النظام يقتل والمعارضة تقتل
د. ضرغام الدباغ
عنوان ذكي لندوة، تأسيساً على تقرير لمنظمة هيومن رايت، مهمة لا شك أنها معقدة.
وبتقديري أن العنوان الأهم هو: كيف نصيغ موقفاً نخرج فيه الشعب من الدمار والتدمير، وكيف نعيد خمسة أو ستة ملايين مهاجر إلى الوطن، كيف نعمر وطناً، نعيد إليه الأمن والأمان، والعيش المشترك بوئام ....... وهل هذا بات ممكناً ؟
نعم، لكن ليس بسهولة، وليس دون إحداث تغيرات واسعة النطاق.
الأمر اليوم أصبح خارج الأمزجة والقناعات الشخصية، فالأخطار بكل أبعادها غدت واضحة للعيان، بل حتى لمن لا عين له. ولابد من القبول بالتغيير.
التغيير على أية أسس وثوابت ؟
* سورية واحدة موحدة، دولة المواطن، لا أثر للطائفية فيها، ولا للعرقية.
* دولة عربية تنتمي لمحيطها السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي.
* الثوابت معروفة ولا نريد إضافة شيئ، ولا نعتقد يختلف عليها كيان سياسي سوري.
ولكن ........
* الشعب يريد الحرية، النظام لا يريدها.
* الشعب يريد الديمقراطية والنظام يرفضها.
* الشعب يريد وطناً حراً لا أيادي أجنبية فيه، ناهيك عن ميليشياتها.
* الشعب يريد الاحتكام لصناديق الاقتراع، ولكن هل يقبل النظام بنتيجتها.
النظام لا يقبل بكل ذلك، والشعب قد أصبح في موقف، لا يمكن فيه النكوص إلى الخلف.
النظام لا يطرح صورة مشرقة لمستقبل أفضل. بل يطرح صورة قاتمة، مغالاة في الطائفية، ومغالاة بربط سورية بالقوى الأجنبية، ومراهنة على قتل أكثر، وكل هذا لا يدور تحت شعارات ديمقراطية ولا وطنية ولا قومية.
إن الفشل الذريع من قبل النظام في إدارة الأزمة، حيث التجأ تقليدياً إلى الخيار القمعي والمخابراتي، وتجنب تماماً الحلول السياسية لأنه لا ينوي مطلقاً التنازل، ولم يقنع حتى حليفه الدولي بأنه قادر على تطوير موقف سياسي يمكن القبول به، حتى تلك اللقاءات التي كانت تجري بإدارة دولية، والتي لا تحمل على قدر من التفاؤل، كانت تواجه من النظام بموقف عدم التراجع، حتى أصبح هذا الموقف يمثل مواقف قوى دولية معروفة.
التطرف يدفع لتطرف ممائل، والدم يطلب الدم، والدوامة تدور وتلتهم، والنظام أبتعد كثيراً عن خط الشروع، وأصبح بعيداً جداً عن خط 8 آذار، و23 شباط، و18 تشرين / 1970، وحتى عن خط الرئيس الوالد. فلينظر النظام ورجاله أين موقعهم الأصلي الحقيقي الآن، أنه لا يكاد يشاهد حتى بالناظور المكبر.
ماذا إذن ؟
النظام يقول أنا باق بحكم القوة التي أمتلكها والقوى الخارجية المساندة الشرق منها والغرب، التي لا تريد سورية حرة ديمقراطية تنتمي لنفسها ولتاريخها. وعلى الشعب أن يغير أخلاقه، ويقلع عن المطالبة بالحرية والديمقراطية.
النضال الوطني مشروع، ولكن النظام لا يقبل حتى بتشيع شهداء المعارضة، الشعب لا يمتلك طيران، ولا صواريخ بالستية، ولا يمتلك براميل متفجرة. ولكنه يمتلك إرادة النضال والتغيير، وها هو يصر عليها بعد نيف وأربعة سنوات، ولكن النظام لا يريد أن يسمع كلمة واحدة عن التغيير، يقبل كل شيئ، وكل منحدر إنحدر إليه، إلا التغيير.
النظام يقول أنا كنت وسأبقى ذئباً أجرداً كثير الأذى، ولا أقبل أن يتحول الشعب إلى غير خرفان مطيعة. نظام يستخدم نظرية الثواب والعقاب بطريقة بذيئة، واستخدام لم يعد مقبولاً كنظرية مدن وبلدات بالبراميل والصواريخ وبأسلحة استراتيجية، يقتل بقسوة بالغة، أو يشترى العقول والضمائر، وسوى هذا وذاك الموت الزؤام آت لا محالة.