة ، تبغي الدفاع عن ديارالعرب والمسلمين ، وعن كرامتهم المنتهكة من قبل الغرب وأعداء الأمة ، والوقوف في وجه الاستعمار الغربي الذي يسعى للهيمنة على مقدرات العالم الإٍسلامي بالطرق والأساليب غير المباشرة ، بعد تغيير الغرب لأسلوبه السابق بالتدخل العسكري المباشر في العالم الإسلامي لتحقيق مصالحه ، وينطلق تنظيم القاعدة في موقفه هذا ضد الغرب ، من اعتقاده بأن الدول الغربية تتدخل في بلدان العالم الإسلامي بطريقه ليس فيها أية مراعاة لمصالح العالم الإسلامي وخصوصياته الثقافية والاجتماعية والدينية والحضارية ، كما يعتبر تنظيم القاعدة ذلك كله انتهاكاً لمصالح الأمة الإسلامية وكرامتها واستقلال قرارها ، وأن القاعدة وجدت في هذا مبرراً منطقياً ودينياً كافياً لكي تستقطب الكثير من شباب المسلمين ذوي الحماسة والشجاعة والغيرة والاندفاع والحمية ، تحت غطاء الذود عن ديار الإسلام وعن حرمات الأمة وكرامتها ، ممن لم ترضهم الأوضاع السائدة في العالم العربي والإسلامي ، ولكنهم ومع حميتهم وشجاعتهم واندفاعهم ، فإنهم على قـَدْر كبير من البساطة ومن قلة الثقافة السياسية والإسلامية، وأيضاً قلة الوعي والخبرة في الحياة ، ولأن أغلبيتهم في أوج اندفاع الشباب ، وليس لديهم من القادة والمفكرين من ذوي الحكمة ورجاحة العقل والفقه الشرعي والدراية السياسية ، ما يوجههم نحو الموقف الصائب تجاه ما يجري حولهم ، ولذلك فإنهم غير قادرين على تمحيص الأمور ومحاكمتها بالقدرالذي يتيح لهم معرفة حقيقية بما يدبر أعداء الأمة والمتربصون بها من حولها .
وعلاوة على ما سبق فإن أغلبية الشباب المنضوين تحت لواء تنظيم القاعدة ، وبالرغم مما هم عليه من قلة الخبرة والدراية والثقافة ، فإنهم لا يعرفون بشكل دقيق حقيقة بعض قادة تنظيم القاعدة ، وخاصة بعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق ، إذ تم هذا الاحتلال بمعاونة إيرانية مكشوفة ومنسقة ، وأيضاً بتواطؤ إقليمي تام مع أمريكا ، وبدأت الأمور تتكشف شيئاً فشيئاً ، وأن المعاونة الإيرانية لأمريكا إنما كانت بفعل اختراق الاستخبارات الأمريكية والإيرانية واستخبارات العديد من الدول الإقليمية الأخرى لتنظيم القاعدة ، خاصة على مستوى القيادات ، لأن بعض قيادات القاعدة لجأت إلى إيران بعد احتلال أمريكا لأفغانستان عام 2001م ، وبالتالي تم اختراق تنظيم القاعدة بدءاً من تلك الفترة من قبل استخبارات تلك الدول خاصة الاستخبارات الإيرانية .
ثانياً : انتقال تنظيم القاعدة إلى العراق ، واختراق المخابرات العراقية له:
بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م ، نشأت حركة المقاومة العراقية ، أو جيش المجاهدين ، في المناطق السنية من العراق ، وبدأ المجاهدون من أبناء السُّنَّة في العراق يشنون حرب عصابات ضد الاحتلال الأمريكي وضد الحكومة العراقية الموالية للاحتلال الأمريكي ، وبدأت حملة اعتقالات وملاحقات ضد المقاومة العراقية وأتباعها ومؤيديها ، وجاء انتقال تنظيم القاعدة إلى العراق في هذه الفترة بالذات بعد هزيمته في أفغانستان ، مستفيداً من وجود المقاومة العراقية على الساحة ، فاخترقت مخابرات نظام المالكي تنظيم القاعدة ، ودست عملاء لها بين قيادات هذا التنظيم ، خاصة الذين اعتقلوا من قبل مخابرات المالكي ، ثم سمحت حكومة ومخابرات المالكي للبعض من هؤلاء بالخروج من السجون ، وادعت أنهم هربوا أو هـُرِّبوا ، وأنهم التحقوا بصفوف تنظيم القاعدة المنتشر في محافظة الأنبار وفي المناطق السنية الأخرى المحاذية لسورية والأردن والسعودية من جهة الغرب والجنوب الغربي ، ولذلك بدأ من هنا الاختراق لتنظيم القاعدة .
ثالثاً : تشكيل دولة العراق الإسلامية "داعش" في العراق :
أنشأ المدعو أبو بكر البغدادي أول تنظيم أسماه "جيش أهل السنة والجماعة" بالتعاون مع بعض رفاقه في الخط والنهج الجهادي ، ونـَشَّط عملياته في بغداد وسامراء وديالى وبعض المناطق السنية الأخرى، ثم ما لبث ان انضم مع تنظيمه الى مجلس شورى المجاهدين، إذ عمل على تشكيل وتنظيم الهيئات الشرعية في المجلس المذكور ، وشغل أبو بكر البغدادي منصب عضو في مجلس الشورى إلى حين إعلانه قيام دولة العراق الإسلامية بتاريخ 16/أيار عام 2010 م ثم توليه منصب القيادة فيها ، بالاستناد إلى وصية الذي سبقه في قيادة هذاالتنظيم المدعو حامد داود أو البغدادي ، ويزعم أبو بكر البغدادي أن زعيم دولة العراق والشام الذي سبقه أوصى بأن يكون هو خليفة له . فمن هو أمير داعش أبو بكر البغدادي ؟!
رابعاً : أمير داعش الحالي :
الزعيم الحالي لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ، المعروف بداعش ، يقال له أبو بكر البغدادي ، كما يُعلن عبر وسائل الإعلام ، واسمه الحقيقي : إبراهيم بن عواد بن إبراهيم البدري المولود عام 1971 م ، وهو ابن مدينة سامراء العراقية، كان يلقب بأبي دعاء ، ينحدر من عائلة متدينة تأخذ بالمنهج السلفي في فهم العقيدة الإسلامية ، والده هو الشيخ عواد من وجهاء عشيرة البوبدري العراقية التي تعود أصولها إلى قريش، وأعمامه دعاة إسلاميون في العراق ، مرَّ هذا الشخص قبل تزعمه لتنظيم داعش على العديد من التنظيمات السلفية الجهادية في العراق ، واستقر أخيراً أميراً لدولة الإسلام في العراق والشام ، وأصبح يحمل العديد من الأسماء والألقاب ، مثل : "علي البدري السامرائي"، " أبو دعاء" ، الدكتور إبراهيم "الكرار"، وأخيراً لقب : " أبو بكر البغدادي" .
هو خريج الجامعة الإسلامية في بغداد، درس فيها البكالوريوس، والماجستير ، والدكتوراه في الشريعة ، وعمل أستاذاً ومعلماً وداعية، ضليع بالثقافة الإسلامية، والعلم والفقة الشرعي، ولديه اطلاع واسع على العلوم التاريخية والأنساب الشريفة[3] .
ومع ما هو مذكور عن أبي بكر البغدادي هنا ، فإنه لا يعلم على وجه الحقيقة ، هل هو فعلاً الشخص المشار إليه أعلاه ؟ ويحمل شهادات في الشريعة الإسلامية !! وإذا كان يحمل الفقه الشرعي ، فكيف يقود داعش ويقبل أن تصدر عنها هذه الأفعال الشنيعة إن كان على رأس هذا التظيم ، الذي يوصف بالجهادي زرواً وكذباً !! وهل حقيقة ً هو الذي يقود تنظيم دولة داعش التي أعلن عن إقامتها في العراق والشام ، كإمارة إسلامية ، إذ تؤكد الكثير من الروايات أن أبا عمر البغدادي قتل في العراق في الصراع مع السلطة الحاكمة في العراق بعد عام 2006م ، ولذلك لا يعرف على وجه التأكيد هل هو حي أم ميت ؟ ، وإذا كان حيّا لا يعرف هل هو الذي يتزعم داعش فعلاً في الوقت الحالي ، أم أنه مُغَيّب ومبعد عن إدارة داعش ، ويحرك إدارتها العسكرية باسم البغدادي ضباط عراقيون وإيرانيون وافدون معها من العراق إلى الساحة السورية ، ويتعاونون مع ضباط الاستخبارات العسكرية للنظام الأسدي القرمطي ، هذه الأسئلة تطرح نفسها على الواقع الذي نشهد فيه تحولاً جذرياً لداعش عن الأهداف التي أعلنتها منذ بداية أمرها ، وهي نصرة الشعب والثورة السورية ، وها هي تقاتل الثوار السوريين ، وتسعى بكل ثقلها العسكري في الميدان لاجتثاث الثورة السورية واستئصال شأفتها ، مما يؤكد أنها تؤدي ما عجز النظام الأسدي القرمطي ومؤيدوه عن القيام به ، ولذلك فإنه يتبين من خلال المعلومات التي نوردها في هذا البحث أن داعش ليس جماعة مجاهدة ، وليست ذات أفعال تنسجم مع الإسلام في شيء قط ، وإنما تظهر كفئة قطاع طرق وعصابات إجرام ، قد صدر عنها كل ما يخالف الإسلام قولاً وفعلاً ، وترتكب كل الموبقات ، وأي شيء أعظم من قتل الأطفال والرجال الأبرياء وتقطيع رؤوسهم ، اغتصاب النساء ثم قتلهن ؟!! ، واتهام الجيش الحر ومقلتليه بأنهم من يفعل ذلك !! وماذا تسمى هذه الأفعال التي يرتكبها المنتمون لداعش والمنضوون تحت رايتها ؟! وإذا لم تكن أفعالها إجراماً فما هو الإجرام ؟! وإذا لم يكن لخدمة النظام القرمطي الأسدي ولإيران المجوسية ، ففي أي اتجاه يكون إذاً ؟!!
المبحث الثاني : نشأة داعش في سورية :
أولاً : دخول داعش إلى سورية :
بعد انطلاق الثورة السورية بعدة أشهر أخذ هذا التنظيم يتمدد ويتوسع نحو سورية بحجة المشاركة في الجهاد ضد النظام السوري الإجرامي ، ونشأ في أواخر العام الأول للثورة تنظيم جبهة النصرة لأهل الشام ، واشتهر مؤسسه أبو محمد الجولاني ودخل سورية تأييداً للثورة السورية ، وأعلنت جبهة النصرة منذ أول تأسيسها أنها دخلت سورية لتأييد الثورة السورية ، وقد أبدى السوريون ثواراً وشعباً وقيادات سياسية ، إسلامية وغير إسلامية ، ترحيبهم بها ، بل وكان السوريون يظهرون أمام الإعلام هذا الترحيب ، ويدافعون عن مواقف ووجود جبهة النصرة في سورية ، ويرفضون أيضاً اتهامات الغرب لها بأنها متطرفة أو متشددة ، أو أن تدخلها في سورية غير مشروع ، وغير ذلك من الاتهامات والأباطيل التي ينسجها الغرب ضد جبهة النصرة والمجاهدين الذين جاءوا من أنحاء العالم لتأييد ونصرة الثورة السورية ، كما يصرح قادة الثورة السورية أن جبهة النصرة طالما جاءت تناصر الشعب السوري في ثورته العادلة ، وطالما أنها تقاتل معه ضد النظام الإجرامي وضد الإيرانيين المحتلين ، فهي مرحب بها ، وهي جزء من فعاليات الثورة السورية ، ثم ظهر بتاريخ التاسع من نيسان عام 2013 م تسجيل صوتي منسوب لأبي بكر البغدادي يعلن فيه أن جبهة النصرة هي امتداد لدولة العراق الاسلامية ، داعياً إلى إلغاء اسمي جبهة النصرة ودولة العراق الإسلامية ، ورافضاً دعوة أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة بعودة البغدادي إلى العراق ، بعد تبرؤ القاعدة من البغدادي وتنظيمه وإنكارها لممارساته في سوريا[4]، ثم إصرار البغدادي على جمعهما تحت مسمى واحد وهو الدولة الاسلامية في العراق والشام ، أو : ما يختصر بكلمة " داعش " .
وكلمة داعش مؤلفة من أحرف أربعة ، يرمز كل واحد منها إلى كلمة من كلمات اسم هذا التنظيم ، فالدال تعني دولة ، والعين ترمز للعراق ، والشين ترمز للشام، أما الألف فمعناها: الإسلامية، فيكون الاسم من الكلمات الأربع : دولة العراق والشام الإسلامية .
