حكم الجيوسياسة لك وعليك ... وكل الشكر

لمن خلطونا بالنفوس وألجؤوا إلى حجرات أدفأت وأظلت

منذ سنوات خلت صرحت ميركل : بأن ألمانيا ليست العربية السعودية وأجبنا عليها بما اقتضاه المقام . مع الاعتراف باليد لكل صاحب يد ..

ومنذ أيام ، وأنا مريض متعب ، تابعت التقرير نفسه على لسان من لا يجوز عليه من ما جاز على مثل ميركل ، فقلت : وا عجبي ، و هل ما رددنا به على ميركل يرد به على مثلك يا جار ..؟!!

وكان قد شاع في الفضاء الإعلامي منذ شهرين مقابلة مع ماروني لبناني عاقل حصيف من الطراز الأول القديم ، تحدث فيه بكل الواقعية والصدق عما يجري في منطقتنا فقال بلغة من البيان والتفصيل : إن الديموغرافيا هي التي في النهاية تنتصر .. من لم يسمع منكم التسجيل فليلتمسه فإنه نفيس . .

وها أنا اليوم أعيد وعلى نفس الطريقة فأقول : الديموغرافيا تنتصر والجيوسياسة تحكم .

وبمعنى أن للجار حقا على الجار ولو لسابع دار . وقول القرآن الكريم ( وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ ) أعط حق الجوار والحماية والتناصر ضد الخوف والجوع وضد الحريق والغريق للجار وإن بعد . الجار الجُنب ، الجار البعيد وصل به البعض في العد إلى الأربعين على الصعيد الفردي ، وربما تكون حماة جارة تركية على الصعيد الجماعي . فماذا تقول عن إدلب وحلب وإنما هي عن جوارها رمية حجر ..

وفي نظام الشريعة الإسلامية حق خاص ينظمه قانون يسمى حق " الشفعة " يضبط العلاقة بين الجارين في بيع وشراء العقار المصاقب أو البناء عليه أو فيه .. ، أو ما يسمى حق الارتفاق .

وكما نقول حسب قانون الجيوسياسة / الجغرافية السياسة / للدولة التركية حقوق في الأرض السورية لحماية أرضها ومواطنيها فإن الذي يمنحها الحقوق يفرض عليها في الوقت نفسه واجبات ، وهذا يتعلق بكل جار مثل العراق والأردن ولبنان وجيران ما وراء المتوسط .... حقوق تفرضها الجيوسياسة وافق عليها ميشيل عون وجبران باسيل أو أبوا .. وأنا هنا لا أتحدث عن تقصير وإنما أذكر من نسي بحديث هو من علم الأمس واليوم ..

في الآداب الإسلامية العامة المقررة : ولا يمنع الجار جاره من غرز خشبته في جداره ، وهذا نوع من اتكاء الجار على جاره . وفيها ولا يستطيل عليه في البناء ليحجب عنه الريح . ومن جميل حضارتنا : أن جارا أراد أن يطلي جدار بيته فذهب إلى جاره ، وقال له يا جار إني أردت أن أطلي جدار بيت ، وعلمت أنك ستراه أكثر مني ، فانظر أي الألوان أحب إليك حتى أطلي به ..!!!

الشكر للملا على المدى ..

الشكر لكل من تبسم في وجه لاجئ ..

ولا أجد بابا للشكر أطرق به باب الأردني والتركي واللبناني الصالح الذي أعطى فما أكدى أجمل مما قاله طفيل الغنوي وقد زلقت بقومه النعل فزلت فتحولوا إلى لاجئين فقال يشكر .. وما شكر الكرام مثل كريم :

جزى الله جعفرا حين أزلقت

بنا نعلنا في الواطئيـن فزلت

همُ خلطونا بالنفوس وألجؤوا

إلى حجرات أدفأت وأظلت

أبوا أن يملونا ولو أن أمنـا

تلاقي الذي يلقون منا لملت ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 860