الورقة الأولى والثانية في مؤتمر جماعة الإخوان المسلمين
عقدت جماعة الإخوان المسلمين التنظيم العام مؤتمرا فكريا في 15 - 16 محرم تحت عنوان : " الإخوان المسلمون أصالة الفكرة ..واستمرارية الرسالة ..
كان المؤتمر متخصصا في تسليط الضوء على تاريخ الجماعة دورها ورسالتها . ..
كان لي في هذا المؤتمر ورقتان ,,ولما حاول البعض الغمز واللمز مما فيهما فقد قررت أن أضع هذه الأوراق بين أيديكم ..تعميما للفائدة وقطعا لألسنة السوء ..
الورقة الأولى حول تراث الإسلام السياسي ..أي مصادر الفكر السياسي الإسلامي الذي يجحده الجاحدون ..
التراث السياسي الاسلامي في تجلياته
العملية والنظرية
أولا - علم السياسة في أطره التاريخية :
في عام 1948 اعترفت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة بعلم السياسة علما مستقلا . ونصت في قرار الاعتراف على مضامين لهذا العلم الوليد كان منها : النظرية السياسية –النظم السياسية –التاريخ الدبلوماسي – تاريخ الأفكار ..
ربما كان الامر مختلفا أكثر في تاريخنا العلمي والثقافي ؛ إلا إن الثقافة السائدة طغت على عقول الكثير من أبناء المسلمين ، فغاب تراثنا السياسي تحت غبار الاداعاءات العملية المستعلنة بفعل القوة التي تعليها وليس بفعل الحق الذي فيها . حتى صرت تقرأ أو تسمع من كثير ممن يسمى رجال فكر أو علم بل دعوة أيضا ينبذ التراث العلمي السياسي في إطار الحضارة الإسلامية بالقلة ، ويختزله ببعض العناوين والأبواب ويجترئ عليه بالجحد والتشويه والازدراء .
سنحاول في هذه الورقة – المحدودة - إن نعيد للتراث السياسي الإسلامي بعض حقه بالإشارة ،على عجل ، الى بعض تجلياته التاريخية كما ورد في سياقات فعلنا وفكرنا الحضاري والعلمي . سنشير بسرعة إلى مصادر أساسية تشكل صرحا حقيقيا لعلم معبر عن الممارسات العلمية والرؤى النظرية التي رسمت ملامح النظرية السياسية الاسلامية بشكل عام .
المصدر الأول : السير العملية للخلفاء والقادة والرؤساء :
فكم في سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من فقه سياسي عملي ؟! ثم كم في سير الأصحاب والقادة والخلفاء من بعد ؟ ! والاستفادة من بعض هذه السير لا يقتصر على بعض المواقف الجزئية في المواجهة العملية للكثير من التحديات . إنما يمتد ليشمل المنهجية العملية الواقعية في التعامل مع الأحداث .
" السير" في عصور الإسلام المختلفة تنقل لنا فقها عمليا لقادة تحملوا مسئولياتهم في الرخاء والشدة وفي حال القوة والضعف . وفي الاقبال والادبار ويشكل كل ذلك معين لا ينضب من مران العقل السياسي الذي تفتقده أجيال المسلمين هذه الأيام .
إن دراسة سيرة الناصر صلاح الدين كما خطها ابن شداد –مثلا تعتبر مرجعا عملياً لشباب الأمة الذين لم يقرؤوا عن السياسة الإسلامية إلا في إطار مقررات فقيه يرى "صاحب الأمر " دائما قادرا مقتدرا يأخذ قرارته في فراغ .
المصدر الثاني : الوثائق والمعاهدات والاتفاقيات : "التاريخ الدبلوماسي " :
إذا نظرنا إلى الدولة المسلمة في كافة عصورها كدولة واحدة نستطيع أن نعثر في جملة الوثائق والمعاهدات والاتفاقيات مصدرا من مصادر الفكر السياسي ، وشكلا من أشكال الممارسة العملية للحياة السياسية في الإسلام .