ثانياً : داعش غير جبهة النصرة ومشروعهما في سورية مختلف :
تشير الأدلة والقرائن أن جبهة النصرة تتمتع بفكر إسلامي متنور وفهم صحيح للإسلام ، وظهر ذلك من خلال المقابلات التي أجراها زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني مع العديد من القنوات الفضائية ووكالات الأنباء العالمية ، ومن خلال الممارسات على أرض الواقع التي يقوم بها مقاتلو جبهة النصرة في مؤازرة الجيش الحر وباقي الكتائب المجاهدة على الأراضي السورية
كما أن جبهة النصرة قد نأت بنفسها عن تصرفات وممارسات داعش ، التي ثبت قطعياً أنها إجرامية ، وأنها لا تستند إلى أية أدلة شرعية في استباحة دماء المسلمين في سورية ، وفي تكفيرهم والحكم عليهم بأنهم مرتدون ، وكذلك في هدر دماء المجاهدين في جبهات القتال ، ولذلك كانت جبهة النصرة بوعيها وتمسك قيادتها وأتباعها بعقيدة أهل السنة والجماعة وبمنهج الإسلام القويم وفق ما جاء في الكتاب والسنة ، قريبة جداً من كافة فصائل الثورة السورية ، وقد اتخذت النصرة خطاً مغايراً لخط داعش الإجرامي الذي يعادي الثورة السورية ويحاربها ، وبدأت تنسق مع فصائل الثورة في مقاتلة النظام جنباً إلى جنب ، وأصدرت بيانات تؤكد فيه رفضها لنهج داعش الإجرامي الذي ينسق مع النظام وإيران وقوى طائفية إقليمية معادية للثورة السورية [5].
وفي الجانب الآخر اتخذت قيادات المعارضة السورية مواقف تظهر تفهمها لدور جبهة النصرة العسكري في الثورة السورية ، وتفرق بينها وبين داعش من ناحية العقيدة والفكر والرؤية السياسية لمستقبل سورية ، ومن ناحية العمل العسكري لكل من داعش والنصرة على الأرض[6] وقد صدرت تصريحات عن بعض تلك القيادات تبرز هذا التفريق ، ولا أدل على ذلك من التصريح الذي صدرعن عضوالائتلاف الوطني السوري،المسيحي الانتماء عقائدياً ، واليساري التوجه فكرياً وسياسياً ، ميشيل كيلو وهو يجيب على سؤال وجه إليه عن رأيه في جبهة النصرة إذ قال : جبهة النصرة لا أضعها مع داعش، فداعش تقول نريد خلافة إسلامية ، والذي لا يريدنا سنذبحه ، إلا أن النصرة تتحدث عن نظام إسلامي انتخابي"[7].
وأضاف كيلو في تلك التصريحات التي نشرتها جريدة النهار اللبنانية، أنه "عندما يتحدث أبومحمد الجولاني، زعيم النصرة ، عن أهل الحل والعقد والمناضلين القديمين ، فهذا يعني أن الجبهة ترغب في تشكيل دولة إسلامية بتوافق وطني، وهي تختلف عن داعش، وسيكون من الظلم وضعهم جميعاً في نفس المكان .
ثالثاً : مشروع داعش في سورية :
جاءت داعش إلى سورية لتحتل البلاد وتنشئ فيها مشروعها المشبوه ، وأنها لا تختلف عن النظام الأسدي الحاكم في دمشق إلا بالاسم والشعار، فهي قوة احتلال كما أن النظام قوة احتلال، ومشروعها هو ابتلاع سوريا وإخضاع السوريين ، كما أن مشروع النظام هو ابتلاع سوريا وإخضاع السوريين سواء بسواء .
عندما وصلت داعش إلى سوريا، كان السوريون قد أمضوا في الجهاد سنتين تمكنوا خلالهما من تحرير ثلثَي الأرض السورية ، وكان ينبغي أن تضع داعش اليدَ في اليد وترصّ الصفوفَ مع الصفوف ، فتساعد على تحرير الثلث الثالث ، وهو الأصعب لأن النظام سحب صفوة قواته إليه وركزها فيه، ولكنها لم تفعل .
لقد تجنبت داعش المواقعَ والمدن التي يحتلها ويحاصرها النظام ، وبدأت بالالتفاف على المجاهدين من الخلف ؛ عملت على إعادة احتلال المناطق المحررة بخطة منهجية ، مستغلّةً حسنَ ظن السوريين بها وتورعهم عن الاشتباك معها ، فنجحت في اجتياح واحتلال قسم كبير من الأراضي المحررة خلال أربعة أشهر ، وكادت تبتلعها كلها لولا أن الله أراد بسوريا والسوريين خيراً، فثَمّ كان الانفجار !!! .
رابعاً : موقف الناس في سورية من داعش :
انقسم الناس في سورية تجاه داعش ثلاثة أقسام :
أ - المجاهدون الذين عرفوا حقيقة داعش وتحققوا من بغيها وعدوانها فقاتلوها قتال البغاة المعتدين
ب - المجاهدون الذين اعتزلوا القتال وتركوا إخوانَهم وحيدين في الميدان، ليعلموا أنهم مقصّرون آثمون بالخذلان، وأنهم الهدف القادم للبغاة المعتدين، وأنهم لا مناصَ لهم من نصرة إخوانهم حتى لا تتكرر مأساة الثور الأبيض التي ما تزال تتكرر في تاريخنا بلا توقف منذ دهر طويل.
جـ - جماعات من الناس -من السوريين ومن غير السوريين- ما يزالون غافلين عن خطر مشروع داعش على الثورة السورية وعلى جهاد أهل الشام ، عسى أن تنكشف لهم الحقيقة ويظهر الحق ويَبطل سحرُ السحَرة والمشعوذين.
كما نرى على سبيل المثال نماذج من المغفلين والغافلين :
- بايع زعماء عشائر سورية في الرقة وديرالزور وحلب أبا بكر البغدادي ، كما أعلنت مجموعات مقاتلة بيعتها له وليس للظواهري .
- العدد الأكبر من المقاتلين القادمين من الخارج كانوا ينضمون إلى داعش في سوريا، ذلك لأن خطوط إمدادهم لداعش أقدم من جبهة النصرة ، وذلك قبل التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة السورية من قتل الداعشيين للكثير من المجاهدين والثوار والأهالي العزل .
- في العراق لم يظهر أي تأثير لجماعات موالية للظواهري خلال فترة الخلاف مع البغدادي منذ خروجها للعلن في شهرحزيران / يونيو ، وبقيت داعش هي المسيطرة على الساحة العراقية.
- مبايعة تنظيم "أكناف بيت المقدس" في سيناء وباقي مصر أبا بكر البغدادي ، وهي جماعة تنشط في مصر .
- إعلان أبي سياف الأنصاري تأسيس جناح لداعش في لبنان في نهاية يناير الماضي مطلع عام 2014 م ، وقال في رسالة له: "سنكون له (البغدادي) باباً ... من لبنان إلى بيت المقدس″. ورغم أن داعش لم تقبل حتى الآن بالبيعة، إلا أنها كما تروي وكالات الأنباء (أن داعش) نفذت العديد من العمليات التي استهدفت مناطق تحت سيطرة حزب الله خلال الأيام الماضية ، وهذا أمر لم يُتَحقق منه للآن ، وهو أمر يصب في صالح داعش والنظام السوري وحزب الله ، لأن القرامطة الحاكمين في دمشق ، ومعهم حزب الله يريدون أن يشيعوا أنهم يتعرضون للإرهاب ، من أجل تبرير قتلهم للشعب السوري ، وإبعاد ما يشاع عن أن داعش من صنعهم .
خامساً : كيف تدرجت داعش في احتلال المناطق المحررة من سورية :
جاء القوم إلى سوريا زاعمين أنهم لا يريدون شيئاً سوى مساعدة أهلها المساكين ، ففتح لهم السوريون أبواب البلاد .
كان ينبغي أن يذهبوا إلى الجبهات لقتال العدو، ولكنهم تركوها وذهبوا إلى القرى والبلدات المحرَّرة فاشتغلوا بإلقاء الخطب وتوزيع المطويّات وتنظيم المهرجانات والاحتفالات! ثم قالوا: نحتاج إلى مقرّات ، فوهبهم الناس بيوتاً سكنوها واتخذوا منها مقرّات .
ثم بدأوا يقيمون حواجز داخل المدن وفي مداخلها وعلى الطرق التي تصل بينها، وما لبثوا أن بدؤوا يضايقون الناس فيتدخلون في حياتهم ويفرضون ما يشاؤون من القوانين ويتعقبون من يخالفهم بالاعتقال والاغتيال، ثم سَفَروا اللثام عن الوجه القبيح فبدؤوا بقتال الكتائب المحلية، وراحوا يطاردون الإدارات المدنية والمنظمات الإغاثية والطبية والإعلامية، وكلما أحكموا سيطرتهم على منطقة انتقلوا إلى المنطقة التي بعدها، فما مضت عليهم خمسة أشهر إلا وقد احتلوا مئات المواقع (المحرَّرة) في شرق البلاد وشمالها ، وبدؤوا يزحفون على الوسط والجنوب .
سادساً : حقيقة مشروع داعش ليس نصرة الثورة السورية ، بل إقامة دولة بدل الدولة التي تريدها الثورة السورية :
إن داعش لم تأت إلى سوريا لقتال النظام وتحرير سوريا، لقد جاءت بمشروع ، ولئن بدا لكم أن مشروعها هو مشروع الثورة نفسه فإنكم واهمون، إذ يشاع أنها لا تبالي بالأسد وبنظامه ، كي يقال إنها ليست عميلة له ولإيران ، والحقيقة أنها معنية بكل هذا ، فهي تنسق معهما ، وهي صنيعة إيرانية بحتة ، وبالتالي لا يهمها البتة ثورة الشعب السوري ، ولا تبالي باستقلال سوريا وتحرير السوريين من الأسْر والعذاب ، وأن مصطلحات حرية الشعب السوري وكرامته ، واستقلاله ومستقبله ، كلها ألفاظ ليست لها قيمة مقابل تحقيق مشروعها المرتبط بإيران ، وهو إجهاض الثورة السورية ، والإبقاء على النظام الأسدي يحكم سورية ويكرس تحقيق المشروع الإيراني في المنطقة العربية ، تحت غطاء إقامة دولة لداعش في الشام والعراق وبمسحة إسلامية سطحية تخدع المغفلين وتسكت المؤيدين والمتهورين !! .
إن لداعش مشروعاً واحداً لم تفكر في غيره منذ وطئت أرضَ الشام. إنها تريد"“دولة"، وبما أن الأرض الواحدة لا تتسع لدولتين ، فإن المشكلة لا يمكن حلها إلا بأن يتنازل الفريق الآخر (الشعب السوري) عن مشروع دولته طوعاً أو كرها طوعاً بالخداع والتمويه واستغلال شعارات الإسلام ، أو كرهاً بالبارود والنار. الأسلوب الأول لم ينجح إلا مع أقلية لا وزن لها، وسرعان ما أدركت داعش أن الإكراه هو الأسلوب الوحيد الذي يوصل إلى الغاية، فبدأت بالحرب ضد الثورة السورية لإقامة هذه الدولة التي ستكون في النهاية امتداد إيراني والتقاء مع نظام أسد[8] .
سابعاًً : خيارات داعش وخطتها لتحقيق مشروع دولتها على أنقاض الثورة السورية :
لم يكن لداعش بُدٌّ من اختيار واحدة من ثلاث :
1 - إما أن تستسلم وتتخلى عن مشروعها وتترك للسوريين أن يديروا ثورتهم بالشكل الذي يرون أنه يحقق طموحاتهم ويوصلهم إلى أهدافهم ، في الانتصارعلى النظام الأسدي وإسقاطه، وإقامة دولة الحرية والكرامة ، وبناء سورية الجديدة الموحدة التي تستوعب كل أبنائها ، وهذا لم تأت داعش لسورية لتفعله ، بل لديها مشروع ورؤية تريد تحقيقها .
2 - أو تنطلق إلى الأراضي غير المحررة فتحررها وتقيم عليها مشروعها ودولتها وهذا أيضاً لم تـُقدِم عليه داعش ، لأنه ليس وارداً في خطتها وبرنامجهها كما سنرى .
3 - أو تحتل الأراضي المحررة لتحقيق ذلك الهدف .
فما الذي اختارته وعملت به داعش للوصول إلى أهدافها ؟ لقد اختارت الخيار الثالث وها هي خطتها للوصول إلى هذا الهدف .
