العلمانيون يلعبون آخر أوراقهم من أجل طمس حقيقة ما أفرزه الربيع العربي
العلمانيون يلعبون آخر أوراقهم من أجل طمس حقيقة ما أفرزه الربيع العربي من رهان الشعوب العربية على الإسلام للتخلص من الفساد السياسي واستبداده
يبذل الموقع الإعلامي المحسوب عند أصحابه الأول في المغرب قصارى جهوده لترجيح كفة العلمانيين الذين نزلوا بكل ثقلهم ، ولعبوا كل أوراقهم في محاولة يائسة منهم لطمس حقيقة ما أفرزه الربيع العربي وهو تعبير الشعوب العربية على رهانها على الإسلام للتخلص من الفساد السياسي واستبداده .
والملاحظ أن وتيرة الدعاية الإعلامية للعلمانية على هذا الموقع قد تزايدت بشكل غير مسبوق ،الشيء الذي يدل على أن العلمانيين دخلوا مرحلة الخوف من تجاوز الظرف الراهن لهم ولمقولاتهم المتهافتة ، وأن حلمهم بأنه من الممكن أن تكون علمانيتهم هي البديل في فترة ما بعد حراكات وثورات الربيع العربي عوض الرهان على الإسلام قد تبخر بعدما تبينت حقيقة التآمر بين الغرب وبين وأنظمة عربية مهددة بالزوال على غرار تلك التي زالت أو أطاحت بها الشعوب المنتفضة في ربيعها.
ولم يعد خافيا على الرأي العام العربي تورط أنظمة عربية في تمويل مشروع الإجهاز على رهان الشعوب العربية على الإسلام كحل للتخلص من وضعية ما بعد النكبة وما تلاها من نكسات ، وهو رهان تجلى في مطالبة تلك الشعوب بالمسار الديمقراطي الذي جرت رياحه بما لا تشتهي سفن تلك الأنظمة ومعها سفن الغرب الداعم لها ، وهو مسار أوصل أحزابا ذات مرجعية إسلامية إلى مراكز صنع القرار عن طريق اللعبة الديمقراطية . ولقد تبين أن تلك الأنظمة قد وظفت كل ما تملك من إمكانيات مادية لإعادة الوضع في الوطن العربي إلى ما كان عليه قبل الربيع العربي ، وهو وضع يخدم مصالحها ومصالح الغرب ومصالح الكيان الصهيوني المحتل . ومما توظفه تلك الأنظمة لتحقيق هدفها الانفاق بسخاء على بعض المنابر الإعلامية المشبوهة والتي وضعت رهن إشارة التوجه العلماني الحالم بترجيح كفة أحزابه التي تقدم نفسها بديلا عن تلك التي مرجعيتها إسلامية ،والتي باتت تنعت تارة بالفشل وطورا بالخطورة على الديمقراطية وبأنها المقصودة بما بات يعرف بالإسلام السياسي الذي قدمته المخابرات الغربية من خلال النموذج الداعشي ، وهو من صنعها لحاجة في نفس يعقوب كما شهد يذلك شهود منها .
ويجد العلمانيون في الوطن العربي ضالتهم في مقولة حرب الغرب على ما يسميه الإسلام السياسي وهي من صنعه وتسويقه ، فيجعلون كل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في خانة الإسلام السياسي لأنها تنهل حسب ادعائهم من نفس المنهل الذي ينهل منه النموذج الداعشي ،وأنها تركب اللعبة الديمقراطية كمطية للوصول إلى مركز صنع القرار لتتحول إلى أحزاب مستبدة وإرهابية ممارسة للعنف من أجل مصالح سياسية ومستغلة في ذلك الدين الذي ترتبط به مشاعر الشعوب العربية .
ومن الأوراق العلمانية التي لعبت مؤخرا ورقة العلمانية الفرنكوفونية التونسية المدعوة هالة الوردي المتجاسرة على نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بكتاباتها وتصريحاتها لنزع القداسة عنه إلى درجة التشكيك في وجوده على غرار تشكيك غيرها في صاحبيه الصديق والفاروق . ومن سوء أدبها مع شخص النبي الكريم أنها وصفته بالمستقيل من مهمة النبوة زاعمة أنها استقت ذلك من قوله عليه السلام في حجة الوداع : " ألا هل بلغت اللهم اشهد " وقد أعطت نفسها حق تأويل كلامه بأنه استقالة من مهمة النبوة وكأنها وظيفة مثل كل الوظائف المحكومة بمنطق التكليف أو الإسناد والإقالة أو الاستقالة . ولم تقف عند هذا الحد في تصريحها المسجل في فيديو نشره الموقع المشار إليه أعلاه بل زعمت كما سولت لها نفسها أنه صلى الله عليه وسلم مات محبطا بسبب فشله في صراعه مع الإمبراطورية البيزنطية ، وأنه ظل منزويا في بيته حتى مات ، وهي لا تستبعد قتله ، وتفسر ذلك بطمع أصحابه في السلطة بعده ، وتستدل على ذلك بعدم حضور الصديق والفاروق جنازته .
