الغدُ للأحياء، هو: الحُلم ، والمشروعُ غير المكتمل ، وأغنية الشعراء ، والمأمول المجهول !
لكلّ إنسان عاقل ، سلسلة من الأحلام ، كلّما حقّق منها حلماً ، فكّر بالحلم الذي يليه .. وكلها مرتبطة بالغد !
ولكلّ إنسان عاقل سلسلة ، من المشروعات ، التي هي أحلامه ، كلّما أنجز منها واحداً ، بدأ يفكّر بالذي يليه ، حتى يدركه الموت ، قبل أن يتمّ مشروعه الأخير! ومشروعاته ، كلّها ، مرتبطة بالغد !
الطفل يقول : غداً سأكبر.. وغداً سأدخل المدرسة .. وغداً أصبح شابّاً ..!
والشابّ يقول : غداً سأتخرّج في الجامعة .. أو، غداً سأدبّر عملاً ، وسأتزوّج ،وأنجب أطفالاً.. وغداً سأشترى بيتاً ..!
والكهل يقول : غداً سأزوّج أبنائي ، من فتيات كريمات ، ذوات أصل ، وأزوّج بناتي ، من رجال أكفاء ..!
والتاجر يقول : غداً أعقد الصفقة كذا ، وأربح منها كذا ، وأفتح شركة خاصّة ، لحسابي ..!
والسياسي يقول : غداً أدخل الانتخابات ، وأفوز فيها ، وأفاوض ، على منحي الثقة للحكومة ، لقاء تعييني وزيراً !
والأديب يقول : غداً أطبع روايتي الجديدة ، وأتّفق مع دار النشر الفلانية ، على توزيعها..!
والظالم يقول : غداً سأحبس المواطن فلاناً ، الذي اَتّهمني بالظلم ، في الصحف الأجنبية..!
والمظلوم يقول :غداً يُرفع عنّي، ظلم الحاكم المجرم، وأنال حرّيتي: في السفر والتنقّل والعمل..!
وصاحب الثأر يقول : غداً آخذ ثأري من القاتل ، الذي قتل ابني ، ولن أقبل ديَةً ، ولو فعها مضاعفة ..!
أغنية الشعراء : تعاملَ الشعراء ، مع الغد ، بصور مختلفة :
قال أحد الشعراء : ألمِمْ بزينبَ؛ إنّ البَينَ قد أفِدا قلّ الثَواءُ ، لئن كان الرحيلُ غَدا!
وقال آخر: أَغَداً ألقاكَ ؟ ياخوفَ فؤاديْ مِن غَدِ يالَشوقي واحتراقي، في انتظار المَوعدِ!
وقال آخر، على لسان فتاة : غداً ، إذا جاءَ ، أعطيه رسائلَه ونُطعمُ النارَ أحلى ماكَتبناه !
وبرغم تعلق الناس بالغد ، فإنه يظلّ المجهول ، الذي لا يُعرف ماهو، ولا ماالذي سيَجليه ، لكلّ واحد من البشر، من : سعادة أو شقاء .. ومن صحّة أومرض .. ومن غنى أو فقر.. ومن نجاح أو إخفاق ..! إنه الأمل ، الذي يتعلق به الناس ، عبر العصور!
وسوم: العدد 859