فإذا أراد المرء أن يقيم بناء على أرض ، فإن الأرض ينبغي أن تكون خالية من البناء ، ولو كانت معمورة ، فإن أول ما يبدأ به هو إزالة البنيان القديم، وهذا ما صنعته داعش .
بدأت بعملية “تجريف” مُنظـمة لاجتثاث البناء الثوري -العسكري والمدني- الذي أنشأه الثوار في المناطق المحررة خلال عامين، فاغتالت واختطفت عدداً من القادة ، وهاجمت الكتائب الصغيرة ، وقضت على كثير منها ، ولاحقت واعتقلت كثيراً من الإعلاميين ، ودمرت كثيراً من المؤسسات الإعلامية الثورية ، وضايقت الأطباء والإغاثيين، واعتقلت وقتلت عدداً منهم ، ونجحت في إعاقة أعمال المنظمات الإغاثية في مناطق عدة ، وفي تخريب وإقفال عدد من المستشفيات الرئيسية والمشافي الميدانية ، واصطدمت مع الهيئات الشرعية ، وطاردت واعتقلت كثيراً من الدعاة والقضاة والمحامين . فما معنى ذلك كله ؟ وفي مصلحة مّن يصب؟!
بالنتيجة تفكك البنيان الثوري في المناطق التي احتلتها ، وامتلأ الجنوب التركي بآلاف من أحرار سورية ، الذين فضّلوا الانسحاب من الميدان الثوري ، على التعرض للقتل أو الملاحقة والاعتقال والإهانة والتعذيب في سجون دولة البغدادي ، التي شهد المجرّبون العارفون بأنها لا تقل سوءاً عن سجون النظام السوري ، بل هي هي[9] !!! .
المبحث الثالث : تأسيس دولة داعش رسمياً في العراق والشام :
أولا ً : إعلان البغدادي دولة داعش في العراق والشام :
في التاسع من نيسان (أبريل) 2013 بثّت شبكة “شموخ الإسلام” رسالة صوتية أعلن فيها البغدادي جمع “جبهة النصرة” وتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق” في تنظيم جديد باسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (الذي عُرف بعد ذلك بالاسم المختصر “داعش”)[10] .
وفي اليوم التالي أصدر أمير جبهة النصرة أبومحمد الجولاني بياناً صوتياً ردّ فيه على البغدادي وأصرّ على فصل “النصرة” عن “دولة العراق” رافضاً الدمج المقترَح ، أما الظواهري فقد كان رد فعله بطيئاً جداً ومتأخراً عن مواكبة الأحداث ، فأصدر بياناً بعد شهرين (9/6) بحلّ تنظيم الدولة ، وإبقاء الأمور على ما كانت عليه[11] . ولم يكن البغدادي كالظواهري ، بل كان ردّه سريعاً ، فقد أصدر بعد ستة أيام (15/6/2013) كلمة يقول فيها : “الدولة الإسلامية في العراق والشام باقية ما دام فينا عرق ينبض أو عين تطرف، ولن نساوم عنها حتى يظهرها الله تعالى أو نهلك دونها”[12].
ثانياً : تفسير تمسك البغدادي بدولة داعش داخل سورية بعد فصل الظواهري لدولته في الشام عن العراق :
ليس هناك من تفسير لتمسك البغدادي بموقفه في إقامة دولته في سورية ، وعدم الالتزام بقرارات قائد القاعدة الظواهري ، إلا إعلان حرب على السوريين ، ويؤكد هذا ما جاء في كلمة البغدادي تلك التي يصر فيها على بقاء دولة العراق والشام ، والتي تتضمن مسوَّدة “ مشروع احتلال سوريا ” بقوة السلاح والاحتلال ، ووأد الثورة السورية ، بالنيابة عن النظام القرمطي الأسدي ، وبالتوافق معه ومع إيران المحتلة لسورية ، كما يعد تصريح البغدادي هذا أول تصريح يُثـَـبِّت عمالة داعش للنظام الأسدي ، والمقدمات تشير لهذا بوضوح .
ثالثاً : تمدد داعش وسيطرتها على المناطق المحررة في سورية :
خلال أسابيع قليلة أحكمت داعش سيطرتها على محافظة الرقة التي صارت قاعدتَها الرئيسية في الشرق، ثم بدأت بالانتشار في الحسكة ودير الزور، وسبب هذه السيطرة السريعة على المناطق الشرقية من سورية ، قربها من العراق من أجل الإمداد بالمال الوفير والذخائر والأسلحة الحديثة الفتاكة ، التي يزود نظام المالكي وإيران داعش .
بعد ذلك بدأ اجتياحها محافظتَي حلب وإدلب، إذ استولت داعش على جرابلس والباب ، وعززت وجودها في منبج وإخترين والمناطق الأخرى في ريف حلب الشرقي ، ثم اتجهت إلى ريف حلب الشمالي مثل تل رفعت وحريتان ودارة عزة ، وحاولت احتلال مارع وعندان، ثم افتعلت حرباً مع لواء عاصفة الشمال انتهت بالسيطرة على إعزاز وطرد هذا اللواء من إعزاز ، وهذا ما يعزز الرأي القائل بصلتها بإيران ونظام ابن أسد القرمطي من خلال تعمدها اجتياح الريف الشمالي لحلب ، خاصة إعزاز مركز لواء عاصفة الشمال ، ومما يقوي هذا الرأي أيضاً : ما أدلى به أحد عناصر حزب الله الذين كانوا أسرى عند لواء عاصفة الشمال بعد مبادلتهم بنساء أسيرات لدى النظام للأسدي ، إذ قال معلقاً على سبب إخلاء الجيش الحر له ولمن من من عناصر حزب الله : لقد انتهى لواء عاصفة الشمال !! وكان يقصد أن داعش هزمت لواء عاصفة الشمال، وأنها حررته ومن معه من الأسر لدى عاصفة الشمال! فما دلالة ذلك سوى ارتباط داعش بإيران ونظام ابن أسد وأنها تعمل لصالحهما وبالتنسيق معهما[13] ؟! .
وهكذا نجحت خلال عدة أشهر في احتلال أجزاء واسعة من الريف الشرقي والريف الشمالي لمدينة حلب، بالإضافة إلى سيطرتها على عدة أحياء في القسم المحرَّر من مدينة حلب نفسها.
في الوقت نفسه كانت داعش تتمدد في الريف الإدلبي، فقد نجحت في احتلال الدانة وسلقين وسراقب وحارم وأورم، وهاجمت حزّانو وباتبو وعزّزت وجودها في بنّش وكللي، واتجهت أخيراً إلى واحد من أهم المعابر الحدودية وأكثرها حيوية للثورة ، معبر( باب الهوى ) .
فشلت محاولة داعش في السيطرة على المعبر فارتدّت إلى الخلف واحتلّت أقرب البلدات السورية إليه، سرمدا. وهكذا اتصلت منطقة سيطرة داعش من الدانة إلى سرمدا وصارت الأتارب هي الهدف التالي، فتحركت أرتال داعش من حريتان لاقتحامها.
رابعاً : كيف استطاعت داعش احتلال مساحة واسعة من سوريا في وقت قصير ؟
الجواب هو أن داعش حاربت بذكاء ودهاء، وبأسلحة حديثة فعّالة ، وبذخائر كثيرة وأموال متدفقة ، فأما الدهاء فإنه يذكّرنا بأساليب جيوش الاستعمار التي غزت بلادنا في القرن الماضي، وكان سلاحها الأمضى هو الكذب والغدر والمكر والخديعة ، وكذلك صنعت داعش في سوريا. وأما الذكاء فإنه يظهر في الإستراتيجية العسكرية التي اتبعتها في القتال .
كانت الإستراتيجية العامة التي اتبعتها داعش لاحتلال سوريا هي التوسع على حساب المناطق المحرَّرة وتجنب الصدام مع النظام، لأن داعش فصيل مهم من صنائعه ، ولأنها والنظام وجهان لعملة واحدة فاسدة في مواجهة الثورة والثوار السوريين ، ولأن هجومها على مواقع الثوار واحتلالها ، أسهل وأسرع الطرق للحصول على الأرض التي تحتاج إليها لتقيم عليها مشروع الدولة الموهومة .
والذي حصل بالفعل تنفيذاً لتلك الاستراتيجية أن تركت داعش المناطق التي يحتلها النظام الأسدي ، وبدأت باحتلال المناطق المحررة ، وقد تم ذلك بتفاصيله على الأرض ، بالتتابع وبالتدرج ، بدءاً من المناطق الشرقية ثم باقي المناطق .
وكان ذلك على الشكل الآتي :
أ ـ الرقة : كانت في الرقة ثلاث "بؤر" للنظام (مطار الطبقة والفرقة 17 واللواء 93) تركتها داعش واحتلت بقية مناطق المحافظة بمدنها وقراها جميعاً.
ب ـ دير الزور : تركت المطار الذي يسيطر عليه النظام وتجاهلت أحياءَ المدينة التي يحتلها وانشغلت باحتلال الجزء المحرَّر منها، كما انتشرت عبر مدن وريف المحافظة المحررة أصلاً .
جـ ـ إدلب : تركت جسر الشغور المحتلّة التي تربط المناطق المحررة بالساحل وتُعتبَر أهم عقدة مواصلات في المحافظة (أو ثاني أهم عقدة بعد سراقب) واحتلت مساحات واسعة في الريف الشمالي، ثم بدأت بالتمدد عبر الريف الجنوبي مؤخراً.
د ـ حمص وحماة : فقد تركت داعش مدينةَ حمص المحاصرة والريف الغربي لحمص وحماة، وهما منطقتان منكوبتان تعيشان تحت تهديد مليشيات القرى النصيرية والشيعية المجاورة، وبدأت بالتمدد عبر الريف الشرقي المحرَّر، وكانت على وشك تنفيذ عملية غزو واسعة على مدينة السلمية وقراها قبل يوم واحد من اندلاع الاشتباكات الأخيرة مع جيش المجاهدين.
هـ ـ حلب : تركت داعش الريفَ الجنوبي الذي يسيطر النظامُ على الجزء الأكبر منه والذي يتيح له التحكم في طريق دمشق حلب الدولي، وهاجمت واحتلت الريف الشرقي، ثم الريف الشمالي، ثم بدأت أخيراً بغزو الريف الغربي، وكلها مناطق سبق للثوار تحريرُها منذ أواخر سنة الثورة الثانية 2012 م.
والغريب أنها حرصت على احتلال الريف الشمالي بأكمله، بما فيه المعابر الحدودية مع تركيا، ومع ذلك فقد تركت قريتَي الأعداء المزعومين لها ، نُبّل والزهراء، ( وكانت هاتان القريتان تعرفان سابقاً بقريتي المَغاولة ، لأن سكانهما من بقايا المغول الذين اجتاحوا سورية في القرن السابع الهجري على يدي جنكيرخان وهولاكو، فسكن بعض المغول نـُبُل والزهراء ثم تشيعوا ، وأطلق عليهم الناس لقب المغاولة نسبة إلى المغول ) وبالرغم من أن هاتين القريتين تقعان بين اثنتين من القواعد المهمة لداعش : مطار منّغ في الشمال وحريتان وعندان في الجنوب ، فقد تركتهما ، وهما على بعد كيلومترات قليلة من قواعدها !! وساقت الأرتال من تلك القواعد لغزو الأتارب البعيدة في الغرب ، فلماذا تركت داعش نُبُـل والزهراء التابعتين للنظام الأسدي واتجهت لتحارب الأتارب أحد مراكز الجيش الحر ، لو لم تكن على تنسيق مع جيشه ومتفاهمة معه ؟! .
المبحث الرابع : تكتيكات داعش للسيطرة على المناطق المحررة في سورية :
وقد توسّلَت داعش إلى تحقيق تلك الإستراتيجية الخبيثة بعدد من الأساليب (التكتيكات) التي كان أهمها:
أولاً : التسلل عبر الثغرات الضعيفة وتجنب الاشتباك مع الأطراف القوية :
نجحت داعش في تطبيق إستراتيجيتها القائمة على احتلال الأراضي المحررة باستعمال عدد من الأساليب (التكتيكات)، كان أهمّها اختراق "الخواصر الرخوة" في الجسم العسكري الثوري وعدم إهدار مواردها البشرية المحدودة في معارك جانبية مع الأقوياء.
والخواصر الرخوة عندها هي الكتائب والجماعات التي لا تطيق المواجهة المباشرة لواحد من سببين:
أ ـ إما لأن عدد مقاتليها قليل وقدرتها القتالية ضعيفة.
ب ـ أو لأن تكوينها الفكري يمنع مقاتليها من الاشتباك مع مَن يعتبرونهم إخوةً في المنهج والجهاد.
