الــبَـهـِـيّ بـَـهــاء
(يعاد نشرُها، اليوم، لِما تراه الأمّة، من وميض الجمر، تحت رماد الهوان)!
( إنه حفيدي الأول ، الحبيب ، الذي ولِد في الربيع العربي ، ربيع الأمّة .. التي أكرمها الله ؛ إذ نزعَ الوهنَ المزمن ، من قلوب أبنائها ، وقذفَه في قلوب حكّامها المستبدّين ، الذين ناصبوها العداء ، وساموها الخسف والذلّ والهوان ، وأمعنوا فيها قتلاً وسجناً ، وحصاراً وتجويعاً وتشريدا ..
جاء بهاء ، بشيرَ خير ، في ربيع الأمّة ، وفي ربيع العام .. فكان ، هو ، ربيعاً في ربيع ، في ربيع ! ونرجو أن ينشئه الله نشأة صالحة ، ويجعله زهرة مؤمنة بديعة ، في روض هذا الربيع العربي السامي النبيل ، الذي انتظرته أجيال الأمّة ، طويلا ، وحلمت به كثيرا ..! فيكون ، هو ، وأبناء جيله ، جيلَ البناء ، المخلصَ الرائع .. بعد أن نزعَ الله الوهنَ ، من قلوب جيل الربيع ، الأبيّ الثائر..
لقد توحّدتُ مع بهاء ، بشكل أسطوري .. فكأنني هو! توحّد حلمي مع حقيقته ، وجيلي المخذول الآفل ، مع جيله المطلّ من علياء الرفعة والسؤدد ..!
إنه وِلد مع ميلاد أمّة ، تُبعث من جديد ! وأيّة أمّة ! إنها أمّة الحياة ؛ أمّة العالَم ، الشهيدةُ على العالم !
لقد بُعثتْ أمّةُ الهادي ، الشهيدِ عليها ، بعثاً زِلزالياً فريداً ، زَلزلَ ركامَ الذلّ ، كله.. وثوابتَ الوهم والجبن والخنوع ، كلها.. والعقولَ المظلمة الواهمة الشائهة ، كلها .. وأركانَ الظلم والفساد والاستبداد ، كلها ..!
فأيّ بَعث أعظمُ من هذا ، وأجلّ ، وأروع !؟
إن بعث إنسان واحد ، من موت ( سريري ) ، يثير الدهشة ، ويستوجب الحمد الذي لاينقطع ، لواهب الحياة ! فكيف يكون الأمر ، إذا كان البعثُ ، هو بعث أمّة كاملة ، رانَ عليها غبار الموت ، وصدأ النسيان ؛ فأصبحت ، بفضل ربّها ، بين عشيّة وضحاها ، ملء السمع والبصر .. بعد أن لمْ تكن ، في موازين الأمم ، شيئاً مذكورا
فلله الحَمد والمَجد .. إنه هو الحميد المجيد .
*
إنها كلمات .. مجرّد كلمات .. لي ، ولجيلي .. وله ، ولجيله ، ولمن يليه ، من سائر الأجيال .. وللجيل الرائع ، الذي بين جيلَينا .. الذي صنَع به الله ، الربيعَ الحلم ، والذي أقام جسر العزّة والمجد ، بين أجيال العجز الماضي ، وأجيال البناء الآتي ..!
ولله الأمرُ مِن قَبلُ ومِن بَعد ).
الـبَـهـيّ بـَهـاء !
يـابـَهـاءَ الـروحِ ، قـُـلْ لـيْ ، يـا بـَـهـيّْ
أيُّ سِــرٍّ ، فـيـكَ ، بـَـثّ الـوَجـدَ فِـيّْ !؟
كـانَ قـلـبـيْ ، فـي ضـلـوعـيْ ، هـامِـداً
سـاكِـنـاً ، فـي وجـهِ إعـصـارٍ عَـتِـيّْ
يـَجـهـلُ الحَـيـرةَ ، فـيْ وجْـهـي ، كَـمـا
يَـجـهـلُ اللـمْـحَـةَ تـلـمـيـذٌ غَـبـيّ
*
يـا رَبـيـعـاً فـي رَبـيـعٍ ، مـازَجـا
في دمي ، عِـطـرَ الـرَبـيـعِ اليَـعـربِـيّْ
أنـتَ ، فـي الدهـرِ الذي جـئـتَ بـهِ
دفـؤُه ، والـحُـبُّ ، والـنُـور الـبـَـهِـيّْ
أنـتَ شِـعـري ، كلُّ حَـرفٍ فـيـه ، مِـن
أوّلِ الـصَـدرِ ، بــهِ ، حَـتـّـى الـرَوِيّْ
*
يـاصَـغـيـريْ ، كـنْ مُـحـالاً مُـمْـكِـنـاً
واخـْـتَـرِقْ أسـطـورةَ ( الخِـلٍّ الـوَفِـيّ !)
