التربية عند الإمام البنا الأسلوب والأثر (٢ /٦)
العاطفة والمودة
بدا ذلك في عاطفته ومودته، فالذين تكلموا عنه قالوا إنه كان يعرف الناس ويحبهم ويذكر كلّ واحد منهم باسمه وصفته وظروفه ومواهبه.
- يقول السيد حامد أبو النصر -رحمه الله-في مذكراته: "أنه تبدّى ذلك في عاطفته ومودته، في كلماته وفي أفعاله كذلك.. أما في كلماته فكنا عندما نلتقي به نرى في عينيه اللهفة للقاء فنسأله.. فيقول: "لأن من طبيعة دعوتنا التجمّع فلنحرص على اللقاء وعلى التشوق للقاء". وكنا نرى أيضا لوعة الفراق عند فراقنا فسألناه.. فقال: "ولقد أفارقكم على مضض وأترككم على اطمئنان وتساورني الظنون والحرص يولد الشك فأنتم رأس المال وهو قليل.. أسأل الله ألا يريني الفجيعة فيكم وأن يجعل حقيقتكم أفصح من الظن وأن يجعل نهايتكم أفضل من البداية".
- يذكر بعض إخوانه أنه عندما نُفي إلى قنا -وهي بلد تبعُد عن القاهرة أكتر من ستمائة كيلومتر (600 كم) تقريباً –كما يذكر الدكتور طاهر المكي -عميد دار العلوم فيما بعد - في مذكراته.. يقول: "عندما نزل إلى قنا في أول مرة.. التقى بجمع غفير من شباب الإخوان فيها ففوجئوا أنه يُسلّم على كلٍّ منهم، يذكره باسمه وصفته.. فتعجبوا، وذلك لأنه أول مرةيراهم.. فسألوه عن السبب في ذلك، وكان أغلبهم من الشباب.. فقال الإمام: "إنكم من الشباب وكلكم في فرق الجوالة وتحملوا تلك البطاقات الخاصة لانضمامكم لهذه الفرق.. وكانت تمرّ عليّ هذه البطاقات جميعها فيها الصور والأسماء حتى أوقعها.. فكنت أتأمل الصورة طويلاً وأتأمل الاسم أيضاً مع هذه الصورة فحفظتها".. فتعجبوا من ذلك، فقالوا كيف؟ نحن لا نقدر أن نفعل مثل ذلك.. فقال: "أنتم لا تقدرون لأنكم لا تريدون، ولا تريدون لأنكم لا تشعرون"، أي لا تشعرون بأهمية هذا التعارف في بناء الأمم وقيام النهضات.
وسوم: العدد 881