وقد تم تنفيذ السبب الأول من هذه الخطة حين استطاعت داعش فعلاً أن تبتلع عشرات من تلك الكتائب في أقل من ثلاثة أشهر، كما أنها حطمت عشرات أخرى من الكتائب الصغيرة التي لم يعد لها وجود بعدما ترك مقاتلوها السلاحَ وعادوا إلى بيوتهم، أو انسحبوا إلى تركيا فراراً من البطش الداعشي الذي لاحق كثيراً من القادة والمقاتلين.
ثانياً : استغلال نفسيات المجاهدين المتسامحة ونفورهم من الاشتباك مع جماعة تدّعي الجهاد وتقاتل تحت راية التوحيد :
وهذا المنفذ الثاني الذي تنفذ منه داعش من خلال استغلال الخواصر الرخوة في جسم الثورة السورية لتحقيق مآربهاالخبيثة ، ولذلك دأبت داعش على استهداف حركة أحرار الشام باستمرار، فهي المتضرر الأكبر من العدوان الداعشي ولكنها -في الوقت ذاته- أقل ضحايا داعش دفاعاً عن النفس ورداً للعدوان. لقد راهنت داعش على أن قيادة الأحرار لن تستطيع قتالها لأن كثيرين من مقاتلي الأحرار ينتمون فكرياً إلى المدرسة السلفية الجهادية، وهي المدرسة ذاتها التي تعود إليها جذور المنهج الداعشي فيما يبدو للناس البسطاء ، ويبدو أنها قد نجحت في الرهان. إن قيادة الأحرار تواجه خياراً صعباً في هذه الأيام، فلو أنها قررت الدفاع عن النفس والمشاركة العلنية في الحرب ضد داعش فسوف تخسر جزءاً من جسمها العسكري الذي يُتوقَّع أن ينشقّ وينحاز إلى الدولة أو يقف على الحياد، أما لو صمّمت على اتخاذ موقف مهادن وثابرت على التمسك بالحياد الظاهر وعدم رد العدوان فالأرجح أن تخسر الكثير وأن تكون أكبر ضحايا البغي الداعشي .
ثالثاً : استثمار تقصير الكتائب الأخرى وعجزها عن محاربة لصوص الثورة :
والظهور بمظهر المُنقذ الذي يقدم أفضلَ البدائل عن فصائل المجاهدين التي عجزت عن توفير الأمن ، وفشلت في ردع عصابات اللصوص وقطّاع الطرق ، عندما شُغلت الكتائب المجاهدة المخلصة بقتال النظام اضطرت إلى التغاضي عن مجموعات اللصوص التي انتشرت في كثير من المناطق المحررة وأحالت حياة الناس إلى كابوس، وقد كثرت الأصوات المنادية بالتفرغ لقتال تلك العصابات وتخليص الناس من شرّها وأذاها ، ولو تسبب ذلك في وقف القتال مع النظام لبعض الوقت، ولكن النداءات الكثيرة ذهبت أدراج الرياح،ولم تفعل كتائب الثوار هذا ، حتى جاءت داعش فصنعت ما كان ينبغي على الجماعات المجاهدة أن تصنعه ، فلاحقت اللصوص وقضت عليهم وأراحت منهم الناس، مما جعل داعش بهذا العمل تكسب رضى الناس وتحظى بتأييدهم ، وهو ما ساعدها على تكريس وجودها في بعض المناطق، فلما أدرك الناس في المناطق المحررة أنهم قايضوا الأمن بالحرية والكرامة ، وأرادوا استرجاع ما فقدوه منهما كان الأوان قد فات ، فقد ضربت داعش جذورها عميقة في الأرض ، وصار اقتلاعها من الأمور العسيرة ، لعل هذا الدرس من أبلغ ما ينبغي على المجاهدين أن يفهموه ، ويتوجب عليهم وعلى الجبهة الإسلامية بشكل خاص، وكل كتائب الثوار بشكل عام أن تكرّس قوتها لمحاربة اللصوص والقضاء على كتائبهم وعصاباتهم، ولتعلم أن قتال أولئك الفاسدين المفسدين مقدَّمٌ على قتال النظام وأن الانتصار عليهم هو الطريق إلى الانتصار عليه.
رابعاً : استغلال الفكر الداعشي المتشدد المنحرف :
وقد استعانت داعش -في حملتها للسيطرة على المناطق المحرّرة- بعامل مهم جداً، وهو الدعاية لـ : "الفكر الداعشي" وهذه الدعاية تروج للداعشيين إعلامياً بأن القتال عندهم مؤسَّس على تصنيف الخصم من حيث الديانة والاعتقاد ، لا من حيث علاقته بالثورة أو النظام ، كما يبثون دعاية أخرى تقول أن الكفّار هدف مشروع للقتال عندهم ، لأنهم كفار ، وليس بسبب أفعالهم، ويشيعون أيضاً بأنهم يقاتلون النظام النصيري ، وأنهم حريصون على قتل النصيريين والرافضة والكفار، وأنهم حريصون على تحرير سوريا وتخليص السوريين من الأسْر والعذاب ، وهذا كذب وافتراء وتزوير للحقائق ، وهم يبثون هذا إعلاميا ً للتغطية على جرائمهم بحق الشعب السوري ، وللتغطية على عمالتهم للنظام الأسدي ، ويفعلون عكس هذا تماماً ، فهم يقاتلون الجيش الحر وفصائله ، ويتركون النصيريين وعصابات النظام الأسدي الطائفية والمليشيات المتعاونة معه .
وحسب تصنيفهم فإن قتال المرتدين مقدَّم على قتال الكفار، وهذا يفسر ما يشاهَد من شدتهم على مخالفيهم من الفصائل الجهادية الأخرى ، فإنها شدة لا يطبقونها على أتباع النظام نفسه ، لأنهم لُقِّنوا أن الثوار والمجاهدين والجيش الحر كلهم مرتدون ، وأن كتائب الثوار كلها صحوات صُنِعت على عين الغرب ، وأن الغرب صنع قوى الثورة السورية لقتال داعش - ولأجل القضاء على مشروع دولتها المزعومة "دولة التوحيد" التي يقاتلون من أجلها ، وهذا كله يلقونه في عقول أتباعهم الداعشيين ، من أجل حملهم على قتال الثوار والمجاهدين .
والحقيقة إن الخطر العظيم الذي ينشأ عن تلك العقيدة ، هو سهولة تحويل جيش داعش إلى جيش من القَتَلة ، بمجرد إقناعهم بأن الخصم كافر أو مرتد، وما أسهلَ ذلك على عقول سلّم أصحابُها قيادَهم لأمرائهم وعزلوها عن التلقي من غيرهم، فإن قيل لهم إن أحرار الشام وصقور الشام وجيش الإسلام صحوات ، فإنهم يتحولون عند الداعشيين في طرفة عين إلى أعداء يتقربون إلى الله بقتالهم وقتلهم، وإذا أراد قادتهم احتلال قرية من القرى التي تسيطر عليها بعض كتائب الثوار ، فما عليهم إلا أن يخبروا أتباعهم بأنهم ذاهبون إلى قرى النصيرية والرافضة، وقد تواترت الروايات بحصول ذلك في كثير من الغزوات التي شنّتها داعش على المدن والقرى المحررة .
خامساً : استعمال أساليب الكذب والغدر والخيانة والخداع ، وهي ما يعجز خـُصومُها من المجاهدين عن الردّ بمثلها :
ويعد هذا هو العامل الأهم ، وسبب نجاحها الأكبر هو "المنظومة الأخلاقية" التي يحملها مشروعها، فقد نجحت في احتلال مناطق واسعة من سوريا لأنها استعملت أساليب يعجز عامة المجاهدين عن استعمالها، أساليب تقوم على الكذب والمكر والخديعة والغدر والخيانة.
فهل تملك داعش القوةَ العسكرية الهائلة التي تحقق لها ما حصلت عليه من مكاسب وما حققته من إنجازات ؟ الجواب : لا ، لأنها فصيل متوسط الحجم ، أقل حجماً وقوة من أي واحدة من الجماعات الكبرى في الثورة السورية ، كحركة أحرار الشام وألوية صقور الشام وجيش الإسلام ، إذن كيف استطاعت إعادة احتلال نصف الأراضي المحررة ؟ .
لقد نجحت داعش في إنجاز تلك المهمة الخطيرة باستعمال أساليب قذرة ، أساليب تنطوي على المكر والخديعة والظلم والبغي ، والغَصْب والسرقة والكذب والغدر والخيانة . نضعها بين يدي العقلاء والمنصفين من المتعاطفين مع داعش أو المؤيدين لها ، لينظروا ما تفعله داعش في سورية ، وما تتبعه من أساليب وما تتخذه من وسائل، وما تؤديه من دور مرسوم من أجل القضاء على الثورة السورية، وإبقاء النظام القرمطي النصيري في التسلط على الشام، وإبقاء الاحتلال الإيراني لسورية ، وليتأمل العقلاء أفعال داعش القبيحة القذرة ثم يحكموا لها أو عليها [14].
سادساً : غدر داعش بالثورة السورية وكتائبها المقاتلة :
هناك نوعان من الغدر استعملتهما داعش في تعاملها مع الثورة السورية ، الغدر الفردي والغدر الجماعي .
1 ـ الغدر الفردي : يتمثل في منح الأمان للرسل ولعامة المجاهدين، ثم الغدر بهم واعتقالهم وتعذيبهم وقتل كثير منهم، وقد ذاعت أخبار ضحايا غدرهم حتى صار يعرفها القاصي والداني من السوريين ومن غير السوريين ، ومن الأمثلة الواضحة كالشمس على ذلك : غدر داعش بالإعلاميين واعتقالهم وقتلهم ، وغدرها بالأب الإيطالي باولو ، وبقادة ميدانيين ، وبقادة عسكريين كبار في الجيش الحر ، وبطواقم طبية وإغاثية وبقادة إداريين في المناطق المحررة .
2 ـ الغدر الجماعي : يتمثل في غدر داعش بالكتائب التي تقاتلها ، ونقض العهود التي تعقدها معها :
من الأمثلة المشهورة على ذلك غدر داعش بكتائب أحرار الشام في مسكنة : فعندما فشل هجومها الأول على البلدة طلبت هدنة لم يتردد الأحرار في الاستجابة لها، ثم اتضح أنها لم تطلب الهدنة إلا للغدر بهم، فقد استغلتها لاستقدام تعزيزات ضخمة، وعندما وصلت تلك التعزيزات قصفت مقرات الأحرار بالمدفعية ثم حاصرتها وسيطرت عليها، وبذلك سقطت مسكنة في يد داعش الغادرة.
ومثال آخر أكثر وضوحاً يبين أن الحرب التي يخوضها المجاهدون اليوم مع داعش لم تُطلق شرارتَها إلاّ حادثةُ غدر مشابهة، خلاصتها أن داعش قررت الهجوم على الأتارب في آخر كانون الأول الماضي (نهاية عام 2013م ) فأرسلت إليها رتلاً عسكرياً من حريتان، وحين مرّ الرتل بالمنطقة التي تسيطر عليها كتائب نور الدين زنكي ، حاول الزنكيون وقفَه ومنعه من التقدم، فوقع اشتباك نتج عنه قتل عدد من الدواعش ، وأسر أكثر من عشرين، فاستسلم الرتل المهاجم ووافق على وقف القتال، وبالمقابل أطلقت كتائب نورالدين زنكي الأسرى ، وسلمت جثث القتلى لحامية داعش في خان طومان، ثم اتضح أن مقاتلي داعش كانوا يخادعون بانتظار وصول مؤازرة من الدانا، وما إن وصلت المؤازرة حتى نقضوا العهد وأطبقوا على مجاهدي نور الدين زنكي ، فأوقعوا فيهم عشرات القتلى والجرحى والأسرى ، ثم هاجموا بلدة أورم الكبرى فأوقعوا مقتلة في لواء الأنصارالمتمركز فيها ، وهاجموا قرية بسرطون وأبادوا الزنكيين الذين وجدوهم فيها، وكانت تلك الغَدْرة هي شرارة الحرب بينهم وبين المجاهدين من كافة فصائل الجيش الحر[15].
سابعاً : الكذب والتـَّقِية كما يصنع الشيعة الرافضة تماماً :
حتى ليخلط المرء أحياناً بين الفريقين ولا يكاد يميز أحدَهما من الآخر إلا بلون العلَم، فالأصفر لفريق داعش ، والأسود لفريق الروافض .