سوف نبدأ من وثيقة المدينة ومعاهدة صلح الحديبية . وكتب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك من حوله ثم سوف نمر على العقود والعهود التي عقدها الصحابة أيام فتوحاتهم ..والتي لم تلق حتى اليوم من المسلمين دراسة تليق بها ثم سنجد الكثير في سفارات أمثال الماوردي والشاعر الغزال بين الدولتين العباسية والأموية في الأندلس وبين بيزنطة ودولة شارلمان .
يعتبر هذا التاريخ الغني والثر والمتعدد الأوجه صورة أخرى لمصادر الفكر والممارسة السياسية العلمية في تاريخ الإسلام . الممارسة التي يجب أن تكون رافدا مهماً في تشكيل العقل السياسي المسلم ..الذي دأب على النهل من معين المثاليات المرموقة في فضاء كتاب ..دون الانتباه إلى السياقات العملية لمقتضيات العمل السياسي وسط المتناقضات .
المصدر الثالث : الموسوعات الفقهية الكبرى وما في بطونها من أبواب ..
كان محمد بن الحسن الشيباني أحد صاحبي الإمام أبي حنيفة قد افرد أبواب الفقه السياسي تحت عنوان "كتاب السير " وأصبح عنوانا معترفاً به لهذه المضامين من العلم . ولكننا سنجد أبواباً من هذا العلم منتشرة تحت عناوين عديدة للأبواب منها أبواب الجهاد والسلم والحرب والتعامل مع المعاهدين والمحاربين والعقود بأنواعها واختيار الإمام ومن يصلح للإمامة ..في علم متفرق في موسوعات تجد مثل ذلك في المجموع للنووي والمبسوط للسرخسي وغيرهم وغيرهم الكثير ..
المصدر الرابع ..الكتب المتخصصة في العلوم السياسية عند المسلمين ..
في الإمامة والرئاسة والأحكام السلطانية والوزارة والشورى وأهل الحل والعقد ..
المكتبة التي يختزلها البعض ويستقلها وينبذها على سواء ، وهي ليست كما يقول البعض كتابا ولا كتابين ولا عشرة ولا عشرات بل هي مئات الأسفار منتشرة على مدى خمسة عشر قرنا منها ما يعالج الاقتصاد كالخراج لأبي يوسف والأموال لأبي عبيد ومنها ، ومنها ما يعالج الترتيب الإداري كالأحكام السلطانية للماوردي ، ومنها ما يعالج النظرية السياسية العامة كالغياثي للإمام الجويني ، ومنها ما يعالج علم الاجتماع كمقدمة ابن خلدون ، ورؤيته التاريخية الفذة في تاريخه الطويل ..
ولو اتسع المقام لسردنا ثبتا بأكثر من مائة عنوان في مقام واحد . الملاحظة القيّمة التي يجب أن نتوقف عندها أن هذه الكتب مع انطلاقها جميعاً من رؤية إسلامية موحدة ، كانت بشكل من الأشكال انعكاسا عمليا لواقع العصر الذي كتب العالم فيه . فما كتبه فقهاء عصور القوة والمنعة والرخاء يختلف في روحه عما كتبوه في عصر الضعف والتردي والانحلال .
والذي نريد أن نخلص إليه في هذه الورقة شديدة الإيجاز هو أن أمتنا تمتلك ثورة سياسية فقهية نظرية وعملية قمينة بأن تشكل أرضية ومدخلا لعقل إسلامي سياسي معاصر يمتلك محددات الرؤية الأولية ، ويتعامل مع معطيات العصر بكامل الثقة والانفتاح.
وإن مكتبتنا السياسية الإسلامية ذاخرة ، وأن سلفنا الصالح لم يقصر أبدا في ميدان البحث والابداع ، وإنما نحن الذين قصرنا بالمتابعة والبناء على ما تم إنجازه .
وإن عصر الفكر السياسي المثالي المجرد ، المبني في فراغ قوة مفترضة أو موهومة متخيلة ، او تحت قبة العزلة ، قد ولى وأن على المسلمين أن يمتلكوا رؤيتهم وأدواتهم ليدخلوا عالم التدافع الذي هو مضمار العمل السياسي في كل مكان .
