لا تكن ريشة في مهب رياح أهوائك
أثنى نبينا صلى الله عليه وسلم على قوة التحكم بردود الفعل، واعتبرها من علامة قوة الشخصية كما جاء في الحديث المتفق عليه" ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" وكلمة الحكمة مشتقة من التحكم والإحكام، ومن أتاه الله الحكمة فقد أتاه خيراً كثيرا. وقوة كبح جماح النفس في لحظات الانفعال و إحكام التخطيط لردة الفعل الذكية بكثيرٍ العقل وقليل من فوران الدم تعصم الانسان من المخاطر والمسالك التي قد يندم عليها أحياناً طوال حياته. فالشيطان يجري في الإنسان مجرى الدم، وكلما استسلم الانسان لفوران الدم في لحظة الغضب أو الشهوة كلما أسلم زمام نفسه للشيطان ليدفعه إلى طريق الندامة، ولا يعني ذلك إلغاء عواطفنا ومشاعرنا، فالمشاعر جزء من التكوين الإنساني، ولكن ثمة فارق جوهري بين من يجعل زمام القيادة تحت تصرف غرائز الانفعالات والرغبات وفوران الدم فيصبح كالريشة في مهب رياح الأهواء، وبين من يجعل زمام أمره خاضعاً لموجهات العقل والشرع فيغضب عندما يستدعي منه الموقف الغضب في وجه الطغاة والظالمين والمعتدين و في سبيل نصرة المستضعفين ويكظم غيظه في مقام الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس. ونشير في الأخير إلى أن التحكم في ردود الفعل لا يعني قبول تنمر الآخرين أو سخرياتهم والسكوت على الإهانات، ولكنه يعني التفكير باستراتيجيات أكثر تأثيراً في الرد على الإساءات. وقد يكون السكون هو الأنسب أحياناً وخصوصاً عندما يحاول بعضهم استفزازك لإخراجك من حالة التوازن، ولا بأس من ردة الفعل القوية عندما يكون هذا الرد مدروساً ومناسباً للمقام ومحققاً لأهدافك. وقد يكون أحياناً من ضمن أهدافك استفزاز الآخر لأهداف تتفق مع خطتك المشروعة. المهم أن تجعل سلوكك بين يديك وتحكم قبضتك عليه وتطلقه حسب رغبتك ولخدمة أهدافك. وهناك تقنيات وتدريبات تساعدك على ذلك ولسنا في مقام تفصيلها.
وسوم: العدد 836