والعجيب أن داعش تمارس هذا الأسلوب الدنيء على خصومها وعلى جنودها على حد سواء، فما أكثرَ ما قادت مقاتليها إلى الهجوم على قرى المسلمين المحرَّرة وهي توهمهم بأنهم يهاجمون قرى نصيرية أو رافضية، وقد انتهت بعض تلك "الغزوات" بضحايا من الأبرياء، وفي حالات أخرى نجا الناس عندما استعملوا مكبرات الجوامع لإذاعة الأذان وإشعار المهاجمين المخدوعين بأنهم يهاجمون مسلمين مثلهم، وليس كفاراً أو أعداء كما أوهمهم قادتهم المخادعون الكاذبون.
لقد كذبت داعش ثم كذبت ثم كذبت حتى كُتبت عند الله وعند الناس من أكبر الكذّابين.كذبت فمنحت الأمانَ لرسل ومستأسرين ثم قتلتهم غيلة وغدراً بدم بارد. وكذبت فادّعت أنها من جبهة النصرة ورفعت علم النصرة لتمر عبر حواجز لواء التوحيد وكتائب الجيش الحر مرات ومرات، كان آخرها في حادثة تفجير مدرسة المشاة في الأسبوع الماضي. وكذبت فزعمت أنها تفاوض لحقن الدم فيما هي تبيّت الغدر وهدر الدم، كما صنعت في التفجير الجبان الغادر في قيادة عمليات الراعي قبل أيام.
وكذبت حين وضعت يدها على غنائم مطار منّغ وزعمت أنها ستوزعها على الكتائب المشاركة ثم لم تفعل، وكذبت في دعوى المشاركة في العمليات العسكرية ضد النظام حتى وَهِمَ أنصارها فظنوها الفريقَ المجلّي في كل ميدان، وما لها في سوريا مشاركة تُذكَر إلا في آحاد عمليات، ولو سألتَهم بعد كل الصخب الذي تسمعه فإنهم يقولون: "منّغ والساحل ومستودعات الحمرا في حماة ، وحتى لو سلّمنا بهذا ، فأين هذه الثلاث من آلاف العمليات التي خاضتها مئاتُ الكتائب في ثلاث سنين وحررت على إثرها ثلثَي أرض سوريا ؟
ثامناً : المكر والخديعة :
المدن التي احتلتها داعش بالغزو العسكري المباشر قليلة جداً، كإعزاز والباب ومنبج ومسكنة وحزّانو وقليل غيرها، أما الجزء الأكبر من المناطق التي احتلتها فقد اعتمد احتلالُها على المكر والخداع . فبعد مضي نحو أربعة أشهر على إعلان تأسيس تنظيم داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام) بدأ سكان المناطق المحررة يشاهدون مقرّات تحمل اسمَه ورايته، فلم يُلقوا لها بالاً، ثم بدؤوا يلاحظون الحواجز الجديدة التي أقامتها داعش داخل المدن والقرى وفي مداخلها، وعلى الطرق الموصلة بينها، فسكتوا عنها لمّا قيل لهم إنها لحفظ الأمن، ثم تطورت تلك الحواجز إلى نقاط عسكرية تمكنت داعش بواسطتها من حصار المدن والقرى واحتلالها ، وطرد الكتائب المحلية منها.
ثم بدأ التنظيم بإظهار قوّته وممارسة سلوك استبدادي تحت غطاء ديني، وكان أوائل ضحاياه من الإعلاميين وناشطي الحراك المدني، واعتقل الداعشيون أعضاء المجالس المحلية في تل أبيض ومنبج والباب واستولوا على المحكمة الشرعية في تل رفعت ، كما طارد تنظيم داعش واعتقل إعلاميي الثورة في الرقة وسراقب وحاس وكفرنبل والدانا وحزّانو. ثم انتشرت ممارسة الداعشيين حتى صارت ظاهرة مصاحبة لداعش في كل مكان تتمدد فيه وتسيطرعليه، وصار كل من يعمل في المؤسسات الإعلامية والإغاثية والطبية والدعوية والحقوقية في خطر داهم، إذ اعتقل المئات من هؤلاء ، واضطر مئات آخرون إلى الهرب إلى تركيا خوفاً من الموت والاعتقال والتعذيب في سجون داعش ، لأنها تتفوق في إجرامها على ما يجري في سجون النظام القرمطي الأسدي النصيري[16] .
تاسعاً : البغي والفجور في الخصومة واختلاق الذرائع الكاذبة لتبريرغزو المناطق المحررة :
فإذا كانت خصومتها مع فرد من كتيبة فإنها تستهدف الكتيبةَ كلها وتحاربها حتى تستأصلها من جذورها وتعتقل أو تقتل قادتها وتشتّت مقاتليها وتستولي على أسلحتها وأموالها ومقراتها، وإذا أخطأ بحقّها فردٌ من سكان إحدى المدن فإنها تعاقب المدينةَ كلها فتجتاحها وتحتلها وتقضي على ما فيها من إدارات مدنية وهيئات شرعية .
ومن الأمثلة على ذلك :
أ ـ في منتصف أيلول 2013 م أطلقت داعش حملة عسكرية ضد كتائب الجيش الحر في ريف حلب الشرقي تحت عنوان " نفي الخبث "، وقالت : إنها تستهدف عملاء النظام الذين قاموا بالاعتداء السافر على الدولة الإسلامية في العراق والشام، وفي مقدمتهم كتيبتا الفاروق والنصر . وكانت الذريعة السخيفة حسبما جاء في البيان الداعشي : " محاولة أتباع النظام السوري اقتحام مقر الدولة في مدينة الباب ، من خلال مظاهرة مسلحة خرجت أمام المقر، ثم قيام المتظاهرين بالاعتداء على جنودنا من أنصار ومهاجرين بالسبّ والشتم والضرب وإطلاق النار ، ورمي القنابل وتحطيم المركبات". ولا شك أن هذا كله كذب وتضليل ، تبرر به داعش أفعال مجرمها والعاملين معها من عصابات مجرمة .
ب ـ الهجوم على لواء عاصفة الشمال في إعزاز ، بذريعة ملاحقة طبيب ألماني اتهم بالتجسس وتصوير مقر الدولة الداعشية في المدينة ، وهذا من أضاليلها وأباطيها أيضاً ، تحاول من خلاله تمرير جرائمها ، فأبناء مدينة إعزاز وأطباء مستشفياتها ينفون اتهامات داعش للطبيب المذكور الذي المتفاني في خدمة الشعب السوري ، والمضحي بحياته لخدمة الثورة وعلاج الثوار ، إذ أجرى عشرات العمليات للجرحى ، ولذلك تريد داعش الرافضية الأسدية الانتقام من الثورة وأنصارها ، والمغفلون يصدّقون أكاذيبها ، كما يصدّقون إعلام النظام بالرغم من كذبه المفضوح .
جـ ـ إعلان داعش الحرب على الأتارب بحجة أن أحد أبناء المدينة "رمى راية الدولة على الأرض" ! ورغم أن لواء أمجاد الإسلام (الذي يسيطر على الأتارب) أعلن موافقته على التعاون وتقديم المتهم إلى محكمة شرعية تختار هيئةُ النصرة قضاتها ، إلا أن داعش أصرت على غزو المدينة وسيّرت إليها الأرتال. أليس هذا هو منطق الجيش الأسدي نفسه ؟ بل إن بطش داعش وفجورها تفوق على جيش القرمطي بشار اللقيط في كثير من الممارسات .
عاشراً : السرقة والسطو على المال العام من الوسائل التي تستعين بها داعش لتعزيز مواردها :
فهي تعتبر أن كل مال عام في سوريا حقٌّ لها، بل مدت يدها أيضاً إلى المال الخاص ، ومتى شاءت استلابَه من صاحبه وضعت لنفسها ألفَ تبرير ولم يردعها شرع ولا قانون ، ومن الأمثلة على ذلك :
أ ـ نهب المصانع والمتاجر والمساكن : نهبت محلات وبيوت الناس بحجة أن أصحابها شبّيحة ، أو موالون سابقون ، أو نصارى ، لا ذمّةَ لهم ولا أمان ، وهي ذرائع وأكاذيب لا أصل لها تروجها داعش والنظام الأسدي القرمطي لتبرير أفعال عصاباتهم الإجرامية بحق السعب السوري .
ب ـ مصادرة المنشآت الإغاثية والطبية وتخريبها وإتلاف ما فيها من مواد وتجهيزات : لأنّ للهيئات القائمة عليها صلة بالدول الكافرة أو بالائتلاف السوري المرتد وفق انحرافاتها وأباطيلها .
يتساءل الناس بدهشة واستغراب في المناطق المحررة ، بل وكل الناس ، عما تفعله داعش بالمستشفيات ؟!! لِمَ هم مغرمون بتدمير وتعطيل المستشفيات على الخصوص، فما أكثرَ ما خرّبوه منها أو سلبوا من أجهزتها ومعداتها ، وما أكثرَ ما احتلّوه وحولوه إلى مقرات !!! إنهم يتركون الأبنية التي بناها الناس للتجارة والسكن ، ويستولون على البناء الذي بُني وجُهِّز ليكون مستشفى يعالج الناس ويخفف معاناتهم ، فيعطّلونه ويحوّلونه إلى مقر عسكري لهم ؟! أو يهاجمونه بأي ذريعة سخيفة ، كالاختلاط بين الرجال والنساء أو الاستعانة بأطباء "جواسيس" من الكفار! أليست داعش بعملها هذا صورة طبق الأصل عن النظام الأسدي القرمطي؟ أوَليس هذا هو نهج النظام الأسدي الفاجر في قتل الناس، وفي تدميرالمستشفيات وأماكن الطب والعلاج في كافة أنحاء سورية ؟ حتى يستكمل قتل السوريين الذين لا يقتلون في المعارك والتدمير الهمجي ؟!!!
قد لا يصدق القرّاء الكرام لو عرفوا عدد المستشفيات التي خربتها داعش تخريباً متعمداً، وكأنها موكلة من بشار اللعين وإيران المجوسية ، بل هي مأمورة حقاً من قادتها المجرمين الأسديين والروافض بهذه الأفعال وسواها من الجرائم بزيادة معاناة السوريين ، ليسارعوا إلى الاستسلام! وقد بلغ عدد المستشفيات التي هوجمت وخُرّبت في الأيام العشرة الأخيرة من شهر كانون الأول عام 2013م ، ثلاثة مستشفيات ، منها مستشفى مسكنة الذي استغرق إنشاؤه عشرة أشهر، وكلف عشرة ملايين ليرة سورية، خرّبته داعش في أيام قليلة ، وسرقت محتوياته وتجهيزاته ، ولم تـُبْـقِ فيه شيئاً يُستفاد منه .
جـ ـ الحقول النفطية وصوامع الغلال ( الحبوب ) : التي استولت عليها في الرقة ، ولا يعرف أحدٌ ما يُفعَل بمواردها على وجه التحقيق ، بل تؤكد المعلومات والوثائق أن داعش استولت على حقول النفط في دير الزور والرّقة ، كي تعطي النظام البترول مقابل أن يعطيها السلاح لتقتل السوريين في المناطق التي تخلصت من ظلم آل أسد ووقع أهلها تحت ظلم داعش وزبانيتها .
د ـ المخابز والمطاحن والمصانع والصيدليات ومستودعات الغاز : التي استولت عليها في حلب وغيرها من المناطق، حتى صار الناس يفرّون منها بأموالهم وأملاكهم كما يفرون من جيش الاحتلال الأسدي، وحتى صار السوريون المساكين تحت سيطرتها كمَن يترحم على النبـّاش الأول عندما عانى من جور النبـّاش الثاني وهو داعش !!! .
المبحث الخامس : مبررات الشك في داعش وأدلة ارتباطها بالنظام القرمطي النصيري المحتل لسوريا:
أولاً : مبررات الشك بداعش وارتباطها بالنظام الأسدي وإيران :
1 ـ أن داعش احتلت ما سبق تحريره من المدن والأرياف، ولكنها لم تقترب من المناطق الثلاث التي بقيت في يد النظام منذ تحرير الرقة: مطار الطبقة والفرقة 17 واللواء 93. لماذا؟ ما أكثرَ الأسئلةَ التي تبحث عن جواب في كل عمل تقوم به داعش في سورية منذ كشفها القناع ووقوفها صراحة ضد المجاهدين ومحاربتها للثورة السورية في كل المناطق المحررة !! .
2 ـ إقدام النظام السوري على إطلاق عدد من سجناء القاعدة وتفريعاتها في السنة الأولى للثورة السورية ، وهُـرّب المئات منهم من ( سجون ) حكومة المالكي وبالتنسيق مع مخابراته وأجهزته الأمنية ، وذلك من أجل العمل داخل التنظيمات الإسلامية كالقاعدة وداعش ومحاربة الثورة السورية .