وإننا مطالبون بإعادة الدرس والاطلاع والتعلم ليس للتقمص والعيش في جلابيب القرون التي مضت كما يظن البعض ، وإنما لنمتلك الدربة العقلية والعملية على فهم النصوص وعيش الواقع في عالم مزدحم للأضداد ، يجتاح كل من يقف أمامه مثل أرزة صماء . وصلى الله وسلم وبارك على من شبه المؤمن بخامة الزرع تفيئها الريح مرة هكذا ومرة هكذا ..ليبقى تشبيها مفتوحا على الزمان والمكان .
زهير سالم - ورقة مشاركة
في مؤتمر جماعة الإخوان المسلمين أصالة الرؤية واستمرارية المشاركة
*******************************************
الورقة الثانية في مؤتمر جماعة الإخوان المسلمين
عقدت جماعة الإخوان المسلمين التنظيم العام مؤتمرا فكريا في 15 - 16 محرم تحت عنوان : " الإخوان المسلمون أصالة الفكرة ..واستمرارية الرسالة ..
كان المؤتمر متخصصا في تسليط الضوء على تاريخ الجماعة دورها ورسالتها . ..
كان لي في هذا المؤتمر ورقتان ,,ولما حاول البعض الغمز واللمز مما فيهما فقد قررت أن أضع هذه الأوراق بين أيديكم ..تعميما للفائدة وقطعا لألسنة السوء ..
الورقة الثانية
الفكر السياسي عند جماعة الإخوان المسلمين
رؤية ومضامين ..ثوابت ومتغيرات
ازدواجية الدين والسياسة ليست ابنة العصر ..
وإذا كانت العلوم قد نشأت منذ القدم في أحضان الدين وتحت كنف السلطة بأنواعها . فإن علم السياسة الرسمي كان يقدم نفسه منذ أقدم العصور على أنه علم : الاحتفاظ بالسلطة . أو فن السيطرة على الشعوب .
ولن نعجب كثيرا حين نسمع إماما مثل ابن تيمية حين يؤلف كتابه في السياسة الشرعية ينعى على أقوام زعموا أن العمل بالشريعة وحدها لا يمكن أن يعين على الحفاظ على الدولة . وأن كلمة العمل بالسياسة وضعت كمقابل للعمل بالشريعة . وأنه أي ابن تيمية قد وضع كتابه " السياسة الشرعية " ليبين أن السياسة الشرعية المشتقة من القواعد العامة للشريعة يمكن أن تلبي كل احتياجات "الراعي والرعية " الأول في الضبط والأخرى في العدل .
ومع عصر النهضة الأوربي دخل العالم في مرحلة أخرى من تكريس الفصل بين الدين والدولة أو بين السياسة والأخلاق . الحالة التي كان لها معطياتها في عالم الغرب من خلفيات دينية واجتماعية واقتصادية وساسية . والتي بنيت أساسا على تحالف الكنيسة مع القصر والاقطاع .
وإذا كانت الازدواجية التي أشار إليها الإمام ابن تيمية رحمه الله في ظل حضارة المسلمين تعلقت بالوسائل والأساليب ، فإن ما طرح في عالم الغرب أولا وما آل إليه الأمر آخرا ، راح يتعلق بالمرجعيات ليس فقط الدينية بل الفطرية والأخلاقية مما اصطلح على تسميته بالقانون الطبيعي .
وحسب قانون الضغط الفيزيائي في صورته الحضارية كان لا بد للأقوياء أن يلعبوا دور المؤثر في حياة الضعفاء وفي اختياراتهم وهكذا انتقلت فكرة فصل الدين عن الدولة أو عن السياسة ، إلى عالم الضعفاء ومنها عالمنا الإسلامي الذي صحا مذعورا على موجات من الغزو الأوربي وتراكمات من الهزائم على أكثر من صعيد .
الأقوياء يتماسكون ..
وإذا كان من سنن القوة والضعف أن الضعفاء ينهارون أمام الصدمات ؛ فإن من هذه السنن أيضا أن الاقوياء يتماسكون . وكان من سنة الله في هذه الأمة أن يكون مناط القوة فيها ، في الاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم . هذا الموقف الذي مثله جيل من علماء الإسلام وقادتهم الفكريين وكان في مقدمة هؤلاء الإمام الشهيد حسن البنا ومن حف به من جيل المؤسسين في "جماعة الإخوان المسلمين "
حين يؤرخ البعض لتأسيس جماعة الإخوان المسلمين سنة 1928 يربطها مباشرة بالغاء الخلافة الإسلامية على يد أتاتورك سنة 1924 وهو رابط حقيق لا يخلو من وجاهة تلقائية مباشرة في التحليل والتفسير ..