أنـتَ رمْـزيْ ، بـلْ : ( أنـا ) ، فِـيـمـا أَرى
مِـن رؤَى الـنـُـورِ.. ومـا بِـيْ مِـن رِئِـيّْ
*
ياحَـفـيـديْ ، يـاحَـبـيـبـيْ ، يـا أخـيْ
يـاصَـفِـيَّ الـرُوحِ ، يـا أحـلـى صَـفِـيّْ
لـيْ ( أنـا ) أَسْـريْ ، بـِهـا ، ليسـتْ أنـا
فـاسْـرِ بـيْ ، يـا أيـّهـا السـاريْ السَـرِيّْ
يا دَبـِيـبَ الخِـصْـب ، فـي الجَـدْبِ ، وَيـا
نَـبْـضـةَ الإصـرارِ فـي الـقَـلـبِ الأبـِيّْ
يـا اشْـتِـدادي ، فـي لـيـالـيْ شِـدّتـيْ
وامْـتِـداديْ ، فـي مَـدَى الـدَهـرِ العَـصِيّْ
يـا أنـا الـمَـولودَ فـيْ لـيـلِ الضَـنَـى
كـنْ أنـا الـنـاشِـئَ فـي نُـور الـنَـبِـيّْ
حَـيـثُ تـَستـعصيْ ، على الفَـصْم ، هُـنا
عـُـروةٌ عـَـزّتْ عـلـى كـُـلِّ غـَـويّْ
كـَـمْ رَمـاهــا حــاقـِـدٌ ، أو مـارِقٌ
أو بَـلـيـدٌ ، أو سَــفـيـهٌ ، أو شـَـقِـيّْ
فـتَـسامتْ ، فـوقَـهـمْ ، سَـيْـفَ سَـنـاً
فـيْ سَـماءٍ مـالـَهـا ، فِـيـهـا ، سَـمِيّْ
*
ارتَـشِـفْ مـاءَ الـمُـروءاتِ وخُـذْ
لـُـبـَّهـا ؛ إذ أنــتَ بـاللـُـبِّ حـَـرِيّْ
كُـنْ فَـتَى عَـبْـسٍ ، بـساحاتِ الوغَى
وكُـنِ الأحـنَـفَ ، حِـلـْمـاً ، في الـنَـدِيّْ
كـنْ أنـا العـابـِرَ أجْـوازَ المَـدى
فـيْ مَـزيـجِ الضَـوءِ والعِـطـرِ السَـنِـيّْ
كـنْ أنـا الـرؤيا التـي يَـحـيـا بـهـا
قـلـبُ شَـيْـخٍ شـاخَ فـيْ صَـدرِ صَبِـيّْ
*
احْـرُسِ العِـزّةَ فـي عِـزّ الـتُـقـَى
فـالـفَــتـَى الحُـرُّ عـلـى الـعِـزِّ وصِـيّْ
وتَـسلـّحْ بسِـلاحَـيْ ذيْ الحِـجـَى :
سـَـوْرةِ الـلـَـيـْـث ، وحَـدْسِ الألـمَـعِيّْ
أمّـةً كـنْ ، فـي إهـابٍ طـاهِـرٍ
وامْـضِ ، نَـحْـوَ النُـور، في الـدرب السَـويّْ
حَـطـِّم الأصنـامَ ؛ أصنـامَ الهَـوَى
وانـسـِف العَـظـْـمِـيَّ ، قَـبْـلَ المَـرمَـريّْ
وارجُ ، مِـن مَـولاكَ ، عِـزاً ، وَحْـدَه
مــالـِـمـَـولاك ، مـِـن الــذلِّ ، ولـِـيّْ
*
خُـذ رؤى جَـدّكَ ، واحْـذرْ ضَـعْـفَـه
لــيـسَ يـَـرقـَى لـلـعـُـلا ، إلاّ الـقَـويّْ
أكْـرمِ الـنـفْـسَ ، ولا تَـبـخَـلْ بهـا
إن دَعـا داعـيْ الـهُـدَى ، غَـيـْـرُ الـدَعِـيّْ
لـيـسَ كلُّ الجُـودِ ، بالـنـفْـسِ ، تُـقى
ربـّـمـا جـادَ ، بـهــا ، غَـيـْـرُ تـَـقِـيّْ
مـاسَـخـاءُ المـؤمـنِ الـحُـرِّ ، سِـوَى