3 ـ إن بلدتَي الأعداء، نـُبـُّل والزهراء( المغاولة سابقا) ، كانتا أقربَ بكثير إلى حريتان وأَولى بالحرب من الأتارب ، هذه البلدة المُجاهدة التي يرابط فيها لواء أمجاد الإسلام ، فلماذا تركت داعش نبل والزهراء في أمان ولم تحرك ساكناً نحوهما ؟! وبدأت بقصف الأتارب بالمدفعية الثقيلة ؟ الجواب الذي صار يعرفه عامة أهل سوريا بعد كل الذي كان : أن داعش لم تنشأ لقتال الأعداء بل لقتال المجاهدين ولمحاربة الثورة السورية ، ولم توجد لتحرير سوريا بل لإعادة احتلال المحرَّر من أراضيها .
4 ـ تؤكد الإثباتات والوثائق الرسمية وجوازات السفر التي وجدها الجيش الحر والمجاهدون في مقرات داعش ، بعد اقتحامها إثر دحرهم لعناصر داعش في المعارك التي دارت بينها وبين الجيش الحر والمجاهدين في أكثر من منطقة ، أن تلك الجوازات والوثائق هي إيرانية يستعملها ضباط وعناصر داعش في العراق وسورية ، وأن الكثير من قيادات داعش مرتبطة بالمخابرات الإيرانية ، ويشرف عليهم ويقودهم ضباط إيرانيون كبار من الحرس الثوري الإيراني ومن الاستخبارات الإيرانية ، بالإضافة للضباط النصيريين الذين يعملون في الجيش الأسدي من قادة المخابرات العسكرية الأسدية الذين يوجهون ويديرون معارك داعش مع الجيش الحر وكتائب المجاهدين ، كما أورد الناشطون في الثورة السورية وثائق تثبت تورط إيران ودعمها لداعش من خلال تسجيلات مصورة وصور جوازات سفر إيرانية بحوزة بعض عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ، وقد استندت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية على هذه التسجيلات، لإثبات أن أصحاب هذه الجوازات قد دخلوا إلى إيران وروسيا خلال أيام الثورة ، وأن لديهم شرائح اتصالات ايرانية وروسية، و هذا ما يثبت عمالتهم للمخابرات الإيرانية والروسية الذين سبق لهم استخدام هذا الأسلوب في إجهاض ثورة الشيشان [17].
5 ـ أكد الناشطون وقادة الكتائب العسكرية في الميدان وعلى جبهات القتال في الثورة السورية أن المناطق التي يتم تحريرها من عناصر "داعش" يقصفها النظام بالطائرات الحربية- كما حصل في مدينة سلقين في محافظة إدلب ، إذ اعتبر بعض الناشطين هذا الفعل من قبل النظام على أنه مؤازرة منه لتنظيم داعش .
6- تعد إيران من المصادر الرئيسة لتمويل القاعدة في سوريا والعراق بالمال والرجال ، وواسطتها في هذا المدعو جعفر الأوزبكي عضو «القاعدة» الفاعل ، إذ توكل إليه إيران مهمة تسهيل نقل مقاتلي القاعدة وداعش إلى سورية ، وكذلك تكلفه بنقل الأموال لهم إلى سورية ، ولا شك أن هناك أموالاً بريئة ً تضخ إلى سورية من جهات أخرى كالمتعاطفين والتبرعين للثورة والشعب السوري، ولكن هذه الأموال ليس لها القدرة على إرباك الوضع وخلط الأوراق في سورية بالشكل الذي يقوم به الدور الإيراني الذي يؤدي هذه المهمة القذرة في دعم وتوجيه داعش والقاعدة ، وفق ما أشارت إليه وزارة الخزانة الأميركية في تقاريرها، إذ تشير هذه التقارير إلى أن هناك تعاوناً استخباراتيا ً يوفر للقاعدة سهولة التحرك المالي واللوجستي ، وإلا فمن المستحيل أن تتمكن «القاعدة» والتابعون لها من إشغال الجيش الحر بهذه الطريقة التي لم تستطع قوات الأسد، ولا حتى ميليشيات حزب الله فعله[18] !! .
7 - تأكيد الائتلاف الوطني السوري على وقوف «داعش» ضد الثورة السورية ، وأنها على «علاقة عضوية» مع النظام الأسدي الطائفي :
وأنها تعمل على «تنفيذ مآربه»، وذلك بعد إقدامها على اعتقال وتعذيب وقتل الطبيب حسين سليمان الذي كان يتولى إدارة معبر تل أبيض الحدودي مع تركيا في شمال سوريا ، وهو من قادة كتائب أحرار الشام ، وقد قال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في البيان الذي أصدره ويعتبر من أقوى المواقف الرسمية له ضد دولة داعش ، تعقيباً على قتل مجرميها الدكتور حسين سليمان : يؤكد الائتلاف أن علاقة تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام مع نظام الأسد الإرهابي، علاقة عضوية، يحقق فيها التنظيم مآرب عصابة الأسد بشكل مباشر أو غير مباشر . وأضاف بيان الائتلاف[19] : إن سيل دماء السوريين على يد هذا التنظيم ، رفع الشك بشكل نهائي عن طبيعته وأسباب نشوئه والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها والأجندات التي يخدمها، ما يؤكد طبيعة أعماله الإرهابية والمعادية للثورة السورية ، كما حث البيان الجهات الداعمة له على الانفصال عنه ، مشدداً على أن الجهل بمشروع التنظيم وأجنداته لا يبرر لأحد البقاء في صفوفه أو منح الولاء له . فهذا البيان يضاف لجملة الإدانات لأعمال داعش التي لا تختلف عن أعمال عصابات بشار المجرمة ، ويؤكد شدة التصاق داعش بالنظام الأسدي في محاربة الثورة السورية .[20]
ثانياً : الخدمات التي تقدمها داعش لنظام بشار الأسد من خلال أعمالها ضد الثورة السورية :
1 - أعطت الغطاء والشرعية لبشار الأسد لمقاتلة من يسميهم الجماعات المتطرفة التي يحاربها ، والتي في نظره تشمل الثوار السوريين وكل المعارضين له من أبناء سورية .
2 - أصبحت داعش التي دخلت عمداً لإفشال الثورة السورية وإجهاضها ، همًا آخر من هموم الثوار السوريين ،إذ فتحت عليهم جبهات عسكرية وأضعفت موقفهم العسكري في مقاتلة النظام القرمطي الأسدي ، وشتتت قواهم لقتال عدوين ودولتين في آن واحد ، دولة داعش ودولة ابن أسد اللعين ، بدل القتال في اتجاه واحد وهو قتال جيش أسد ومؤيديه الإيرانيين المحتلين والمليشيات الشيعية التابعة له .
3 - إن تنظيم داعش الوحشي جذب بفكره المتطرف الكثير من الشباب ، وغرر بهم تحت اسم الدين وتحت اسم "الدولة الإسلامية" التي تسعى داعش لتأسيسها في الأرض السورية التي يحررها الجيش الحر من النظام الأسدي ، ويلاحظ أن أكثر من جاءوا لقتال النظام النصيري الأسدي ولأتباعه وأعوانه من الإيرانيين ، غررت بهم داعش وأغرتهم بالمال وبالفكر المُضَلِل للدخول إلى هذا التنظيم ، وأكثرهم شباب صغار زج بهم الى معركة لا علاقة لهم بها ضد الجيش الحر والمجاهدين ، ولا يدركون خفاياها وأهدافها أو مآربها التي تسعى داعش لها في خدمة النظام الأسدي والمشروع الإيراني في المنطقة ، وقد استخدمتهم داعش لهذه المآرب الخبيثة تحت اسم الدين ، بينما هي في الحقيقة تشوه الدين وتدمر الثورة السورية .
4 - اتضح مع الأيام أن داعش تعمل في صف بشار الأسد ومن يدعمه في إنهاء الثورة السورية وتصفية الثوار وقتلهم ، فداعش ركبت قطار الثورة السورية لتحول مساره إلى الطريق الذي اختارته إيران والنظام الأسدي لها، وقد قتلت في فترة قصيرة من الثوار وقادتهم من لم يستطع بشار ومجرموه من قتلهم طوال سنتين ونصف من عمر الثورة السورية ، وهذا يؤكد ما قاله بشار المعتوه في إحدى مقابلاته : أن لديه من يقاتل معه ممن يعملون بين كتائب الثوار وفي صفوفهم ، وهؤلاء ليسوا إلا أتباع داعش صنائع المخابرات الأسدية والمخابرات الإيرانية ، ولذلك فإن داعش منذ ظهورها تعمل على تحقيق أجندة الأسد، وإرغام السوريين على العودة إلى نظامه البائد[21] .
5 - إن داعش سيطرت وما زالت تحاول السيطرة على المناطق التي تمكن الثوار السوريون من تخليصها من نظام الأسد بدمائهم ، وحوّلت داعش تلك المناطق إلى ثكنات قتال وحرب ، رفعت فيها رايتها ، وجعلتها مناطق مضطربة وغير مستقرة ، تفسد وتهدم فيها كل ما يبنيه وينجزه الجيش الحر والمجاهدون ، وحولت المناطق المحررة إلى معترك للاقتتال الداخلي تقاتل فيها المجاهدين والثوار ، بدل التوجه لقتال عصابات ابن أسد والإيرانيين والمليشيات الطائفية الشيعية العاملة مع الجيش الإسدي ، وهي بهذا حققت ما لم يحلم الأسد به .
6 - أعطت الضوء الأخضر للنظام الأسدي القرمطي لاستخدام براميله المتفجرة وسياراته المفخخة في كافة المدن والبلدات السورية ، ولنقل ذلك إلى لبنان أيضاً عن طريق عملائه ومؤيديه من الطائفيين الشيعة اللبنانيين ممن يطلق عليهم حزب الله وغيرهم ممن يتحالفون معه، حين بدأ يفجر السارات المفخخة في مساجد أهل ااسنة والجماعة عند صلاة الجمعة في المدن والبلدات السورية واللبنانية ، وعند المخابز والأسواق المزدحمة، لقتل أكبر نسبة ممكنة من المدنيين أبناء السنة، تحت ذريعة ما يسمى بالإرهاب ولوأد الثورة وسحق أنصارها وحاضنتها الاجتماعية ، تحت ذريعة المحاربة لمن يسميهم بالإرهابيين ، والإرهابيون بنظر النظام الأسدي القرمطي ومؤيديه هم الثوار والجيش الحر وكل مناصري الثورة السورية ، ولا شك أن هذا النظام ومؤيديه لا يعدون داعش من قائمة الإرهابيين ، لأنها أصبحت الورقة التي يستخدمها النظام الأسدي لسحق كل مظاهر الثورة السورية ومن معها، فليتأمل المتأمل العاقل الحصيف كم قدّمت داعش لنظام أسد القرمطي من عطايا ومبررات ليفتك بالثورة السورية وبالشعب السوري المجاهد !!.
7 – قدمت داعش للنظام الأسدي القرمطي خدمة كبيرة جداً من الناحية الإعلامية ، إذ تركت آثاراً إعلامية سلبية وارتباكاً سياسياً أضرّ بالثورة السورية وسعى لتشويهها عمداً ، ونتج هذا التشويه عن تدخل «القاعدة» وداعش وحضورهما الفاعل على الساحة السورية ، وارتكابهما جرائم بشعة بحق الشعب السوري ، من قطع للرؤوس وقتل الأطفال ، والاعتداء على النساء وانتهاك كرامتهن وأعراضهن ، وقتل واختطاف الصحفيين والإعلاميين ، وقتل قادة الثوار والناشطين ، وكل صوت مؤيد للثورة ، ثم نشر ذلك كله في وسائل الإعلام الأسدي ، وتأخذ عنه وكالات الإعلام العالمية الخبيثة، وتنسبه للجيش الحر والمجاهدين ، وإظهارهم وحوشاً يقتلون الناس قبل أن يحكموا !! فكيف إذا حكموا ؟! وتتجاهل داعش المرتبطة بالنظام وأجهزته القمعية الفاجرة ، كل ذلك أوجد غطاءاً للغرب والأمريكان في إحجامهم عن دعم الثورة السورية والجيش الحر بشكل فعال ، ودفعهم إلى التردد وعدم التعاطف معهما ، وهم أصلاً لا يريدون هذا الدعم خشية انتصار الثورة على النظام المتحالف مع كيان الصهاينة والمحمي منه إقليمياً ودولياً ، لذلك أوجدوا داعش واتخذوها واجهة ً لتشويه صورة الجيش الحر والمجاهدين والثوار ، وجعلوها ذريعة ومبرراً للمراوغه ورفض تسليح الثورة بالسلاح النوعي الذي يقلب الموازين ويسارع في إسقاط النظام[22] .