ولكن الفهم السياسي الأعمق للحدث يقتضينا أن نبحر أعمق في الواقع الديني والاجتماعي والسياسي للمسلمين . وما آل إليه أمرهم تحت تأثير عاملين سلبيين ..
الأول تراكمات من الفهوم المحلية القاصرة أو المختزلة للإسلام مثلتها بشكل عام مدارس العزلة والتسليم القدري والانكفاء على الذات ، والرضا عنها ، ونبذ الأخر والتعلق بصغائر الامور وسفاسفها.. والثاني انبهار بالقيم والتعاليم والتقاليد الوافدة من بلاد القوي المتغلب ، الذي جعل البعض يعتقد أن الخلل في العقيدة وفي المنهج وفي الشريعة وليس في الإنسان ..
لقد كان عمر هذا المخاض حين تحرك الإمام الشهيد بدعوته قد تجاوز عقودا من الزمان . بل لن نبعد إذا ارخناه بدخول نابليون الغازي ارض مصر 1798 . والذي تكرس مرة ثانية باحتلال الانكليز مصر 1882 .
لم يأت النداء الذي وجهه الأمما البنا الى جماعة الإخوان المسلمين من فراغ ، ولم تضع صرخته ولله الحمد في واد . ولواردنا أن نبحث عن أسباب ثقافية مباشرة تعكس حال الأمة الذي اقتضى نداءه فقد نجد فيما كتبه "علي عبدالرزاق " عن الإسلام وأصول الحكم 1925 سببا لصيقا ، أو فيما كتبه طه حسين في الشعر الجاهلي 1927 سببا متمما ، ثم فيما تجرأ عليه طه حسين نفسه في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر " 1937 سببا تابعا مكملا لرؤية التيار الإسلامي ومسيرته .
صياغة جديدة لحقائق خالدة ..
قلنا إن الإمام البنا لم ينطلق من فراغ . ولكنه عمل على سد ثغرات الواقع الإسلامي المترنح تحت متراكمات من الإفراط والتفريط في حياة المجتمع الذي هو مهماً قلنا فيه ، يبقى هو الوراث الأخير لعنوان الإسلام وعقائده وشعائره وشرائعه ..
كما عمل الإمام البنا السائر على خطا سابقيه من جهة أخرى ، على التصدي للعاصفة الخارجية التي كان من أهدافها أن نقتلع من حياة المسلمين العقيدة والشريعة والثقافة وكل ما يمثل هويتهم العامة كما نصطلح على تسميته في هذه الأيام ..
فكر جماعة الإخوان المسلمين ، أو الفكر السياسي لجماعة الإخوان المسلمين كما جاء به الإمام الشهيد حسن البنا أو كما مارسه في حياته الدعوية القصيرة هو نفسه الفكر الإسلامي الأول . الذي ظل سائدا في عقول وقلوب النخبة الراشدة من أبناء المسلمين على مر العصور .
وحين نرى الأمام البنا يركز أو يؤكد على بعض المعاني في شعائر الاسلام فهو لا ينسى كليات الاسلام وشموله إنما يركز على ماهو مفتقد ومضيع أو ملتبس على الناس في حياة جيل من المسلمين يعايشه ويرتجيه .
حين يصبح الإسلام بلا دولة ..
وحين يحاول البعض أن ينكر على الإسلام أن تكون له دولة ، أو أن يشرعن هذا الوضع من التسيب في حياة المسلمين في مثل ما كتبه علي عبدالرزاق في كتابه " الإسلام وأصول الحكم " منكرا الظل الواقعي الإسلامي في أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا شك أن نسمع البنا يؤكد أن الإسلام مصحف وسيف ودين ودولة .
لقد قدم الإمام الشهيد رحمه الله تعالى للمسلمين أجمع وليس فقط لجماعة الإخوان المسلمين ، الصياغة الجامعة لكليات الإسلام في رؤية عصرية منهجية تعتمد القواعد العامة على صعد الحياة الفردية والجماعية والمجتمعية .
