ثقافة العبودية وتحويل القادة الى الهة
المقال الاخير للكاتب الفلسطيني السوري الالماني نائل بلعاوي قبل وفاته خلال هذا الاسبوع في النمسا
يقول الكاتب في مقاله:
لم اسمع حتى اللحظة من يقول: شكراً للحكومة على هذا الاداء البارع،
لا في النمسا ولا في جارتها الكبيرة، المانيا.
على إعتبار ان الجارتين قد حققتا انجازاً لافتاً خلال الايام الماضية في الحرب المفتوحة ضد الوباء.
لا احد يقول شكراًً لميركل مستشارة المانيا او سيباستيان كورتز رئيس الحكومة النمساوية،
ولا احد يمدح ’’القيادة الحكيمة’’، للمرحلة الحرجة، وأقصى ما يمكن ان يقوله النمساوي او الالماني تعليقاً على النتائج الجميلة التي تحققت في البلدين: ’’لقد قامت الحكومة بما عليها ان تقوم به’’. أو : ’’يبدو ان الاجراءات التي اتخذوها كانت صحيحة’’.
اليوم، قلت لصديق نمساوي هاتفياً: أعجبتني الحرفية العالية لحكومة كورتز خلال الازمة.
فأجاب: هذا دورها المنتظر وإن لم تحققه فعليها ان ترحل..
فقلت له: ولكنها حققته، الا تستحق الشكر على ذلك؟
ــ لا، ولماذا نشكرها..
كورتز واعضاء حكومته يتقاضون اجوراً شهرية عالية للقيام بمثل هذه الادوار، وفي مثل هذه الازمات تحديداً..
لقد وجدوا في مناصبهم لأجل هذا بالضبط،
هم يعملون على خدمتنا يا صديقي،
هذا شغلهم.
ــ اعرف، ولكن شكراً صغيرة لا تعني الشيء الكثير..
ــ شكراً تعني ان الحكومة قد قدمت هدية من عندها لنا،
وهذا غير صحيح.
لو شكرناها اليوم فعلينا ان نننحي امامها غداً ونردد مثل القطيع:
شكراً لكم على كل شيء تقومون او لا تقومون به.
عند نهاية المكالمة اخبرته بأنني ساكتب نصاً عن الكيفية التي تتم عبرها صناعة ثقافة العبودية وتحويل {القادة}
الى آلهة،
وأن شكراً الصغيرة هذه هي فاتحة جيدة لقراءة كتاب الاستبداد الكبير والكريه.
وسوم: العدد 888