المبحث السادس : انشقاقات داعش ومصيرها :
أولاً : انشقاق داعش وتقييمنا له :
أعلنت مجموعة منضوية في تنظيم «داعش» أمس تشكيل « نواة مشروع حركة التصحيح في الدولة الإسلامية في العراق والشام » ، من دون أن تتضح هوية المجموعة أو مكانهم ، وهنا لابد أن نسجل خشيتنا على الثورة السورية ، من أن تكون هذه الحركة التصحيحية في داعش كالحركة التصحيحية التي قادها المقبور الخبيث النافق حافظ أسد عام 1970 م ، والتي جلبت لسورية وشعبها كل هذه الكوارث والدماء ، والخشية أيضاً أن يصدق المغفلون من أبناء سورية وفريق من المتعاطفين مع الثورة السورية ما يفعله المصححون في داعش ، كما صدّق المغفلون سابقاً المقبور الملعون حافظ أسد وساروا في ركابه الفاسد القاتل لسورية وشعبها ، وأن لا يُنتـَبَه الآن لتحركات داعش وخططها إلا بعد فوات الأوان ، فحينئذ يا ويل سورية وشعبها المسكين من تصحيح آخر ، ولكن هذه المرة داعشياً وليس أسدياً قرمطياً!! فيدمرها عقوداً جديدة باسم هؤلاء العملاء لإيران والمرتبطين بالنظام القرمطي الأسدي ، ووقتئذ يا ويل سورية من مغفليها البلهاء ، فهم والحالة هذه قد أضروا بسورية كمجرميها الذين يغرقوها من جديد في عقود الإجرام والاستبداد والعبودية ، فما قاله المتحدث باسم تصحيح حركة داعش في شريط فيديو تداولته مواقع معارضة أمس: إن تشكيل هذه النواة جاء بعد « ثبوت الانحرافات في عقيدة ومنهج وسلوك داعش المعروفة بدولة العراق الإسلامية »، إذ أسهب في تعداد هذه الانحرافات على غرار :
1- «إبدال بيعة القتال ببيعة الخلافة من غير قدرة أو تمكين حقيقي
2- إصدارها حكم القتل على غير المبايعين لها»،
3- «غياب أمير الجماعة في قراراته عن الواقع تماماً»،
4- «انحدار سلوكيات بعض المقاتلين نحو سلوك غلاة الخوارج في تكفير أهل السنة والجماعة ، وقتل المجاهدين والمخالفين للجماعة في العراق وفي بلاد الشام واستباحة دمائهم»[23]
كما قال المتحدث الذي ظهر مُقـَنـّعاً جالساً على كرسي ، وأمامه طاولة عليها جهاز كمبيوتر، ومحاطاً بأربعة مسلحين مقنعين : إن الهدف «تشكيل نواة حركة تصحيح وجمع المخلصين لتقويم منهج الجماعة ، وقطع الطريق على الذين يريدون حرف الجهاد عن مقاصده». ودعا «المخلصين لله من أهل الجهاد تحت راية جماعة الدولة للتعاون معنا»، معاهداً على أن « نكون على عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة في تعاملنا مع رايات الجهاد ومع الناس ، ونسعى عملياً لتصحيح الأخطاء السابقة ونكون على تراحم بالناس كافة » .
ثانيا ً : مصير داعش بعد انكشاف أمرها فكرياً وعقائدياً ، واعتبارها فئة باغية يجب الابتعاد عنها ومقاتلتها :
منذ بدء انطلاقة داعش ظن جميع المسلمين علماء وعامة، أن جماعة داعش تقوم على الفكر الجهادي الإسلامي الصافي ، عزز ذلك في البداية اعتقاد الناس أن توجهها نحو سورية لقتال النظام القرمطي النصيري ، بالرغم مما كان ينشر عنها ويشاع حولها من تبنيها لفكر منحرف يكفر المسلمين ويتهمهم بالردة ، وقد ساعد على إحسان الناس الظن بها وجود الكثير من أتباع المنهج السلفي في البلاد العربية معها ، خاصة من أبناء بلاد الشام والخليج العربي ، ولكن أسلوبها الخبيث في التسلل إلى المناطق التي حررها الثوار في سورية ، وبدء قتالها للثوار وتصفيتهم تحت ذرائع وحيل وطرق الخداع والكذب المختلفة كما ذكرنا آنفاً ، جعل الناس يعيدون التفكر فيما تفعله داعش ، وأنه قطعاً لخدمة النظام النصيري الأسدي وإيران وتوجهاتها في المنطقة ، ولذلك كانت الصدمة الكبرى للشعب السوري وللمسلمين في العالم، وجود المفارقة الفكرية والعملية بين أقوال قادة ودعاة داعش وتصرفاتها في أرض الميدان بسورية ، وهي التي جعلت علماء السلفية الجهادية في البلاد العربية ، وخاصة في بلاد الشام والخليج ، يعيدون النظر في موقفهم من داعش ، واعتبارها جماعة باغية ، وأن أتباعها كلهم بغاة يجب مقاتلتهم ، لأنهم بغوا على المسلمين في سورية وعلى ثورتهم وجهادهم ، وفي هذا السياق يعلق الباحث والكاتب السعودي عبدالله الدحيلان على ما تفعله داعش بأنه جعل العلماء والدعاة في الخليج والشام وكذلك قادة القاعدة التقليديين كالظواهري وغيره[24] ، يستنفرون ضد داعش ، ويعتبرون عملها طعنا ً للجهاد في سورية من الظهر ، ثم يقول : لعل أبرز ما في ذلك تحول الخصومة عند داعش من « خصومة الطعن في العدو والإثخان فيه» إلى «الطعن في الظهر للثورة السورية ، التي تزعم داعش أنها جاءت لسورية لتشارك في المشروع الجهادي الواحد ضد العدو المشترك وهو النظام الباطني النصيري والمتحالفين معه .
أما الداعية الشيخ سليمان العلوان الذي يحظى بالتقدير لدى الفصائل المجاهدة في سورية، فذكر أنه : « ليس من حق الدولة الإسلامية (داعش) أن تـُغيرعلى مقار الأحرار (أحرار الشام) وتستهدفها، لأنها صارت ملكاً لهم. لأن من أتى إلى مكان، وحازه صار أولى به من غيره» . مشدداً على اعتراضه على الدولة " دولة داعش" كونهم «يأخذون البيعة لأنفسهم، وهم ليس لهم بيعة عامة، لأن أول شروط مَن تؤخذ له البيعة أن ينتخبه أهل الحل والعقد، في حين أن أبو بكر البغدادي أمير دولة داعش لم ينتخبه أهل الحل والعقد».
وأشار العلوان إلى أن «مسؤوله وقائده (أيمن الظواهري) لم يرضَ عن عمله، فكيف يطالب الآخرين بمبايعته، فهو ليس خليفة المسلمين ، حتى يبرر لنفسه أن يفعل الأفاعيل في المسلمين بسورية ، وهو لا يعدو أن يكون أمير جماعة ، شأنه شأن أمراء الجماعات ، وأن طلبه البيعة من الآخرين باطل ، لأنه يبيح دم المسلمين تحت ذريعة عدم مبايعتهم له : « فإذا لم يبايعوا قاتلهم»، معتبراً هذا «عمل البغاة ، وليس من عمل أهل الخير والصلاح» .
وتأكيداً على ما أشار إليه العلوان آنفاً من انحراف داعش عقائدياً وفكرياً عن المنهج الإسلامي القويم القائم على اتباع الكتاب والسنة ، وانحرافها عملياً عن خط الجهاد الذي عليه عامة المسلمين منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وحتى يومنا هذا ، فقد أصدر علماء السلفية الجهادية فتاوى يطالبون فيها أتباع داعش بالإنشقاق عنها ، لأنها منحرفة عن الحق وعن عقيدة الإسلام ، وأنها تؤدي وظائف خطيرة كلها تصب في مصلحة أعداء الإسلام ، وفي خدمة المشروع الإيراني بابتلاع المنطقة العربية وتشييعها وتحويلها لأقاليم تابعة لامبراطورية ولاية الفقيه في قم وطهران ، ولخدمة حليفتها الدولة النصيرية في سورية وإبقاء القرامطة آل أسد في التسلط على سورية وشعبها ، ومن تلك الفتاوى فتوى العالم السعودي عبد العزيز الطريفي التي تبين «عدم جواز الانضواء تحت راية «الدولة الإسلامية» (داعش)، ما دام لا يقبل بحكم الله المستقل عنه»، مطالباً المنضوين تحتها بـ «الانشقاق والذهاب إلى رايات أخرى».
وأما الداعية الكويتي حجاج العجمي الذي كان يعد أحد أبرز داعمي التوجه الجهادي السلفي في الكويت ، فقد وجه كلمة من أرض الميدان في سورية ، كانت بمثابة «الفصل» في الموقف من داعش بعد جرائمها الشنيعة ضد الثورة والمجاهدين والجيش الحرعلى أرض سورية ، إذ صرّح في تغريدته المدونة على حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر» : « لست مع دولة العراق والشام ، وكل الجلسات التي كانت لي مع هؤلاء لم تكن سوى نصح وتقويم. ولم أكن داعماً لهم أو لأي طرف يقاتل الشعب السوري »[25]. ولا شك أن كلامه الموجه لداعش والمتعاطفين معها وبيانه أنها تقاتل الشعب السوري ، شكّل قلقاً لكل المتعاطفين مع داعش والمتعلقين بمنهجها .
ثالثاً : الحل الذي يمكن التخلص به من داعش :
1 - تجميع كتائب الثوار السوريين وتوحيد فصائلهم في كيان واحد جامع :
إن ضم الجبهات السورية والجيش الحر في مجلس عسكري موحد جديد ، هو المخرج الوحيد لمواجهة داعش والنظام على حد سواء ، وحينها يسهل دفع داعش ورد عدوانها وتآمرها عن الثورة ، ومما يساعد على ذلك التنسيق مع جبهة النصرة بمعايير محددة ومكتوبة ، وهذا هو المدخل الأساس لإنقاذ ثورة الشعب السوري وحلمه السياسي .
2 - العودة إلى المشروع السياسي :
وذلك حين يتماسك الميدان ويُفرز بصورة وطنية ومنظمة تجمعاً جديداً مستخلصاً من خيرة علماء الثورة وفصائلها، عندئذ تتمكن الثورة من عزل داعش ومحاصرتها تمهيداً لطردها من سورية أو سحقها، وإبعاد وتحييد المحاور المستثمرة عبرها ، وتحتاج الثورة السورية بعد ذلك إلى تعاطٍ سياسي دقيق ، وتعامل بذكاء مع اتفاق العالم بشرقه وغربه ضد الثورة السورية .
الخاتمة :
لقد انتقلت داعش إلى سورية بعد أن أنشبت مخالبها في بلاد الرافدين ، وقد خُدِع الناس بها في بداية أمرها ، لرفعها راية براقة خدّاعة مُضللة باسم الإسلام والجهاد ، وبقيت كذلك إلى حين رفعها السلاح في وجه الثورة السورية ، ولذلك ما عدنا نعرف هوية هذه الجماعة ومذهبها ودينها، فإننا إذا نظرنا إلى كذبها وخيانتها قلنا إنها جماعة وفئة منافقين ، وإذا نظرنا إلى تكفيرها ، قلنا : خوارج، وإذا نظرنا إلى تَقِيّتها ، قلنا : روافض وباطنيون ، وإذا نظرنا إلى عدوانها قلنا بغاة. وبالرغم من ذلك كله فما يزال فريق من المخدوعين يتوهم أنها دولة الإسلام الراشدة المأمولة التي ينشدونها ويتلهفون للتنعم بعدالتها ، ويتوقون للاستظلال برايتها ،لأنها رفعت راية التوحيد ، وسمّت نفسها دولة الإسلام !!
ما أسهلَ ما تخدع الشعاراتُ والأسماءُ السذّجَ المُغفـَّلين! ولكن المؤسف أنهم لا يستيقظون إلا بعد فوات الأوان !! فهل نشهد قريباً استيقاظ من تبقى منخدعاً بداعش بعد زوال كل الستائر والأقنعة التي خبأت وجهها خلفها ، وغلفت ارتباطها بإيران المجوسية وبالنظام الأسدي القرمطي بقشرة رقيقة من الخداع والكذب باسم الإسلام ، فما لبثت أن افتضحت حين انتهكت الحرمات ، وما انفكت أن فضحها الدم الطاهر الزكي الذي سفكته هذه الفئة الباغية داعش من أبناء سورية ، ليمضي قدر الله في القريب بهذه الثورة وهذا الجهاد نحو النصر والخلاص بإذن الله ، ويومئذ تقر أعين كل الأحرار والمؤمين بعدالة الله وبتأييده ، وتتحرر سورية من كل أعدائها الداخليين والخارجيين ، ويفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ، ويسألونك متى هو قل عسى ان يكون قريباً .