رؤية منهجية تمتاز بالشمول والاستيعاب والتيسير والتعاون والتجاوز والإعذار وحسن المقاربة وجميل الموازنة والريث والبعد عن الغلو والافراط والتفريط والوقوف عند الصغائر ..
وطرح الإمام البنا رحمه الله انطلاقاً من واقع اجتماعي كان هو أدرى به مقاربات عملية للتقدم بحياة المسلمين نحو إسلامهم على صعيد الفرد والأسرة والمجتمع والدولة ..
وأرسى قواعد التعامل الشفاف وفق الرؤية المبصرة مع الموافقين والمخالفين على السواء ..
قعّد رحمه الله القواعد ، وفتح الآفاق ، ونهج السبل ، واستفاد مما احتاج إليه من وسائل وأدوات مشروعة ..وسار في طريقه على خطاً مبصرة حتى كان من أمره ما كان .
الثابت والمتغير في الفكر السياسي لدى دعوة الإخوان المسلمين :
يبقى الاسلام بعقائده ومبادئه وشعائره وشرائعه هو الثابت المطلق في فقه جماعة الإخوان المسلمين..
وحين نتحدث عن ثابت مطلق أول في فضاء العقل والقلب فإن هذا لا يلغي مقاربات فقه الواقع في عالم تتزاحم وتتدافع فيه الأضداد ..ويتكاثر فيه المتداعون على الإسلام والمسلمين ..
لقد مثلت الفترة الأولى من عمر الدعوة 1928-1948 مرحلة من حياة الدعوة في ظل مؤسسها ، كانت لها خصوصياتها الدعوية والثقافية والسياسية ببعديها الخارجي والداخلي ..ولقد اقتضت هذه المرحلة أولوياتها المتعددة التي ما لبثت أن تجاوزت بعضها تقدم الحركة والتطور الإجتماعي العام .
إن استشعار المتغيرات والاحساس بها وسرعة التكيف معها هو بعض عناصر النصر الذي يعين صاحبه على تجاوز الملمات . إن أخطر ما يواجه الأفراد والحركات هو أن يظل البعض يعتقد إنه ما زال في مربعه الأول يردد بعض الأفكار والشعارات . انتصارات كثيرة حققتها جماعة الإخوان المسلمون خلال عمرها المديد فمثلا كتاب علي عبدالرزاق لم يعد يذكر إلا كتاريخ . ومستقبل الثقافة في مصر لم يعد يقرأ عند السواد العام إلا للاستهجان . وطوى التاريخ لويس عوض وسلامة موسى وجمال عبدالناصر ودعوات الفرعونية والفينيقية والأشورية والكتابة بالعامية وغيرها من الدعوات الهدامة كثير .
إن اقسى ما تواجهه الدعوة الإسلامية في إطارها العام اليوم هو انشقاقها على نفسها تحت عناوين وأسماء وبين تنظيمات وممارسات ومبعث كل ذلك أو معظمه هو فقدان المنهجية العلمية في فهم الإسلام وفي تقدي الإسلام وفي تحديد الأولويات وفي اعادة رسم الخطوات ..
الضرورة الاولى اليوم في إعادة فقه المقاربات في فهم أجيال الحركة الإسلامية . والفهم المتمسك بالنص في إطاره الواقعي وليس في فراغه التاريخي . النص كما تعاملت معه مدرسة راسخة من الفهم الشرعي على مر العصور ..
ولعل من اهم هذه المنطلقات إعادة الاعتبار للفقه الإسلامي وللممارسة التاريخية الإسلامية . إعادة الاعتبار لمنهج الفهم وليس لمنهج الخضوع الفراغي للأحكام .
تحديات كبيرة أمام مدرسة البنا بين يدي مرور قرن على تأسيسها . تعتبر هي أول من يسأل عنها، لأنها ما تزال الأكبر في ساحة العمل الإسلامي ونسأل الله أن تظل ..وأن يعيننا علليها وأن ييسرنا جميعا لليسرى ...
زهير سالم
ورقة مقدمة لمؤتمر جماعة الإخوان المسلمين أصالة في الرؤية ..’استمرارية في الرسالة
وسوم: العدد 845