الكُنُس اليهودية في القدس ودورها في دعم التهويد والاستيطان
الكُنُس اليهودية في القدس
ودورها في دعم التهويد والاستيطان
سري سمور/ جنين ـ فلسطين المحتلة
في إطار السعي لتهويد القدس، تنشط الدولة العبرية في بناء الكُنُس في المدينة لتغيير طابعها الإسلامي والمسيحي. ومعلوم أن المستوطنين اليهود في القدس أغلبهم من التيار الديني "الليكودي" أو المتطرف، والأحزاب اليمينية تحصد أصواتاً كثيرة من يهود القدس، كما أن انتخابات البلدية تضمن فوزاً مريحاً لمرشحي هذه الأحزاب.
والحال كذلك، فإن المحور الديني في عمليـة التهويد حاضر وبـقوة في المخطط المتكامل للتهويد وتغيير معالم المدينـة؛ ففي العام 2012 كشفت صحيفة "أخبار القدس" نقلاً عن إذاعة الجيش الإسرائيلي، عن زيادة كبيرة تُقدر بنحو 10 ملايين شيكل (2.7 مليون دولار) مخصصة لإقامة كُنُس يهودية في القدس، لتُصبح الميزانية المخصصة لهذا الأمر، والتي بلغت في عام 2011 نحو 17 مليون شيكل (4.5 مليون دولار)، نحو 18.5 مليون شيكل (5 ملايين دولار) في العام 2012م، وكل هذا في عهد ترؤس «نير بركات» بلدية القدس، علماً أنه قد أُعيد انتخابه في الانتخابات التي جرت في 22 تشرين الأول الماضي(2013م)، وبركات محسوب على المستقلين لكنه مدعوم من (نتنياهو) وشجع الاستيطان وقدم له تسهيلات كبيرة، كما أن نائبه «دافيد هداري» من "حزب المفدال" المتطرف، يُعتبر عرّاب دعم ميزانية بناء الكُنُس في القدس.
وخلال السـنوات الماضيـة كشـفت مؤسـسـة الأقصى للوقف والتراث، وجهات أخرى؛ عن وجود نحو مائـة كنيـس يهودي تُطوق المسـجد الأقصى من جهاتـه الأربع، منها 3 ملاصقـة للحرم الشـريف مباشـرة. ولو أضفنا إلى ذلك السـعي المحموم لتقسـيم المسـجد الأقصى ودخولـه يومياً والسـماح مؤخراً لليهود بالصلاة فيـه؛ فإن هذا يعني أن يُصبح الأقصى أو جزءً منـه ضمن الكُنُـس اليهوديـة الملاصقـة!
وكما نعلم فإن الحائط الغربي للمسجد الأقصى ـــــ حائط البُراق ـــــ قد هدم حي المغاربة الملاصق له بُعيد احتلال المدينة المقدسة سنة 1967م، لاعتباره حائط "الهيكل المزعوم"، ويقوم اليهود بممارسة طقوسهم على هذا الحائط وكأنه كنيس يهودي.
وبحسب مؤسسة الأقصى، فإن بعض هذه الكُنُس تُشكل تهديداً للمسجد الأقصى وللمدينة وسكانها، ومنها:ـــــ
1 ـــــ المدرسة التنكزية الواقعة على سور المسجد الأقصى الغربي الملتصقة مباشرة بحائط البراق، وبطابقها السفلي كنيس كبير، أما العلوي فهناك مسجد استُولي عليه ليكون كنيساً يهودياً، فيما المشكلة الأكبر في السقف، حيث وضعت (إسرائيل) مخططاً لإقامة أكبر كنيس في العالم تحت اسم «نور يوروشلايم».
2 ـــــ كنيس هحوربا المقام على جزء من المسجد العمري الكبير «مسجد عبد الله بن عمر» في حارة الشرف المصادرة إلى الجنوب الغربي من الأقصى. وجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أغلقت المسجد العمري بدعوى أنه تصدر من مكبرات صوته أصوات مزعجة، وهي الأذان، والمسجد حالياً مغلق ومهجور!
3 ـــــ كنيس «أوهل يتسحاق»، أي خيمة إسحاق، المقام على أرض وقف حمام العين في حي الواد غربي الأقصى.
كما أن الأنفاق التي توجد تحت المسـجد الأقصى وفي مناطق مختلفـة حولـه من البلدة القديمـة، تحتوي جوانبها على كُنُـس صغيرة لأداء الطقوس، كما هو مصوّر وموثق، والهدف إعطاء انطباع بأن القدس "مدينـة أثريـة يهوديـة منذ الأزل"، وإضافـة إلى الكُنُـس هناك المدارس الدينيـة التلموديـة المقامـة حول المسـجد الأقصى.
وبإحاطـة المسـجد الأقصى بالكُنُـس اليهوديـة والمدارس الدينيـة اليهوديـة، يُصبح المسـجد أشـبـه بجزيرة في بحر من المؤسـسـات اليهوديـة..!!
ويؤكد الشيخ رائد صلاح، رئيس مؤسسة الأقصى وزعيم الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل سنة 1948م؛ أن عدد الكُنُس بالمئات، وكل فترة يخرجون بمشروع لكنيس جديد باسم فلان أو فلان. ويُضيف «إن هناك علاقـة مشـؤومـة بين الاسـتيطان وبناء الكُنُـس في القدس الشـريف، حيث إن بناء الكُنُـس يقود إلى الاسـتيطان، والاسـتيطان يقود إلى بناء الكُنُـس»..!!
وجميع الكُنُـس، خاصـة داخل أسـوار البلدة القديمـة، تُقام على حسـاب أملاك وعقارات سـكانها الفلسـطينيين وأراضي الوقف التي تُصادر بهدف بناء الكُنُـس..!!
وهدف الكُنُـس اسـتيطاني أكثر منـه ديني؛ لأن كل كنيـس يُقام على أراضٍ ومقدسـات إسـلاميـة، إضافـة إلى ما تقوم به الكُنُـس اليهوديـة من نشـرٍ للفكر التلمودي وغرس أفكار في النـشء والشـبيبـة اليهوديـة قائمـة على "أحقيـة" اليهود في القدس والمسـجد الأقصى، وهناك مرشـدون يُلقّنون اليهود والزوار الأجانب هذه الأفكار وروايـة اليهود التاريخيـة عن المدينـة.
وإذا استمر الحال على نفس الوتيرة، وهذا ما هو حاصل فعلاً، فإن عملية تهويد المدينة تكون قد اكتملت مدعومة بمؤسسة دينية لها موازنة ضخمة تتزايد باستمرار.