الموت لمن استعجل موت للمتقاعدين
نشرت صحيفة وطنية مقالا جاء فيه أن الحكومة المغربية منزعجة كثيرا من طول عمر المتقاعدين، والسبب في انزعاجها هو قرب إفلاس صندوق التقاعد خلال العامين القادمين . ودون الدخول في تفاصيل هذا المقال، وما بررت به الحكومة انزعاجها نرد عليها بالقول : الموت لمن استعجل موت المتقاعدين لنهب ما اقتطع من مرتباتهم حين كانوا في الخدمة ، ولأكل عرقهم كما يقول المغاربة . ومعلوم أن عرق المتقاعدين مسموم كل من أكله يموت شر ميتة ، ويلقى الله عز وجل وهو عليه غضبان لا يكلمه ولا ينظر إليه كما يفعل مع آكلة أموال اليتامى ، ذلك أن القاسم المشترك بين اليتامى والمتقاعدين هو صفة الضعف ، والله لا يحب أن يستضعف اليتيم أو الشيخ المتقاعد .
وإنه لمن الخزي والعار والشنار أن تتمنى حكومتنا موت المتقاعدين لتستفيد من مستحقاتهم عوض أن تفتح تحقيقا في من نهبوا أموال صندوق التقاعد التي هي عبارة عن اقتطاعات اقتطعت من رواتب المتقاعدين يوم كانوا في الخدمة .
وهل تملك هذه الحكومة الشجاعة لمجرد الإشارة بالأصبع إلى الجهات التي تتحمل إفلاس صندوق التقاعد أو صناديقه ؟ ونظرا لعجزها عن ذلك، فإنها أرادت الموت للمتقاعدين ، واختارت بذلك أقصر جدار كما يقال أمام عجزها عن تسور الأطول .
ولقد كان من المفروض أن تتمنى هذه الحكومة الصحة للمتقاعدين، ويكاد كل واحد منهم أن يكون قد تقاعد ومعه علة من العلل الصحية تسوتجب صرف مبالغ مهمة من تقاعده ، وأما الأعمار، فهي بيد الله عز وجل، وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا.
ولئن صح ما جاء في المقال المنشور من انزعاج الحكومة لطول أعمار المتقاعدين ، فإننا قد دخلنا بالفعل مرحلة إفلاس خلقي يؤسف له شديد الأسف حين صار البعض يتمنى الموت لغيره من أجل الاستحواذ على رزقه .
اللهم إن هذا شر منكر ينكر، ولله الأمر من قبل ومن بعد .
وسوم: العدد 863