أيها السوريون المتجادلون في كل أمر
أيها السوريون المتجادلون في كل أمر، وما أبرئ نفسي، فأنا مثلكم، لماذا لا تفكرون بأي عمل نافع؟ وما أكثر الأعمال التي يحتاجها بلدكم وشعبكم. انظروا إلى ما فعله شخص واحد في باكستان*
في عام ٢٠١٦، بدأ ناشط باكستاني مبادرة أسماها Fix it بعد أن ضاق ذرعاً بتخاذل المسؤولين في القيام بمهماتهم، وتحديداً في ردم الحفر في الشوارع. فكرته بسيطة، وهي رسم صورة المسؤول بجانب صورة الحفرة مع عبارة Fix it أي أصلحه، وذلك محاولة منه في تحريك المسؤول ومعاقبته مجتمعياً لتقصيره.
وصل صوته وبدأ تفاعل الباكستانيين معه. بعد عدة أشهر، أطلق تطبيقاً للهواتف الذكية بحيث يتمكن أي مواطن باكستاني مهما كان موقعه بتصوير الخلل الذي يراه ثم نشره. المبادرة انتشرت كالنار في الهشيم في باكستان، وشكلت ضغطاً حقيقياً على الحكومة الباكستانية، مما اضطرهم لملاحقته وسجنه. خرج من السجن، وكبرت الفكرة أكثر وتطورت حتى أصبحت لاحقاً مؤسسة خيرية مكتملة الأركان، وتوسعت نشاطاتها لتشمل المدارس والمناطق الفقيرة، وباتت حراكاً مجتمعياً في كل أرجاء باكستان. يمولها الناس من أجل الناس. المواطنون ينضمون لها طوعاً ويتبرعون ويصلحون ما أخفقت به الحكومات ومسؤوليها الكثر. في عام واحد، أنجز هذا الحراك ما عجزت عنه الأجهزة الحكومية، ردموا ٣٣ ألف حفرة في الشوارع، وزرعوا ١٢ ألف شجرة، ووزعوا عشرات الثلاجات في باكستان لتوزيع الطعام المجاني على الفقراء، وحفروا ١٧ بئراً، وأطعموا ٢٠٠ شخصاً يومياً. حالياً المنظمة بها أكثر من ألف وأربعمائة متطوعاً، ولها ٣ مكاتب في ٣ مدن باكستانية مختلفة.
الفكرة السامية من الصعب أن تموت، بل تنمو وتكبر وتتناقل عبر الأيادي والعقول. كان منطلقها بداية لوم المسؤولين، ولأنها نابعة من حب الوطن انتقلت إلى المرحلة التالية في أخذ زمام المبادرة. ضايقتهم الحقيقة، وحاولوا وأدها رغم بعدها عن العنف وكونها صامتة نوعاً ما، وكبرت حتى غدت مشروعاً وقوة مجتمعية يحسب لها ألف حساب.
وسوم: العدد 835