الشُحّ : طبيعة ، أم عادة ، أم مرض نفسي ؟
قال ، تعالى : وأُحضِرت الأنفسُ الشُحَّ . ( جاء فِعل/أحضِرتْ/ مبنيّاً للمجهول)!
وقال ، سبحانه : ومَن يُوقَ شُحَّ نفسِه فأولئك هم المفلحون .(جاء فِعلُ/يُوقَ/ مبنيّاً للمجهول) !
ومعلومٌ ، أن الجود ، من مكارم الأخلاق ، وقد حثّ النبيّ المؤمنين ، عليه ، رابطاً إيّاه بالحساب ، يوم القيامة ، قائلاً:
اتّقوا النارَ، ولو بشِقّ تَمرة !
أمّا الآيات الكريمة ، التي تحضّ المؤمنين ، على الإنفاق ، وتبيّن فضله على الأمّة، وفضل المنفقين ، ومنزلتهم عند الله .. أمّا هذه الآيات ، فكثيرة ، جدّاً ، وليس الحديث ، هنا ، عن الزكاة الواجبة ، في المال ، بل ، عن الصدقات ، التي يقدّمها المؤمنون ، من مالهم ، الذي جعلهم الله مستخلفين فيه .. سواء أجاءت ، هذه الصدقات ، في الجهاد ، أم في كفاية الفقراء والمساكين والمحتاجين .. وسواء أكانت هذه الصدقات ، في العلن أم في السرّ ! وقد بشّر النبيّ أصحابَ صدقة السرّ، بأنهم في ظلّ عرش الرحمن ؛ إذ قال ، عن أحد السبعة ، الذين يظلّهم الله في ظلّه ، يوم لاظلّ إلاّ ظلّه :( ورجلٌ تصدّقَ بصدقة ، فأخفاها ، حتى لاتَعلم شماله ، ما تُنفق يمينُه ) !
وقد وصَف النبيُّ حاتماً الطائيّ ، الجاهليّ ، بأنه يحبّ مكارم الأخلاق ، وذلك ؛ لِما اتّصف به ، من جود .. وقد أمر بإطلاق ابنته وقومها ، من الأسْر، أكراماً له !
وقال ، سبحانه ، عن البخلاء :
الذين يَبخلون ويأمرون الناسَ بالبُخل ويَكتمون ما آتاهم الله من فضلِه وأعتَدنا للكافرين عذاباً مُهيناً .
وقال ، سبحانه ، في وصف المنافقين :
أشحّةً عليكم فإذا جاء الخوفُ رأيتَهم يَنظرون إليك تَدورُ أعينُهم كالذي يُغشى عليه من الموت فإذا ذهبَ الخوفُ سَلقوكم بألسنةٍ حِدادٍ أشحّةً على الخيرِ أولئك لمْ يؤمنوا فأحبَط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيراً .
فمَن شحّتْ نفسُه ، اليوم ، عن البذل ، لإغاثة الملهوفين ، من أبناء شعبه ، وجيرانه، وأبناء ملّته .. الذين يقاسون الآلام ، من البرد والجوع والخوف..وهو قادر، على كفاية بعضهم.. فأين يضع نفسَه ؟ وبأيّ ميزانٍ ، يَزن أعماله؟ ورسول الله يقول، حتى في حالة السلم : ما آمن بي ، من بات شبعان ، وجاره جائع إلى جنبه ، وهو يعلم !
وسوم: العدد 863