المراجع
1ـ البخاري، محمد بن إسماعيل (ت 256هـ/819م ) الجامع الصحيح، (9ج) مكتبة الثقافة، ط1 بيروت ، د.ت .
2 ـ الطبري، محمد بن جرير (توفي310ﻫ/922م) تاريخ الأمم والملوك (11ج) تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار سويدان، ط1، القاهرة، 1962م
3 ـ معلومات عن انشقاق في «داعش» بعد «ثبوت انحرافات» ، عبد الرحمن الراشد صحيفة الشرق الأوسط اللندنية / الخميس16 صفر1435هـ 19 ديسمبر 2013م العدد 12805 / http://www.aawsat.com/details.asp?section=
4 ـ صحيفة الشرق الأوسط اللندنية / الاثنيـن 10 ربيـع الثانـى 1435 هـ 10 فبراير 2014 العدد 12858 / طارق حميد ، إيران والقاعدة في سوريا ، http://www.aawsat.com =3 =760867 =12858
5 ـ الائتلاف» يتهم «داعش» بأنها على «علاقة عضوية» مع النظام
صحيفة الشرق الأوسط / اللندنية /الخميـس01 ربيـع الأول 1435هـ 2 يناير 2014 العدد 12819 ، http://www.aawsat.com/details.asp?section=4 =756117
6 ـ موقع أخبار الآن ، دبي، 4 فبراير 2014، نهاد الجريري/ فصائل القاعدة تخوض حرب "تكسير عظم" لتشبع جنون عظمة قاداتها .
7 ـ صحيفة الحياة اللندنية الأحد 9/2/2014م الموافق 8 ربيع الثاني 1435هـ
http://alhayat.com601252 / عبدالله الدحيلان / داعش» يستنفر ضده الظواهري ودعاة «الجهاد» في الخليج والأردن .
8 ـ صحيفة الراية القطرية / ريم الحرمي / داعش.. الوحش الذي التهم الثورة السورية
www.raya.com/writers
9 ـ موقع إسلام أون لاين / 8 / يناير/كانون الثاني / 2014م
10 ـ تغريدات معرف ويكلكس دولة البغدادي
https:/ /twitter.com / wikibaghdady
11 ـ موقع أورينت نيوز / الثلاثاء 14/1/2014 م / الموافق 12 بيع الأول 1435هـ.
الأسد – المالكي – البغدادي..ثلاثية القوس الفارسي/ مرهف دويدري
12 ـ صحيفة الحدث – اليمن :
http: www.alhadath-yemen.com/news31555.html
من هو تنظيم "داعش" وما الفرق بينه وبين "جبهة النصرة" ؟
2014/01/12 الأحد 12/1/2014م الموافق 10 ربيع الأول 1435هـ
13 ـ صحيفة الدستور الأردنية : https://www.addustour.com
من هم صُنّاع «داعش» ورعاتها؟! عريب الرنتاوي ،العدد رقم 16723 السنة 47 - الأحد 1 ربيع ثاني, 1435 هـ الموافق 2 شباط 2014م.
تاريخ النشر: الأربعاء، 8 يناير/كانون الثاني، 2014 م ، الموافق 6 ربيع الأول 1435هـ
14 ـ موقع المختصر: الحلقات الأولى ، الثانية ، الثالثة : مشروع داعش: احتلال سوريا (القصة الكاملة) مجاهد مأمون ديرانية :
الاثنين 20 -01-2014 م الموافق 19/3/ ربيع الأول / 1435 هـ / الجمعة -31 -1-2014 م الموافق 30/3/ 1435 هـ / السبت 8 /2/2014م الموافق 8 ربيع الثاني 1435 هـ .
http://www.almokhtsar.com/news
15 ـ موقع العصر :هو نفسه موقع المسلم / http://almoslim.net/node/155710
16 ـ التقرير الصحفي ليوم الاثنين 21/ 10/2013م الموافق 16 ذي القعدة 1434هـ : يكشف أن : هجوم داعش على لواء عاصفة الشمال الذي كان يحتجز الزوار اللبنانيين هو سبب الإفراج عن هؤلاء .
موقع قناة المنار التلفزيونية التابعة لحزب الله اللبناني /لبنان :
www.almanar.com.lb/wap/edetails.php?cid
17 ـ الثورة السورية وحصاد داعش.. المخرج الأخير/الكاتب : مهنا الحبيل
موقع الجزيرة نت :
http://www.aljazeera.net/opinions/pages
18 ـ القاعدة إذ تتبرأ من تنظيم الدولة.. ماذا بعد؟!/ ياسر الزعاترة / صحيفة الدستور الأردنية / العدد رقم 16726 السنة 47 - الأربعاء 4 ربيع ثاني, 1435 هـ الموافق 5 شباط 2014م
http://www.addustour.com/
19 ـ لحساب من تعمل «داعش»؟ الياس حرفوش صحيفة الحياة اللندنية / الأحد ٥ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٤ م / الموافق 3 ربيع الأول 1435هـ
http://alhayat.com/OpinionsDetails
20 ـ الثورة السورية تواجه "داعش" والمخابرات العالمية / مهنا الحبيل .
الجزيرة نت : المعرفة : مقالات رأي ( وجهات نظر )
http://www.aljazeera.net/opinions
21 ـ داعش» بلا غطاء «قاعدي».. ماذا عن «النصرة»؟ الكاتب : محمد خروب
صحيفة الرأي الأردنية الأربعاء 5/2/2014م الموافق 5 ربيع الثاني 1435هـ/
http://www.alrai.com/article/.html
22 ـ داعش: حصان طروادة المتآمرين على الاعتدال والإسلام
مجلة البيان :أسبوعية سياسية مستقلة
www.albayanlebanon.com/news. 15748
23 ـ المعارضة : قياديون في داعش ضباط في الأمن السوري
موقع باسنيوز/ موقع إقليم كردستان ، العراق .
www.basnews.com/ar/News/Details/mod/10093
[1] البخاري، محمد بن إسماعيل (ت 256هـ/819م ) الجامع الصحيح، (9ج) مكتبة الثقافة، ط1 بيروت ، د.ت ، جـ7 ، ص 2.
[2] الطبري، محمد بن جرير (توفي 310ﻫ/922م) تاريخ الأمم والملوك (11ج) تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار سويدان، ط1، القاهرة، 1962م ، جـ5،64-66 ،72- 93 .
[3] تغريدات معرف ويكلكس دولة البغدادي https://twitter.com/wikibaghdady
[4] القاعدة إذ تتبرأ من تنظيم الدولة ... ماذابعد /ساسر الزعاترة / صحيفة الدستور الأردنية / العدد رقم 16726 السنة 47 - الأربعاء 4 ربيع ثاني, 1435 هـ الموافق 5 شباط 2014م ، http://www.addustour.com
[5]من هو تنظيم "داعش" وما الفرق بينه وبين "جبهة النصرة"؟ الحدث - الأولى ،صحيفة الكترونية /اليمن .
http: www.alhadath-yemen.com/news 31555
2014/01/12 الأحد 12/1/2014م الموافق 10 ربيع الأول 1435هـ
[6] القاعدة إذ تتبرأ من تنظيم الدولة.. ماذا بعد؟!/ ياسر الزعاترة ، صحيفة الدستور الأردنية / العدد رقم 16726 السنة 47 - الأربعاء 4 ربيع ثاني, 1435 هـ الموافق 5 شباط 2014م
http://www.addustour.com
[7] كيلو ، لا تقارنوا "جبهة النصرة بـ "داعش " ، صحيفة النهار اللبنانية يوم الخميس 9/1/2014م الموافق 7 ربيع الأول 1435هـ
[8] مشروع داعش: احتلال سوريا (القصة الكاملة) 1/2 / مجاهد مأمون ديرانية ، الاثنين 20/1/2014م الموافق 18/3/1435هـ موقع المختصر، http://www.almokhtsar.com/news
[9] المرجع السابق .
[10] من هو ولي أمر داعش؟! ،الدستور الأردنية / العدد رقم 16726 السنة 47 - الأربعاء 4 ربيع ثاني, 1435 هـ الموافق 5 شباط 2014م.
[11] صحيفة الحياة اللندنية الأربعاء 5/2/2014م الموافق 4 ربيع الثاني 1435هـ
"القاعدة" تنفي صلتها بجماعة "داعش"/ بيروت – رويترز / الإثنين ٣ فبراير ٢٠١٤ م /
[12] الحياة اللندنية الأحد 9/2/2014م الموافق 8 ربيع الثاني 1435هـ http://alhayat.com601252
عبد الله الدحيلان ،« داعش» يستنفر ضده الظواهري ودعاة «الجهاد» في الخليج والأردن .
[13] أخيرا.. اكتشفت واشنطن من وراء «القاعدة»/ عبد الرحمن الراشد ، صحيفة الشرق الأوسط اللندنية ، الاثنيـن 10 ربيـع الثانـى 1435 هـ 10 فبراير 2014 م ، العدد 12858 http://aawsat.com12858 . وانظر: هجوم داعش على لواء عاصفة الشمال الذي كان يحتجز الزوار اللبنانيين هو سبب الإفراج عن هؤلاء ، موقع قناة المنار التلفزيونية التابعة لحزب الله /لبنان / التقرير الصحفي ، الاثنين 21/10/ 2013 م الموافق 16 ذي القعدة 1434هـ . www.almanar.com.lb/wap/edetails.php?cid
[14] مهنا الحبيل، الثورة السورية تواجه "داعش" والمخابرات العالمية .
[15]مهنا الحبيل، الثورة السورية وحصاد داعش ، الجزيرة نت : http://www.aljazeera.net
[16] ناشطان يرويان فظاعات الأسر لدى ميليشيات (دولة العراق والشام): معتقلات «داعش» أسوأ من سجون الأسد!
جريدة الرياض السعودية اليومية / النسخة الالكترونية، الاثنين 13/1/2014 م ، الموافق 11 ربيع الأول 1435هـ 900721http://www.alriyadh.com/
[17]صحيفة الشرق الأوسط اللندنية / الاثنيـن 10 ربيـع الثانـى 1435 هـ 10 فبراير 2014 العدد 12858
أخيرا.. اكتشفت واشنطن من وراء «القاعدة»/ عبد الرحمن الراشد
[18] الأسد – المالكي – البغدادي .. ثلاثية القوس الفارسي/ أورينت نت - مرهف دويدري موقع أورينت نيوز
http://orient-news.net7188
[19] الائتلاف» يتهم «داعش» بأنها على «علاقة عضوية» مع النظام ، صحيفة الشرق الأوسط / السعودية / الخميـس 01 ربيـع الاول 1435 هـ 2 يناير 2014 العدد 12819
http://www.aawsat.com/ 12819
[20] داعش.. الوحش الذي التهم الثورة السورية / ريم الحرمي - الراية القطرية ، موقع إسلام أون لاين ، الكاتب: المحرر كتب في: 8 / يناير, 2014، http://islamonline.net/armed6128
[21] مهنا الحبيل ،الثورة السورية تواجه "داعش" والمخابرات العالمية
http://www.aljazeera.net/opinions/
[22]مشروع داعش: احتلال سوريا (القصة الكاملة) 1/2 / مجاهد مأمون ديرانية، الحلقات 1،2،3 ، الاثنين 20 -01-2014 م ، 19/3/ ربيع الأول / 1435 هـ ، الجمعة -31 -1-2014 م الموافق 30/3/ 1435 هـ ، السبت 8 ربيع الثاني 1435 هـ - 8 شباط 2014 مـ ، موقع المختصرhttp://www.almokhtsar.com/news . وانظر أيضاً : موقع العصر :هو نفسه موقع المسلم ، http://almoslim.net/node/155710
[23] : معلومات عن انشقاق في «داعش» بعد «ثبوت انحرافات» ، صحيفة الشرق الأوسط السعودية ، الخميـس 16 صفـر 1435 هـ 19 ديسمبر 2013 العدد 12805، http://www.aawsat.com/details.asp?section
[24] عبد الله الدحيلان، داعش يستنفر ضده الظواهري ودعاة الجهاد في الخليج والأردن،الأحد9/2/2014م الموافق 8 ربيع الثاني 1435هـ ، http://alhayat.com/Details601252
[25] داعش» بلا غطاء «قاعدي».. ماذا عن «النصرة»؟محمد خرّوب ، صحيفةالرأي الأردنية ، الاربعاء 5/2/2014 م الموافق 4 ربيع الثاني 1435هـ / http://www.alrai.com/article/.html