خَـلــّةٍ يَـسْـمـو بـهـا الشَـهـمُ السَـخِـيّْ
*
آهِ .. لـوْ تَــنْــقَــعُ آهٍ غـُـلـَّـةً
كـان لـلـظـمـآنِ ، فـي الـبـَـيـداء ، رِيّْ
آهِ مـِـن ( آهٍ ) ، وآهٍ مـِـن دَمٍ
فـاضَ ، تـحـتَ الشـمـسِ ، كالسَـيْـلِ الأتِـيّْ
مَن أُنـاجي ، يـافَـتَى ، غَـيْـرَكَ !؟ مَـن
يـَسـمَـعُ الآهـاتِ .. يـا أبـْـهـَى نـَـجِـيّْ !؟
مَـن أنـادي !؟ زفْـرتـيْ مـخْـنـوقَـةٌ
فـي ضـُـلـوعـيْ .. وهـيَ ، لـيْ ، داءٌ دَوِيّْ
ربّـما لاحَ ، علـى الـوجـه ، الـرضى
والشَـجَـى يـُوغِـلُ فـيْ القـلـبِ الـشَـجِـيّْ
*
لـَحـمُ قَـومـيْ مُـسـتَـباحٌ ، كُلـُّـه
ويُـغَـنّـيْ بـعـضُـهـمْ ، لـِلـقُــرمُـطِـيّْ
والأذِلاّءُ يـَـريــشــون ، لـَـه
أسْـهـُـمَ الـمَـوتِ ، ويـَـبْـرون الـقِـسِـيّْ
والـعُـتُـلُّ الـوغدُ يـَهـذيْ ، شـامخاً
أَنـْـفُـه ، فـي مـَـشـْـهَــدٍ مُـخْـزٍ زَرِيّْ
وبِـبَـطنِ الـغَـيـبِ حَـتْـفٌ طـائِـرٌ
نَـحْـوَه ، مِـن كَــفِّ ذيْ بـَـأسٍ ، كَــفِـيّْ
كَـيـفَ !؟ دَعْ ذا ، اليَـومَ ، وارقُـبْه غَداً
فـهـوَ مَـحْـجـوبٌ ، عَـن القـلـبِ الخَـلِـيّْ
*
الـرَبـيـعُ الـعَـذْبُ بـَحـْـرٌ هـائِـجٌ
مِـن نَــجـِـيــعٍ فــائـِـرٍ قــانٍ زكـِـيّْ
إنـّـه الـمَـهـْـر ، ونَــدري أنـّـه
خـَـيـْـرُ مـا زَفَّ بـَـشـيـرٌ ، مِـن نَـعِـيّْ
أَيُّ حـُـرٍّ نــالَ مـِـن حـُـرّيـّـةٍ
ضـَـمّــةً نـَـشـْـوى ، بـِلا جَـفـْـن رَوِيّْ !؟
*
يـابـَهـاءَ الـدِيـنِ والـدنـيـا ، ويـا
ومْـضـةَ الإلـهـامِ فـي الـلـبِّ الـذَكِـيّْ
أيـّهـا الـمُـبْـدعُ ، فـي إسْـعـادِه
ياضُـحى عَـيـنِـيْ وقـلـبيْ ، في العَـشِيّْ
أيـّهـا البـاسِـمُ والـعـابـِسُ ، في
لـحْـظـةٍ ، والآسِـرُ الـغَـضُّ الـطَـريّْ
اعْـفُ عـنْ جَـدّكَ ، ياجَـدّيْ ، إذا
عـاقَـه ، عَـن قَـصْـدِه ، جَـهْـلٌ وعِـيّْ
فهـوَ قد يـَنسى ، مِن الهمّ ، اسْـمَـه
لا تـَـلـُـمْـه ؛ كـلُّ إنـسـانٍ نـَـسِـيّْ
بَـيْـدَ أنّ الـقـلـبَ حُـرٌّ مـؤمِـنٌ
وهـوَ مُسـتَـغْـنٍ ، بـمَـولاه الـغَـنِـيّْ
*
طِـرْ إلى الشمسِ ، ونَـوّرْ نـُورَهـا
بـضـيـاءٍ مِـنـكَ ، زاهٍ عـَـبـْـقـَـرِيّْ
وامْـلأ الأفـلاكَ حُـبّـاً وهـدىً
ورِضىً مِـن قـلـبـِكَ الـراضيْ الـرَضِيّْ
وسوم: العدد 873