من فرّق بين الولاء للوطن والولاء للدين فقد تنكّر للوطن وأساء للدين
قرأت هذا الأسبوع عبر صفحة زميلنا عبد الرزاق خضير فيما نقله عن عبد العزيز الطريفي قوله: " لو كان الولاء للوطن مقدماً على الولاء للدين لما ترك النبي صلى الله عليه وسلم مكة وهي أحب البقاع إلى الله". وعليه أقول:
1. لم يترك سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وطنه مكّة. وظلّ متشبّثا بوطنه وهو يغادره تحت جنح الظلام، ويقول له بحزن شديد: لولا أنّ قومي أخرجوني وطردوني وطاردوني ماخرجت إلى وطن آخر، ويعلم الله أنّك الوطن العزيز في قلبي ماحييت.
2. فرض على سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ترك الوطن من طرف عشيرته وأهله، وبالتعبير المعاصر من طرف المواطنين من نفس البلد.
3. القول أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم "ترك مكة وهي أحب البقاع إلى الله". تبرير للتنكّر للوطن دون داع. وهو الذي لم يترك وطنه مكة بمحض إرادته.
4. بنى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وطنا في المدينة ليحمي دينه. مايعني أنّ الدين لابد له من وطن، والوطن لابدّ له من دين. وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم حمل دينه حين فرضت عليه قريش الهجرة من وطنه، وبنى وطنا لحماية دينه.
5. لم يترك سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وطنه مكّة بمحض إرادته فالأوطان لاتترك. وحاشا سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يترك وطنه، بل فرض عليه ترك وطنه.
6. حين هاجر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة وهو يحمل دينه لم يتنكّر لوطنه مكة وظلّ يحمله ويرعاه إلى أن التحق بالرفيق الأعلى.
7. لم يتنكّر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لوطنه مكة وهو يبرم المعاهدات مع اليهود. لم يتنكّر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لوطنه مكة وهو يطلب العون والمدد من الطائف. لم يتنكّر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لوطنه مكة وهو يراسل الأكاسرة والأباطرة وملوك الأرض. لم يتنكّر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لوطنه مكة وهو يوصي أصحابه رضوان الله عليهم جميعا بالهجرة للحبشة.
8. عاد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليفتح وطنه مكة من جديدا بعد غياب فرض عليه، كتعبير منه عن حبه لوطنه ودينه معا.
9. لايوجد ولاء للوطن و ولاء للدين. يوجد ولاء للوطن والدين معا. ومن فرّق بين الولاء للوطن والولاء للدين فقد تنكّر للوطن وأساء للدين.
10. المطلوب من المرء أن يعيش لوطنه ودينه معا. ويموت في سبيل وطنه ودينه معا.
11. الوطن من الدين. ومن دافع عن وطنه فقد دافع عن دينه. ومن تنكّر لوطنه فقد خان دينه.
12. الدين يفرض على معتنقه أن يعيش لوطنه ويدافع عنه ويحميه بكلّ عزيز. والوطن يفرض مواطنيه أن يدافعوا عن دينهم.
13. من تردّد في أيّهما أحقّ بالولاء: الوطن أم الدين ؟ فإنّه لامحالة سيسلّم وطنه لعدوه دون تردّد، ويترك عدوه المغتصب يعبث بدينه.
14. الوطن من العرض والدين من العرض. والدفاع عن الأرض يستوجب الدفاع عن الدين. ومن قدّم وأخّر فقد باع عرضه بأبخس الأثمان.
15. حب الوطن والدين معا يعني أيضا: محاربة ابن الوطن إن كان خائنا ومتعاونا مع المحتلّ، ولو كان الأب والأخ والابن والزوج. ومحاربة القبيلة التي ينتمي إليها المرء إن تعاونت مع المحتل. ومواجهة العائلة إن أصرّت على الخيانة وبيع الوطن والدين.
16. من تنكّر لوطنه فقد تنكّر لدينه. ومن تنكّر لدينه فقد تنكّر لوطنه.
17. الدفاع عن الوطن من مقومات الدين. والدفاع عن الدين من مقومات الوطن. ومن تخلى عن واحدة فقد تخلى عن الثانية لامحالة. ويكون بهذا قد ضيّع الدين والوطن معا.
18. أتفهم بعض الشباب الذين يعانون البطالة، والعزوبية، والتهميش، والإهمال وهم يملكون الشهادات الجامعية، والخبرة حين يتسرّب إليهم اليأس من تحسين الأوضاع ومن الجمر الذي أحرقهم ، فيردون غضبهم الشديد على الوطن. وأقدّر مشاعرهم المجروحة وأجد لهم بعض العذر. لكن، هذا الوضع المزري لايكون سببا في تنكّر المرء لوطنه وعدم الولاء له فإنّ التنكّر للوطن وتأخيره في الولاء تنكر للدين وتأخيره في الولاء.
19. أعترف أنّي لاأعرف صاحب العبارة ولم أقرأ له. وبالتّالي حديثي ليس موجّها له، إنّما نقلنا العبارة وذكرنا صاحبها من باب الصدق والأمانة.
وسوم: العدد 886