لفتة تربوية من مسلم أوروبي
[ باختصار من كتاب: الإسلام على مفترق الطرق. تأليف: محمد أسد (ليو بولد فايس) ]
الإسلام والمدنية الغربية يقومان على فكرتين في الحياة متناقضتين تماماً، فكيف يمكن أن نُنشّئ أبناءنا على أسس غربية خالية من شوائب النفوذ المعادي للإسلام؟.
وإن الجو الديني في كثير من بيوت المسلمين قد بلغ من التدنّي والانحلال الفكري حدّاً يثير في الناشئة عوامل الإغراء لأن يولّوا الدين ظهورهم... فإذا ضُمّ إلى ذلك تنشئتهم على أسس غربية فسيكون موقفهم، على الأرجح، معادياً لدينهم.
ومن سوء حظنا الشديد أن إهمالنا للبحوث العلمية جعلنا نعتمد على الوجهة الأوروبية في عرض العلم. ولو أننا تمسكنا بما يوجبه علينا ديننا من أن طلب العلم فريضة، لما كنا نتطلع في طلب العلم إلى أوروبة كما يتطلع الظامئ في الصحراء إلى السراب!.
يجب أن لا نتردد في درس العلوم الرياضية والطبيعية، ولكن لا يجوز أن نتنازل للفلسفة الغربية عن أي دور من أدوار تنشئة أبناء المسلمين.
وإن تعليم الأدب الأوروبي على الشكل السائد في كثير من المؤسسات الإسلامية يقود إلى جعل الإسلام غريباً في عيون الناشئة المسلمة، ومثل هذا يصْدُق على التحليل الأوروبي للتاريخ، فإنه يرسّخ في النفوس أن الأوروبي، على مر التاريخ، هو الأرقى من أي عرق آخر، وهو ما يعطي المسوغ للأوروبي كي يبسط نفوذه على الآخر.
إن تفوق ثقافة ما، أو مدنية ما، على غيرها، لا يقوم على معرفة مادية واسعة المدى، وإن كانت المعرفة أمراً مطلوباً، ولكنه يقوم على نشاطها الخلُقي، وأن تكون قادرة على الملاءمة بين نواحي الحياة الإنسانية كلها، وهذا لا يتهيّأ إلا للإسلام، وعلينا أن نتبع أحكام الإسلام وتوجيهاته حتى نستطيع أن نبلغ أقصى ما يستطيع البشر أن يبلغوا إليه.
وإن تقليد المسلمين لعادات الغرب وأزيائه يجعلهم تدريجياً مضطرين إلى الأخذ بوجهة النظر الغربية، فتقليد المظاهر الخارجية يقود إلى تقبّل الميل العقلي المرافق لذلك.
وسوم: العدد 889