الديك الشبعان
زمان لم تكن المرأة في حاجة إلى أي مجهود لاجتذاب الرجل ، فهو دائما مجذوب من تلقاء نفسه ، فقد كان الرجل يتلصص وراء المرأة من ثقوب الأبواب ومن ثقوب البراقع ويقف ملطوعاً بالساعات في الشوارع على أمل أن يظهر ظلها من خلف شيش النافذة ، أو تظهر يدها وهي تمتد إلى القلة أو أصيص الزهر ، كان مجذوباً ، لأنه لم يكن يعثر لها على أثر ، كان يعيش في عالم كله من الرجال ويعمل في عالم كله من الرجال ، وكانت المرأة شيئ شحيح نادر لا يظهر في الطرقات ولا يظهر في المدارس ولا في المكاتب وإنما يختبئ في البيوت داخل عباءات وملاءات وجلاليب طويلة ، ولم يكن هناك طريق للوصول إليها ، سوى أن يتزوجها على سنة الله ورسوله بدون معاينة وبدون كلام كثير ، ولم تكن المرأة في حاجة إلى ترويج بضاعتها لأنها كانت رائجة تتزاحم عليها المناكب ، ويأتيها الزواج حتى الباب ، ولكن الظروف الآن تغيرت تماماً ، خرجت المرأة من البيت إلى الشارع ، والحقيقة أننا نحن الذين ضحكنا عليها وأخرجناها بحجة الحرية والتحرر والنهضة النسائية ، إلى آخر اللعبة التى لعبناها لتخرج من خدرها ونتمتع برؤيتها بكم قصير ، وصدر عريان وأخيراً بالمايوه ، كل هذا ببلاش ، بدون زواج ، ولم نكتف بهذا بل أزحنا عن كاهلنا نصف أعمالنا ووضعناها على أكتافها ، ثم تعالي أيتها المرأة ، جاء دورك يا شريكة العمر ، وصرخت شريكة العمر ، فقلنا ، عيب ، فين الكفاح ، أنت إمرأة عظيمة مكافحة ، بطلة ، قديسة ، إنسانة حرة ، ولدت حرة ، وتعيشين حرة ، ولا نستطيع أن نحتكر شرف العمل والكفاح لنا وحدنا ، لقد جاء الوقت الذي تنتزعين فيه راية العمل والكفاح من أيدينا برغم أنفنا ، والحقيقة أن الحكاية لم تحدث برغم أنفنا وإنما بتدبيرنا ، ونتيجة هذا التطور ، كانت نتيجة خطرة ، لقد بدأنا نشبع من رؤية النساء بالروج والشورت والمايوه ، ولم تحمل لنا الحياة الجديدة متعة الرؤية فقط ، وإنما حملت لنا أيضاً متعة أخرى هي الهزار والمزاح بحكم الزمالة في العمل ورفع الكلفة والجري واللعب وتناول الغداء معا والعشاء معا والذهاب إلى السينما والمشارب والمطاعم ، وهكذا فقدت المرأة هيبتها وأصبحت قريبة وسهلة ، وهذه السهولة أبعدت فكرة الزواج من ذهن الشباب أكثر وأكثر ، وعندما اصبحت المرأة تشارك الرجل في عمله وكفاحه وعرق جبينه ، أصبح لها مثله الحق في أن تروح عن نفسها وتستمتع وتقضي وقتا طيباً لذيذاً ، تنسى فيه العمل ومشاكله ، ولكن كيف تستمتع والرجل لا يريد الزواج ويهرب منه ، لا مفر إذن من أن تتنازل عن تمنعها التقليدي وتسمح له بالاقترب منها او غير ذلك ....... ، أعطت المرأة نفسها للرجل وهي تبكي في حرقة وتقول : إنها تفعل ذلك بسبب الحب والغرام له وحده ، تقول إنها لحظة ضعف ولن تعود إلا إذا كانت هناك وعود وعهود ، ولكن الرجل الخبيث غالباً ما يسمع هذا الكلام من أذن ويخرجه من أذن أخرى وينام على هذه اللذة المجانية ، وينسى حكاية الزواج أكثر وأكثر ، وتثور المرأة وتهدد وتوعد ، ثم تلجأ إلى القطيعة ، ولكن الديك الشبعان ينام في الشمس ولا يحرك ساكناً ، لقد بدأ عصر خطير في الحب ، إسمه عصر الرجل ، الرجل هو الذي بدأ يجلس الآن على عرش الدلال وينام على سلبية لذيذة ويترك الفتاة تجري خلفه وتغازله ، لقد جعلوك يافتاة الإسلام عبدة لهم وما تشعرين .
وسوم: العدد 836