حقيقة الجواهري
موضوع الجواهري الذي يتحدث عنه الاخ من البحرين يقول سئل الشاعر العراقي الجواهري لم تقول العُراق ولا تقول العِراق فقال الجواهري لا أحب ان اكسر عين العراق . ...
أقول مع الأسف ان الاخ لا يعرف حقيقة الجواهري فالجواهري ايراني وكان يحمل الجنسية الإيرانية الى ان تم تعينه معلما في العراق بعد ان تخلى عن جنسيته الإيرانية بعد مناقشة مع ساطع الحصري الذي اصر على ان يكون المعلم عراقي وهو مصر على الاحتفاظ بجنسيته الإيرانية لان عائلته في ايران ويخشى ان يغضبوا عليه ثم اضطر للتنازل عنها من اجل الوظيفة ، وبعد أسبوع من تعينه نشر الجواهري قصيدة ذم فيها العراق ومدح فارس ونشرت القصيدة في جريدة الفيحاء ، يقول الجواهري في تلك القصيدة :
لي في العراق عصابة ، لولاهم
ما كان محبوبا الي عراق
لا دجلة لولاهم ، وهي التي
عذبت ولا الفرات يذاق
هي فارس ، وهواؤها روح الصبا
وسماؤها الأغصان والاوراق
ويقول الحصري : عرضت القصيدة على الرصافي فقال انها شعوبية . ثم تم فصل الجواهري من الوظيفة ، وأثيرت ضجة كبيرة بسبب فصل الجواهري من التعليم اثارها الشيعة مما جعل الملك فيصل الاول ملك العراق يعين الجواهري موظفا في البلاط .
في سنة ١٩٩٢وفي الشهر الخامس زار الجواهري ايران بدعوة من الخامنئي وكان مرافقه في ايران بتكليف من مكتب خامنئي الشاعر مدين الموسوي وهذا اسم مستعار ( جابر الجابري الذي عين وكيل لوزارة الثقافة العراقية بعد الاحتلال ) وقد كتب مدين الموسوي عن تلك الرحلة ( رحلتي مع الجواهري ) وذكر فيها ما شاهده عن تلك الرحلة . ويذكر مدين كيف عان الجواهري من اجل نظم قصيدة يمدح فيها الخامنئي والتي يقول فيها :
سيدي أيها الأعز الأجل انت ذو منة وانت المدل
يعجز الحرف ان يوفي عظيما
كل ما قيل في سواه يقل
أيها الشامخ الذي شاءه الله
زعيما لثورة تستهل
لك في ذمة الاله يمين
يد من مسها بسوء تشل
لك في السلم منبر لا يجارى
لك في الحرب مضرب لا يفل
لك اهل فوق الثرى ومحل
لك بعد في المكرمات وقبل
هذه الأبيات كتبها على كتاب ( ذكرياتي ) ليقدمها هدية الى الخامنئي وأضاف اليها بيت واحد يعتذر فيها لما ورد في الكتاب:
فأغفر لي ما جاء في ذكرياتي
ياعطوفا على خطى من يزل
وقد طلب الجواهري من مدين ان يكتب الأبيات بخطه .
وقد حدد لقاء الجواهري بخامنئي بعد صلاة العشاء ، ليأتم الجواهري بالخامنئي ، ثم يبدأ اللقاء .
ويتحدث مدين عن الموعد ، فيقول : ( وهنا طرأت مشكلة جديدة ، واجهها الجواهري بامتعاض شديد ، فبينه وبين الصلاة اكثر من سبعين عاما لم يعرف اتجاه القبلة فيها ، ويبدو انه أنهى علاقته بالصلاة تماما ، لذلك اعتبر الموعد تحديا لقناعاته واختبارا قسريا لإيمانه .
أخذ الجواهري يتململ من الموعد ويتذمر من هذه الورطة .
فقلتُ له ابو فرات ، ما بيها شيء ، صلي ركعتين بها العمر ، شيصير عليك.
قال : آنه ما عندي مانع أصلي ، لكن ناسيها ، الصلاة ناسيها . ...
ثم استدرك قائلا : ابن بنتي علمني الصلاة قبل شكم يوم ، بس بعدني ما ضباطها ) .
ثم تأجل الموعد الى بعد الصلاة بناءا على طلبه.
وعند الموعد المقرر للقاء مع الخامنئي حدثت المفاجأة ، يقول مدين : أدهشني السيد الخامنئي في طريقة دخوله واحتفائه بضيفه ، وهو يفتح ذراعيه ، ويرفع صوته بالترحيب الممتزج بابتسامة عريضة احتلت قسمات وجهه ، فكان أشبه بلقاء عاشقين وجدا فرصة للعناق الحار.
لم يتمالك الجواهري نفسه ، حتى هوى على يده يقبلها ، ثم يقبل اليسرى ، ثم يتهاوى على قدميه ، في حركة مدهشة فاجأت الجميع ، ليواصل تقبيلها وهو يردد دعني اقبل قدميك .
ذهلت للمفاجأة ، وذهل من معي ، واعتقد ان السيد الخامنئ نفسه لم يكن يتوقع من هذا الجبل الشامخ ان يتهاوى على قدميه ... صعق السيد الخامنئي لهذا المشهد ، وانحنى ليرفعه ويوقفه أمامه ، ثم راح يعانقه من جديد ). بهذه النفس الذليلة الفارسية يريد ان لايكسر عين العراق وقد صدق الشاعر وليد الاعظمي رحمه الله عندما وصفه في قصيدة له في شباط ١٩٥٩ حيث يقول وليد :
قالوا فلان له في الشعر منزلة
ما نالها قط حسان وبشار
فقلتُ خلو سبيل الشعر دونكمُ
ما ذلكم شاعرٌ بل ذاك شعار
والشعار في لغة عوام بغداد هو الراقص .
وسوم: العدد 844