عصام العريان.. سلام عليك ألف سلام
سيكتب الكثيرون عن د عصام العريان السياسي المحنّك و المؤمن التقيّ نحسبه كذلك و لا نذكّي على الله أحدا ، سيكتبون عن تاريخه المشبع بالنضال و الجهاد في سبيل دينه و أمّته و عن تعدد مواهبة و ألمعيته.
و أنا أخترت أن أكتب عن د عصام الإنّسان الذي عرفته عن قرب، كنت شابا على أعتاب الحياة بعد التخرج من الجامعة و ككاتب مغمور لا يزال في بداياته يتلمس طريقه في أماكن النشر هنا أو هناك.
و بينما أنا على هذه الحالة يأتيني إتصال منه بغير سابق معرفة شخصية بيننا ، أنا فقط أعرفه كقيادي بارز في الإخوان و سياسي محنّك تتخطفه وسائل الإعلام العربية و الأجنبية لأخذ تصريح منه .
أخذ يعرفني بنفسه و أنا في مزيج بين الفرح باتصاله و الدهشة مما يريد مثله من مثلي !!
و وجدته يشكرني على مقالاتي التي أكتبها و يشجّعني على الاستمرار و تطوير نفسي و يقترح عليّ أفكار و و سائل لزيادة فرص النشر ، و كشاب يخطو أؤّل طريقه كانت هذه الكلمات عامل حفّآز لي للأمام ، خصوصا أنّي كنت أكتب بنفس إسلامي أعتز به و كمعارض لنظام حسني مبارك .
فكان هناك الكثيرين الذي يطالبونني بالتوقف عن الكتابة خشية الإعتقال و حتى لا يضيع مستقبلي الذي لا يزال في بدايته في غياهب السجون .
و كنت موقنا و لا أزال أن الحذر لا ينجي من قدر و أنّ الخوف و الجبن لا يردّ قدرا قد كتبه الله و جرى به القلم منذ قديم الأزل.
و أنّنا راحلون حتما عن هذه الدنيا بحلوها و مرّها عاجلا أم آجلا و لن أشتري دنيا فانية بآخرة باقية في جنّة أرجوها من الله و نار أخشى عذابها .
دامت الإتصالات بيننا يعلّق على مقال أو يقترح فكرة جديدة وأنا فرح بهذه العلاقة الأبوية الراعية حتى طلب منّي أن أزوره في القاهرة فقد كنت من "شباب الأقاليم" كما يحلو للبعض أن يسمي من يعيشون خارج القاهرة .
و ذرته فاستقبلني أحسن إستقبال و غمرني بعاطفة أبوّة شعرت بها تنساب من عينيه و نبرات صوته و لمساته الحانية فشعرت بالخجل و الإرتباك من هذه العاطفة الجيّاشة تجاه شاب صغير مغمور و هو من هو !! .
لقد اعتدت حين ألتقي بأمثال د عصام في المكانة السياسية أو الحزبية أن تجده يشعرك بأنه الزعيم و أنت التابع حتى لو لم يقلها بلسانه أو أنّه القائد و أنت الجندي أو أنّه الأستاذ و أنت التلميذ الذي يٌلقي عليك درره ، لكنّ د عصام لم يشعرني سوى بأنّه أبّ يغمر ابنه بعاطفته و رعايته .
و بعد السلام و التعارف و التسامر ، طلب منّي طلبا عجيبا ، قال لي أرسل لي مقالاتك على الإيميل الخاص بي قبل أن تنشرها و سوف أوقّعها و أكتب توصية منّي للصحف المصرية الشهيرة و أرسلها لهم بالفاكس من عندي حتّى ينشروها لديهم و قد كان.
لقد عجبت من هذه الرعاية ، فغالب من يحبك مخلصا يكتفي بالدعاء لك أو يلقي عليك كلمات التشجيع ، و لكن أن يفتح لك طريقا و يتعاهدك و هو ليس بينك و بينه سابق معرفة و لا حتّى تقارب المكان ، فهي إذا الأخوة المخلصة المتجردة و هو الحب في الله بغير أرحام و لا أنساب بيننا ، و هو الشعور بالمسئولية تجاه الأجيال القادمة و رعايتها و تعاهدها.
هذا مشهد من مشاهده التي خبرتها معه و التي لن أنساها له ما حييت ، لقد مات بعض منّي بموت هذا الرجل العظيم .... رحمه الله رحمة واسعة و أجمعنا به في جنّات النعيم .
سلام عليك أيّها الإنسان ..... ألف سلام
وسوم: العدد 890