بمثل هذه الخزعبلات تحاول هذه العلمانية المتطفلة على الشأن الديني والتاريخ الإسلامي التمويه على المشروع العلماني في تونس الذي فوجىء أصحابه بنتائج أول انتخابات ديمقراطية في البلاد حقق فيها حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية تفوقا قض مضجع الغرب والأنظمة العربية الفاسدة.
ومعلوم أن تونس بعد فترة الاحتلال الفرنسي البغيض حكمها العلماني بورقيبة الذي ركب النضال ضد المحتل ليصل إلى سد الحكم ويتحول إلى مستبد لم يضع نهاية لاستبداده سوى بلوغه سن الخرف ، وقد نكل بمعارضيه بمن فيهم مناضلي وزعماء حزب النهضة التي قضوا عقودا في المنافي طيلة حكمه وحكم من خلفه في استبداده والذي ثارعليه الشعب التونسي، ففر حيث وفر له الملجأ الآمن كما وفر الملاذ لمستبد مصر الذي أطاحت به ثورة الشعب المصري والتي دبر انقلاب عسكري عليها بتخطيط غربي وتمويل خليجي وعلى ما أفرزته أول تجربة ديمقراطية حقيقية من شرعية لم يسبق لها مثيل .
ومن أجل الاجهاز على التجربة الديمقراطية في تونس يبذل العلمانيون جهودهم من أجل العودة إلى وضع ما قبل ثورة الربيع التونسي الذي كانت خلاله الكلمة للعلمانيين وآخرهم الرئيس الراحل مؤخرا الذي صرح جهارا نهارا بلا دينية تونس كما كان الحال منذ استقلالها عن محتل علماني كان هو من زرع فيها بذرة العلمانية الخبيثة .
ولا يستغرب من العلمانية التونسية المدعوة هالة الوردي أن تزعم بأن تونس يتجاوز تاريخها فترة الفتح الإسلامي التي تصفه بأنه محاط بالأسطورة إلى ما سمته فترة قرطاج كما تزعم أن تاريخ مصر يتجاوز فترة الفتح الإسلامي إلى ما سمته الفترة الفرعونية . وهكذا تعود من جديد دعوات بائدة عفا عنها الزمن إلى قوميات بائدة أيضا فرعونية وفنيقية وأشورية وبابلية وبريرية كان من يسمون بالقوميين يدعون إليها خلال القرن الماضي نكاية في دين الإسلام وفي الفتح الإسلامي .
ومعلوم أن شغل العمانيين الشاغل هو النيل من الإسلام بكل الطرق والأساليب عملا بأجندة غربية مكشوفة تمولها أنظمة خليجية من مقدرات ثروة الأمة العربية . ويتقاسم العلمانيون أدوار النيل من الإسلام عبر واجهات منها ما هو دعوة إلى الإباحية ، ومنها ما هو دعوة إلى التشكيك في رموز الإسلام بما في ذلك النبوة والخلافة الراشدة ، والنخبة العالمة، والتراث الفكري ... إلى غير ذلك مما نال منه التشكيك العلماني .
وبحرص المنبر الإعلامي الذي ندب نفسه لخدمة التوجه العلماني على نشر تعليقات على ما ينشره من مقالات علمانية يحاول من خلالها إيهام الرأي العام المغربي بأن فكر هؤلاء أصبح يحظى باهتمام وتجاوب شريحة الشباب المثقف ، وأنها في نمو متزايد، وفي نفس الوقت ينشر تعليقات مضادة تمويها على دوره الإعلامي في خدمة المشروع العلماني وهو دور بات مكشوفا . وما يقدمه هذا الموقع عن العلمانية لا يعدو مسرحية هزلية يكذبها واقع الأمة الذي يعكس تشبعها بدينها ووعيها بأنه لا بديل عنه من أجل حياة أفضل بعدما سقط قناع العلمانية في أوكارها ببلاد الغرب الذي لا يريد أن ينافس الاسلام علمانيته في مجال السياسة لأنها قي نظره حكرا عليها .
ونختم بالقول إن الله عز وجل متم نوره ولو كره العلمانيون كما كره ذلك من كان قبلهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد .
وسوم: العدد 836